الجمعة , مايو 3 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / الاحزاب الاتحادية  / قوى اليمين الرجعي تستمد حياتها من غياب الديمقراطية.

#الهدف.
قوى اليمين الرجعي تستمد حياتها من غياب الديمقراطية.
وتستمد الديكتاتورية عمرها من تحالفها الاستراتيجي مع قوى اليمين الرجعي.
_____________________
 
م/عادل خلف الله.

من خلال العمل النضالي المشترك، يستطيع المتابع بكل يُسر ان يرى كيف تفكر الأحزاب السودانية في قضايا مستقبل السودان. وخلال الفترة منذ يونيو 1989 وإلى يومنا هذا مر العمل النضالي المشترك بالعديد من الجسور، التي لم تفلح جميعها في الانتقال بالوطن الى الضفة الاخرى،

قوى اليمين الرجعي تستمد حياتها من غياب الديمقراطية.

#الهدف.
قوى اليمين الرجعي تستمد حياتها من غياب الديمقراطية.
وتستمد الديكتاتورية عمرها من تحالفها الاستراتيجي مع قوى اليمين الرجعي.
_____________________
 
م/عادل خلف الله.

من خلال العمل النضالي المشترك، يستطيع المتابع بكل يُسر ان يرى كيف تفكر الأحزاب السودانية في قضايا مستقبل السودان. وخلال الفترة منذ يونيو 1989 وإلى يومنا هذا مر العمل النضالي المشترك بالعديد من الجسور، التي لم تفلح جميعها في الانتقال بالوطن الى الضفة الاخرى،
وإن حققت تقدماً على جبهة إجبار السلطة الديكتاتورية في التخلي عن بعض أساليب السيطرة و التعسف، في بعض مظاهر تولي السلطة. و لايغيب علينا ونحن نقول هذا، أن النضال ضد ديكتاتورية نظام (الانقاذ) يتأسس على قواعد ومبادئ مشتركة، يتفق الناس حولها، ويختلفون بدرجات متفاوتة، حول الوسائل التي تؤدي الى تحقيق تلك القواعد، فعلى صعيد الوطن ظل شعار الوحدة الوطنية والسلام،
وعلى صعيد إدارته اتفقت كل قوى النضال الوطني على العمل من أجل استعادة الديمقراطية بما يضمن مشاركة الجميع في إدارة البلاد بصورة ديمقراطية، وعلى صعيد المواطن، تتفق قوى النضال الوطني حول الحريات العامة و حقوق الانسان، و تلك القواعد الثلاثة، تترابط مع بعضها بصورة جدلية، وكذا تقود كل واحدة إلى الاخرى ببداهة وتلقائية، ووجودهم بصورة مشتركة و متزامنة، يعزز ويغذي كل واحدة، بما يضمن فعالية الاهداف جميعها.

كيف تقرأ قوى النضال الوطني الوسائل و الآليات المُؤدية الى تلك الاهداف؟ إن الطريق الى الوحدة الوطنية والسلام، والديمقراطية، والحُريات
وحِقوق الانسان، يمكن تمثيله بالطرق والمعابر الطويلة، والتي يجدر على القائد أن يتطلع إلى الاشارات التي تحدد معالم الطريق الصحيح، فإذا اخفق القائد في قراءة تلك الاشارات فإنه بلا ادنى شك سيفقد الطريق الصحيح.
تلك الاشارات هي حقائق ووقائع تمر على المناضلين خلال مسيرة النضال ضد الديكتاتورية، في سبيل الوصول الى الغايات والاهداف النضالية.
إن قراءة تلك الوقائع والحقائق،
وتحليلها بصورة علمية، يؤدي الى تماسك المنهج النضالي، و لايؤدي بالضرورة إلى ضياع الاهداف والغايات النهائية.

هذا المنهج ظل يشكل لقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، الفَانُوس المُلهم في كافة مراحل النضال ضد قوى اليمين الرجعي، وحلفائها من الاسلامويين. والوثائق السياسية لحزب البعث العربي الاشتراكي، تعكس هذا الاهتمام بتحليل الواقع بالنظر للغايات والاهداف النضالية، فكانت وثيقة “الشعب أقوى والردة مستحيلة” ابان الديمقراطية الثالثة في منتصف ثمانيات القرن السابق، وكذا كانت قراءات حزبنا للاحتمالات والمآلات التي سيفضي اليها نظام الجبهة الاسلامية الانقلابي (يونيو 1989)، والذي تمظهر في صدور تعميم أغسطس 1993.
هذا المنهج تميز حزبنا به، وبالتالي حدد له الاطار الذي يعمل في نطاقه، و بذا أصبح لا يتعاطي مع قضايا وحدة واستقلال السودان وكرامة شعبه، وفق المُعطيات اليومية المجردة، وإنما من خلال منهج موضوعي علمي، و أيضاً واقعي، و بالتالي لا يقرأ الحقائق والوقائع بصورة معزولة عن بعضها، بل يقرأها في سياق التاريخ النضالي لشعبنا، والتجارب الطويلة مع الديكتاتورية، وكذا بالوضع في الاعتبار مصالح القوى الطفيلية والرجعية و الانتهازية، التي لا تتشارك مع الشعب ذات الهموم والاهداف، وبالتالي تتمايز مصالحها عن مصالح الشعب، وإن تظاهرت في مرحلة معينة بانسجامها مع الاهداف النضالية للشعب، إلا إنها سرعان ما تجد أن مسايرتها للنضال الجماهيري سيفقدها مصالحها، و تلك المصالح تشكل حجر الزاوية في ممارستها للعمل السياسي.

إن تجربة النضال الطويلة مع حكم جماعة الاسلام السياسي في السودان، كشفت نموذج الحكم اليميني الاسلاموي الراديكالي، بكل صوره، و تعد أسوأ أنواع الحكم الديكتاتوري على الاطلاق، فهي بجانب دكتاتوريتها الثيوقراطية تعمد من خلال الفساد الفكري و السياسي،  على تدمير بنية الشعب القيمية، وبالتالي تفرغ القيم الدينية و الأخلاقية من مضامينها.

هذا النموذج من الديكتاتورية، المتدثرة بالغطاء الديني، و برغم ثبوت فَسادِه، و إمعانه في تدمير الوطن و الانسان والقِيم، إلا أنه ظل على الدوام يتمتع بدعم وإسناد اليمين الرجعي أينما كان موقعه. وظلت سياسات النظام الديكتاتوري توفر على الدوام البيئة الخصبة لهذه القوى، إذ تعبر الديكتاتورية بصورتها الراهنة في السودان، على أجندة اليمين الرجعي، بكل صوره، وبدرجات متقاربة.فالنظام الديكتاتوري يعمد في الاساس على تفعيل السياسات والشعارات التي تلغي المسافات الغير منظورة بين النظام وقوى اليمين الرجعي، ويُعبد الطريق نحو الاندماج في- أو على أسوأ تقدير التماهي مع – النظام الديكتاتوري. هذا الواقع من السهل رصده و تتبع مراحله، منذ أنقلاب الثلاثين من يونيو 1989 و حتى تاريخُنا الرَّاهِن.

إلا أن طول فترة الحُكم الديكتاتوري، أسهم أيضاً في إتاحة الفُرصة لإخضاع العَديد من الجوانِب النظرية المُرتبطة بفلسفة و أيدلوجيا قوى اليمين و علاقتها بالثورة كمراحل نضالية وكعملية، أو علاقتها بشعارات الثورة مثل الحريات العامة للمواطنين، والديمقراطية في إدارة البلاد، وإحترام حقوق الانسان في علاقات المواطنين فيما بينهم، أو علاقة المؤسسات بالمواطنين. إن تجربة أكثر من ربع قرن من الحكم الديكتاتوري الثيوقراطي (المستند على شعارات دينية) كشفت بكل وضوح أن قوى اليمين – المتحالفة مع النظام الديكتاتوري و تلك التي ظلت تعارضه – تلتقي فلسفياً في الموقف من تلك القضايا التي تشكل محور نضال الجماهير، وظهر خلال هذه الفترة مدى الانسجام الاستراتيجي بين قوى اليمين، سواءً تلك القابضة على الحكم، أو تلك في خارج المنظومة الحاكمة، أو تلك المتحالفة مع النظام الديكتاتوري، وبالتالي لا تسعى أي منهم إلى إلغاء الآخر، بالقدر الذي تسعى فيه القوى اليمينية أن تكون الديكتاتورية وسيلة لها للسيطرة على السلطة. وأي مظهر من مظاهر معارضة قوى اليمين الرجعي للديكتاتورية، يكون بسبب الاستفادة من الظروف ووضع النظام الديكتاتوري في وضعية يقبل بها مشاركة قوى اليمين المعنية في السلطة.

فيما يختص بقوى اليمين التي تعارض النظام الديكتاتوري الراهن، فإن الامر يحتاج رصد مواقف تلك القوى من الديكتاتورية، و ربما التركيز بشكل محدد في تاريخها مع الديكتاتورية الراهنة، وعلى نحو أكثر دقةً، فلننظر مواقف الحزب الاتحادي(محمد عثمان الميرغني) وحزب الامة القومي (الصادق المهدي) والمؤتمر الشعبي (  حسن الترابي).
من اليسر إستخلاص ما يلي:

1- إنها فيما بينها تتنافس من أجل ضمان موقع أفضل لها داخل النظام الديكتاتوري.

2- أنها تتحالف مع قوى الثورة في حدود تعديل موازين القوى لصالحها، وأبراز قدرتها في تغيير تلك الموازين والضغط على النظام لإعتبارها في تحالفات مستقبلية متوقعة. وفي ذلك تسعى إلى إحتكار منصات قوى الثورة، وإقتناص الفرص للسيطرة على مواقع القيادة فيها، وذلك بغرض توجيه تلك المؤسسات لصالح أجندتها، ومن بين ذلك تفادي أي تطور يسهم في تغيير يهدد مصالحها الطبقية والسياسية.

3- عدم أيمانها بديمقراطية مؤسسات العمل النضالي، فلا تلتزم بما تتفق عليه قوى المعارضة السياسية، و تعتبر موقفها هو الذي يجب أن يتسيد على المواقف الاخرى. و لاتؤمن بأن النضال من أجل الديمقراطية يستلزم لأن يمر عبر الممارسة الديمقراطية.

4- تستخدم كل طاقاتها الشعبية، و علاقاتها الخارجية، في إحباط أي صورة من صور التغيير التي قد تؤسس لمستقبل ديمقراطي جديد، مستند على الفعل الشعبي المستقل.

5- الحفاظ على علاقات بينية، بين النظام و تلك القوى اليمينية المعارضة، تهيئ للطرفين وسائل التواصل المؤسسي والاجتماعي، و بالتالي يتم استخدام تلك العلاقات في التلطيف من حدة التوتر الذي قد تفرضه حالات الشد و الجذب بين الطرفين، (الشد و الجذب الذي ينتج عن حالات المطالب “من القوى اليمينية” و “نوع الإستجابة من قبل السلطة الديكتاتورية”). تلك العلاقات بين الطرفين، دائما ما تتيح لقوى اليمين التمتع بميزات تفضيلية لدى النظام الديكتاتوري، فهي تتمتع بوضع أفضل حين يكون الحديث حول سياسات القمع السياسي، ومحاربة الانشطة الاقتصادية، و كذا في حرية التواصل مع القوى الدولية.

6- بجانب المحاصصة السياسية، تكون الجوانب الإقتصادية والأسرية لقوى اليمين، ذات إعتبار كبير في بناء علاقة مع النظام الديكتاتوري.

7- و لعلاقتها التاريخية، أو الممتدة مع (الاجنبي)، لا سيما المعسكر الاستعماري الرأسمالي، دائما ما تقتبس رؤاها، و أفكارها، حول الحلول / التغيير، من الأدبيات الاستعمارية الغربية، بما يستفاد منه أنها تعرض ذاتها كساعد للنفوذ الاجنبي الاستعماري و سياساته على المستويين الوطني و الاقليمي.
( تم استخدام كلمة الاستعماري بجانب كلمة الاجنبي، للتمييز بين أدوار الدول الاجنبية، فدور دولة الهند يختلف تماما عن تلك الدول التي نصنفها إستعمارية، و كذلك لنفي اتهامنا (بفوبيا) الدول الأجنبية، وإننا بصورة غير موضوعية ضد أي شئ يأتي من خلف الحدود).

و هذا التقارب الشديد بين النظام الديكتاتوري وقوى اليمين عموماً، مرده أن طبيعة النظام هي يمينية، و قيام الديكتاتورية في الثلاثين من يونيو 1989 كان تعبيراً عن أجندات قوى اليمين، في مواجهة قوى الثورة الديمقراطية، و التي عرفت في فترة الثمانيات بقوى الانتفاضة.

و بوضع العناصر أعلاه في الاعتبار، يمكن من السهل التكهن بسلوكيات قوى اليمين إزاء النظام الديكتاتوري، وبالتالي يمكن تبرير تلك السلوكيات من خلال إدراك طبيعة تلك القوى.

و برغم أن وجود تلك القوى، و تحالفها الظاهر و الخفي مع النظام الديتكاتوري، يعطل بقدر ما من حركة الانتفاضة ضد الديكتاتورية، إلا أنه من المهم أيضا إدراك أن التمدد الزماني في عمر الديكتاتورية قد كشف زيف تلك القوى وإنتهازيتها لدى قوى الشعب، وكذلك فإن المدى الزمني الذي تتخذه عملية التحضير و إنجاز الثورة، يؤكد بأنه لا يوجدأي خلافات أو تناقضات جوهرية بين قوى اليمين وبين النظام الديكتاتوري الرجعي الحاكم.
وبالمدى الذي يزول ذلك الالتباس، يزداد إندماج القوتين في بعضهما البعض، و هذا ما تسير عليه الاحوال.
ومن جانب آخر يتسع مفهوم الثورة عند جماهير الشعب، و تعلو قيم نضالية، ضد الديكتاتورية الرجعية وكل حلفائها من قوى اليمين، فتجد بالضرورة الجماهير _ بما فيها تلك التي كانت منخدعة بشعارات تلك القوى و مؤيدة لها – نفسها في مواجهة مباشرة مع تلك القوى، التي تعمل على تحصين النظام الديكتاتوري من الافول. و سيتخذ النضال مراحل أكثر ضراوة، حين تجد قوى اليمين الرجعي المتماهية أو المتحالفة مع الديكتاتورية، نفسها في مواجهة مع من يهددون وجودها المستقبلي، أي في مواجهة مع قوى الثورة الديمقراطية.

التحالف بين القوى الامبريالية العالمية و القوى الرجعية المحلية:

و مثلما ظلت القوى الرجعية، و المتأسلمة، تتستر بالدين لتبرير مواقفها، و ضمان التعبئة ضد منافسيها، بتضليل المجتمعات المتدينة بطبيعتها. نجدها ظلت تتناغم مع جوهر فكرة الاستغلال و الهيمنة، التي ظلت تمارسها الدول الاستعمارية، من خلال برنامجها الرأسمالي الطفيلي. و قد ظلت القوى الامبريالية، توظف شعارات الديمقراطية و حقوق الانسان ضد مناهضيها، و كل من يقف ضد مشروعها الاستعماري، بينما تقف في واقع الحال مع قوى الديكتاتورية و تدعمها برغم إنتهاكاتها الموثقة – بواسطة القوى الاستعمارية نفسها– لحقوق الانسان.
فقد اصبح من الواضح أن تلك الانتهاكات لا تتجاوز كونها وسيلة للضغط على الدول وضمان خضوعها للسيطرة الامبرايالية. وواقع العلاقة بين حكومة القوى الرجعية المسيطرة على مقاليد الحكم في السودان، والقوى الامبريالية، يعكس صدقية ذلك التحليل بصورة غير مسبوقة. فبرغم أن القائمة الأمريكية (لدول الارهاب) و ( محور الشر) تشمل حكومة السودان، وغير ذلك من القوائم السيئة التي وُضع فيها السودان بفضل سياسات حكم مجموعة (الانقاذ)، وبرغم ذلك تعد هذه المجموعة الشريرة (من قيادة الحكم في السودان) هي اقوى الشركاء في مجموعة الشراكة مع الولايات المتحدة لاقليم شرق افريقيا و التي تأسست في عام 2009، للتعاون في مكافحة الارهاب في المنطقة. و لما كان الامن القومي الامريكي مسألة إستراتيجية بالنسبة للسياسة الخارجية الامريكية، فان تحالفها مع شركائها في شرق افريقيا أيضاً يقع ضمن تخطيطها الاستراتيجي. و هذا قول ظل البعث يردده علانية في كافة مناسباته السياسية، وهو اليوم من الموضوعات التي لم تعد تحتاج كثير عناء لإثباتها.

و إنطلاقاً من تلك النتيجة، يكون من السهل رصد حركة القوى الإمبريالية تجاه التغيير الديمقراطي في السودان، فنجدها تحتفي بالوسائل التي تفضي إلى تمكين القوى الرجعية و تفريعاتها، داخل القوى السياسية، والمجموعات العسكرية. ولم يكن متوقعاً لدى البعث أن يحظى مشروع التغيير الديمقراطي، المسنود بالارادة الشعبية، باي اسناد من القوى الامبريالية، أو اذرعها الاقليمية أو المحلية.

ظلت الزيارات الاجتماعية المتبادلة بين قوى اليمين في السودان، و عناصر سفارات الدول الامبريالية في الخرطوم، تتم علانية وفي ظل أشراف الحكومة الديكتاتورية، واصبحت الاجتماعات تُعقد علانيةً في قاعات تلك السفارات، ويتم فيها تداول مسائل الحكم والتغيير ووسائله، دونما تضييق من السلطة الرجعية.

الحوارالوطني:
سيناريوهات الامبريالية في تمكين القوى الرجعية:

بعد توقيع إتفاقية نيفاشا بين حكومة الانقاذ و الحركة الشعبية، في 2005، كانت العلاقات بين المؤسسات الاستخبارية الغربية، و مراكز صناعة القرار داخل السلطة، قد بدأت في شق طريقها بصورة غير مسبوقة، و لتعزيز سيطرة القوى الغربية على حكومة جنرالات الجبهة الاسلامية، بدأت الضغوط الدولية تلعب دوراً موازياً للعلاقات الامنية والاستخباراتية، بغرض السيطرة على مراكز القوة داخل السلطة الديكتاتورية، و لقد أدركت الدوائر الأمنية السودانية منذ وقت مبكر، بالسياسة الجديدة للقوى الامبريالية، لا سيما الولايات المتحدة الامريكية، فصارت ترسم سياساتها بما يلبي التطلعات الأمريكية إستناداً على قراءاتهم للواقع الجديد. جاءت ترتيبات المرحلة الانتقالية 2005 – 2011، تنفيذاً سلساً من قبل القوى المسيطرة على الحكم في الجنوب وفي شمال السودان، و جاءت كل القرارات وفق صيغة ( خد و هات) بين الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني.

و فور إنفصال جنوب السودان في 2011، جاء القرار 2046 الصادر من مجلس الأمن، بعد إحتلال دولة جنوب السودان لمنطقة هجليج الحدودية الغنية بالنفط. في ذلك القرار – و برغم صدوره في شأن خاص بدولتي السودان و جنوب السودان – تم وضع ملامح تسييج مستقبل السودان بالعديد من الاجراءات، ومن بينها كان الاعتراف لأول مرة للحركة الشعبية / شمال بوضعية متميزة في خارطة الصراع السياسي و العسكري في السودان و فتح لها قناة مباشرة في التعامل مع الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة. كما طالب حكومة النظام الديكتاتوري بالانخراط في حوار مباشر مع الحركة الشعبية استناداً على الاتفاق الذي تم انجازه في وقت سابق ، في عام 2011، بين عقار و نافع.

و كان في وقت سابق لذلك، قد تكونت الالية الافريقية الرفيعة في العام 2008 بغرض التوسط في انهاء النزاع المسلح في دارفور و لاحقا اضيفت لها مهمة التوسط بين دولتي السودان وجنوب السودان وقضية المنطقتين ( جبال النوبة و النيل الأزرق)، ثم جاء القرار الصادر من مجلس الامن الافريقي بالرقم 456 ليضيف مهمة جديدة للآلية الافريقية الرفيعة، وهي إدارة حوار شامل يضم كل الفصائل ذات الصلة في السودان حول قضايا الحكم و السلام في السودان، وشمل القرار في فقرته بالرقم 15 على ضرورة ايجاد البيئة المناسبة للحوار من خلال اجراء تعديلات هامة على صعيد كفالة الحقوق و الحريات. وبذلك أصبحت الآلية الافريقية مختصة بشكل كامل في كل أمور السودان، و سلب المكونات الوطنية حقها في المبادرة من خلال تأطير عملية التحول الديمقراطي بإجراءات لم يتم إنتاجها من خلال نقاش شامل وحر بين المعنيين و أصحاب الشأن. وبدأت فكرة صياغة مستقبل السودان من خلال وكالات أجنبية إستعمارية، توظف الديكتاتورية و حلفائها من قوى اليمين، لاكساب العملية صورتها الوطنية.

من المهم، في هذا الاطار، الإشارة أن رفض حزب البعث العربي الاشتراكي، للآليات التي يتم إنتاجها بواسطة القوى الأجنبية، لا يتم فقط لكونها صادرة من تلك القوى، و لكن لكونها تعمل في الأساس على سلب الشعوب إرادتها في صياغة مستقبلها بالصورة التي تضمن الإستقرار السياسي و التنمية المستدامة، والديمقراطية المعافاة. وكون ان هذه الآليات قد تمت صياغتها من خلال منظمات دولية تبدو في ظاهرها مستقلة و كفؤة، مثل الامم المتحدة، والمفوضية الاوربية، والاتحاد الإفريقي، والمحكمة الجنائية الدولية، لا يعني أنها لا يتم توظيفها بشكل لا أخلاقي لتكون الساعد في تنفيذ السياسات الامبريالية، لأن الواقع الراهن يشكك في صدقية و نزاهة هذه المنظمات و قياداتها.

إن أخطر ما يمكن رصده في تلك الآليات الامبريالية، إنها لا يتم إنتاجها بصورة شفافة، ولا ديمقراطية، كما أنها تطرح بدائلاً غير مقبولة شعبياً، و غير شاملة لكل موضوعات الازمة السياسية، و منحازة للقوى الرجعية و الديكتاتورية بالكامل.

ووفقاً لما سيتوصل إليه هذا التحليل، فإن حزب البعث العربي الاشتراكي، لا يدعو إلى مواجهة مباشرة مع القوى الامبريالية، او الانحراف بالجهود الشعبية النضالية عن غاياتها، و لكن يضع الاسباب و النتائج، بصورة متقابلة بحيث يرى بوضوح أسباب مآلات النضال من أجل الديمقراطية، والتحديات التي تجابه هذه المسيرة. ومن تلك المقاربة بين الاسباب والنتائج، يسعى حزب البعث العربي الاشتراكي، لتجريد تلك القوى الامبريالية من عناصرها المساعدة، وذلك بالحد من فعالية القوى اليمينية والرجعية في العملية السياسية، وتحصين مسار الثورة الديمقراطية من العقبات التي تنتج بدخول تلك القوى في عمليةالتغير . ____________________
#الهدف
تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي “الأصل”

للمزيد من الأخبار تابعوا صفحتنا على فيسبوك:
https://m.facebook.com/hadafsd/

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب الأمة القومي – الخرطوم شرق

Share this on WhatsAppبيان للناس بسم الله الرحمن الرحيم حزب الأمة القومي – الخرطوم شرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.