وأخذوا مني الكارو……..

محمد هاشم عثمان

وعند محليه العمارات…ولاية الخرطوم…ومع صوت مؤذن صلاة الجمعة. ..ينادي ” حي علي الفلاح…حي الفلاح”
أستصرخني…وأستغاث بي شاب…صاحب الجلباب الذي كان لونه أبيضا…وعليه سديرية..أحاطت بجسمه النحيف معصما…..أستنجد بي…
قلت مابك يا أخي؟..
قال لي في حسرة وحزن وعبرات تخنق أنفاسه..

أخذوا مني الكارو!!!!!!..
فنظرت الي حماره…كان شاحبا مثل صاحبه…استظل بإذنيه من حرارة الشمس….
رايت الكارو… والحمار …معلقين بحبل متين في مؤخرة..”دفار”… عليها….أرقام حكومية…وبجانبها رجال غلاظ….من دواوين الحكومة….
فإن كانت استغاثة لسان…”ود حسونه”…صاحب الكارو..نطقا…فإن دموع عينيه رسمت لوحة انسان حزين..يحمل هما…ويشكي حظا….ويعدم ناصرا…وأملا ضائعا….

قلت في نفسي واعجباه… شاب يستنجد بمواطن من بطش الحكومة!!!
الذي نعرفه… الاستنجاد وطلب الإغاثة من الحكومة لردع ورد جور وظلم الأفراد…ولكن الذي شاهدته العكس تماما….

دارت عيني حول المكان…فرايت يافته مكتوبه عليها… “الحديقة الخضراء”….ولكن ليس بداخلها…زرع.  ولا خضار…
وتمعنت في الشارع الذي يسمي بشارع الظلط….فلم أجد ظلطا…بل حفر تنافس بعضها في العمق….وتتباهي بين اخواتها بالوسع….
فالوضع مقلوب هنا….فما أضر اذن اذا استنجد…شاب بمواطن من بطش وجور الحكومة!!!!
كل جائز في بلدي!!!!
قلت يا ود حسونه…كم عمرك ..وما أخرجك في هذا الهجير؟
قال أنا ابن 16 عاما…تركت المدرسة…حتي أتفرغ… لرعاية اسرتنا الفقيرة…فالوالد مقعد….واخواني صغار…لا دخل لنا غير ما أكسبه في اليوم معتمدا علي الكارو…
أغادر بيتنا باكرا….وأصافح شمس ذلك اليوم عند ملتقي النيل….وأغادر المدينة عائدا الي البيت بعد المغيب…أرافق الطيور في رواحها…وأسابق الظلام…وأكتسي  بغبار ذلك  اليوم.
فما كسبته في ذلك….فنحن شركاء…ثلاث…أسرتي…وحماري…والكاروا…
ولكن هؤلاء رجال المحلية….اخدوا مني الكارو….وطلبوا… خمسمائة جنيها..تسهيلات…نظير… إطلاق سراح الكارو….
قلت اعطيكم كل شي كسبته في هذا اليوم…فوجدوه أربعين الا قليلا…. فأخذوا الكارو…الي الحوش….وغلقوا… الأبواب…وتركوني… قائماً عند عمود الكهرباء…ولا هيت لود حسونه….
ربطت حماري… بحبل واوصلته بعمود الكهرباء….رغم علمي وفاء حماري….وما كان سيغادرني وحيدا….كما غادرني الرجال الغلاظ…قليلي الوفاء عديمي الرحمه…
افترش ود حسونه الارض…في ظل متحرك صنعه له…الحمار الوفي…
أحبتي من يطلق سراح الكارو… حتي يعيش دو حسونه عفيفا مع …اسرته..
يسترزق من عمل يديه؟!
مع تحياتي

الخرطوم….
16/12/2017