السبت , مايو 4 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
سامح الشيخ

المقاطعة …!

سامح الشيخ

لدي وجهة نظر ورأي حول اسلوب المقاطعة وليس حول المقاطعة كفكرة ايجايية، قد لا يتفق معي كثيرين حولها وهي أن المقاطعة التي تقوم بها المعارضة بنجاح هي مقاطعة في اتجاه سالب و دائما هي المقاطعة السياسية حول  الصراع السياسي هو صراع من اجل الثروة والسلطة ، يجب أن نوازن جيدا في المقاطعة مثل أن يقارن طبيب بين ايهما اخف ضررا أن  يعطيك دواء للسرطان قد تؤثر اثاره الجانبيه عليك بعد عشرين عام لكنه فعال لمرض السرطان ويخفف الآلام على أمل انه خلال العشرين عاما قد يكتشف علاج  ناجع ودائم له بدون أن يكون له آثار جانبيه.
لذلك يجب عدم مقاطعة الأنشطة المدينة الديمقراطية والدخول في المعارك الفكرية وعدم  ترك المجتمع للدولة الشمولية وحيداً لان ذلك يصب  في اتجاه النضال والمقاومة لتحقيق دولة القانون والمؤسسات والحق .

لتوضيح وجهة النظر اكثر ينبع هذا النوع من التفكير غير المرن أنه نابع من تربية اجتماعية وسياسية في أغلبها تربية متشددة اثرت على العقل الجمعي السوداني جعلته جامد لا يريد التغيير الاجتماعي ويعمى عن المتغيرات السياسية والمياه التي تمر تحت جسورها ، التي يتعامل معها النظام الحاكم ويناور معها ويأبي العقل الجمعي للمقاومين والمعارضين  المناورة والتكتيك من أجل اهداف استراتيجية . لأنه متأثر بتربية الأحزاب السياسية التي جربت المقاطعة لفترة طويلة ومازالت تقاطع وتقنع نفسها انها مازالت قريبة من الجماهير ومتاثر بيئته الاجتماعية التي يظن أن المقاطعة المقصودة هي مثل مقاطعة الاهل والاصدقاء بسبب نزاع على الورثة أو بسبب عدم تقديم عزاء أو تهنئة.

يعتبر النضال المدني من أجل التغيير الشامل سياسيا واجتماعيا واقتصاديا  من أصعب أنواع النضال خصوصاً في ظل حكومة بوليسية وأمنية ومجتمع متدثر بالعادات والتقاليد ومازالت تشكل القبيلة و التدين الشعبي مكتسبات ثقافية مقدسة ومسلم بها ، ومن المؤسف أن ننتقد دولة ونظام الإنقاذ في مواقفها، خصوصاً ادبياتها التي تعتبر  دخيلة على السياسة كعلم وفن للممكن ونكون متمسكين باكبر شعاراتها التي تغبش به الوعي وتزيف به الحقائق وتكون المعارضة اكثر تمسكا وتشبثا بهذا الشعار الغريب الذي يسمى ثوابت الإنقاذ فلا ثابت في السياسة والنضال والمقاومة في ظل نظام أو دولة شمولية يجب أن يكون على جميع المستويات التي تمثل سلطة الدولة ولا نخلط بين هذه المستويات وهذه المستويات تنقسم كما  معروف الى ثلاث سلطات السلطة التنفيذية وهي التي يركز  معظم الأحزاب والناشطين عليها بمقاطعتها أو مقاومتها وهذه مقاومة ينتج عنها تغيير على مستوى الحكومة والمشاركة في السلطة والثروة ، في حين أن المستويين الآخرين هما الأهم لان النضال الأساسي يجب أن يكون حولهما وهما السلطة القضائية والسلطة التشريعية والذي يكون التغيير غيرهما اكثر جدوى لأنهم حجر الزاوية  للمجتمع المدني والأنشطة اليومية المرتبطة بالمجتمع وحياة ومعيشة الشعب ، والمقاطعة الفعالة عبرهما فمازال المواطنين يحتكمون لهذا القضاء رغم تغول السلطة التنفيذية على هاتين السلطتين.

لكن من الممكن وليس من المستحيل  النضال المدني عبر النقابات ،الاتحادات المهنية،  الموازية التي لا تريد الإذعان وتقاوم بالطرق السلمية، وهذا طريق مختلف عن معارضة الحكومة فالنضال عبر منظمات المجتمع المدني هو حركة حقوق مدنية لا تسعى لسلطة أو ثروة وتعترف بالدولة رغم عن ظلمها وشموليتها لان من لا يعترف  بهذه الدولة هم فقط السودانيين الذين يعيشون في المناطق المحررة التي لا سلطة  فيها لهذه الدولة.

تسعى حركات الحقوق المدنية دوما لإرساء مبادئ دولة المواطنة عبر دعوتها لتطبيق الديمقراطية وتفعيل القوانين .وذلك عبر  الديمقراطية  التي تنادي بها وتمارسها منظمات المجتمع المدني هذه على نفسها  لذلك التغيير من خلالها  بطئ ويحتاج لصبر بسبب العسف الرسمي الذي تلقاه من  مؤسسات الدولة ، لذلك يأتي اكل ثمار نضالها  بعد حين من الدهر لكنها تستطيع القيام بتنظيم  مبادرة ودعوة  للمقاطعة أو العصيان المدني الحقيقي في ظل ورغما عن  الظروف الصعبة  التي تواجهها فمقاطعة الجماهير  أو الاحتجاج على تشريعات الدولة المقيدة لحرية التعبير والرأي وتشريعات جباية المال بغير وجه حق  وعدم التعامل مع هيئاتها ومؤسساتها هذا هو العصيان والمقاطعة الفعالة .
لذلك الحديث عن مقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها في ظل الظروف الحالية أو دعنا نكون حالمين قليلاً فهذه الظروف وان  تحسنت  وصارت  كما يريد وتحدث عنها من أرادوا فهو حديث عن تغيير مستحيل عبر المقاومة السلمية لأنها  على مستوى وحيد وهو مستوى السلطة التنفيذية لن يكون مجدي حتى إذا تحول هذا المستحيل لممكن .بدون مقاومة الثلاث سلطات في وقت واحد عبر حركة حقوق و مقاومة مدنية  هدفها يكون واضحاً  اصلاح او إسقاط السلطات الثلاث ابتداء بالسلطة التشريعية ثم القضائية واخيرا السلطة التنفيذية.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.