الجمعة , أبريل 26 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الرقص على اشلاء الموتى …

الرقص على اشلاء الموتى …

    طبولٌ تقرع واجراسٌ ترن ، والسماء ملبدة بالغيوم ، والظلام يخنق المكان ، وكأني سقطت من عالم آخر ، وأساءل نفسي هل هذا هو يوم الميعاد؟ أم هي اضغاث احلام ؟.
  تملكني الخوف بعد أن وجدت نفسي وحيداً في مكانٍ نائي ، بدأت أعدو لعلي أخرج ، حتى وصلت أخدودا عظيماً ، ومجري ضخماً ليس به مياه ، متيبس ومتشقق الأرض ، وكأنه كان بحراً او نيلاً عظيماً .
    ارتفعت أصوات العويل تكاد تناطح السماء بصداها ، وصراخات تفطر قلوب الحجاره ، عدوت أرتجف وأتلصص في ذاك الظلام الحالك ، والليل الصارخ ، حتي إنقشعت أمام عيوني بقعة شاسعة من أرض يظللها الخوف ، وتسكنها الرهبة ، فصعدت علي تلالها لأستكشف المكان  والنواحي ، فبرز رسماً لشخوص تحتي في زحام وإزدحام ، واصوات تناجي وتنادي ، صورة باهتة لمجموعات متفرقة ، يقبعون في بساط ضخم ممزق من كل جوانبه ، تنجم منهم أصوات تجمع بين الصراخ ، والعويل والهمسات ، والضحكات والهمهمات الغاضبة ، وجلجات النصر تكاد تثقب الآذان من حدتها ، رجال ونساء واطفال مستلقون علي بطونهم حفاة عراة يتقلبون على البساط الضخم ، وصوات أنينهم يفطر القلب ، ومجموعة واقفة من فوقهم  تدوس عليهم بأقدامها متزينين بالجلاليب البيض والعمائم المزركشة ، تبدو عليهم النعمة والرفاهية ، انهم مجموعة قاسية وغريبة ، يتراقصون علي نغمات الأنين وشهقات الموت وهمهمات الغضب ، ويحتفلون مع مجموعة ضخمة من الأشخاص يضعون على أعناقهم سلاسل حديد وكأنهم كلاب ، يطلقونهم على الحفاة العراة القابعون علي بطونهم في البساط فيهجم اصحاب السلاسل على الحفاة العراة ، فيعضونهم بالنوائب ، ويمزقونهم بالمخالب فيصرخ الحفاة من فرط الألم ، فيأتي اصحاب الجلاليب البيض والعمائم المزركشة على الحفاة العراة ركلاً وسحقاً بالاقدام وهم يتضاحكون و يتقامزون ، مستمتعين بما سمعوا ، فينثرون على المقيدين بالسلاسل بعضاً من الفتات الذي إكتنزوه في جيوبهم ، انهم يفترشون الحفاة العراة معابر للفرح ، ويحتفلون بدمائهم المتدفقة ، وأجسادهم الممزقة ، وهنالك مجموعات متفرقة تدور حول البساط ثائرة غاضبة ترمي بحجارة ضخمة علي أصحاب الجلاليب ، واصحاب السلاسل داخل البساط ، ما هذا الشئ الغريب ؟! لكن حجارتهم لا تفرز بين حفاة العراة واصحاب الجلاليب واصحاب السلاسل إنها تقع فوق الجميع .
   لقد أخافني هذا المنظر ، يجب أن اجلس في مكاني هذا ، فهذا البساط الضخم غير آمن ، حتي أشاهد نهاية هذا الكابوس ، والغريب في الأمر ان اصحاب الحجارة يتسللون الي داخل البساط ، ويرتدون الجلاليب البيض ، وتتغير سحتنهم ! اما الحفاة العراة فيهربون خارج البساط كلما وجدوا سانحة ، ويتقافذون فرحين بنجاتهم ويختفون كأنهم اغلقوا ذاكرة الماضى ، لقد بدأ اصحاب الرماة خارج البساط يصارعون بعضهم البعض ويتقاذفوا الحجارة فيما بينهم ، إنها الفتنه ! حتى اختفت الحجارة شيئا فشئ ، ورغم قلة الراميين فأن حجارتهم لا تسقط علي أصحاب الجلاليب والسلاسل فمعظمها تقع على رؤوس الحفاة العراة ، وكلما كان الرامي جيداً سحبوه أصحاب الجلاليب البيض ليرقص رقصة الموت على ظهور الحفاة العراة ومن ثم يلبسونه السلاسل والاغلال في عنقه فيهاجم اخوانه الرماة خارج البساط ، ويدوس علي الحفاة العراة بفرح .
   أنه منظر مدهش ، لتبدل حال الإنسانية وتناقضها ! لقد فتح اصحاب الجلاليب نفقاً في البساط يعبرون من خلاله الي خارجه وهم يحملون الحقائب الضخمة ، ويضعونها بالخارج ومعهم أصحاب السلاسل الذين يزمجرون ، وينبحون لحماية اصحاب الجلاليب البيض ومساعدتهم في حمل أثقالهم وهم يخرجونها دون خوف او رهبة من الرماة ومن الحفاة ! ثم يعيدون الكرة ليحملوا من جديد ، وهم يطأون بأقدامهم الحفاة العراة ، لقد بدأت الموائد المتراصة تنفذ من المقتنيات ، وبدأ الحفاة يزمجرون ، وتغير لون البساط المفروش للون الأحمر بعد أن كأن اخضراً كالسندس  يعجب الساءلين ، ثم اصفراً يسر الناظرين ، ومن ثم احمراً ملوثاً بدماء المساكين .
   لقد بدأ يختفي أصحاب الجلاليب البيض ، ولم يبقى منهم إلا عدداً قليلاً ، لقد احضروا مجموعة جديدة من الأشخاص مختلفة من سابقتها ووضعوا عليها نفس السلاسل لكنها أصغر في المضمون ، ان الذين احضروهم يختلفون في الألوان والأشكال ، ان أصحاب الجلاليب يوزعون عليهم البساط يبدوا انهم باعوه لهم ، هذا البساط الذي أمسى مهدلاً ممزقاً ، والحفاة العراة يهربون بفزع في مجموعات خارج البساط ، لقد اصبغوا على البساط لوناً أحمراً قاتماً في كل جوانبه ، وتغيرت أشكال قاطنيه ، وبدأت مراسم إحتفائية بتسليم البساط ، ورماة الحدق خارج البساط يولولون ويصرخون ويندبون حظهم ويتصارعون مع بعضهم البعض ، ويزرفون الدموع مدرارا .
   والآن هاهم ، ويحهم ماهذا ، ماذا يفعلون؟!.
    لقد سلموا مقاليد السلاسل والقيود للقادمين الجدد أصحاب الألوان الصفراء ، وعلى أعناقها اصحاب السلاسل السابقين ، وقالوا لهم دافعوا عن أسيادكم الجدد فكما تدين تدان ، وخرج أصحاب الجلاليب البيض فرحين بما نهبوا …

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.