الجمعة , أبريل 26 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

**عن السلمية**

(يرجى النشر على أوسع نطاق ممكن).

أولا ما هي السلمية؟ هي ألا تفعل شيئا تراه الجماهير غير سلمي. نعم، السلمية ليست مفهوما مطلقا، بل لها تعريف ذاتي من داخل السياق المجتمعي ومن وحي وجدانه الجمعي.

لماذا إذن يجب المحافظة على السلمية؟ لأننا إذا ما حدنا عنها فإننا نفقد سلاحنا الأعظم… وأعني بذلك جماهيرنا التي تصنع حشودنا وتتعاطف وتتآزر معنا. فحين التخلي عن السلمية ينقلب تعاطف الجماهير تخوفا، وينعكس تآزرها فيصير سند شعبيا للنظام، معطيا إياه مسوغا أمنيا لتصعيد القمع إلى أقصى الدرجات.

إن الانحراف عن السلمية هو أكبر خطل يمكن أن نقع فيه لأنه تسليم لأعظم أسلحتنا إلى عدونا بأيدينا. كما وأننا بالتخلي عن السلمية نفقد تعاطف المجتمع الدولي ونعطيهم مبررات للتخوف من الحراك، لا سيما مع تجارب مثل ليبيا وسوريا واليمن التي حاد فيها المطالبون بالتغيير إلى العنف، فكان ذلك بعضا من أسباب رئيسة لواقعهم الحالي.

أيضا الانحراف عن السلمية يعني دخولنا بأرجلنا في الزقاق الذي يتوق النظام إلى دخولنا فيه، لأنه يتفوق علينا داخل ذلك المكان عدة وعتادا. إن القصد من تصعيد القمع الذي رأيناه مؤخرا من جانب مليشيات النظام مقصود. فالنظام يهدف إلى الدفع بنا إلى التخلي عن السلمية، وإلى جرفنا إلى الكمين الذي يتشوق انتظارا لدخولنا فيه.

السلمية لا تعني الاستسلام، ولا تعني عدم بذل كل جهد لتجنب كل أنواع القمع، كما ولا تعني عدم التخطيط.
وللأسف لا تعني السلمية عدم سقوط شهداء أبرار وجرحى ومعتقلين أشراف. ولكن ذلك لا يعني أن التخلي عن السلمية سيؤدي إلى تقليل الضحايا والخسائر. على العكس تمام، التخلي عن السلمية سيؤدي إلى تضاعف الضحايا أضعافا مضاعفة، وإلى تسليم عنصر المبادأة إلى النظام.

ولكن هل يمكن للسلمية أن تنجح في تغيير النظام؟ نعم، بحسب أفضل الدراسات البحثية، فإن مثابرة ومواصلة الحراك السلمي تضمن التغيير. وذلك على عكس الحراكات غير السلمية، والتي تم إثبات تدني نسبة نجاحها مقارنة بالحراكات السلمية. وحتى إذا ما نجحت الحراكات غير السلمية في التغيير، فإنها تؤدي الي تصاعد احتمالات فشل الدولة ما بعد التغيير.

إننا شعب عظيم قادر على كبح ما تجيش به صدورنا من شعور بالقهر والاستحقار من جانب النظام. وسنواصل المسيرة بكل ضبط للنفس وكل ثبات، وذلك لأن هدف قضيتنا أكبر من مجرد تعبير لحظي عن شعورنا تجاه النظام.

            علي التلوبي
(علي عبد الرحيم علي فضل السيد )
– 18 يناير 2019

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.