السبت , مايو 18 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

رمضانيات …!

(١)

سامح الشيخ

رمضان منتصف الثمانينات كانت مقدمات وارهاصات قدومه تبدأ منذ رجب هذا الشهر مرورا بشعبان الذي سمعت بعض الحبوبات يسمينه قصير . اتذكر في شهر رجب هذا ونحن في بداية كل عصر ونحن نمارس الموروث الرياضي المسمى دافوري وهو شبيه بكرة القدم ولكن يختلف عنها من ناحية القوانين حيث ان قانون الدافوري كانت له احكام وضعية ورثناها جيل عبر جيل وهي اكثر مرونة من القوانين المعروفة في كرة القدم فعدد اللاعبين داخل الملعب يمكن ان يبدا بلاعبين حيث يمكنهم ان يلعبوا ما كان يسمى شوت شوت او ثلاثة بما كان يعرف قيم وهو اسم مقتبس من الانجليزية Gameواحد او اربعة لاعبين بما كان يعرف بمدرسة وهي لعبة سودانية خاصة جدا من فروع الدافوري مقتبس اسمها من السلم التعليمي الذي كان به اربعة فصول دراسية في كل مرحلة ويمكن ايضا ان يلعب قيمين او التقسيمة وهو اكثر انواع الدافوري تحديا وهو الاقرب لكرة القدم المعروفة واكثرها اثارة وتحدي العددية في يعض الاحيان حسب مايسع الميدان والقوانين مفتوحة حسب ما يراه اللاعبين ويتفقوا عليه لكن اهم مايميزه العنف الذائد وغالبا ما ينتهي بمشاجرة من النوع الذي ينتهي بمحبة او صداقة في لاحق او مقبل الايام واكثر قوانيه طرافة هو ما كنا نسميه قون المغربية بي مية.
بالعودة لموضوعنا عن رمضان واقتراب موعده وعلاقته بهذا الدافوري هو انني كنت الحظ تلك السحابات من الادخنة التي كانت تغطي وتعم سماء الحي بسبب عواسة او تحضير الابري او ما يعرف بمشروب الحلو المر فكان الدافوري في شهر رجب وشعبان يعلوا غبار دخان تحضير الابري من داخل المنازل مع غبار وعجاج ساحة الدافوري التي اصبحت اثر من بعد عين بعد تغول كبسولة ما يعرف ببسط الامن الشامل وهذان الشهران ايضا يشكلان مع شقيقهما رمضان اكثر الشهور القمرية معرفة وشهرة حيث يتحول التقويم لهما بطريقة غير رسمية لحساب عدد الايام المتبقية لشهر رمضان المعظم كل عام وبعد العيد نعود للتقويم الشمسي مرة اخرى فكنا نلعب عصرا ونحن نشتم روائح التوابل التي تضاف لتحضير هذا المشروب المميز التي يذيدها الاحراق طيبا في الرائحة تماثل او تكاد ان تكون عطرا ذكيا فواحا عم المكان وظل باقيا فيه . فجميعنا نعرف تلك الرائحة المميزة، التي تذكرنا الامكنة عندما نشتمها الان.، كان رمضان في ذلك الوقت شهرا يذيد من الترابط الاجتماعي مع الاهل والجيران والاصدقاء وكانت مهمتنا ثابتة في تحضير البروش والابسطة وتتظيف مكان فرشها وارجاعها لمكانها بعد فطور او افطار رمضان حيث كان رمضان هو الشهر الوحيد في العام الذي ناكل فيه ارضا. كان التلفزيون في رمضان يبدأ بثه عند الثانية عشرة ظهرا بدلا من الرابعة عصرا وكان مسلس لا اله الا الله هو نجم رمضان وهو مسلسل تاريخي يتحدث عن فترة ماقبل المسيحية والاسلام وقد كان ممتعا فاعلان شارته بشرى سارة بالنسبة لنا كأطفال كان لهم بعض محاولات الصوم فكانت موسيقى ذلك المسلسل بمثابة انتصار لي وفرحة بانني استطعت صوم يوم كامل لكن يبدو انني كنت دائما ما اكون في في حالة تدعو للشفقة عند هذا الوقت من اليوم في محاولاتي الباكرة للصوم لان لدي احدى خالاتي كانت دائما تقول لي افطر بعد كدا انشالله بكرة بتقدر تتمه . وبعد الفطور نتحلق مرة اخرى لنشاهد بعض البرامج في تلفزيون رمضان الذي كان قناته وحيدة يتيمة الا انها كانت رحيمة بنا تسري عنا ساعة ببرنامج متنوع سائغا شرابه ومختلف الوانه فيه فائدة للمشاهدين ويحترم العقول وله فكرة يحاول المعدين عدم التكرار الممل مثل محطة التلفزيون الاهلية والكاميرا الخفية وعيون المسلسلات السودانية ليس كما اعاني او ما نعاني من الملل وتكرار الافكار رغم تعدد القنوات اليوم .
كان هنالك المسحراتية الذين ياتون في الثلث الاخير من الليل وكنت ارهب صوت النوبة ذلك الطبل الكبير الذي يصدر صوتا عظيما في سكون ذلك الوقت المتأخر من الليل تحسه داخل صدرك واظن السبب لرهبتي تلك هو اسم المسحراتي ارتبط عندي او اختلط بما كان يخيفوننا به من اساطير السحار الذي ياكل الاطفال فكنت اعتقده وحشا من الوحوش الاسطورية حتي جاء يوم فيه اخرجتني لهم والدتي وعرفت انهم ابناء حينا الذين يعرفوا باسم شلة النحل نظرا لنشاطهم كخلية النحل في خدمة اهل الحي في كل المناسبات من بناء وطلاء وحفر قبور وتركيب السرادقات ان كانت فرحا او حزنا ووغير ذلك من اعمال النفير الموروثة وقد كان ان في لاحق الايام ان صرت انا نفسي واحد من هولاء المسحراتية . في العشرة الاواخر كان يبدا الاستعداد للعيد باعداد الكعك والخبيز وكانت مهمتنا نقل صواني الخبيز الى الطابونة قبل ان يتحول اسمها الان للمخبز او الفرن كانت توضح الصينية علي راسك ونقوم بحملها وفي العودة توضع لك قطعة فوق راسك للحماية من الحرارة المرتفعة واخرى للمسك عندما تخرج من الفرن وكان الفرن يضج ويذدحم بالنساء والصبية والصبيات من حلتنا والاحياء المجاورة له . هذا بعض مما اتذكره فالذاكرة لم تعد كما كانت من قبل.

                 (2)

زكريات رمضانية

رمضان العام 1993 المكان ارض الدافوري المغتصبه بغير وجه حق التي تم بناء شمل الامن الباسط او ما يعرف ببسط الامن الشامل فيها هذه المساحه التي كانت متنفسا لشباب الحي تقع شرق ش المزاد وشمال مخبز مونديل والاميه الجنب الكوشه وبفتح فيها مغلق ناس علي الجالون كان عندهم برضو دكان بيبسي بديرو حسن باشا وكان حارسه عبدالباقي ابكجيك ذلك الرجل المكافح خفيف الدم شهدت الساحه تلك في ذلك العام دوره رمضانيه لشباب الختميه وسط قسم الشباب انفسهم لفرق كل فريق فيه سته او سبعه كنا بعد الفطور نوصل خرطوش من ابكجيك وخرطوش من مظلة المرحومه بلاله عشان الدافوري الرمضاني دا كان مسخن والعجاج الف كان يوم الافتتاح جميل قدمت فيهو فقرات منها استعراض كمال الاجسام لبعض ابطال نادي الاتحاد اذكر منهم البطل لوسي والبطل امير السيوفي ومن الفقرات ايضا مباراة بين قدامي لاعبين الحي وشباب الحي اذكر نال الاعجاب في تلك المباراة الشيخ طه وعوض الجعلي من قدامي اللاعبين وهم الاتنين لعبو لفريق الحي الامير وعوض الجعلي لعب ايضا واحترف بفريق العين الاماراتي بعد وهكذا بدات الدوره الرمضانيه كل يوم مباراتين وكان الحكم ثابت لكل المبارايات هو المرحوم البطل ابوعلي وكثيرا ما احتد علي الجمهور او اللاعبين مرددا عبارته الشهيره حسي اتناول بسطونتي دي اقوم الفخكم رحمة الله عليه كان احد ظرفاء مدينة بحري التي لم يوثق لها كمدينة ام درمان مع انها ايضا عريقة او اكثر عراقة عموما كانت المباريات ممتعه حيث جذبت جماهير كثر وتشجيع يلهب حماسة اللاعبين داخل الملعب مابين خرخرة نزار ابو النوم واعتراضه على قرارات الحكم وادعاءات اسامه النقر بانه اوقف كل الهجمات وانفعالات اسامه بعره وتحديات عوض زمبه وقذايف علي العطا وفنيات ناصر حشكا ومحاولات مالك علي الهجوميه وسواطير حماده مونج الراسيه والافقيه وهدوء سامي كدوس واختراقات خالد قزح وتوجيهات عبود ود الطين وابتسامات امام اوكي كان الجميع في غمرة سعادتهم والاجواء مفعمه بالحب والقفشات الجميله وكل الناس يحف وجوهها فرح صادق وحماس يلهب ارضية الميدان كل يشجع من يتعاطف معه من فرق الدورة كانت هذه اجواء الدوره الي يوم الختام الذي ابتدا بمباراة بين السمان والضعاف ابرز اللاعبين من السمان طنقا واخوه عادل كنه وعادل دبل وحاتم حسن هارون ومن الضعاف عجاج وكدوس وابوالنوم وبدات مباراة الختام التي لم تكن متكافئه لان النهائي كان بين فريق جاهز عباره عن منتخب به تلاته من اميز لاعبين الختميه هم المهاجم المرعب مرتضي السر والمهاجم الخطير ايمن شاهين والمهاجم الفنان احمد هاشم وكان
بالفعل ان اخذوا كاس تلك الدوره بفريقهم الفاروق المشهور بعد ان امتعوا واطربو كل الحضور

                     (3)

رمضان العام الف وتسعمائة اربعة وتسعين وكما جرت العادة انه في كل رمضان ننتقل من منزلنا الكائن بديوم بحري ونذهب لقضاء الشهر الفضيل في البيت الكبير بالختمية بالخرطوم بحري . كنت في ذلك الوقت طالبا بمدرسة بحري الحكومية الثانوية في الصف الثاني وبما انه في شهر رمضان تقل ساعات اليوم الدراسي قررنا انا وبعض الاصدقاء ان نقضي نهار رمضان في منزلنا الخالي بديوم بحري وفعلا تحول المنزل في ذلك الشهر من ذلك العام الى نادي عامر بجميع الانشطة فكان هنالك شلة يستمتعون بمشاهدة التلفاز ويتحلقون حول مسلسل الاطفال الشهير الذي عرض لاول مرة وهو مسلسل فتى الغابة  ماوكلي وشلة اخرى تستمع بلعب الكتشينة واخرى بلعبة الضمنة واخرين يستمعون لتسجيلات غنائية كان اشهر ما نستمع اليه في ذلك الوقت البوم مصطفى سيد احمد الحزن النبيل من انتاج شركة حصاد وتوزيع يوسف الموصلي فكان يومنا يمر ونحن في قمة السعادة والالفة والمحبة التي لا يعكر صفوها ضيق معاش او فقدان مال حيث كانت الاحلام بريئة والامال  غايتها ان تنال رضا الحبيبة الاولى كان بيننا انسجام كأننا نعزف سيمفونيات الود الفرح الجزيل تحفنا السكنى  وتتنزل علينا بركات النوايا البيضاء  والقلوب النابضة بالحب لكل الناس  فتجد حمزة حامد بحضوره المعروف وحبه مساعدة الاخرين وتعليقاته اللاذعة البريئة وصابر اسماعيل وابتسامه الذي يرسم الفرح على وجوه الاخرين وسامر زيدان بهدوئه الذي يماثل النسيم العليل الذي لا يبيع سوى الورد او ينثره في طريقك ومحمد عبدالوهاب بضحكه العميق واناقته الملفتة ومحمد الحاج ود الحاجة بقفشاته النبيهة وجمال نفسه الذي كان ومازال يجعل منه شمعة تحترق ليضئ للاخرين الطريق والطيب اسماعيل وضحكاته البلسمية مكافحة الكآبة في وجوده لا تشعر بضيق المكان به يسع المكان الجميع ومحمد عوض كو بمزاحه الخفيف الظل الذي يجعل الزمن ومضة من البرق فلا تشعر الا بقصر الزمن في مكان كان به موجود مهما طال مكوثه معك وسيف عكاشة وتعليقاته اللماحة وحديثه الممتع كما لعبه الكرة التي يحركها بين ارجله وكانه يدوزن مزهر باكي فتحسه لاعبا ماهر كما هو عزفه الان على الاورغن وحاتم كجنكا وشقاوته المحببة التي تضفي سعادة للقلب حتى تحسبه انه معد برامج ترفيه تليفزيونية ليت البلاد تنصف مواهبها يوما ما والتاج عبد القادر ومقالبه وضحكته المجلجلة النابعة من قليه الابيض الذي تراه في ملامح وجهه الطفولي البرئ ونظرته المهيبة و مرتضى جاد الله  عموش وصوته وغناءه الجميل العذب الذي ضل السر القدور الطريق اليه فضاعت موهبة حقيقية.
كنا نتفترق وقت الفطور وبعده الذهاب لميدان الرابطة لمتابعة الدورة الرمضانية التي كانت تنظم برعاية الاخ والصديق عادل بابكر (فجا)في الايام التي لا يلعب فيها فريقنا والذي كان به كل من الاصدقاء الطيب اسماعيل وحسان بشير  والخير حمدان وصابر اسماعيل وطارق دراج وفارس دراج ومدثر جوك ومحمد ابراهيم (جنوبي)  وماهر عمرابي ومحمد عبد الوهاب (للي)  وسامح الشيخ (ابعجاج)  وكان فريقا منافسا قويا وهي دورة اشتهرت بقوة فرقها والحضور الكبير من المشجعين  والمتفرجين
ونجتمع مرة اخرى وقت السحور لننضم معا لشلة هيثم عبدالرحيم و نردد معهم  اهازيجه التي اعدها لتنبيه الناس للسحور بمصاحبة النوبة ذلك الطبل الكبير ذو الصوت الضخم الذي كان يجيد العزف عليه هيثم ولا ينافسه براعة في العزف عليه سوى سيف عكاشةواذكر من تلك الاهازيج التي كان يؤلفها هيثم ويضع لها اللحن بنفسه هذه الكلمات التي كنا نضدح بها في جوف الليل حتى مطلع الفجر طيلة شهر رمضان يا عباد الله قوموا وحدوا الله وصوموا تغنموا كل الحياة  وايضا هذه الاهزوجة نحن جينا الليلة …جينا للسحور …صلاة علي النبي …..والصلاة علي النبي. كنا نغطي مساحة تمتد من مدرسة بحري الحكومية جنوبا الى سعد قشرة شمالا وكانت بعض الاسر تخرج لترى من هم هولاء المسحراتية وكانوا يحيوننا وكنا نحيهم بذيادة في الضرب على النوبة مع رقص صوفي كذلك الذي كنا نهتز ونتمايل معه في حلقات الذكر في ليالي المولد النبوي الشريف بميدان المولد بالخرطوم بحري  ولا يفوتني ان اشكر وادعو بالخير لوالدة صديقنا حاتم كجنكا التي كانت تتكفل بسحورنا جميعا بما لذ وطاب من المدايد والشاي وشراب الابري او الحلو مر حيث كنا نختتم هذه الجولة ببيهم العامر .

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.