السبت , مايو 4 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *لقاء الشيوعي وجهاز الأمن*

*لقاء الشيوعي وجهاز الأمن*

الجريدة 17 ابريل 2018

*الدوافع والأسباب ومألات المشهد*

مجدي عبد القيوم (كنب)..

  لعل المتابع بدقة لمجريات الاحداث في الساحة السياسية لم يفاجأ بالتصريح الصحفي للحزب الشيوعي الذي كشف فيه عن اجتماع مطول بين جهاز الأمن وقيادة الحزب جرت وقائعه في مباني الجهاز،ذلك ان المشهد كان ينبغي ان يفضي لذلك بحسب تسلسل الاحداث الدراماتيكية التي بدأت بتلك المسيرة التي دعي لها الحزب في 16 يناير في قلب الخرطوم والتي صعدت بالحزب الي ذروة الاحداث واستطاع عبرها ايصال رسالة شديدة الوضوح بان الحزب يشكل معادلا موضوعيا في الساحة السياسية ولن تفلح محاولات عزله او ابعاده عن اي تسوية للأزمة الوطنية كما خطط لذلك اصحاب سيناريو الهبوط الناعم والذي اورد صراحة ان الهدف توسيع قاعدة السلطة بالاحزاب التقليدية ما يعني ضمن ابعاد القوي الحديثة وعلي رأسها بالطبع الشيوعي..
لكن ما هي دوافع وأسباب ومبررات اللقاء هنا وهناك واثر ذلك وانعكاساته علي المشهد السياسي برمته؟نحاول في المقال القاء الضوء علي ذلك..
    ظل الحزب الشيوعي علي موقفه المبدئي الذي يدعو الي اسقاط النظام ،ووجدت هذه الدعوة التفافا جماهيريا كبيرا وظل الخطاب السياسي الجماهيري للحزب يمثل بؤرة جذب شكلت تيارا سياسيا واسعا مثل معطي اساسيا لا يمكن تجاوزه ،هذا التيار العريض والمؤثر يشمل :
1/ الحزب الشيوعي والقوي الديمقراطية و التقدمية التي ظلت علي الدوام تدعمه …
2/المجموعات والحركات الشبابية وقطاعات الحركة الطلابية في جل التنظيمات السياسية ..
3/ مجموعات كبيرة في الاحزاب والقوي التقليدية..
  كذلك احزاب البعث وان كان موقفها من الأزمة الوطنية رهين موقفها من الاحداث في المنطقة.
هذا التيار يمثل مركز الثقل في الفعل السياسي للمعارضة المدنية ويلتف حول الخطاب السياسي للحزب الشيوعي ..
كرس الحزب لخطابه الثوري بأليات شتي واستطاع ان يشكل الذهنية الجمعية لجل الجماهير وبالتالي موقفها السياسي
  ظل الحزب الشيوعي قادرا علي الامساك بدفة المعارضة علي الرغم من ان رعاة عملية السلام وبالقطع لا يحبذون ذلك ،ولكن يبدو انهم قد استقرت عندهم القناعة بان اي تسوية للأزمة السودانية لا تمر من بوابة المركز العام للحزب مصيرها الي فشل بالنظر لما يشكله التيار الذي يقوده من تأثير في صناعة المشهد السياسي..
    عندما تقدم الحزب بطلب لتنظيم مسيرة 16 يناير اعمالا للحق الذي يكفله الدستور بدأ واضحا انه قد حسم امره وقرر انتهاج تاكتيكات مختلفة تماما عما هو معهود اذ انه وفي ثنايا المسألة يمكن قراءة ان الحزب قد عزم علي التعاطي مع الفعل السياسي بواقعية واستخدام ما هو متاح دستوريا بهدف توسيع هامش الحرية وما يعزز هذه الفرضية القضية التي رفعت لاحقا امام المحكمة الدستورية ضد اعتقال بعض منسوبي الحزب .
   في مشهد 16 يناير وما تلاه بدا ان الحزب يعمل علي تعديل الميزان لصالح قوي المعارضة عبر تحريك الشارع بعد ان راكمت قوي المعارضة تجارب تتصل بالقطاعات المهنية الحيوية وقطاعات الحركة الطلابية .
  في ثنايا مشاهد احداث يناير خفوت صوت حلفاء الحزب الشيوعي في قوي الاجماع من القوي التي تساند اطروحة الاسقاط بعد اصرار الحزب علي تنظيم مسيرته منفردا وفقا لميثاق التحالف الذي يعطي مكوناته الحق في العمل المستقل ولعل ذلك مثل الاشارة الاولي بأن الحزب بصدد تاكتيكات مغايرة تماما وانه لن يظل رهين موقف واحد في بحر من رمال السياسة المتحركة،ولعل شعارات مسيرة الحزب والتي بدا انها اختيرت بعناية مبتعدة تماما عن الشعارات الثورية الراديكالية ومركزة علي القضايا الاقتصادية ومحاربة الفساد تعزز من هذه الفرضية..
   في ظل المناخ الذي صنعته الاعتقالات السياسية التي طالت عدد كبير من قيادات القوي السياسية وعلي راسها كوادر الحزب،في ظل هذا استلم الفريق صلاح عبدالله رئاسة الجهاز،وبدا واضحا ان ثمة تغييرات كبيرة في السياسة الأمنية ستشهدها الساحة السياسية بالنظر لواقع الأزمة الوطنية والسياسات التي بدأت الحكومة في انفاذها للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة ومعالجة حالة الاحتقان في الشارع السياسي التي نجمت عن موازنة الدولة لعام 2018.
   لم يكد المدير الجديد لجهاز الامن  يتسلم موقعه حتي اعلن عن الافراج عن عدد من المعتقلين مع الاحتفاظ باخرين رهن اطلاق سراحهم بتحسين سلوك احزابهم علي حد تصريحه انذاك،ولم يكن المراقب للاحداث بحاجة لكثير جهد ليدرك مغزي رسالة الفريق قوش سيما في ظل الابقاء علي معظم كوادر الشيوعي رهن الاعتقال بل واعتقال من لم يطاله الاعتقال من كوادر الحزب القيادية بعيد المسيرة…
   في ظل هذا المناخ الذي صنعته احداث يناير وما تلاها ساد سكون وخيم علي الساحة السياسية لم يطرأ عليها جديد الا اولي جولات التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية شمال جناح الحلو والتي بينت ان رهان الحكومة علي هذا الجناح رهان خاسر بالنظر الي الموقف التفاوضي الذي يعلنه وهو المطالبة بحق تقرير المصير،وكان واضحا ان الحكومة تراهن علي جناح الحلو بعيد الانقسام الذي ضرب الحركة الشعبية وشطرها الي جناحين ،وغير بعيد ان تقترب اكثر من جناح عقار لاحقا…
  كذلك شهدت الساحة السياسية بعد احداث يناير انعقاد منبر باريس لقوي نداء السودان والذي شاركت فيه الحركة الشعبية /شمال جناح مالك عقار حين قاطعه الجناح الاخر وهذه المشاركة في ظني تعزز من موقف جناح عقار بالنظر الي ارتكاز المنبر علي القرارين الأممي والافريقي وبالتالي الاعتداد بأطروحات المجتمع الدولي لحل الأزمة السودانية..
     الجديد المتصل بنداء السودان التعاطي الايجابي للحزب الشيوعي مع نداء السودان كمنبر ظل الحزب ينظر اليه علي الدوام بحذر باعتبار ان مكوناته اقرب للتسوية مع السلطة.
بدأ ذلك جليا في رسالة الحزب للمجتمعين والتي لم تكد تنشر حتي صدر تصريح صحفي من الحزب يوضح ان الرسالة والتي نشرت في جريدة الحزب الرسمية لم تمر عبر الهيئات المعنية المختصة ،وبالطبع هذا حديث مجاني لكل من يعرف طبيعة عمل الهيئات في الحزب الشيوعي ،ثم ما لبث الحزب ان اصدر تصريحا جديدا يؤكد فيه ان الرسالة تمثل راي الحزب تماما وانه ينبغي الاعتداد بفحواها كوجهة نظر رسمية حول مخرجات نداء السودان .
  واضح جدا من خلال ما اثير من لغط حول الرسالة ان هناك ثلاثة احتمالات هي:
  1/ ان ثمة خلافا في وجهات النظر في اللجنة المركزية للحزب او ما يعرف بحسب الادبيات الحزبية ب(الصراع الفكري) حول الموقف او الخط السياسي للحزب ..
2/ بروز تيار وسط القيادة يدعو للواقعية السياسية وبالتالي التحرك لحدما عن الموقف السياسي المبدئي تاكتيكيا والاقتراب اكثر من انتهاج وسائل نضالية اخري علي طريق الهدف الاستراتيجي للحزب في موقفه من السلطة.
3/ ان الحزب يمارس تاكتيكا عاليا لخلط اوراق لعبة المشهد السياسي تحضيرا لفعل سياسي ما عقد عليه العزم ..
   اعلن الحزب كما سبقت الاشارة  في تصريح رسمي عن اللقاء الذي جمع بين قيادته وقيادة جهاز الأمن وان اللقاء ناقش قضايا حيوية وجوهرية في سبيل البحث عن حلول للأزمة الوطنية،كذلك اصدر جهاز الأمن تصريحا مماثلا لم يبتعد كثيرا عما ورد في تصريح الحزب وقد وصف السكرتير العام للحزب في تصريحات صحفية حديث الفريق قوش في اللقاء بانه (متزن)  
   هذا الموقف وبصرف النظر عما دار في الاجتماع يتصف بالمرونة والواقعية السياسية وببعد النظر وهو ايضا موقف له اسانيده النظرية عند الشيوعي،وليس موقفا ملتبسا كما يراه البعض
  في تقديري ان الاجتماع له ما بعده وسيترتب عليه تغيير جذري في المشهد السياسي برمته وسيسهم في تنفيس حالة الاحتقان السياسي والاستقطاب الحاد بين الحكومة والمعارضة،وسوف يمهد لحالة انفراجة سياسية تؤثرا ايجابا علي مناخ الحريات عموما،والأهم سيعزز من مواقف المعارضة ودورها في حل الأزمة الوطنية .

    مجدي عبد القيوم (كنب)

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.