كثير من المواطنين السودانيين ، يرمون جام غضبهم علي المعارضة السودانية وتشرزمها وانقساماتها ، وهزال بنيتها ، وضعف سياستها ، ويرهنون فترة الفشل بالمدة التي قضتها حكومة المتأسلمين المتعسكرين في سدة الحكم ، ويضعونها حججاً وذرائع رغم ايمانهم التام بأن هذا النظام بداية برئيسه ، وحتي آخر منسوبيه قد ولغوا في الفساد ، حتي بلغوا منتهاه ، وانغمسوا في الجرائم والآثام حتي وصلوا نهاية مستواها ، ولكن بالرغم من ذلك بعض المواطنين ينظرون للحكومة بأنها أفضل نسبيا من المعارضة ؛ طالما ان تلك الاهرامات المتقوقعة منذ الأزل ، جالسه في مقاعدها لا تموت ولا تفوت ، فاحتموا بالحاضر خوفا من القادم ، وبتلك المقارنة وضع المواطنين أنفسهم في خانة المتفرجين ، او المحللين ، وتناسوا ما يحدث للبلاد ، والعبء الذي سيصب علي كاهلهم لإصلاح ما يتلفه المتأسلمين المتعسكرين ، والتمزق الذي يصعب رتقه ، والمشردين الذين يصعب إعادتهم ، والمآسي والآلام التي يتجرعها أهلهم ، وذويهم ، وشعبهم .
إن الخانة الذي يشغلها المواطن الآن تماثل خانة حكم في مباراة قدم ، وهو يمسك بالصافرة لينفخ عليها من بعيد ؛ ليحتسب الاخطاء بخوف ورهبة في كل مخاشنة ، او حركة سيئة ويتجنب طرد اللاعبين الذين يستحقون كرتاً أحمر ، خوفاً من غضبة الجمهور ، وهذا ما يعطي للاعبين السيئين فرصة للتمادي والتهور !!.
ولو جلس المواطن مع نفسه وادار صوت عقله سيعلم أن المعارضة ، والحكومة يجب أن يمتثلا لأمره ، وينفذا مطالبه ، وهذه هي سنة العمل العام ، فمقاييس الدولة مرتبطة بالحقوق الواجبات ، وكذلك المواطنين عليهم ما علي الدولة . تحت ظل الحرية المرهونة بمراعاة حقوق الآخرين والالتزامات المتبادلة في تكملة نواقص المجتمع ، ويقع العبء علي الشعب في تحديد المناصب السلطوية التي تخدمه ، بعوامل زمنية مقدرة تمنح حقوق تبادل السلطة بميزان العدل والمساواة ، فاذا اختل هذا الميزان سقطت الدولة ، واندثر المواطن .
والإخفاقات التي أصبحت متوارثة جينييا في عقلية المواطن السوداني هي الأنانية المفرطة ، فعندما يجد المواطن بعضاً من الرفاهية ، وتتمحور حوله النعمة ، وينعم بالاستقرار ، تكون نظرته من زاوية واحدة ، وهي الدفاع عن النظام الحاكم مهما كانت سيئاته خوفا من الغائب ، فيكون دفاعه بصورة مستميتة من أجل مصالحه الشخصية وهذا ما يمنع عقله الداخلي للإستماع للآخرين ، حتي ولو كانوا علي الصواب وهو يعلمهم ، ويتذرع بالإرادة الإلهية ، التي هي برآء من كل مظلمة ومسغبة ، اما المواطنين الذي تغلبهم الحجة والمقارعة ، فيقنعون أنفسهم ومن حولهم بان الحديث السياسي غير محبذ لديهم ، فيتجنبوا المناقشات ، حتي لا تلسعهم وخزات الضمير ، والمدهش في الأمر أن نفس المواطن اذا عبثت به الدنيا ، وأصطادته يد الظلم ومسه الشر ، ووجد نفسه مفصولاً من العمل ، أو علي قارعة الطريق ، فتأكد بانك ستجده في كل موقع ومنبر يشجب ، ويدين ، ويكافح ، وينافح ضد النظام الظالم المستبد ، وهذا ما جبل عليه كبارات القيادات المعارضة وحذا المواطنين بحذوهم ، فتجد المواطنين والمعارضة تتقمصهم روح المصلحة ، وحب الذات ، وكلمة وطن او الدين لا تساوي في قاموسهم سعر الحبر الذي تكتب به .
وحديثي لا يشمل الجميع ، ولكن يشمل الاغلبية التي تتسابق وتتقافز أمام اعيننا ، والتي تذهلك بجراءتها في التحول الدرامي وتبادل الأدوار ، من أقصي اليمين الي أقصي اليسار ، بلا حياء ولا خجل ولا تمسك بالمباديء ! . فهذه الفئة كلمة المبدأ في قاموسها لا تعني إلا الفائدة ، وقد ظهر في الآونة الاخيرة كثير من الشباب ، والمعارضين ، والقيادات التي اصابتها الفاقة ووجدوا انفسهم في قارعة الطريق ، فبرزوا يزأرون كالأسود الضارية ضد النظام بحثاً عن مدخل ، ان الحق ورفع الظلم يجب ان ننادي به كل الحالات ، والا أصبح رياء .
من حق كل وطني غيور ، ومحب لتراب أرضه ، أن يعارض ضد الظلم ، ويكافح ، ويناشد ويخلق كيانا آمنا مع الذين يؤمن بمسيرتهم الاخلاقية في العمل العام ، ومن حق الشباب الذين يرون في انفسهم القدرة والمعرفة ان ينبروا لقيادة ثورة التغيير والإصلاح ، والمعارضة ليست مسجلة باسم اشخاص او افراد او طوائف ، بل الارتباط اصبح بالمنهج والسلوك والاجتهاد ، والمثابرة وبرنامج واضح متكامل ينفذه ابناء الوطن الأحرار المؤهلين علمياً ، واجتماعياً من كافة الأطياف السودانية .
فلا تدعو المعارضة والحكومة يستلبا حقوقكم .
ان كلمة وطن لا تعني اين تسكن ؟ ولا كيف تعيش ؟ ولكنها قيمة لكل إنسان ، ورمزاً يبرز من اين أنت في هذا العالم لينظر اليك ساءلك بتقدير او بتحقير ، فلا تحقروا الوطن ، فنحن شعب كان نبراساً ، ومنارة للأمم ، وقيمتنا يعلمها التاريخ ، ومدونة في الكتب ، ولا قيمة لك سوي بوطنك وانتماؤك ، واهلك ، وشعبك .
وكم أنا فخور بأني سوداني ، مولداً ، ومنبعاً وملاذاً ، وفخور بأن الثورة القادمة ستعلم الكثيرين ، بان القادم أحلي .
وغداً نعود كما نود …
GhalibTayfour