ناس بكرة

محمد علي خوجلي
khogali17@yahoo.com

النقابات المستقلة في مصر
بدأت خطوات قيام النقابات المستقلة في مصر من بين الاضرابات والاعتصامات قبل يناير 2011م وعبرت عن الأزمة بين قواعد العاملين والقيادات النقابية الرسمية لسلطة الحكم وأصحاب الأعمال “اتحاد عمال مصر ظل منذ العام 1952م تابعاً للحكم ومن أدوات صراعه على جميع الحقب: الاتحاد القومي/ الاتحاد الاشتراكي العربي وحتى الحزب الوطني”.
بتبعية اتحاد عمال مصر نشأت في الواقع “كتلة ثلاثية” ضد مصالح العاملين ومن النماذج:
× الموافقة على سياسات بيع القطاع العام وما تبعه من خفض للوظائف.
× مباركة تعديلات قانون العمل 2003م لصالح أصحاب العمل و”الفصل التعسفي”.
× الصمت عن سوء الأحوال الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة, وعدم الوفاء باستحقاقات العاملين القانونية في المواعيد المقررة.
× عدم مساندة قواعد العاملين وهم يدافعون عن حقوقهم, بل أحياناً تحل قيادات اتحاد عمال مصر محل الحكومة وأصحاب العمل بالحديث نيابة عنهما للعمال المضربين.
ومع فقدان ثقة العمال في النقابات الرسمية بدأ بحثهم عن وسائل الخلاص من سطوتها. ووجد العمال أن عضويتهم في النقابات الرسمية اجبارية وتسديد اشتراكات النقابة لا يتم طوعياً بل بالخصم من المرتب بمجرد الالتحاق بالخدمة, كما استقطاع الضرائب.
ان حركة الاحتجاجات والاضرابات تفرز قيادات جديدة من بين العمال في العديد من المواقع, تتزايد أعدادهم ويكتسبون التجارب وتضطر الدولة للتفاوض معهم كممثلين حقيقيين للعمال المضربين “وهكذا تحفر القيادات المحتكرة قبورها بنفسها, وقبرها هو الحريات النقابية.
وعندما اضرب عمال شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة “غزل المحلة/ 23 الف عامل/5” لم يجدوا سنداً من اتحاد عمال مصر أو نقابتهم, رغم 1ذلك نجح الاضراب بعد يومه الثالث ورضخت الحكومة بالاستجابة لمطالب المضربين “تم تعميم مكاسب غزل المحلة على جميع شركات الغزل والنسيج في مصر” وقرر العاملون سحب الثقة من القيادة النقابية بتجميع أكثر من خمسة عشر الف توقيع من أعضاء الجمعية العمومية. وطالبوا بعقد جمعية عمومية لانتخاب قيادة جديدة وتسلم الاتحاد العام التوقيعات ورفض عقد الجمعية العمومية.
وفي العام 2007م قامت أول نقابة مصرية مستقلة من رحم الاضراب الحاشد لموظفي الضرائب العقارية عندما أعلنوا انفصالهم عن النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية التابعة لاتحاد نقابات عمال مصر. حيث رفضت النقابة مساندة اضراب العمال لاربعة عشر يوماً حتى تمت الاستجابة لمطالبهم ومطلب الاضراب الأبرز: المساواة في الحقوق.
وقيام هذه النقابة المستقلة فتح الطريق لحملات العاملين التي تطالب بالغاء القيود القانونية على الحق في تكوين النقابات العمالية وأضرب عمال غزل المحلة في 6/ ابريل 2008م وتزامن الاضراب مع اضرابات أخرى في عدد من المواقع فيما يشبه الاضراب العام. وتلاحم الشباب مع العمال المضربين, وسميت باسمه أحد أبرز الحركات الشبابية في 2011م “حركة شباب 6/ابريل”.
وفي العام 2009م قدمت القيادات العمالية الجديدة, قيادات الاضرابات والاعتصامات مقترحاً بمشروع “قانون الحريات النقابية” متضمناً:
1-استقلالية الممارسة النقابية.
2-حظر تدخل الجهات الادارية في الشئون النقابية.
3-قيام النقابة دون اذن مسبق وبمجرد ايداع أوراق التأسيس.
4-انتخابات حرة, وديمقراطية لاختيار ممثلي العمال يشرف عليها العمال.
5-التأكيد على الشخصية الاعتبارية للجان النقابية القاعدية وحقها في التفاوض والتحكيم والتقاضي.. الى آخر.
6-حق النقابات في الانضمام او الانسحاب من الاتحادات.
7-الحماية القانونية للقيادات النقابية.
8-الوحدة النقابية طوعية ولا تفرض بالقانون.
9-الرقابة على أموال النقابات رقابة ذاتية لا حكومية.
وشهد العام 2009م قيام ثاني نقابة مستقلة وهي النقابة المستقلة للفنيين الصحيين. كما شهد العام فقدان عشرات الآلاف من العاملين لوظائفهم, لتنتشر الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية شملت موظفي الحكومة والقطاع الخاص وقطاع الأعمال العام.
وهكذا قامت أربعة نقابات مستقلة قبل يناير 2011م وهي: الضرائب العقارية/ الفنيين الصحيين/ المعلمين/ أصحاب المعاشات.
وفي مطلع يناير 2018م شكلت النقابات الحرة/ المستقلة واقعاً جديداً في الساحة النقابية المصرية, مهما تم قمعها سيكون لها ما بعدها. فالمجلس الأعلى للنقابات المستقلة تكون من 16 نقابة وعضويته أكثر من مليونين.
وكما قامت نقابات عمالية مستقلة, نشأت نقابات مهنية مستقلة من نماذجها: نقابة الصحفيين المصريين المستقلة/ نقابة المعلمين المستقلة/ نقابة الأطباء المستقلة. وأقام العمال:
-اتحادات عامة: الاتحاد العام للنقل البري/ اتحاد عمال مصر الديمقراطي/ اتحاد عمال مصر الحر واتحاد عمال النقابات المستقلة.
-نقابات عامة مستقلة: “العاملين بالقطاع الخاص/ الجامعات/ الضرائب العقارية/ هيئة النقل العام.
-اتحادات نوعية: العاملين بالمياه والصرف الصحي/ العاملين بالبريد.
-اتحادات اقليمية: جنوب الصعيد/ الدلتا/ السادات.
فما هو مستقبل النقابات المستقلة المصرية؟