الخميس , مايو 2 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / الجبهة الوطنية العريضة / المعتقل (10) ( غالب طيفور ) 2

المعتقل (10)
( غالب طيفور ) 2
 
بدأت تشير عقارب الساعة الي السابعة مساء وأبني في أحضاني لم يتزمر ولم يبكي كما يبكي الأطفال ، ولعله هول التجربة ورهبة المكان ، وذاك الحارس المتشدق الذي يحمل سلاحه ، بيد ويحمل سبحة يستغفر بها ، باليد الأخري ، وما أظن استغفاره الا من فعله المجافي للانسانية ، في أعتقال طفل مع أبيه ، وعندما يعود للبيت يجد أطفاله في انتظاره ناشرا الفرحة بعودته ، وماهي الا لحظات ليدخل القائد الذي اعتقلني ومعه أخي سلم علينا حاول أن يستفسر عن الأمر ليمنعه   القائد وصده من الحديث معي .
فيسحب الطفل وهو متشبث بيدي وطالبا" مني  العودة معهم ،بعد طلب سحبه أخي بهدوء ، فقبلته وقلت له:  ( أذهب يا حمودي مع عمك ، لماما ، أنا عندي موضوع بسيط وبلحقك ) غمرني بنظرة ملؤها الحزن والخوف والترجي ،
ثم نظر للحارس الذي يحرسني بنظرة أخري طويلة ، وكأنه يعي أني لن أعود قريبا" ، وتمنيت أن تبتلعني الأرض في هذه اللحظات ، وأخذه أخي وخرج .

المعتقل (10) ( غالب طيفور ) 2

المعتقل (10)
( غالب طيفور ) 2
 
بدأت تشير عقارب الساعة الي السابعة مساء وأبني في أحضاني لم يتزمر ولم يبكي كما يبكي الأطفال ، ولعله هول التجربة ورهبة المكان ، وذاك الحارس المتشدق الذي يحمل سلاحه ، بيد ويحمل سبحة يستغفر بها ، باليد الأخري ، وما أظن استغفاره الا من فعله المجافي للانسانية ، في أعتقال طفل مع أبيه ، وعندما يعود للبيت يجد أطفاله في انتظاره ناشرا الفرحة بعودته ، وماهي الا لحظات ليدخل القائد الذي اعتقلني ومعه أخي سلم علينا حاول أن يستفسر عن الأمر ليمنعه   القائد وصده من الحديث معي .
فيسحب الطفل وهو متشبث بيدي وطالبا” مني  العودة معهم ،بعد طلب سحبه أخي بهدوء ، فقبلته وقلت له:  ( أذهب يا حمودي مع عمك ، لماما ، أنا عندي موضوع بسيط وبلحقك ) غمرني بنظرة ملؤها الحزن والخوف والترجي ،
ثم نظر للحارس الذي يحرسني بنظرة أخري طويلة ، وكأنه يعي أني لن أعود قريبا” ، وتمنيت أن تبتلعني الأرض في هذه اللحظات ، وأخذه أخي وخرج .
 
وجلست وحيدآ أنتظر بعدأن اطمأن قلبي لعودة أبني ، فكأن الحياة دبت في أوصالي من جديد وبدأ الخوف يخرج منها ، فنحن علي حق وهم علي باطل . جاء أحد الضباط وأخذني للعمارة وعرفتها بمسماها الأدارة الفنية ، وصعدبي عبر السلالم حتى الطابق الخامس رغم  مشاهدتي لمصعدها يعمل ؛ ولكنهم اختاروا لي المشقة ، ولكني فضلت الصعود بالسلام حتي أعد ذاكرتي، وأكون جاهز ذهنيا للتحري ، وأجمع شتات أفكاري .
دخلنا لغرفة بلا مسمي علي بابها ، عندما دخلت شاهدت سرير علي يدي الشمال من الغرفة وجواره تربيزة المكتب الضخمة وكرسي وثير  يجلس عليه شخص ، وكرسي مقابل للكرسي  الوثير خالي ، وهو الخاص بي، وكراسي جلوس علي الحائط يجلس في ركنها شخصين  ، فجلست قبل أن يطلبوا مني الجلوس ، في هذه اللحظة دخل القائد الذي احضرني ، فهبوا جميعهم وكلهم يخفون خراطيش سوداء قاتمة اللون لها بريق ، لم أقف ولم أهتم وايقنت الضرب آت آت فمن الأفضل أن اتلقاه وأنا جالس ، باغتني القائد بسؤال قائلا لي:
 
( يازول أنت ضد النظام وعندك نشاطات؟؟ ونحن مراقبنك ) لطالما كان والدنا (رحمه الله عليه) يحدثني عن هذا السؤال ، جهاز الأمن دائما اذا جاءوا باي شخص يسألونه انت ضد الحكومة ولك نشاطات؟؟ ، اذا نفيت تضرب وينكل بك حتي تعترف انك ضدها ولك نشاطات ، فمن الأفضل تخطي هذه المرحلة ولم يكمل لي كيفية تخطيها ، ورفعت رأسي نحوه وقلت له : ( لم تاتي بجديد ، انا ضد النظام منذ أن أستلمتم سدة الحكم وعندي نشاطات ، وانا أمامكم اعترف بذلك ) كل من في غرفة بدأ ينظر لي بنظرة غريبة ودهشة شديدة،حتي قائدهم ، فجلسوا جميعا ، وكأنهم كانوا ينتظرون ردا” آخر ، وكأن الحكم أنهى مباراة قبل زمنها لسوء الاستاد ، فتعدلت الجلسة وخرج ثلاثة منهم علي الفور وكأنهم كانوا مستأجرين للبطش ، وخاب ظنهم .
وجلس القائد ومعه أحد الضباط برتبة أقل منه يسجل بيانتي ، منذ أن وضعتني أمي بمشيئة رب العباد وحتي جلوسي معهم ، لم اجد فرصة سوي دقائق معدودات للصلاة ، وهم يستهزءون في صلاة من يعارض الحكومة ، والتحري مستمر أشاهد خروج الشمس من خلال الشباك الذي خلف القائد ، لقد إنقضي  اليوم بأكمله  ولم أعرف ما هي التهمة التي أحضرت بسببها هذا ما قلته للقائد فضحك وقال لي : ( انظر لهذا السرير  كثيراما أكون قابعا لشهور لم اشاهد منزلي بسببكم أيها المرتزقة المأجورين ، ويرفع في يده كوب زجاج يهددني بتحطيمه فوق راسي) لم اطأطئ له راسي لعلمي بانهم يستقون بنظرات الخوف فيستغلونها في التنكيل بالمناضلين البسيطين فيعيد الكوب الي مكانه ونعود للتحقيق عن شخصيتي ، وهم يخرجون ويدخلون ويتبادلون الاسئلة العقيمة المكررة ظنا” منهم بأني سوف أخطئ في الاجابات المتكررة وعندما استاءوا جاءوا بالشنطتين الأولي كانت خالية يبدو أن اللاب توب أدخلوه قسم الفحص، والثانية تحمل الجوال والأوراق وتلك (الذاكرة اللعينة) ، أفرغوها عن آخرها أمامي وبدوا يلتقطون شيئا شيئا” ، حينها زاد خفقان قلبي ، وقلت في نفسي لو ظهرت يجب أن أخطفها وأحطمها سريعا حتي لو ضربوني سوف أتحمل ولكن أن يتضرر آخرين فهذا ما لا اقبله ، فاقتربت منهم برأسي فحذروني بالإبتعاد ، وسجلوا كل ماهو موجود وأنا شاحب الوجه  أنظر خيفة حتي انتهوا ، فقام القائد بفتح الجوال ، وحاول الدخول (للواتساب والفيس) فرفض الجهاز لعدم جود الذاكرة فسألني القائد اين الذاكرة ؟ فعرفت أنهم لم يجدوها ، وما أسعدني بهذا السؤال ، فقلت له : ( هذا الجهاز سقط وتعطل ولو تأخرتم قليلا” فكنتم لن تجدوني بسبب أني متحرك لبتاع الصيانة والذاكرة فقدتها أثناء سقوطه ) كان رد مقنعا حتي أنا صدقته ، فعبث بالجوال قرابة النصف ساعة فلم يجد شيئا” يفيده .
حتي دخل مهندس ادارتهم الفنية وهو حاملا” معه ورقة وحيدة مكتوب عليها :
( لا تحاور مع السارقين والمفسدين ) وموقعة بتوقيع (الجبهة الوطنية العريضة) ، فهلل القائد القابع في كرسي التحري الله اكبر، الله اكبر  والتفت لي بصورة يملاها السخرية وقال ( وقعت وقعت يا بطل يا مناضل هذا هو الخيط الذي نبحث عنه ) حتي شككت أن عيوني قد قرأت شيئا” مغايرا للمكتوب ، لم اعطه فرصة لتكملة حديثه ، فقلت له 🙁 إن ما تتحدث عنه سيكون الآن في شاشة جوالك ، واذا كان هذا هو الخيط فقدموني لمحاكمة ) نهرني بصورة هيسترية وهو يحمل الكباية في يده وقال :  ( اصمت نوصلك للشرطة ليطلق سراحك بعد نصف في ساعة بالضمان ، لدينا هنا فندق شيدناه للاحتفال بامثالك ، كما أنك نسيت (الأسبري) الذي توزعه لكتاب الحوائط ، في شوارع العاصمة ، وهذا يدخل في مادة تقويض النظام وإثارة الحرب ضد الدولة ، والتحريض ، أقل مدة تحاكم بها عشرين سنة ) وصمت ينظر الي  كان يجب ان أقفل باب المناكفة معه فقلت له : ( أثبت هذا الموضوع في المحكمة وانا اقبل حكمها ، وما انا تاجر وهذه بضائع موجودة في كافة الاسواق )
قال : ( سيكون الاثبات باستضافتك معنا في الفندق حتي تنتهي اولا” الانتخابات ونقدمك بعد ذلك لمحاكمة لنضمن اذا لم تعاقبك المحكمة نكون قد عاقبناك علي تآمرك ضد النظام وحتي الآن لم نذكر لك الموضوع الذي إعتقلناك بسببه وهو حكمه الإعدام ولدينا اثباتاتنا .
كانت الساعة علي حد علمي تخطت العاشرة صباحا فقد سحبني اثنان ، واغلقوا عيناي بعصابة سوداء ، وتحركت بي السيارة دقيقتان او ثلاثة لأشعر بتوقفها حتي شعرت بأنهم قد نسوا شيئا” ، وطلبوا مني النزول ونزلت سحب مني أحد العساكر عصبة العين فوجدت نفسي داخل فسحة صغيرة لمبني وعلمت بعد ذلك أنها جزء من موقف شندي ، دخلنا المبني وتوجه الضابط وهو يحمل شنطتي التي بداخلها (الذاكرة الملعونة) ليضعها في كاونتر اخر مكتب داخل المبني ، في تلك اللحظة سمعت صوت أربعة اشخاص يؤذن كل  منهم على لوحده فضحك الضابط وأشار لي 🙁  ستكون في ضيافة الدواعش ، سوف يحتفلون بك ، لا تناقشهم في الدين ، حتي نضمن أنك ستكمل معنا التحقيق ) استفسرت من حديثه براسي فاشار لي باصبعه علامة للزبح ففهمت ، وعرفت ان موقف شندي يمتلا بالقتلة داخله وخارجه ، قام بتسليمي لهذا المكتب الذي خرج منه أحد العساكر ليقيدني في كرسي ثابت جوار المكتب ، وياتوا باحد الاخوة الارتريين ليقيدوه بجواري في نفس الكرسي ، ويذهبون لصلاة .
ويا سبحان الله كرمنا الرحمن فاهاننا الانسان!! ، انتهوا من الصلاةوحضر وا ومعهم جندي يرتدي فنيلة فريق( الأتحاد السعودي )لا انسي الفنيلة ولا انساه هو ، فقد كان يحمل في يده خرطوش أسود بلا مقدمات انهار علي به ، وفي الضربة ثانية وقعدت عيني في عينه وقال لي : ( نزل عينك يازول أنت بتخوفني ) قلت له : ( والله العظيم لو كانت يدي مفكوكة من هذا القيد لحكوا بقصتك كل الناس ، ولو عندك شجاعة فك الكلبشات ديه واضربني ) خرج احد الامنجية صارخا” فيه ( يازول قلنا ليك اضرب  الأرتري ما السوداني ) في تلك لحظة فطن لما يقصده الامنجي فانهال علي الاريتري بالخرطوش الاسود حتي شعرت بانه قاتله ، والارتيري يصرخ ويستنجد بي ، وكلما انطوي داخلي يسحبه حتي لا يمسني الخرطوش ، وشعرت بيد من محاولة الارتري الاحتماء بي وسحب يدي حتي بدأت نقاط الدماء تتدفق ويبدو ان اصابتي كانت في شريان المعصم ، فلما شاهد العسكري أوقف الضرب ونادي العساكر داخل المكتب للمساعدةفي اسعافي بقطعة وكانت اجراءات الفيش انتهت ، وقادني اثنان للمصعد المقابل لمكتب الفيش لصعود بي لزنزانة علي حد علمي ، فظهر احد الضباط صارخا” فيهم ما هذا الذي علي الارض مشيرا للدماء التي سكبت مني فقالوا : ( فقالوا دماء هذ المعتقل سيادتك )
فنهرهم امسحوا هذه (الزفارة) حتي لا تنجس لنا مكاتبنا بدماء المرتزقة والمأجورين عملاء الخواجات ، فشعرت بنفسي أصرخ فيه بلا وعي ( ما انت الا كلب من كلاب البشير ) قبل اتم جملتي شعرت بشئ يلامس راسي ونجوم ساطعة تظهر أمامي وكأن الدنيا أبيضت ، وهذا آخر ما أتذكره قبل أن أصحو …

يتبع ……..
Ghalib Tayfour

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

تعزية

Share this on WhatsAppتعزية بسم الله الرحمن الرحيم (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.