• كما تعلمون جيدا ان الديمقراطية ليست صناديق اقتراع !
• إنما هي مؤسسات مستقلة ؛ تشمل القضاء و الصحافة و حرية التعبير و العدل و المساواة بين كل أفراد المجتمع في الحقوق و الواجبات .
• الديمقراطية لها آليات تضمنها ؛ و هي الدستور ؛ الذي يتم بالتوافق و ليس بالأغلبية الميكانيكية ؛ دستورا يضمن هذه الحقوق و الواجبات لكل فرد .
• ثم بعد ذلك يأتي دور الإنتخابات ؛ لإنتخاب أفراد من الشعب ، للسلطة التشريعية و التنفيذية ؛ لتطبيق هذا الدستور علي أرض الواقع ؛ تحت رقابة القضاء الحر و الصحافة الحرة ؛ و حق التعبير الحر للمواطنين ؛ و اذا فشل هذا الشخص المنتخب في تطبيق الدستور ، او قام باختراقه ؛ فهنا دور القانون ان يقوم بعزله );
Impeachment
فهذه هي الممارسة الديمقراطية .
• اما ان نذهب لصناديق اقتراع ، دون دستور متوافق عليه ؛ و الذي يحدد نوعية الدولة و نظام الحكم فيها ، أنما هذا عبث بالديموقراطية ، و تكرار الفشل كما حدث في انتخابات ٢٠١٠ ؛ و انا كنت متواجدا يوميا في الخرطوم مع المكتب الإعلامي الذي تولي عملية الدعاية لانتخاب ياسر عرمان ؛ و شهدت الانتخابات العبثية ؛ و التي كان هنالك شبه مقاطعة كاملة لها ؛ لانها لم تكن متكافئة ؛ و الدولة تقوم بكامل تمويل حزب المؤتمر الوطني و البشير ؛ حيث كانت توجد علي كل
” عامود كهرباء” ، في العاصمة و معظم المدن الآخري ؛ صورة للبشير ، و بجوارها صورة اعلان مشروب ” شامبيون ” ؛ حتي كان الناس يعلقون ساخرين ؛ بان الذي سيفوز اما البشير او شامبيون ؛ و التي اعترف الأميركان بأنها ” لم ترتقِي الي المستوي المطلوب ” ؛ ولكنهم ايدوا نتائجها لتحقيق تطلعاتهم الي فصل جنوب السودان .
• ثم اهم نقطة ، ان الموافقة علي حدوث انتخابات ٢٠٢٠ ؛. و أيضا المشاركة فيها ؛ هو في حد ذاته إعطاء شرعية للنظام الفاشي ؛ و ضوء اخضر للاستمرار لعامين آخرين في طريق الهلاك الذي يقودون الدولة له ؛
• ان الوضع الاقتصادي الراهن ؛ و انهيار النظام المصرفي ؛ و المقاطعة الاقتصادية العالمية ؛ و انعدام اساسيات الحياة للمواطن في ابسط حقوقها ؛ و هي الخبز و العلاج و التعليم و الأمن و الحرية ؛ ( وانا قضيت السبعة شهور الاخيرة في السودان شاهدا على ذلك ) ؛ فجميعها تعني ان هذا النظام يلفظ انفاسه الاخيرة ؛ و دخل غرفة الانعاش ؛ و ليس لديه الأوكسجين الكافي الذي يمكن ان يمد عمره ستة شهور اخري .
• فصرف النظر عن مسيرة ازالة النظام بشتي الوسائل ؛ هو أضعاف و تقسيم لصفوف المعارضة .
• واجب قوي المعارضة الحقيقي ؛ هو ان تفسح المجال للكتلة الشبابية للتحرك داخلها ؛ فهي الدماء القادرة علي التغيير ؛ و هي القوة القادرة علي الخروج الي الشارع للتعبير بشتي الوسائل ؛ وهي قوة المستقبل التي حطم النظام كل طموحاتها و آمالها ؛ و جعلهم ينشدون موطنا آخر للعيش و مساعدة اسرهم ؛ معرضين نفسهم للهلاك غرقا ؛ او يتم اصطيادهم من قبل تجار الرّق و البشر في ليبيا .. فالشباب هو قوة المستقبل ؛ و هو القوة التي تملك المعرفة الحديثة ؛ ولها سلاح حديث ؛ وهو سلاح التكنولوجيا ؛ و الذي للأسف تجهلها معظم قادة المعارضة “الديناصورات” فهم اميين في هذا المجال ؛ و القليل منهم كل ما يعرف استعماله هو “الواتساب” ؛
أليس شباب ” الفيسبوك ” هو الذي أشعل نار الثورة في مصر و قبله في تونس ؟
• واجب المعارضة ؛ بجميع فصائلها ؛ مدنية و مسلحة ؛ شباب و قدامي المناضلين ؛ ان يجتمعوا في مؤتمر دستوري ليصيغوا دستورا توافقيا ، يجد الغالبية العظمي من أبناء السودان انفسهم فيه ؛ ليكون جاهزا للاستفتاء عند زوال النظام ؛ و ليكون الأساس الذي ستسير عليه الدولة و نظام الحكم فيها .. حتي لا يحدث فراغ دستوري و تخبط يؤدي الي الفشل كما حدث في أكتوبر و ابريل .
• فلنتعلم من دروس الماضي في السودان ؛ و التجربة الناجحة و الفاشلة لمثيلاتنا من الدول الأخرى في العالم .
د. حسن عبيد
كارديف/ ويلز/ المملكة المتحدة