الثلاثاء , مايو 14 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *سقوط الأقنعة..!! المتحوِّلون سياسياً من النقيض إلى النقيض “ما بين اليوم والأمس”*

*سقوط الأقنعة..!! المتحوِّلون سياسياً من النقيض إلى النقيض “ما بين اليوم والأمس”*

(الحلقة الأولى)

تساقطت أقنعة سياسيين- بلا حصر- ارتضوا أن يضعوا في سيرتهم الذاتية ما ﻻ يمكن أن يمحى بمرور الزمن، وﻻ يسقط بالتقادم، لأنهم في لمح البصر قد تنكروا لكل المسلمات والمطالبات التي كانوا يتشدقون بها ويشقّون بها عنان السماء من المطالبات الراديكالية التي تطالب بإسقاط النظام وايجاد التحول الديمقراطي إلى الشروع للانخراط في الحوار مع النظام الحاكم بدواعي يعتبرها المراقبون متهافتة، هذا ما يطلق عليه لفظ السياسيون المتحوِّلون من النقيض إلى النقيض، أي من خانة المعارضة الراديكالية إلى حضن الحكومة.
لكن يتحوَّلون من النقيض إلى النقيض بين عشية وضحاها، (أهو) بريق السلطة وتبعاتها التي لا تقاوم أو رنين الذهب الذي يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار. هل أصبح النضال والوقوف أمام الدكتاتوريات طريقاً إلى تحقيق المآرب الذاتية؟ وهل يصب هذا الفعل في مصلحة النظام الحاكم أم المعارضة؟.

تحقيق: محمد إبراهيم الخليفة

عتبة السلطة..!!
“لا تستطيع الحكومات الديكتاتورية أن تجلس على سدة الحكم، إلا إذا كانت هنالك معارضة هشة، أو عملت السلطة على ضعضعتها وإفقادها دورها الحقيقي في التصدي للديكتاتورية، وشق صف المعارضة له عدة سبل، كإغراء السلطة لبعض المعارضين الضعاف الذين لا يستطيعون الصمود أمام بريق السلطة وتبعاتها”. المقولة أعلاه خطها الفيلسوف والمفكر الألماني هربرت ماركيوز أحد رواد المدرسة النقدية (مدرسة فرانكفورت).
وتنطبق هذه المقولة كثيراً على واقعنا السياسي الراهن، ويعتبر كثير من المراقبين أن هذا السلوك يعد من أخطر الوسائل لإضعاف المعارضة عبر الاغتيال المعنوي لها، وتصبح جموع الجماهير لا تثق بالمعارضين، وتعتبر أن هذا يهدف إلى السلطة ممتطيًا وسيلة توجيهه النقد اللاذع للحكومة، وتصبح السمة الغالبة لهذا العبث هو شك الجميع في الجميع كتلك الصورة الغاتمة التي رسمها الفيلسوف الإنجليزي “عراب نظرية العقد الاجتماعي” توماس هوبز واصفًا الحالة الوحشية للمجتمع البدائي ويشك الجميع في بعض خاصة في الأحزاب، لأن سمة الاختراقات الحزبية أصبحت علامة بارزة في ممارسة حكومة المؤتمر الوطني – للقضاء على الأحزاب. 
وأضحى كثير من الناشطين والمتابعين السياسيين لا يرفعون حاجب الدهشة، عندما يتحوَّل المعارض الراديكالي الناقد واللاعن للحكومة من محطة المعارضة إلى حضن الحكومة، ويذبح القيم والوعود على عتبة السلطة، وهنا يعم السخط والغضب في أواسط المعارضين يكيلون له الاتهامات والتخوين، ويتحوَّل المتحوِّل بتوجيه سهام نقده التي كانت يوزعها على رموز النظام إلى المعارضة المدنية والمسلحة – بالطبع يندهش البعض من واقع التحوُّل السريع في الشخصيات التي كانت متسقة في أقوالها وفعلها وتعارض الإنقاذ في موقف أخلاقي بحت، لأنهم ينشدون أن تسند السياسة إلى المبادئ التي لا ينبغي أن تتجزأ من الأخلاق وقيم الممارسة الديمقراطية التي تكمن في الاتساق ما بين القول والسلوك.

ما بين اليوم والأمس
يقول الكاتب الصحفي ذائع الصيت فتحي الضو في مؤلفه الموسوم (سقوط الأقنعة): “في تاريخ السياسة السودانية يعتبر “أحمد خير المحامي” أول من استنّ هذه السنة عندما تحالف مع حكومة الفريق عبود، نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر “الناشطة تراجي مصطفى” التي احتار المراقبون أين يضعونها بالضبط”، والقيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، والقيادي بحزب الأمة “الإصلاح والتجديد” بزعامة مبارك الفاضل، حسن إسماعيل، الذي اشتهر بكتاباته الناقدة للإنقاذ، وبلغ ذروة العداء للنظام بخطبته الشهيرة في سرادق عزاء أيقونة ضحايا سبتمبر 2013م، صلاح سنهوري بضاحية بري، وتناقلت الركبان كلمات حسن الحماسية وبينها: “النظام يا يمشي يا نحن نلبس طرح ونقعد في بيوتنا”، لكن العجيب أن النظام لم يذهب إنما ذهب إليه حسن منضوياً تحت لوائه في انتقال دراماتيكي، كما سنأتي على تفصيله لاحقاً، ومتغلبات مبارك الفاضل ذاته. 
والقيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد الحسن الميرغني، ورئيسة الحزب الليبرالي الديمقراطي ميادة سوار الذهب، والأمين العام لليبرالي محمد مدثر فرح.”- ويشير المراقبون إلى أن التاريخ لا يرحم مهما انتقلت المحطات .
كل المذكورين آنفًا كانت مصادمتهم ومناهضتهم للنظام كبيرة وملموسة في ظاهر الأمر وفقاً لتعابيرهم وسلوكهم في توجيه الانتقادات، وممارساتهم لا ينكر هذا إلا من أصيب برمد، وينبِّه الخبراء إلى أن ممارسات النظام وأساليبه التي أجاد في اتقان رعاية المصادر وطريقة زرعها وسط الأحزاب والجماعات بقية الحصول على معلومات وتكاتيك الأحزاب المعارضة أو بغية شلِّها وإقعادها عن العمل وجعلها تنصرف لمشاكلها الداخلية؟ كما هو معلوم بشكل جيد أنه نظام محترف في اختراق الأحزاب وناجح (جداً) في إضعافها وشقها على النحو الذي ألفناه قرابة الثلاثين عاماً.
مما يجعلنا نتحسس رؤوسنا ونتساءل: هل كان هؤلاء انضموا للحكومة بمحض قناعاتهم المتطابقة مع شكل الحكومة التي يتصوَّرنها في خيالهم والتي كانوا يدعون إلى إقامتها؟ أم أن وراء الأمر خبايا لم تظهر إلى العلن بعد؟! أم أن هذا يرد إلى وضع المعارضة المتأزم ويئس منها هؤلاء المتحوِّلون؟.

كمال عمر نموذجًا..!!
قبل الحوار الوطني الذي تم طي صفحته الطويلة مؤخراً، ظل القيادي بحزب المؤتمر الشعبي يؤم الندوات والليالي السياسية ناقداً لحكومة المؤتمر الوطني، جازماً بأن لا يضع يده مع أيادي الذين لوَّثوا البلاد وشرَّدوا العباد – متنبئًا لهم بسقطة شنعاء، والجماهير تصفق وتهتف له بحرارة لا تنقطع معجبة بشخصيته الكاريزمية وطريقته المتفردة في تهييج الجماهير – وعندما أعلن الرئيس بعد هبة سبتمبر حوار الوثبة – فضرب عمر بكل الوعود وخطاباته الثورية عرض الحائط ميممًا وجهه شطر قاعة الصداقة – تاركاً الشباب مشدوهاً وفي حيرة من أمره ما بين مكذِّب ومشكك لهذه الخطوة التي لم يكونوا يتوقعونها – وظل عمر في الحوار الوطني من أكثر الداعين بتغيير الخطاب بنسبة (180) درجة.
حتى بعد طي صفحة الحوار ودخول مخرجاته إلى دهاليز البرلمان، تحت يد بدرية سليمان، جزم عمر بأنه يخرج من الحوار وينفض يده منه حال تغيير “شولة” من وثيقة الحريات – وملأ عمر الصحف ضجيجاً متمسكاً بعدم دخوله للحكومة – فينطبق على عمر عدم الاتساق في القول والفعل.

تحوُّل قياسي..!!
كان نجل الميرغني أحد الكوادر الاتحادية التي وقفت ضد مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في العام (2012م)، بعد ما فاز المؤتمر الوطني بانتخابات (2010م)، والتي على إثرها غادر الميرغني البلاد مغاضباً، وأعلن المعارضة، وجاء بعدها ووافق على المشاركة في الحكومة التي رفضها نجله.
الحسن الميرغني كان رافضاً للمشاركة والآن أصبح من أوائل المشاركين فيها، الذين يقفون معها في شتى دروبها، وكان قد قال في تصريحات سابقة عقب المشاركة إن وضع الإنقاذ تغيَّر مما كان عليه في السابق، لكن مشاركته أدت إلى تحولات تنظيمية كبيرة وشكَّلت عليها تيارات رافضة لموقفه الذي كان في السابق معارضًا للإنقاذ، والآن صار مدافعاً عنها، وبعد مشاركته أصبح دائماً يبحث عن المكاسب الشخصية التي تركت أزمة بينه وبين الذين دافعوا عن مشاركته في السابق، من بينهم وزير مجلس الوزراء أحمد سعد وآخرون، بالإضافة إلى مخالفته، بناءً على المشاركة، دستور الحزب الذي ينص في المادة الرابعة الفقرة (ه) على عدم المشاركة في الأنظمة الشمولية والديكتاتورية، كان نجل الميرغني في الماضي حليفاً استراتيجياً للمعارضين داخل الحزب للحكومة، والآن فارق طريقهم عندما أعلن مشاركته فيها دونما رجوع عنها.

الليبراليون..!!
في منتصف يونيو من العام 2016م عقدت رئيسة الحزب الليبرالي الديمقراطي مؤتمراً صحفياً بقاعة طيبة برس للإعلام لتوضيح أهم مخرجات المؤتمر العام الثالث لحزبها، وكان برفقتها الأمين العام للحزب محمد مدثر فرح، ونبَّه فرح إلى أن مخرجات المؤتمر تكمن في الفقرة أدناه .
” إن الحل يكمن في زوال النظام الحالي باعتباره أصبح خطراً على الوطن نفسه، وباعتبار أن زواله هو المدخل الرئيس لحل أزمة الحكم، وناقش المؤتمر واقع الحركات المسلحة، وأكد أن موقف الحزب من تلك التنظيمات هو موقف التفهم للظلامات التاريخية والموضوعية التي تعبِّر عنها تلك الفصائل، وزاد: إن أزمة الحكم والمعارضة هي جزء من أزمة الدولة في السودان، وأقرّ بضرورة إعادة تأسيس تلك الدولة وتغيير مجمل فلسفتها، وقلب العلاقة بين المواطن والدولة في السودان، بحيث تصبح الدولة خادماً للمواطن لا سيدة عليه، وبحيث يصبح جهاز الدولة أداة في يد المواطنين لمصلحتهم لا جهازاً لقمعهم ونهبهم.

مخالفة مخرجات المؤتمر العام !!
وتفاجأ الجميع عندما وقعت رئيسة الحزب الليبرالي الديمقراطي ميادة سوار الذهب، على الوثيقة الوطنية للحوار الوطني، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالسخرية اللاذعة من موقف ميادة الذي اعتبروه مخزياً ويتنافى مع مخرجات المؤتمر العام الأخير قبل أشهر. 
وفي منتصف مارس الماضي كتب محمد مدثر في صفحته الشخصية في (الفيس بوك) منشور يوضح فيه موقفه من توقيع رئيسته في الحزب على الوثيقة الوطنية للحوار الوطني قائلاً: “للتاريخ.. أنا محمد مدثر فرح لن أضع يدي في يد القتلة أو أبرم أي اتفاق سلام معهم سواءً كان مفروضاً من أمبيكي أو إبليس.

إسقاط النظام هو الخيار الوحيد
وأرفق مع موقفه هذا صورة لصديقه الذي قتل إبان أحداث سبتمبر من العام 2013م.
وجهت كل هذه الاستفهامات المحيِّرة للألباب إلى الأمين السياسي للحزب الليبرالي محمد مدثر، إلا أنه لم يكلف نفسه عناء الإجابة، بل اكتفى بالضحك على هذه الأسئلة.

تاريخياً..!!
يقول الكاتب الصحفي فتحي الضو، ذائع الصيت في مؤلفه القيم (سقوط الأقنعة سنوات الخيبة والأمل): “إن الأسباب التي جعلت الأنظمة الديكتاتورية الثلاثة تصمد – مجتمعة لأربعة عقود، في حين أن الأنظمة الديمقراطية الثلاث، لم تعمِّر لأكثر من عقد واحد بإضافة الفترات البينية الانتقالية – ويتابع الضو أن الأنظمة الديكتاتورية، حينما تتخذ الانقلابات العسكرية وسيلة، أو علنية تلجأ مباشرة إلى نشر حبائلها حول النخب ذات الهويات السياسية المختلفة، وإغوائهم في مشاركتها، وتهدف من وراء ذلك إلى توطيد سلطاتها، وتكريس “شرعية” الأمر الواقع – ويؤكد الضو أن استجابة النخب دائماً ما تأتي بدوافع الطموحات الشخصية، وتغلف بستار “تحقيق أهداف وطنية نبيلة “.

الحماقة السياسية..!!
يستطرد فتحي قائلاً: “إن المشاركة في حالات استثنائية نادرة، كانت من باب الحماقة السياسية التي دفعت بالسيد “أحمد خير”، لأن يتقلد منصب وزير الخارجية في نظام عبود الديكتاتوري – ويؤكد الضو، أن أحمد الخير هو أول من أستن تلك الطريقة غير الحميدة، وينبِّه الضو إلى أن الخير كان قامة سياسية شامخة ومن رواد الحركة الوطنية التي ناهضت الاستعمار وتطلع إلى تأسيس نظام ديمقراطي أنموذجي يلبي رغائب أهل السودان، وإليه ينسب الفضل في طرح فكرة “مؤتمر الخريجين”، وبعد مشاركة أحمد الخير، تداعت تلك المواقف الشاذة متجاهلة طبيعة النظام الحاكم، إذ قامت نخبة من رواد الحركة الوطنية ضمتهم قائمة سميت بـ”كرام المواطنين” وعلى رأسهم الشيخ علي عبد الرحمن والسادة محمد نور الدين، حماد توفيق، يحيى فضلي، أحمد محمد يس، برفع مذكرة في 29/11/1960م، نيابة عن حزب الشعب الديمقراطي، لتوطيد أركان النظام الديكتاتوري، زعموا أنها محاولة للانعتاق من ربقة الطائفية، فاستخفوا حتى بالنعت الذي وصفوا به أنفسهم.

الديكتاتوريات..!!
الكاتب المعروف فتحي الضو يمضي ليقول في كتابة سقوط الأقنعة: “في واقع الأمر، كان نظام الرئيس المخلوع جعفر نميري، قد برع في التلاعب بمواقف النخبة السياسية، وبلغت به الاستهانة درجة في الاستمتاع بتعيينهم وإقالتهم، من خلال وسائل الإعلام، ودفعه ذلك للتباهي بأنه جعل المنصب الوزاري مشاعاً لمن استطاع إليه سبيلاً، فقال إنه: “عيَّن أكثر من ثلاثمائة وزير في فترة حكمه البالغة ستة عشر عاماً”. أما أهل الإنقاذ فقد ضربوا رقماً قياسياً في تاريخ الإستوزار في السودان، بأن جعلوه محجاً لكل طائف سواءً من الموالين أو ضعاف النفوس، من أصحاب الهويات السياسية الأخرى.. ويكفي استدلالاً أيضاً بأن ما يسمى بــ”الوحدة الوطنية” التي جمعت بين النظام والحركة الشعبية، ضمت جيشاً جراراً من الوزراء، ووزراء الدولة، والمستشارين.. وإذا ما أضفناها إليهم الوزارات الولائية، والولاة وحكومة الجنوب، نكون أمام ظاهرة لا يشارك السودان فيها دولة أخرى في العالم، أياً كان تصنيفها، في قوائم المتخلفين أو المتقدمين.. يبدوا أنها أخذت باقتراح ساخر لزعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد، إذ قال للترابي: “اقترحت على الترابي أيام وجودنا معاً في المعتقل أن ينشئ وزارة, دوارة, يبقى فيها من يشغلها ستة أشهر حتى ينال لقب (وزير سابق) الذي يتهافت عليه البعض رغم أن الوزارة فقدت ذلك البريق الذي كان”.
وينهي الضو هذه الجزئية قائلاً: عموماً فإن شئنا الحصر، نسوق أمثلة لفئات استمرت العيش تحت إبط الأنظمة الاستبدادية فتمرغت بين الديكتاتوريات، حتى تقيَّحت جلودها، منهم: إسماعيل الحاج موسى، عز الدين السيد، شريف التهامي، أحمد سليمان، علي شمو، عبد الله أحمد عبد الله، أحمد عبد الحليم، بدر الدين سليمان، أبو القاسم محمد إبراهيم، حسن عابدين، عون الشريف قاسم، محمد يوسف محمد.. وأخرون كثر.
نواصل في الحلقة القادمة.. لنأخذ نماذج في حياتنا السياسية المعاصرة.

المصدر: أخبار الوطن

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.