الخميس , مايو 16 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحزب الشيوعي السوداني  / حوار الشفيع خضر في التيار الجزء الثاني ___ كررت تعبير العدالة الاجتماعية، هل تعتقد أن تحقيق الاشتراكية في السودان صعب؟

حوار الشفيع خضر في التيار
الجزء الثاني
___________________
كررت تعبير العدالة الاجتماعية، هل تعتقد أن تحقيق الاشتراكية في السودان صعب؟

تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض هو حلم مشترك في كل الدعوات الجادة في البحث عن مستقبل أفضل للبشرية، سواء أن كانت هذه الدعوات أديان أو نظريات في علم الإجتماع أو الفلسفة. لكن من الصعب صياغة تصور نظري متكامل للاشتراكية ومن ثم تطبيق بنوده على أرض الواقع. ومن خلال التجربة النظرية والعملية، تمكنت البشرية فقط من صياغة الشروط الأولية اللازمة لتحقيق العدالة الإجتماعية، تلك الشروط المتمثلة في: الحرية، الديمقراطية، التوزيع العادل للسلطة والثروة...الخ، وهي شروط تم بالفعل تطبيقها، ولو جزئيا، خلال مسيرة التاريخ الإنساني. والإشتراكية هي محاولة لتجسيد العدالة الإجتماعية،

حوار الشفيع خضر في التيار الجزء الثاني ___ كررت تعبير العدالة الاجتماعية، هل تعتقد أن تحقيق الاشتراكية في السودان صعب؟

حوار الشفيع خضر في التيار
الجزء الثاني
___________________
كررت تعبير العدالة الاجتماعية، هل تعتقد أن تحقيق الاشتراكية في السودان صعب؟

تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض هو حلم مشترك في كل الدعوات الجادة في البحث عن مستقبل أفضل للبشرية، سواء أن كانت هذه الدعوات أديان أو نظريات في علم الإجتماع أو الفلسفة. لكن من الصعب صياغة تصور نظري متكامل للاشتراكية ومن ثم تطبيق بنوده على أرض الواقع. ومن خلال التجربة النظرية والعملية، تمكنت البشرية فقط من صياغة الشروط الأولية اللازمة لتحقيق العدالة الإجتماعية، تلك الشروط المتمثلة في: الحرية، الديمقراطية، التوزيع العادل للسلطة والثروة…الخ، وهي شروط تم بالفعل تطبيقها، ولو جزئيا، خلال مسيرة التاريخ الإنساني. والإشتراكية هي محاولة لتجسيد العدالة الإجتماعية،

وما تم في تجربة المعسكر الإشتراكي هو جهد إنساني إرتكز على فهم محدد للأطروحات الماركسية، وإفترض أنه يستند على تطبيق هذه الأطروحات. وفي بداياته كان ذلك الجهد يتم وفق أشكال ومناهج متطابقة مع  الظروف التاريخية المحددة لتلك الدول. إلا أن تلك الأشكال والمناهج لم تلبث أن حولت إلي أطر جامدة وصور مثالية مطلقة، ومن هنا كان للإشتراكية تلك الصورة العاجزة. وكما قلت لك سابقا، لا يوجد تصور متكامل أو خرطة طريق واضحة المعالم لكيف يتم بناء الإشتراكية، والماركسية لم تقدم سوى فرضيات لبعض المؤشرات العامة حول المداخل للعدالة الإجتماعية، وفي كل الأحوال فإن محاولات تجسيد العدالة الإجتماعية وبناء الإشتراكية هي في النهاية نتاج التجربة الخاصة والواقع الخاص للبلد المعين.

في السودان؟

في السودان، أعتقد أن المدخل لتجسيد العدالة الاجتماعية يبدأ بتجسيد شعار المشاركة العادلة في السلطة والتوزيع العادل للثروة، والذي نرفعه في إطار معركة بناء دولة ما بعد الإستقلال. وفي تقديري، تتعدد مداخل تحقيق العدالة الإجتماعية في السودان، وتمتد لتشمل: وقف الحرب، ترسيخ النظام السياسي التعددي، سيادة مفاهيم المجتمع المدني الديمقراطي، تلبية المطالب الإصلاحية النقابية، تحقيق نظام الأمن والضمان الإجتماعي، حماية البيئة، التوزيع العادل للثروة وضمان توفير الحاجات الأساسية المتنامية والمتجددة للمواطن، الأخذ بإيجابيات هذا النمط الإقتصادي أو ذاك، إقترابا من تبني نموذج الدولة التنموية الديمقراطية. وأقصد الدولة التي يتجسد دورها في عدة ميادين،أهمها: الإستثمار في التعليم والبحث، وخلق بيئة إستثمارية جاذبة، وطرح مبادرات إستثمارية، ودعم المشاريع الصغيرة، والعمل على خلق اقتصاد تنافسي مرتبط بحركة الاقتصاد العالمي، ويستفيد من الوسائل التكنولوجية، وممارسة الدبلوماسية التجارية الناجحة لفتح الأسواق العالمية أمام المنتجات المحلية. ومن الطبيعي أن هذه الأدوار لايمكن أن تلعبها الدولة التي تحتكر السياسة والمعلومات وتقمع الرأي الآخر وتغلق الصحف والدوريات، وتصادر استقلال القضاء وحكم القانون، وتتبنى سياسات تعليمية سيئة…. أي هي الدولة التي تتبنى الإصلاحات السياسية الديمقراطية مترافقة مع الإصلاحات الإقتصادية، والتي تقدم نموذجا مختلفا للمزاوجة بين التنمية الاقتصادية واحتياجات الناس.

فيما يخص الرأسمالية، كان نقد يقول إن الرأسمالية تجاوزت مشكلاتها، هل تتفق مع هذا الرأي ؟

طبعا الطرح الذي تبنته الأحزاب الشيوعية، أن الرأسمالية وصلت أعلى مراحلها والعصر عصر انهيارها وانتصار الاشتراكية، غير دقيق، فالواقع اثبت أن الرأسمالية قادرة على تجديد نفسها، وأنها تكتشف يوميا من الآليات ما يمد في عمرها، وما قيل أن الرأسمالية تحفر قبرها بيديها غير صحيح. لكن هذا الكلام لا يُغير من توحش الرأسمالية، لكن علينا تجديد اطروحاتنا لمجابهتها.

بشكل عام، أين اليسار من المد اليميني الذي بات مسيطرا ومتسيداً المشهد السياسي وربما الاجتماعي؟

في أواخر القرن الـ 20 وبدايات القرن الـ 21، تزايد التشكيك في جدوى استمرار تبني التمييز التقليدي بين اليسار واليمين وذلك بالاستناد إلى عدد من الحجج من بينها، الزعم بموت الآيديولوجيات، بروز حركات مناضلة جديدة من الصعب تصنيفها ضمن اليسار أو اليمين، كحركة الخضر مثلاً، وانهيار المعسكر الاشتراكي والتبشير بالانتصار النهائي للرأسمالية كتشكيلة اقتصادية واجتماعية على الصعيد العالمي. وكان أن نهض عدد من المفكرين لدحض هذه الحجج حيث اشاروا إلى أن الزعم بموت الآيديولوجيات هو في حد ذاته آيدولوجية، ووصول مشاريع التغيير التي حملتها قوى يسارية معينة إلى طريق مسدود لا يعني موت آيديولوجية اليسار بقدر ما يعني تعثر، وربما انزواء، آيديولوجية هذه القوى المعينة تحديدا.

لماذا؟

لسببين رئيسين: الأول، أن اليسار متعدد ولا يمكن حصره في أو المطابقة بينه وبين هذا الفصيل أو ذاك من فصائل اليسار. والسبب الثاني، أن الأيديولوجيات لاتموت، قد يضعف اثرها إلى حد بعيد لكنها تبقى حية، وقد تجلى وتبرز مرة أخرى بشكل جديد طالما بقي الانسان متمسكا بالقيم التي تنطوي عليها. وفي نظري، صحيح قد يصعب التحديد الدقيق للخط الفاصل بين اليمين واليسار داخل المنظومة الواحدة. وبعض الحركات، كمنظمات البيئة مثلا، قد تظهر متحررة من التقسيم التقليدي بين اليسار واليمين، ولكن في سياق نشاطها وفي نظرتها لعلاقة الانسان بالطبيعة ستواجه بالضرورة خيارا يدفعها إلى تمايز المواقف داخلها بين اتجاهات يسارية وأخرى يمينية. وأعتقد ان معيار التمييز بين اليسار واليمين هو التمييز ما بين موقفين لقوتين، قوة تناضل من اجل المساواة بين البشر وأخرى تريد الاحتفاظ بوضع اللامساواة بإعتبارها اصيلة وطبيعية، أي هي محتومة ولا فكاك منها.

أين يقف اليسار في السودان؟

وأنا بفتكر أن مفهوم اليسار في السودان، يتوسع ليحتل مساحة اوسع، تمتد من القوى الحديثة في المدينة أو المركز إلى حركة الهامش المحتجة في الأطراف، مع التأكيد على أن الالهام الاكثر عمقا الذي لا يزال يلهم اليسار هو القناعة بقدرة الانتفاض على الخضوع وقلب انظمة السيطرة القائمة.

لكن اليسار تراجع كثيراً؟

نعم، اليسار فقد كثيرا من ألقه، وهذا ناتج من قصور اليسار عن تقديم مقترحات ملموسة. ولن اشطح إذا قلت إن اليسار اليوم يفتقد الفكر السياسي لتجاوز الراهن الساعي لاكتشاف الأسس الاجتماعية والثقافية للفعل السياسي والاهداف الاقتصادية.

هل بإمكان اليسار أن يستعيد فاعليته؟
عموما، لن يكون في مقدور اليسار أن يسترد عافيته ويشق لنفسه طرقا نضالية جديدة تبقيه فاعلا ومؤثرا على مسرح الأحداث، ما لم يمتلك شجاعة كافية تمكنه من إعادة النظر في المنطلقات المفهومية والتوجهات البرنامجية التي قامت عليها هويته، ليس في اتجاه التخلي عن مفاهيمه وتوجهاته الرئيسية وإنما في اتجاه السعي من اجل إعطائها مضامين جديدة تنسجم مع التغييرات الهائلة التي حدثت وتحدث يوميا ومع دروس تجربة نضالية طويلة ومريرة ومع الآفاق المنفتحة أمام عالم لن يكون كما كان.

أية منطلقات يسارية تحتاج إلى إعادة نظر، برأيك؟

إذا جاز لي أن أقترح، فإن إعادة النظر المشار إليها هنا يمكن أن تنطلق من، أن تطور الثورة الاجتماعية في السودان يرتبط بترسيخ مضامين الديمقراطية السياسية التعددية، وسيادة مفاهيم المجتمع المدني الديمقراطي، وأن هذا التطور لا يرتبط بحزب واحد ولا بطبقة واحدة، بل يرتبط بالمشاركة الواسعة، بتداول السلطة، وبعدم إلغاء الآخر، والتصدي إلى التناقضات الملازمة للممارسة السياسية في السودان منذ الاستقلال.

وما هذه التناقضات؟

منها، ثلاثية الأحزاب – النقابات – الجيش، والمجسدة في الحلقة الشريرة، التناقضات الناتجة من تهميش قوى مراكز الإنتاج الحديث (القوى الحديثة) وتهميش قوى الأطراف (مراكز التوتر القومي)، ثلاثية السياسة – الدينالطائفة/ القبيلة وما أفرزته من تناقضات مرتبطة بالممارسة الحزبية والبرلمانية. فالأحزاب والبرلمان كمؤسسات سياسية حديثة، نجد أن جوهرها في السودان مثقل بالطابع التقليدي المرتبط بالطائفة والقبيلة. وأي حديث عن الإصلاح في السودان لابد أن يتناول دور الدين ودور الطائفة/القبيلة في الحياة السياسية والاجتماعية في السودان. أيضا، من المنطلقات التي من الضرورة أن يتبناها اليسار: العلاقة التكاملية مع المنظمات الطوعية غير الحكومية، هذه المنظمات في نضالها ضد البطالة والفقر وحقوق الانسان ورفع الوعي والقدرات وحقوق المرأة..الخ، تساهم بشكل أو آخر في النضال ضد الرأسمالية النيوليبرالية وتساهم في التغيير الاجتماعي، وهذا يتطلب شكلا من اشكال الصلة المتنوعة بينها وبين قوى اليسار. أخيرا لابد لليسار أن يعمل على إعادة اصطفاف القوى بالارتكاز على الطابع الجماهيري الإنتفاضي لعملية التغيير،وبتبني التعددية بمفهومها الواسع والذي يلبي الواقع السياسي والاجتماعي والعرقي والثقافي والديني، الديمقراطية الواسعة المرتبطة بواقع التعددية ، وبتبني دور المناطق المهمشة وقضايا القوميات في اتجاه جذب الحركات المناضلة في  هذه المناطق للتحالف مع قوى القطاع الحديث بهدف التصدي لعلاج المشكل السوداني حيث في إطار ذلك سيتم حل قضايا مناطقهم التي عانت طويلا من التهميش والإهمال والظلم.

نعود إلى النقطة الأساسية في سؤالنا، لماذا بات الإسلام السياسي خيارا على مستوى الشارع العربي؟

تاريخيا، يحظى تيار الإسلام السياسي بجذور اجتماعية واسعة في البنية الإسلامية لمجتمعات المنطقة، مما يوفر له سندا جماهيريا كبيرا. كما أن التيار، ظل ولفترة طويلة، أقرب إلى النفسية الاجتماعية للجماهير من حيث موقفه المعارض للأنظمة القمعية في المنطقة، مستخدما تاكتيكات متطورة ومتنوعة، خاصة المداخل غير المباشرة في العمل السياسي والمرتبطة بحاجات المواطن اليومية، إضافة إلى رفعه لشعارات المعاداة للإمبريالية، والتي كان يرفعها اليسار، مستفيدا من كل ذلك سارع الاسلام السياسي لملء الفراغ الذي نتج عن إنحسار نفوذ اليسار في الشارع، وتخلف أدواته وخطابه، ثم الصورة القبيحة التي قدمتها أنظمة اليسار في المنطقة، وجاء انهيار المعسكر الإشتراكي ليكمل الناقصة، ومنذ بداياته الأولى، فطن الإسلام السياسي لجدلية الاقتصاد والسياسة، مدركة أن الاقتصاد والمال هو نقطة الارتكاز لبسط النفوذ السياسي وتحقيق التمكين. لذا، عمل على توسيع قاعدته الاقتصادية، وتقوية إرتباطه بحركة رأس المال النقدي عبر العديد من البنوك الإسلامية العاملة في بلدان المنطقة، وعبر علاقات الدعم والإسناد مع رأس المال النقدي الموظف عالميا من قبل التيار الإسلامي العالمي.

في بعض الدول تضخم تيار الإسلام السياسي أكثر من غيرها، السودان ومصر مثلاً؟

تضخم تيار الاسلام في مصر والسودان، بفضل المناخ الملائم لنموها الذي وفره له نظام النميري في السودان ونظام السادات في مصر، واللذان تحالف معهما حينا من الدهر، متمسكنا حتى تمكن، فمنذ فترة كان واضحا أن الأنظمة التقليدية في المنطقة، والتي حكمت منذ فجر الإستقلال، كان واضحا أنها شاخت وآيلة للسقوط، وكان لا بد من توفير البديل المناسب الذي يساهم وبقوة في تعزيز الخطاب الإمبريالي الجديد، خطاب “تعزيز الاستقراروتجفيف منابع الإرهاب”، والذي طرح بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بما يضمن المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك لعب دور رئيسي في إعادة رسم خريطة المنطقة ها تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد. وبعد الإنتفاضات الجماهيرية التي فجرتها شعوب المنطقة، تسارعت المساعي الامبرالية لفرض هذا البديل ليتبوأ موقع القيادة، حتى يتم تحجيم التحولات الديمقراطية التي دشنتها هذه الانتفاضات. وهذا البديل المناسب كان تيار الإسلام السياسي.

انتهى

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

الحزب الشيوعي السوداني سكرتارية اللجنة المركزية

Share this on WhatsAppالحزب الشيوعي السوداني سكرتارية اللجنة المركزية بيان فيما تحتل جماهير شعبنا الشوارع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.