زمن الرغائف

زمن الرغائف
عزام مرسي
عندما وقف بوشي مردداً للعميل نافع علي نافع بأن الرغيف اصبح في حجم الأذن الواحدة ( العيشه قدر الاضان ) ضحك نافع بسخريته المعهودة ، وكانت كل ملامح وجهه توحي لبوشي و لغير بوشي بأن القادم اقسي من ان يخطر علي بال أحد .
الان نحن نترحم علي زمانٍ كانت فيه الرغيفة في حجم الاذن و اتي زمان الرغيفه بعدد واحد جنيه جديد . و الشعب استحلي لعبه ( شد و أركب ) ، بل أعد المواطنين سروجاً مذهبة للحكام و اذيالهم للركوب بدون طلب، و استحق بكل جدارة سحب كلمه الشعب المغلوب علي أمره و تحويلها الي الشعب المركوب برضاه . هذا زمان التدجين ، لقد دجن الكيزان واعوانهم الشعب فصرنا من الشعوب المجترة ، نجتر قوت يومنا ونرقص في اخر النهار مع البشير ، الذي يسكر من دمائنا هو و خدامه المخلصين اللمبي و شاكلته ، و الملائكة تستحي من ان ترفع اعمالهم لله ، ففسادهم لم يأت به من قبل إنسٌ ولا جان ، ولكن ما استعصي علي إبليس فهمة حتي الان كيف استطاعوا ان يدجنوا الملايين من الشعب ، لقد البسوهم فانيلة الدين ، و امرو مشايخهم بالفتوي بان الخروج علي الحاكم حرام .
هل خلطو مياه النيل بالكينين فصار الشعب خدر الاطراف مثقل الخطي ، بطئ التفكير بلا ادراك لما يحدث حوله .
أين الشعب ؟ أين الخريجين ؟ أين العمال ، أين الصنايعيه ، أين الشباب ؟
يأتي الجواب لقد ذهبوا الي الخليج والسعودية و قله اخري اجتازو المتوسط لأروبا هرباً من عبودية الخليج ، وغيرهم ماتو في الصحراء او اصبحو قطعاً لاسماك المتوسط .
من سيشعل شرارة الانتفاضه اذاً ، ونحن نموت كل يوم بكل الاتجاهات و بكل الوسائل ، بحرائق النخيل و سم السيانيد والتهابات الكبد الوبائية شمالاً ، و بقنابل الطائرات غرباً وفي النيل الازرق ، و بقية الشعب يموتون بسبب سكوتهم وصمتهم علي قتل اخوتهم في اطراف الوطن ، لقد اختفت العديد من انواع الادويه بسبب مافيا الدواء . وزاد سعر الرغيف بسبب مافيا الغلال ، و الالاف يموتون بسبب السرطانات المختلفه ولا حياة لمن تنادي ، و الدولار يمارس القفز بالزانه و البشير يستعرض سنته الذهبية وقدرات ركبته الصناعية راقصاً علي رقاب البسطاء ، و نحن نتفرج علي اخر فصول الوطن ، وسنكتب لاطفالنا ذات يوم كان هناك وطن يسمي السودان .