صغارنا في رحم النيل

محمد هاشم عثمان

كتبت الروائية العالميه أجاثا  كريستي عام ١٩٣٧م..رائعتها الخالده “Death on the Nile”
…”موت علي النيل”…تدور هذه الروايه حول السيده الجميله الصغيرة…التي قتلت في شهر العسل…في “سنة أولي حب” علي ظهر السفينه كرنك المتجوله في أحضان التراث النوبي من أبي سنبل إلي حلفا….تماما كما أستشهدت ريم وأخواتها الصغيرات..في “سنة أولي أساس” في مكان غير بعيد من مقتل السيده لينت بطلة رواية “موت علي النيل”…وان كانت أجاثا كريستي استخدمت عبقرية ظابط المباحث الذكي السيد هولكت بوريت….لفك لغز مقتل السيده لينت…فإن الشعب السوداني بعبقريته عرف من وراء غرق ريم وأخواتها اهمالا وتقصيرا وحبا للنفس ….انه ” صاحب اليخت الرئاسي”….
اليخت الرئاسي الذي كلف أكثر من ٢ مليون دولار…من مال هذا الشعب..نصيب ريم وأخواتها..مدرسة في قريتهم…جسرا علي النيل لوالدهم حتي ياتي للصغار بالرزق الحلال من عمل يده…مستشفي لجدتهم يبرونها في مرضها….
أبي اليخت ان يدخل البلاد في جنح الليل سرا…ورفض أن ينزل البحر..فاتخذ سبيله في طريق بورتسودان عجبا..حتي يفضح صاحب اليخت…ويري هذا الشعب المسكين اين يذهب ماله ظلما.

ويتجدد أحزان النيل…كما تتجدد روايه “موت علي النيل ” في مسارح ودور السينما في العالم…
النيل ..في بلد الفنان وردي قبل عدة سنوات …. في صوارده..يبتلع أسرة كامله في ليلة زفاف ابنهم..فيتحول الفرح إلي مأتم…والمسارح لصالات تقبل العزاء…وان خفي هذا الحدث عن أعين الناس في ذلك الزمان…لقلة الأجهزة مقروءة والمرئية…ففي زماننا هذا كل شي مرئي ومسموع وان أراد صاحب السلطان والولاية أخفاءه…
اللواء الحقوقي حاتم وسيلة…
لو كنت أحمل هذه الألقاب….
لجعلت من “اللواء”.. جيشا جرارا مهندسون يبنون الجسور علي النيل.
ولجعلت من “الحقوقي” ..ردا للمظالم لأهلها وأهديت المسكين حقه بالليل.
ولجعلت من “حاتم”..كرما تحدث الناس بموائده وما مددت لهم يدي للتقبيل.
ولجعلت من “وسيلة”..قربات إلي الرحمن أسعد بها صغيرا في يوم عيد جميل.
ويا أجاثا كريستي…لا تجددي أحزاني علي النيل…فإن كنت راوية فقولي “أفراح علي النيل”.
ويا صاحب اليخت…مللناك ومللتنا…فعجل بالرحيل.
ويا رحمن ألطف بمن فقد الصغار وفلذات الأكباد دعوناك بالتنزيل.

محمد هاشم عثمان…
مهاجر من علي ضفاف النيل…
أغسطس 2018