نداء باريس والأجندة الخفية…
عندما تبدأ المفاوضات الحقيقية ، ويكتمل عقد السياسيين ليصطفوا
ماذا لو تقدمت قيادات المناطق المتضررة بمذكرات لتقرير مصير مناطقهم ؟ وهذه المطالب التي تبقي مطالب عادلة في ظل التضرر الذي لحق بها من تهميش ،وعنصرية ، وضياع حقوق مواطنيها وإنهيار العدالة الإجتماعية التي سقطت بسقوط منفذيها ، وتبقي فرصة هذه المفاوضات السانحة الوحيدة المتبقية لهم للمطالبة بتقرير المصير وطالما ان هنالك كيان ضخم يرعي هذا الحدث الديمقراطي ، الذي تقوده الآلية الافريقية ويهتم به اللوبي الغربي ، اذا فان نظام البشير مجبر في ظل المراقبة العالمية ان يتقبل كل شاردة وواردة لتأكيد ان نظامه ديمقراطي وكيفية تعامله بشفافية مع الرأي والراي الأخر ، وذلك بصفته الحكومة التي تملك مفاتيح البلاد ، وتفكير الآلية الإستفادة منه بقدر المستطاع قبل ان تتغير الظروف ، والمقابل هو حمايته وإضعاف المعارضة التي هي في الاصل ضعيفة بمنسوبيها ، حتي تحقق مآربها ، بغض النظر من أن الحكومة ديكتاتورية او ديمقراطية فالكل يتساوي طالما انها علي سدة الحكم وهنالك لوبي يعترف بوجودها في سبيل مصالحه ، ليبقي هذا النظام الفاسد هو الأجدي والانفع لإختصاره لهم المحطات ، وليس له نازع ديني ووطني ، في سبيل ثباته علي سدة الحكم ، والإطاعة المطلقة تجعل منه فارسا” ملهما لتحقيق غايتهم المدروسة مسبقا”، التي يسعون لها منذ الأزل وتندرج في قمة اولوياتهم ، والادلة كثيرة تبدأ منذ معاهدة نيفاشا التي اصبحت واقعا معاشا” وتم العمل بها ، وعندما يتقدم القيادات أمثال : ( عقار ) (ومني اركو مناوي) و(الحلو ) وثيقة تقرير المصير ، عندها سيصعب عليك الرد أيتها الحكومة الفاسدة ولا تملكي الا القبول .
وهذا هو المخطط الخفي الذي يتم تداوله بين قادة جبال النوبة والنيل الازرق ، وحتي الأمام سيكون مكلف بالدفاع عن حزبه ، ولا يملك سوي تأييدهم في الوثيقة كما أيد ( عرمان ) قرنق سابقا” في تقرير المصير لابناء جنوب السودان ، فالإختلاف داخل المفاوضات يضعف الجميع ، والإتفاق في القضايا يوحد الجميع .
والأسباب التي توضح استهداف اللوبي الغربي والإفريقي للإنفصال كثيرة ومثيرة ، ونبدأها بالنيل الازرق الذي يزخر بالخيرات .
اولا” : النيل الازرق يجاور اثيوبيا وهي أمست مستقبل افريقيا الواعد والفتاة المدللة للكيان الصهيوني ونواة لإقتصاده الممتد ، ومنبع المياه التي لا تنقطع ، كما ان النيل الازرق ، ينعم بالفكر الكنسي المحبب لدي الكيان الصهيوني فيأمن حدوده بمريديه بعيدا” عن التطرف الديني الذي يتميز به المتأسلمين المزعجين ، ويبقي النيل الازرق جدار لأثيوبيا يحول بينه وبين السودان ، فكأن مبتغاهم اقناع الكمرد ( عقار ) هو خير مثال للعب هذا الدور في فصل النيل الازرق لتكون النيل الازرق دولة ومحيطا” خالصا” لإستخلاص منابع النيل ، والإستفادة من الثروات الحيوانية والغابية التي تزخر بها المنطقة ، والمعادن التي تنضح بها الارض من ذهب وحديد، وماغنزيوم ،ومالم نكتشفه نحن وهو معروف لدي اللوبي الغربي والصهويني .
وتدخل هذه الولاية بمساحة تكاد أن تصل سنار وتجاور جنوب السودان المهدور ، وهي نقطة تامين هامة لفتاة اسرائيل المدللة اثيوبيا ، هل يهتم الاتحاد الاوروبي واللوبي الصهيوني بمشاكل السودان ويتغافل عن مصالحه المستقبلية؟ .
ثانيا : نفس ما ينطبق علي النيل الازرق ينطبق علي جبال النوبة ، وذد عليها اليورانيوم النفيس ، والمساحة الشاسعة ، والغابات الوارفة ، والامطار الغزيرة ، والثروات الحيوانية ، والتقارب الفكري في الديانات المسيحية التي اكتسبتها المنطقة بسبب القوافل التبشيرية والمنظمات الكنسية التي دخلت رغم أنف المتأسلمين السذج .
ثالثا : لماذا اصبحت خارطة الطريق مقبولة بعد ان رفضها جميع المعارضين رفضا” قاطعا”منذ بدايتها ؟ ، بعد ان وقع مسؤليها قبل منسوبيها شيئا يقود الي التساؤل ، ويعد خطا” جديدا” في عالم سماسرة المعاهدات ، وقررت المعارضة المقاطعة بصورة حاسمة واكيدة ، فنيا” واعلاميا” لما وجدوه من تحيز ( امبيكي ) لنظام الخرطوم ، وبعد عدة اشهر عادت قوي نداء باريس للتشاور من جديد مع أنفسهم ، وخرجوا بقرار كان يجب ان يكون في طي الكتمان واعلنوه مباشرة وباركوه بلا مناصرة خلاصته انهم سوف يوقعون خارطة الطريق .
اذا كان الأمام يطمع في منصب رئيس وزراء كعادته ، فما هو مصدر طمع الكمرد ( عقار ) ؟ وماهو مصدر طمع د .( جبريل ) ؟ وماهو مصدر طمع ( مني اركو مناوي) ؟ من اقنعهم ، وعلي ماذا اقتنعوا للتوقيع علي هذه الخارطة ؟
هذه التساؤلات تبقي في حاضرة المثقفين والمستنيرين ، الذين يفكرون ويتدبرون .
الحروب في ( العالم الثالث) تكون نتائجها في اغلب الاحيان من مصلحة الغرب ، فطالما ان هنالك تهجير ونزوح تكون نتائجه حفظ الموارد في باطن الارض لتبقي مخزونا” استراتيجا” ومستقبلا” للدولة الداعمة ، تستخلصه في مستقبل الأيام ديون تمويل للحروب ، وتصبح فاتورة تنتظر السداد ، لتاخذه موارد ، اسلحة وزخائر بضائع كاسدة تمتلي مخازنهم بها ،ماذا تفعل؟؟ تطورت صناعتهم ووجب عليهم التخلص منها فتصنع لها حربا” ويمول المتحاربين ، ويكون التخلص المفيد بسندات مستقبلية باهظة من قبل اللوبي االاجنبي ، دائما ماتجني الحكومات الاجنبية الفوائد ، يكون السداد اما مطلبا” او مبلغا” .
كل ذلك يؤكد ان هذه الاتفاقية ماهي الا طريقا” للإنقسام والإنفصال الذي تحدث عنه بعض المحللين ولكن بصورة مختلفة التوضيح ، ونحن ضد خارطة الطريق التي تجعل السودان هباءا منثورا .
اذا حدث تقرير مصير لمنطقتي جبال النوبة والنيل الازرق ، هل يتوقع هذا النظام الفاشي المستبد ، أن مواطني المنطقتين سوف يصوتون ضد الإنفصال ، والواقع يقول عكس ذلك فالمرارات التي خلفها نظام البشير من بطش وتنكيل وتهميش وعنصرية بغيضة وتهجير وتشريد ، لا يجعلان للمواطن سببا” واحدا” لتصويت لهذا النظام الفاسد ، وبرغم التجربة التي يمر بها جنوب السودان وما يعايشه من اوضاع سيئة ، ولكنها اوضاع حرب ، ربما تنتهي بين ليلة وضحاها ، ولكن هذه الحكومة تبقي استثنائية هي ومنسوبيها ، فهي رمزا” من رموز الفساد والقهر والظلم والاستبداد ، ويبقي تفكير المواطن في خوض تجربة جديدة في ظل حكومة جديدة ،أشرف له من الإنغماس مع هولاء الفاسدين ، الذين خبروا بواطنهم .
الثورة هي الأمل ..
والعصيان هو المرتجي ..
Ghalib Tayfour