الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

ناس بكرة

محمد علي خوجلي
khogali17@yahoo.com

حقبة النقابات المستقلة
اشتدت الدعوة للنقابات الديمقراطية, الحرة, المستقلة في منتصف سبعينات القرن الماضي, في حقبة الدول الشمولية, وأنظمة الحزب الواحد الحاكم. وحالة الحركة النقابية السودانية حالة فريدة فهي تعاني من جهة افرازات النظام الشمولي في ظل ديمقراطية شكلية بأداة “الحزب الواحد المهيمن” تطويراً للحزب الواحد الحاكم ومن جهة ثانية معوقات سياسات التحرير تحت سيطرة الرأسمالية الطفيلية. وتواجه بذلك أوضاعاً لم تعهدها منذ حكومة المستعمر البريطاني.
وقام حكم السودان الشمولي 1989م في الفترة التي بدأت تتهاوى فيها الأنظمة الشمولية في العالم وظهرت أول نقابة مستقلة في الجزائر في 1989م. وتزامن تأصيل الحركة النقابية في السودان وفرض نقابة المنشأة والوحدة القسرية في 1992م مع إقرار التعددية النقابية في الجزائر.
وفي الجزائر اليوم أكثر من خمسين نقابة مستقلة “عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين” الذي تسيره قيادة شديدة الارتباط بنظام الحكم.. والنقابات المستقلة في الجزائر شملت النقابات العمالية والمهنية. وأول النقابات المستقلة التي نشأت في الجزائر هي نقابات المعلمين/ الأطباء/ الأطباء العموميين/ الطيارين/ عمال الصيانة الجوية/ مستخدمي الادارات العمومية.
واتحاد عمال مصر ظل مرتبطاً بالحكومات/ الأحزاب الحاكمة منذ 1952م وقامت في مصر أربعة نقابات مستقلة في وبعد العام 2007م. وبعد متغيرات يناير 2011م تأسست عشرات النقابات المستقلة العمالية/ المهنية. وعقدت النقابات المستقلة في عدد من الدول العربية “المؤتمر التأسيسي للاتحاد العربي للنقابات المستقلة” بالأردن.
والعناصر الأساسية للنظام الشمولي بحسب “ريمون أرون” والصفات المميزة للنظام الشمولي بحسب “كارل فريديريخ” هي:
1-حزب واحد يحتكر النشاط السياسي بكامله, ويديره رئيس ذو كارزما خاصة.
2-يقوم الحزب المحتكر على ايديولوجية هي سلاحه يقود بها كل الفعاليات ويمنحها سلطة مطلقة فتكون “الحقيقة الرسمية للدولة” وهذه الايديولوجية تحتوى على أبعاد خارجية/أممية.
3-ولنشر “الحقيقة الرسمية” تسعى الدول لاحتكار وسائل القوة والقمع بأجهزة بوليسية تعمد للارهاب وكذلك الهيمنة المطلقة على كل وسائل الاتصال والاعلام.
4-ادارة مركزية للاقتصاد خاضعة للدولة التي لا تنفصل عن ايديولوجيتها.
5-وعندما تصبح الدولة التي اندمج فيها الحزب هي منظم الأنشطة الوحيد, فإنها تخضعها جميعاً للايديولوجيا الرسمية. وكل “خطيئة” ترتكب تعتبر “خطاً” ايديولوجياً.
والسلطة المطلقة تسير في الاتجاه من الأعلى الى الأسفل, وفي الوقت نفسه فان الطاعة المطلقة تتجه من الأسفل الى الأعلى. وينتج عن هذا القانون:
× تحكم الدولة العام والصارم في كل جوانب الحياة السياسية/ الاجتماعية/ الروحية وأيضاً الحياة الفردية.
× الاستناد دائماً على العنف المنظم الشامل, العنف الجماعي/ السياسي.
× الزعامة المطلقة المعصومة للقائد الفذ/ الفرد.
وفي الحقبة الشمولية الانقاذية وفي ساحة العمل النقابي ولتأمين السلطة واستقرار الحكم أنجز النظام:
1-الفصل الجماعي للعاملين بافتراض عداءهم لايديولوجية الدولة.
2-الاعتقالات التعسفية وفصل وتشريد النقابيين من الخدمة.
3-جميع أشكال العنف الجماعي/ السياسي غير المعهودة في السودان.
و”تأصيل الحركة النقابية” في السودان 1992م هو اخضاع الحركة النقابية لايديولوجية الدولة, فكان تعديل أهداف النقابات عن طريق “الحكومة” لا “العمال” كالآتي:
1-الدفاع عن المشروع الحضاري “ايديولوجية الدولة/ الحقيقة الرسمية”.
2-التصدي للعملاء والطابور الخامس.
3-الإضراب عن العمل أداة هدم وتخريب.
ونظام الحكم الشمولي يمر بثلاث مراحل, وفي الآخر ينهي نفسه بنفسه, وقد شرح الاقتصادي الأمريكي “والت وايتمان” هذه المسألة على نحو واضح في كتابه “مراحل النمو الاقتصادي” 1959م والمراحل الثلاثة هي:
1-الظهور والاستيلاء على السلطة.
2-محاولة الاصلاح وإحكام السيطرة.
3-الانهيار.
ومع انهيار الدول الشمولية والحركة النقابية التابعة فان المتوقع ان ينفتح الطريق أمام الحريات النقابية وقيام حركة نقابية ديمقراطية, حرة, مستقلة على الرغم من عقبات سياسات التحرير/ العولمة الرأسمالية فهل نمر اليوم بحقبة النقابات المستقلة؟

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.