الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

ناس بكرة

محمد علي خوجلي
khogali17@yahoo.com

الحركة النقابية وانهيار الأنظمة الشمولية
توصل كثيرون من دراسة التجارب الانسانية, بشأن صعود وهبوط الأنظمة الشمولية – كما ذكرنا – أنها تمر بثلاث مراحل, وتنهي في الآخر نفسها بنفسها. ويكون منطلق أعمالها وأنشطتها في المرحلة الأولى هو الايديولوجية كمعيار وحيد “سياسات التمكين بعد 1989م في السودان هي التمكين للايديولوجية بمعيار الولاء قبل الكفاءة”.
ومن سمات المرحلة تحول قيادات الحركة/ الحزب من حملة الايديولوجيا الى كائنات فوق البشر, معصومة, تفعل ما تشاء ولا يجوز انتقادها أو المساس بها في أي ظرف أو حال فهي “تملك مفاتيح المعرفة الايديولوجية وأسرارها” فتنفذ أوامرها وتعليماتها دون تردد أو مناقشة باشارة الشيخ/ ناس فوق.
وبعد فترة تصبح الأزمة شاملة بسبب المنافسة  في تحقيق المصالح المتضاربة للقيادات التي تحتمي جميعها بالدولة/ التنظيم/ القيادة العليا المدعومة/ المجهولة. وضحايا هذه المرحلة من بينهم قيادات متنافسة وأنصار. وتعجز الدولة عن ايجاد الحلول للمشكلات وتتحول الوعود الى كابوس.
“وعد: ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع تحول الى كابوس تصفية مشاريع زراعية واغلاق المصانع.. وهكذا..” حتى تقوض الشمولية الدولة والمجتمع.
وفي المرحلة الثانية تتحول السلطة السياسية الى بناء معلق في فراغ, لا يستند على أي أساس, ويعيد انتاج نفسه من فوق, من القيادة, تحت حماية الأجهزة الأمنية والادارية والحزبية وتتسع المسافات بين القيادة وعضوية الحركة/ الحزب وما بين الدولة والتنظيم والجماهير. وهنا يحل جيل جديد من القادة على صلة بالايديولوجيا لكنه لا يعتبرها مصدر معارفه الوحيد/ أو الفيصل الذي يقيس به كل شيء.. جيل مؤدلج ولد مع الاستيلاء على السلطة وترعرع في حقبة مأزقها.
وجيل القادة الجديد – بعد ابعاد الصقور – يعيش الأزمة التي انتجتها الشمولية ويركز جهوده في معالجة نقاط ضعف الشمولية في حدود تقنيات الادارة والسلطة المستقلة من خارج النظام الايديولوجي “دون المساس به بالطبع” فتكون النتيجة هي الفشل. فأمراض النظام الايديولوجي الشمولي تتفاقم مع شروق شمس كل يوم.
“القيادات الأخرى من ذات الحركة تطرح نفسها كبديل دون أن تطرح حلولاً للمشكلات أو انتقاد النظام الشمولي على أساس أن العجز بسبب أخطاء في التطبيق!! وهنا يتساوون جميعاً”.
ويقفز الجيل الثالث على السلطة وتبرز عقلية لا علاقة لها بالايديولوجيا ولا تهتم كثيراً بطبيعة النظام الذي ينهار لاستحالة استمراره كما أكدت تجارب الأنظمة الشمولية يسارية أو يمينية.
ان احتكار قيادة العمل النقابي في الأنظمة الشمولية, من ذات جنس الايديولوجيا المهيمنة هو التسلط على العاملين, ومعاداة مصالحهم والتخلي عن الدفاع عن حقوقهم. وفي فترة ازدهار الشمولية تكون تبعية النقابات “نقطة قوة” بتوفير “استقرار” جبهة العاملين. مع استحكام الأزمة تتحول تبعية النقابات الى نقطة ضعف مع استمرار محاولات العاملين الخلاص من مأزق الاحتكارية والتبعية. وعندما تشتد المقاومة فان الفئة الحاكمة وفي سبيل “الاستقرار” تضحي مباشرة بالقيادات النقابية التابعة بما فيهم من قيادات الحركة/ الحزب وتحميلهم أوزار معاناة العمال.
انظر: سلسلة الاضرابات العمالية في بولندا 1984م نشأت عنها نقابات مستقلة عن الحزب الحاكم وشاركت قواعد الحزب في الاضرابات وتقدم مليون عامل باستقالته من الحزب الحاكم.
أنظر: في تجربة الاتحاد السوفييتي السابق, تخلى العمال عن النقابات الرسمية التابعة وأقاموا “اللجان العمالية” و”لجان الاضراب” وشارك مئات الآلاف من عمال المناجم في اضرابات 1985م “عقوبة الاضراب الاعدام”. وعندما انتشرت اللجان على طول الاتحاد السوفييتي لم تجد قيادة الحزب طريقاً بخلاف ان تتخلى هي نفسها عن القيادات النقابية الحزبية, ويقود أعضاء الكرملين المفاوضات الجماعية مع العمال المضربين وفي منتصف 1989م قدم أكثر من اربعة ملايين عامل استقالاتهم من الحزب وانخرطوا في الاضرابات. وأقامت لجان الاضرابات “مجلس تنسيق لجان الاضراب” حتى توصلوا ان التغيير المطلوب ليس هو قيادات النقابات بل قمة السلطة.
والدرس:
1-ان الحركة النقابية وهي تدافع عن مصالح العاملين, تناهض الشمولية وتعلن رفض الاحتكارية النقابية بالممارسة وترفع رايات الحريات النقابية تحت ظل النظام الشمولي لا بعد انهياره.
2-قواعد العاملين هي التي تتجاوز النقابات الرسمية من خلال دفاعها عن حقوقها.
3-وتنظيم الصفوف بالوعي وخوض المعارك الصغيرة والكبيرة.
4-والقيادات النقابية الجديدة تظل مجهولة حتى تفرزها المعارك.
5-ومنهج اعداد وصناعة قيادات حزبية باشكال عمل لا قواعد لها لتحل محل القيادات النقابية الرسمية بعد انهيار الشمولية هو دعم للشمولية.
مطلب الجماهير في كل الأنظمة الشمولية: استعادة الديمقراطية. ومطلب العاملين  في كل أنحاء العالم: نقابات ديمقراطية, حرة مستقلة.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.