الثلاثاء , أبريل 30 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / وثائقيات سودانية / التعليم.. عودة الروح

التعليم.. عودة الروح
---------------------------------------
             
???? عمر الصايم

    التعليم آخر ما يشغل أدمغة المخططين والمنفذين في بلادنا، وإن اشتغلوا به فبدوافع تدجينه والتحكم في مخرجاته ومن ثم في عقول الناس. بالرغم من عراقة التعليم المدني عندنا مقارنة برصافائنا في المحيط الإقليمي؛ إلا أنه ظل يشهد تراجعا نوعيا في كافة أوجهه ومخرجاته، حتى استحالت العملية التعليمية إلى مسيرة نكوصية، وصارت بيئة التعليم تتحرك كقاطرة في ظلام دامس بعد أن أفلتت عجلاتها القضبان.

التعليم.. عودة الروح

التعليم.. عودة الروح
—————————————
             
???? عمر الصايم

    التعليم آخر ما يشغل أدمغة المخططين والمنفذين في بلادنا، وإن اشتغلوا به فبدوافع تدجينه والتحكم في مخرجاته ومن ثم في عقول الناس. بالرغم من عراقة التعليم المدني عندنا مقارنة برصافائنا في المحيط الإقليمي؛ إلا أنه ظل يشهد تراجعا نوعيا في كافة أوجهه ومخرجاته، حتى استحالت العملية التعليمية إلى مسيرة نكوصية، وصارت بيئة التعليم تتحرك كقاطرة في ظلام دامس بعد أن أفلتت عجلاتها القضبان.
     شهدت ثلاثة العقود الماضية أكبر حيصة في عملية التعليم، حيث صيغت مناهج عجولة، وسلم تعليمي مرتبك ومربك معا، وتوسع في المدارس لأهداف سياسية إرضائية، وتحطيم لمدارس قومية معطاءة، وغيرها مما يمحق أنظمة الخدمة المدنية في سائر أنظمة الدولة، كالنقابات التي لا تلبي مصالح منسوبيها، والاتحادات المهنية التي تهتم بلجانها وتتعامى عن أهدافها المهنية. انشغال الدولة عن التعليم لا يحتاج منا إلى اثبات بأدلة، فهو يتبدى من خلال هزال نصيب التعليم في الموازنة الحكومية كل عام، بزعم أن هنالك أولويات وتحديات تواجه الدولة السودانية وتقعد بها عن القيام بأعبائها لجهة التعليم؛ يكشف الواقع هشاشة هذا الشعار لأن أي تخطيط لمواجهة التحديات أو بناء السلام لايمكن بداهة أن يتخطى التعليم الذي هو أساس كل نهضة، أمن، واستقرار، وربما بسبب هذا التخطيط المتجاوز للتعليم ظلت الدولة السودانية تراوح مكانها في مفازة لا متناهية من المخاطر الجاثمة والمحدقة.
    وسيكون الأمر أقل كارثية لو أن المتنفذين والمخططين من خلفهم أهملوا التعليم فقط، ولم يفوا بوعودهم السابقة في تطويره، وجعل مرتب المعلم هو الأعلى بين مرتبات موظفي الدولة — تلك الشعارات الخلب —  سيكون وقع الاهمال أخف في بيئة التعليم ؛ بيد أن الأمر تعدى ذلك للاضرار بالتعليم، المتعلم، المعلم، والبيئة الحاضنة للعملية التربوية والتعليمية، الآن نجني ثمرات هذا الاضرار، ونكتوي بنيران
الانحياز الآيدولجي في مناهج التعليم العام، وندفع من قوتنا لكي يحصل أبناؤنا على تعليم سماته التلقين وتغييب العقل النقدي لبناتنا وأبنائنا، وتحويلهم إلى محشوات أو ماكينات ورقية جافاها الابداع والابتكار.
    يمكنني توصيف كثير من المهلكات المبكيات في التعليم ولكنني ساطرح هنا عناوين جانبية سأعود إليها في مقالات لاحقة إن كان في العمر أنفاس وفي الحياة طاقة للبوح والتحدي، تمثل هذه العناوين أوجه التخريب المتعمد، أو الجاهل الذي نفذه السياسيون الأماجد، وفي معيتهم خبراء التعليم وبروفيسوراته الوضائين.
* تغليب التعليم على التعلم في المناهج، وصياغتها على اساس الحفظ والتلقين خاصة على مستوى التعليم الذي يتلقاه الفقراء من الشعب.
طبقية التعليم وتوزيعه على طريقة المخبز البلدي والآخر الأفرنجي، واعلاء القيم الربحية من مؤسسات التعليم على حساب المعايير الاخرى
  * الانتشار على حساب الاهالي فقط ودون مجهودات الدولة مما شكل عبئا على سكان الأرياف وعلى المعلم حتى سئمت القرى هذه الاعباء وباتت أقل ترحابا بالدور الذي سعت له.
* الإقلال من قيمة المعلم من خلال إفقاره، ومنحه راتب هزيل لا يتناسب مع متطلباته الحياتية حتى هجر المهنة كثيرون، وصار المعلم محل استرحام بدلا من أن يكون محلا ومشعلا للتنوير.
* غياب النقابات والاتحادات وانضواؤها تحت اجنحة الدولة، ومن ثم فقدانها لدورها الوظيفي الذي أنشئت من اجله، وتحولها لمحض ابواق لحشد للمسيرات أو خزائن لاثراء منسوبيها دون سائر خلق الله من المعلمين والمعلمات حتى باتوا يشعرون أنهم من طبقة أو فئة اخرى!
  * امتطاء اجراءات إدارية سقيمة تحد من قدرات المعلم والتلاميذ والطلاب ابرزها سياسة الامتحانات الموحدة التي تجريها الوحدة الادارية، المحلية، ثم الولاية، وهذه مطية للجبايات، وتقزيم لدور المدرسة والمعلم.
  * تجيير ومصادرة النشاط الطلابي لمصلحة فئة ضئيلة المعرفة، مفتقرة للابداع، لا يتجاوز همها بناء الطلاب فكريا لأجل حزبهم لا لأجل الوطن الكبير والانسان اولا.
  * صياغة الخطط حسب الطلب والمناهج حسب الطبقة، والعلم حسب الدفع وفي الختام كتابة تقارير سنوية مدبجة بالنجاحات غير المسبوقة حسب زعم كاتبه، وغير المنظورة بمنطوق الواقع.
   تمثل هذه المقالة مفتتحا لما نود خوضه، متجشمين عناء الطريق، متأهبين للسهام المنفلتة التي قد تخترق اجسادنا، وبها نزداد صلابة؛ لأجل عيون القادمين والبيوت التي تحلم بتعليم افضل وأجدى، والوطن الذي ينتظر على ضفاف حلمه الفسيح.

18 أكتوبر  2016

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.