السبت , أبريل 27 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / ✅الحكومة.. بتعمل في شنو؟

✅الحكومة.. بتعمل في شنو؟

🖍د.أمل الكردفاني

◾مالذي تفعله الحكومة؟

إنها في الواقع تخلق اجراءات واجراءات واجراءات ؛ ثم تفرض على كل اجراء رسوما ورسوما ورسوم. الحكومة لا تقدم أي خدمات مجانية للمواطنة وينعدم فيها الدعم الاجتماعي سواء قانونيا أو واقعيا. وبالتالي تحولت الحكومة الى جهاز لسلب اموال المواطنين. في أي دولة في العالم تسعى الحكومة الى تسهيل أمور المواطنين عبر تقليل البيروقراطية ، أما ما يحدث عندنا فهو العكس تماما حيث تحاول الحكومة خلق اجراءات لا منطق لها. يمكننا احتساب اجراءات السفر ، واجراءات رخصة القيادة واجراءات استخراج وثائق…الخ. ستجد أن الحكومة تضع عقدة في المنشار لتفتح بابين: باب الرشوة وباب زيادة ايراداتها. لا بد ان تكتشف وجود اجراء ما لا يمكن تجاوزه الا عبر وضع مال تحت الدرج. فالمستحيل لا يمكن بلوغه الا بالمال ؛ وكما قال الشاعر في وصف طريقه الى قلب حبيبته: وأعلم أن الطريق الى المستحيل طويل. مع ذلك فهذا العاشق الولهان هو أجهل الناس بطريقه الى قلب حبيبته. فسيارة راقية تحطم برودة اعصاب الحسناوات. وكما قال الشاعر التفتيحة والأكثر ذكاء: بدراهمي بدراهمي … لا بالحديث الناعم….كل النساء تحبني ..لدراهمي لدراهمي.
مع ذلك فالحكومة ليس معشوقة المواطن بل مكروهته ، لا يوجد من يحب الحكومة. لا عسكرية ولا مدنية. فقد ضرب الله العداوة بينهما منذ الأزل. ولكن الحكومات تسعى دائما الى ارضاء المواطن لأن هذا هو سبب وجودها.
عندما تمنعك الحكومة من اخذ مالك من البنوك ، عندما يحتقرك رجل السلطة ، عندما يحلقوا لك شعرك أو حتى يطلقوا عليك الرصاص بدم بارد ، عندما يطبق القانون على الضعيف ويفلت من عقابه الشريف ، عندما يتم نهبك وسلبك ، فنحن هنا لسنا أمام حكومة بل أمام عصابة تمارس أعلى درجات الارهاق والحرب النفسية والمادية على المواطن بغرض تحويله إلى عبد منكسر ومنهزم. إلا أن هذا الأمر لو تحقق بالفعل فهوما يكون أول أسباب انهيار هذه الحكومة. بل وربما انهيار الدولة كلها وتلاشيها. فحين يمارس قمع اقصى ، يفقد المواطن عدة أحاسيس لازمة من اهمها الاحساس المواطنة والوطن ، والاحساس بضرورة الدفاع عن الدولة ، والاحساس بضرورة الايثار على النفس والتضحية بها. وحين تحول سلطة ما الشعب الى كائنات مادية تفتقر الى هذه الدوافع المعنوية للمقاومة ؛ فإن اتفه دولة تستطيع احتلالها . لقد شهدنا كيف تسقط الانظمة شديدة القمعية سقوطا مدويا ومخزيا خلال اسابيع فقط من أي غزو أجنبي. فالشعب ينأى بنفسه عن الدفاع عن من قهروه طويلا… من كانوا يتملقون النظام ينقلبوا عليه ليتملقوا المحتل.. تجار الفوضى يتحلقون حول الجثة في انتظار الانقضاض عليها. ويجد الرئيس نفسه وحيدا بائسا ، فيصيح بجزع:
– جرذان… من أنتم…؟
الشعوب المقهورة تمتنع عن الدفاع عن نفسها ، المسيحيون في الشام ومصر كانوا أول من تعاون مع الغزو العربي ضد السلطات القمعية ، العهدة العمرية التي كتبوها ، كانت عهدة شعوب مقهورة فضلت الغزو الثقافي بحثا عن هامش من شعورها بآدميتها. في السودان القبائل الشمالية تحالفت مع الامبراطورية البريطانية ضد المهدية وخاصة ضد حكم التعايشي القمعي الذي مارس في ذلك الوقت شكلا من اشكال حكم داعش الحالي ، الشعب العراقي كان مختفيا الى ان سقط نظام صدام بعد اسبوعين فقط من الغزو. الجيش العراقي الذي حارب لسنوات ضد إيران اختفى تماما من الشوارع ، ضباط الشرطة والأمن ارتدوا ملابسهم المدنية وذابوا داخل الشعب خوفا من الانتقام.وحدث هذا أيضا في ليبيا ، وفي مصر.
حكومتنا الآن خلقت شعبا منهزم الروح تماما ، والآن هناك طائفتان فقط ، قلة تملك كل شيء واكثرية لا تملك أي شيء ، قلة تضع خططها للهرب في أي لحظة ، وأكثرية لا تملك استعدادا لأي مخاطرة او تضحية.
من يحكمنا الآن ليست أكثر من مليشيات تعمل على حماية النظام متى ما كانت تتلقى مرتباتها بشكل دوري ، وهي على استعداد لفعل كل شيء (وأي شيء) ، باعتبارها قوة باطشة مملوكة ملكية خاصة للفئة الحاكمة.
إن الشعب إن لم يفتح ذراعية لأي غزو خارجي فهو على الأقل لن يقاومه ، لأن روح المقاومة قد تشظت داخله. فعندما ينكسر الرجال وهم يجلدون أمام نسائهم وأطفالهم ، أو عندما تحلق رؤوس الشباب بإذلال متعمد على مرأى ومسمع من المارة (المنكسرون بدورهم وهم يتفرجون على هذه المشاهد برعب) ، وعندما تقوم جرافات الفئة الحاكمة بتجريف منازل المواطنين لتترك عورات الأسر مكشوفة في الهواء الطلق ، وعندما تنكر الحكومة صلتها بكل اعمال القتل والاذلال التي تحدث ، فلا يوجد من يحاسب عليها ؛ هنا لا يمكننا أن نتوقع تفتح زهرة المقاومة في صدور الرجال. وعندما يتم دفع المواطن دفعا باتجاه تقديم الرشوة او التذلل لرجل السلطة ، فهذا يعني تلويث ضمائر المواطنين وتكريس شرعية الخروج على القانون وزيادة جرعة الشعور بالمتعة عند ارتكاب الجريمة.
ما تفعله الحكومة هو تشويه متعمد لروح المواطنين ، وتتدمير لفحواهم الأخلاقي ، ومحو لتاريخ الشعب النضالي ، وترسيخ قابلية ممارسة الشعب للقوادة من أجل تحقيق مصلحته الضيقة… الحكومة لا تفعل سوى هذا…للأسف الشديد..

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.