الجمعة , مايو 3 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / حزب البعث العربي الاشتراكي "الأصل" / مفهوم (الحل الشامل) عند حزب البعث

#الهدف .
مفهوم (الحل الشامل) عند حزب البعث .
_____________________

علي إدريس علي.
إن مفهوم الثورة، كما يعتقد قادة التغيير، و الفلاسفة السياسيين و الإجتماعيين، أنه يتضمن تغيير أكبر و أشمل من مجرد التغير الشكلي في بنية السلطة، فليس من الضروري أن يتضمن مفهوم الثورة، المواجهة المسلحة مع النظام الديكتاتوري، كوسيلة لإنجاز الثورة ، بقدر اهمية ان يكتسب الحراك صفته الشعبية الشاملة، و من المهم للغاية أن تتضمن تحول كبير في نمط حياة المواطنين، من زاوية حرياتهم و طريقة حكمهم، و إحترام كرامتهم، و توفير الشروط الكافية لرفاهيتهم. لذا فإن التغيير الشكلي لنموذج الحكم، بإستعارة أنظمة الحكم الليبرالية و إعادة تطبيقها في البيئة السودانية، لن يفلح نهائياً ،بصورته المجردة تلك، في تحرير الشعب من سيطرة القوى الطفيلية الرأسمالية المتحكمة في حياة المواطنين في

مفهوم (الحل الشامل) عند حزب البعث

#الهدف .
مفهوم (الحل الشامل) عند حزب البعث .
_____________________

علي إدريس علي.
إن مفهوم الثورة، كما يعتقد قادة التغيير، و الفلاسفة السياسيين و الإجتماعيين، أنه يتضمن تغيير أكبر و أشمل من مجرد التغير الشكلي في بنية السلطة، فليس من الضروري أن يتضمن مفهوم الثورة، المواجهة المسلحة مع النظام الديكتاتوري، كوسيلة لإنجاز الثورة ، بقدر اهمية ان يكتسب الحراك صفته الشعبية الشاملة، و من المهم للغاية أن تتضمن تحول كبير في نمط حياة المواطنين، من زاوية حرياتهم و طريقة حكمهم، و إحترام كرامتهم، و توفير الشروط الكافية لرفاهيتهم. لذا فإن التغيير الشكلي لنموذج الحكم، بإستعارة أنظمة الحكم الليبرالية و إعادة تطبيقها في البيئة السودانية، لن يفلح نهائياً ،بصورته المجردة تلك، في تحرير الشعب من سيطرة القوى الطفيلية الرأسمالية المتحكمة في حياة المواطنين في الريف و الحضر، و لن تسهم بأي صورة من الصور في إشراك الطبقات الكادحة (في بيوت الخيش و معسكرات اللجوء و النزوح، و في الحقول والمزارع، و المراعي والعمال) في نظام الحكم، كما لن يسهم مثل ذلك التغيير، بالضرورة، في تحرير تلك القطاعات التقليدية من النفوذ الطائفي الرجعي.

لقد حرصت كل الحكومات الديمقراطية، و العسكرية في السودان، في أوقات سابقة، على إشراك ممثلين عن جنوب السودان في الحكم، وشهدت كل البرلمانات وجود ممثلين لقوى الريف، وممثلين للمناطق الاقل نمواً في السودان، و لكنهم كانوا في نهاية المطاف، بوعي أو بدون  وعي  جزء من الآلة الطفيلية الرأسمالية الحاكمة في البلاد، التي تستغل جماهير تلك المناطق لصالح البرامج و السياسات التي تعمد على إفقار تلك الجماهير بسلب مدخراتها، و مواردها، و طاقاتها. لذا فان واقع المشاركة في تلك المؤسسات، في محصلتها النهائية، لا تتجاوز واقع كونها تدعم في الديكتاتورية، أياً كانت صورتها، و مناصرة للقوى الطفيلية و الرجعية، ضد جماهير الشعب.

و بالتالي، ووفق الحالة السودانية الراهنة، لابد من تحسس هموم الشعب، بصورة شمولية، و ليس بصورة قطاعية ( عمال –  مزارعين – مهنيين) و ليست بصورة طائفية دينية، أو إثنية أو إقليمية. فهموم بعض المجموعات، قد تكتسب أهمية و إلحاح و أولوية، ضمن أجندة التغيير الوطني الشامل. و أي دعوة لتجزئة النضال إستناداً على ذلك التقسيم الزائف، و عدم إستيعاب شموليتة النضال، سيسهم في تمكين الديكتاتورية، لأن المنهج التقسيمي و التفتيتي، كان على الدوام منهج الديكتاتورية و ليس منهج الثورة الشعبية، و ما تجربة (المناطق المقفولة) وسياسات (فرق تسد) إبان الاستعمار البريطاني ببعيدة عن الأذهان.

و بالتجربة السودانية، كانت قيادات النضال تحت تلك اللافتات، تقود مطالبها الموضوعية و العادلة لتلك الفئات، مع حرص واضح على تمييز مطالبهم عن المطالب القومية للشعب السوداني، بالقدر الذي قد يسهم – مع طول المدة – بصورة تراتبية في عزل تلك الفئة عن الهموم القومية. و على الرغم من تجربة الحركة الشعبية بقيادة الزعيم جون قرنق، قد اعتمدت ضمن مطالبها، مطالب قومية خاصة بوحدة السودان، إلا إنها بقدر ما ،  كان نضالها قائماً على مطالب إقليمية، بقدرما أسهم في خلق ثقافة إنعزالية، و تفتيت لأجندة النضال الوطني، و بالتالي يمكن القول بأن شعارات القائد جون قرنق السياسية لم تكن سوى تصريحات سياسية معزولة عن التوجه العام لحركته، ألا وهو النضال بإتجاه الإنفصال النهائي.

ماذا يعيب الدعوة لقيادة نضال إقليمي / إثني/ ديني .. الخ ؟ من الواضح أن هذا الإتجاه يعبر بصورة صارخة، عن عجز قيادات هذا الإتجاه عن إيجاد بدائل وطنية تستوعب قضية تلك الفئات ، و بالتالي يمكن القول بأن هذا النوع من التعبئة النضالية، لا يجتهد باتجاه خلق ثورة في المجتمعات ، و إنما يسعى إلى تبنى الأطر الجاهزة، و التي قد تفضي إلى حلول آنية، و لكن لا يحل جذر المشكل. و جذر المشكل قد يتمثل في إستغلال القوى الرجعية و الطفيلية و الانتهازية لعناصر التباين ( أيا كان شكله و نوعه) لتدعيم وجودهم السلطوي، او إستغلال الواقع الرجعي و المتخلف لصالح برنامجهم الطفيلي، و هذا إتجاه واضح في تجربة حكم جماعة الإسلام السياسي للسودان طيلة ما يفوق ربع قرن من الزمان، و هو نفسه ما تؤكده تجربة توظيف الواقع المتخلف للحصول على السلطة، و الذي مارسته الحركة الشعبية لتحرير السودان لضمان الحصول على السلطة بعيداً عن أي منافسة. و بالتالي فإن شمولية الحل، يستلزم شمولية النضال، إستناداً على أن هذا الواقع المتخلف ليس حصراً على اقليات دون بقية السكان، او إقليم دون أجزاء الوطن، أو أي مجموعة سكانية متميزة، بل هو واقع الحال في كل أرجاء السودان، الذي تقوم القوى العسكرية الديكتاتورية و القوى الداعمة لها من رأسمالية طفيلية و قوى سياسية رجعية، طائفية و دينية، بإستغلاله و توظيفه لمصالح غير ما هو معلن بواسطة الشعب، و هذا الإستغلال ظل على مدار تاريخ سودان ما بعد الإستقلال، أحد أبرز سمات الأزمة السودانية.
و بالتالي إن إعتماد تفتيت النضال على ذلك الأساس، يخلق واقع من التضارب غير المبرر بين فئات جماهير الشعب السوداني، و يدعم خط النظام العنصري التفتيتي الاإقصائي، بأن يتحول كل الشعب ومؤسساته ( بما فيها الأحزاب السياسية) إلى مجموعات وكنتونات إقصائية.

هذا الواقع، قد أسهم بصورة من الصور، في خلق بيئة سياسية وإجتماعية وثقافية، تكرس لثقافة عدم قبول الآخر، ورفض التمازج الوطني.
و هذا الواقع مثلما كرسته السياسات الديكتاتورية للنظام القمعي، ساهمت فيه أيضاً طرائق و أساليب العمل السياسي المعارض المتبعة لدى بعض القوى السياسية والعسكرية. وإن كان هناك تنامي لدعوات عنصرية وإقصائية، بين المجموعات الاجتماعية، تكون تلك السياسات و الأساليب المتبعة داخل قوى الحكومة و المعارضة سبب من أسبابها.

إن مبدأ (شمول النضال) يبدو في حقيقته أوسع من   أن تحيط به هذه الدراسة، ولكن بالنظر اليه من زاويته الشعبية، يمكن بسهولة إعطاء مؤشرات واضحة حول مصلحة الجماهير الشعبية، وبما يحقق أهداف الثورة. هذا الشمول، لا يتفق بالضرورة مع مصالح الطبقات المتحكمة تاريخياً في مصالح الشعب ، اذ تقف بالنتيجة كأحد المصدات والكوابح ضد توجهات مبدأ الشمول في الثورة، وذلك لأن رفاهية المجتمع  والمساواة والعدالة والديمقراطية، كمبادئ محركة للثورة، تعمل بالضرورة على إنهاء حالة الاستغلال و التمييز و الفقر و التسلط، و هي أهداف في غاياتها النهائية، تستدعي تغيير المفاهيم و النظم السائدة.

و لا يتعارض شعار (الحل الشامل) مع إيلاء مشاكل بناء السلام أهمية خاصة، وفي هذا الصعيد، يجب أن تحتل المطالب الإقليمية و المتميزة في السودان، جانباً مهماً في أجندة النضال من أجل الوحدة الوطنية، بمخاطبة الهموم العاجلة و الأكثر أهمية لجماهير تلك المناطق، و إبراز خصوصية تلك المناطق، حين يتم النضال من أجل الحقوق الأساسية والتوزيع العادل للثروة والسلطة واحترام التنوع في تركيبة الشعب السوداني، وهذه حركة محتواها، العدالة و المساواة و الديمقراطية.
 
لذا حين يتصدى حزب البعث العربي الاشتراكي، ضد تجزئة الحلول و ضد محاولات تفتيت مؤسسات النضال الشعبي، و حين ينادي بإعتماد (الحل الشامل)، تنهض القوى الرجعية و المستفيدة من الواقع الراهن، بمواجهة البعث و التصدى له بكل الوسائل، بغرض إبقاء الحال على ما هو عليه.

خاتمة القول …
إن العمل على وحدة النضال الوطني، هي أحد أهم دواعي النضال الثوري التقدمي، وقضية الوحدة الوطنية، ليس نظام سياسي وطريقة حكم، بل هي مرتبطة بشكل حاسم بمفهوم للـ (الوطنية السودانية)، ومفهوم الوطنية السودانية لا يمكن أن يتأسس على مفاهيم ديكتاتورية – إقصائية – عنصرية ، لأنه سيكون مفهوم تفتيتي، لذا يجب أن يكون المفهوم ديمقراطياً، بالمعني الشامل للديمقراطية (الديمقراطية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية)، و يتأسس  على أساس المساواة في الحقوق والواجبات، و يكون فيه للجميع الحق في ممارسة تلك الحقوق والإلتزام بأعباء تلك الواجبات.

و على حزبنا و جماهيره، أن لا تنصرف عن التفكير الثوري، بالإنجرار خلف التحالفات السياسية والتكتيك مع القوى الرجعية، بهدف تحقيق تفكيك الديكتاتورية السياسية القائمة، و إلا سيجد نفسه، في مرحلةٍ ما، يناضل بالضد من أهداف الجماهير وغاياتها.
____________________
#الهدف
تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي “الأصل”

للمزيد من الأخبار تابعوا صفحتنا على فيسبوك:
https://m.facebook.com/hadafsd/

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

وجدي صالح في حوار لـ”مداميك”:

Share this on WhatsAppوجدي صالح في حوار لـ”مداميك”: ليست هناك تسوية.. ما يجري هو محاولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.