المواطنة الثقافية..كبديل للاستملاك المركزي

*تحديقة*
*المواطنة الثقافية..كبديل للاستملاك المركزي*
———-
اكلي لحوم البشر..قد يبدو هذا المصطلح قديما وفاقد لصلاحية الاستخدام الان…ولكنه مازال مهما في مجال دراسات الخطاب..لانه الدعاية التي ميزت بها اوروبا نفسها لتبرير استعمارها للشعوب في افريقيا واسيا ..واوجدت لنفسها مبرر اخلاقي لممارستها الغير اخلاقية
وبالتاكيد ان المصطلح ظهر علي المستوي الشعبي الاوروبي قبل دخول المرحلة الاستعمارية بفترة طويله وعرضت قبل فتره في الشبكه العنكبوتيه لوحه للفنان هانر ستادن تظر اكلي لحوم البشر من محض خياله في 1500م ..وذكرت ذلك باعتباره من التراث الاوربي المؤسس للاستعلاء والتمييز …
ولانه ما من سلطة يمكنها ان تحكم ما لم تستمد شروط بقائها من الشعب الذي تحكمه ..فسؤال التحديقة لليوم :
فلنتصور ان انقلاب الانقاذ لم يكن بقيادة البشير وكان بقيادة ضابط اخر من جبال النوبة مثلا ..فهل كان يمكن ان يستمر ل 27 عام؟
ليس ذلك سؤال يتطلب اجابة تخمينية بقدر ما يتطلب دراسة عن اليات خطاب السلطة التي استخدمها البشير واعتماده علي خزانة ومستودع المصطلحات والنصوص الاجتماعية الثقافية التي تخلق التمييز بين مكونات المجتمع السوداني كتلك اللتي ذكرتها في الاعلي من القاموس الاوروبي (اكلي لحوم البشر) وماهي مثيلاتها في القاموس السالب في مجتمعاتنا السودانية؟
الاجابة ايضا تتطلب تصور لما كان يجب ان يستخدمه ضابط الانقلاب من جبال النوبة (المتخيل) وتصور المقارنه في كم المقاومة التي واجهها البشير فعليا مقابل تلك التي كان سيواجه بها الضابط النوباوي (المتخيل) ابتداء من اول عبارة في بيانه الاول علي نمط اللغة العربية السودانية في جبال النوبة (ايها المواتنين الاهرار)..وذلك ما تحدث عنه بيير برديو وسماه راس المال اللغوي الذي بواسطته يمكن لمجموعة ما ان تفرض نفسها ووجودها في مجتمعاتنا المماثلة التي مازالت بعيده عن القيم الحقيقية للمواطنة.
هذا الحديث ليس جوهرانيا للمدي الذي ينكر كم التحولات الكبيره في الخطاب السياسي الجديد الذي انتبه لما ظل ماثلا من تمييز ومظالم وتهميش واحتكار هوية الدولة السودانية الرسمية وميكانيزمات الهيمنة من اعلام وتعليم وقانون وتنمية سيئة وتوزيع العمل والمركزية ومؤسسات الدين والقمع  …
حتي لا اخرج عن نمط التحديقة القصيره اواصل لاحقا في التحديق في المؤسسات الايدولوجية التي تستمد فاعليتها من حقل الثقافة الاسلاموعروبية لاجل الهيمنة والسيطرة والاخضاع…
كونوا بخير…
*علي الزين*
*6/سبتمبر/2016م*