عودا”حميدا”مستطاب …

عودا”حميدا”مستطاب …

ثم ضاع الأمس منى وانطوت في القلب حسرة … هكذا تغنت قوي نداء باريس مع قضية الوطن ، واسقطوا اسلحتهم ، وتناسوا الأعوام العجاف ، ورموا قضيتهم وراء ظهورهم طمعا في تكملة الأيام الباقيات في نعيم المناصب الهامشية الآتيه ، وتناسوا البطش والتنكيل باخوانهم المعارضين ، واغمضوا عيونهم عن المآسي والمواجع التي خلفها هذا النظام السادي المستبد ، واغلقوا كل المنافذ والنوافذ للمناضلين الاشاوس الذين لم يؤمنوا بالحوار ولم يصالحوا المتأسلمين ، ولم يبيعوا دماء شعبهم رخيصا ، باحثين عن الفتات الذي خلفه النظام ، ولم يذعنوا للطاغية البشير وثلته الفاسدة ، بل كانوا اشواكا” في حلق النظام .
ويكفي أن الشارع السوداني اللبيب يعلمكم علم اليقين ، فالتاريخ يحفظ لكم مواقفكم المهزوزة ، ولاتزال اثار خطاكم لم
تختفي من شوارع الخرطوم وموائده ، عدة أيام من الإبتعاد لم تتحملوها وعز عليكم الفراق ، فتصارعتم للعودة اليها بمفهوم آخر وطريق مذل .

   عندما خرجت سبتمبر المجيدة بشبابها لم تخرج بكم ، بل كنتم من اطفأ سراجها الوقاد ، وكان الخزلان هو معدنكم ومنبعكم ، وعندما انتفضت الجامعات لم تعتمد عليكم ، فبواطنكم مخبورة وظواهركم منحورة ، وخارطة الطريق التي يضج بها اعلامكم ما هي الا خارطة لحكومة المتأسلمين نهاية تحمل في باطنها مسارا” لمقبرة أخري ، تشابه المصالحة الوطنية مع جعفر نميري ، وترتدي ثوب نيفاشا الجديد .

   سيروا علي طريقها حاملين جثمانيها الرخيصة ليدفن كما دفن مجمل الجثامين السابقة الفاسدة ، فلا صلاة علي منافق ، لايوجد خارطة سوي خارطة وطن اعتلاه طاغية يجب ان يقتلع ويحاكم ، ولا يوجد طريق سوي طريق الثورة القادمة ، ولا يوجد نداء سوي نداء الوطن الممهور بدماء ابنائه الاشاوس سكبوا دمائهم الطاهرة بلا حوار ولا مفاصلة ولا مصالحة ، لايوجد خارطة مع المفسدين السارقين ولا يوجد طريق سوي طريق النصر والحساب والعقاب ، ولا نداء الا لهذا الشعب ليخرج لازالة هذا النظام المضمحل التائه ويدحره .

   لقد كانت مجمل المفاوضات والمصالاحات والمهادنة خصما” عليكم ، منذ (1977م )التي تشهد عليكم و( 2005م) تؤكد ذلك ولا زال خروج الأمام نقطة تساءل لم يدركها الا العارفين ، وإنسحاب (عقار) من ولاية الدمازين ومعه (عرمان ) مصدر تساءل اكبر ، ولكن من شب علي شئ شاب عليه .
الخارطة هي خارطة وطن بلا إنفصال ولا إنقسام … والطريق طريق الثورة  تتطيح بهذا النظام …
والنداء هو نداء شعب لرفع التمام …

لا مصالحة ..
مع قاتل ضباط رمضان ، وطلاب سبتمبر ، وابادة الجماعية في دارفور وكردفان والنيل الازرق ، والباطش بالمناضلين ،  والمشيد للمعتقلات والسجون بكافة اشكالها والوانها .
لا مهادنة..
مع المفسدين والسارقين عبر السدود وتهجير المواطن ، والمتلاعب بحقوق الوطن والمواطن ، والعبث بالثروات البترولية ، ومستخرجات الذهب والكروم ، والمنتجات الزراعية ، والرعوية ، وإهدار أموال الشعب علي أيدي البشير  واسرته ومنسوبيه ، وتحطيم الصحة والتعليم ، وتعيين من لا يستحقون التعيين وازاحة من لا يستحقون الإزاحة ، بمعني اصح أندثار العدالة الأجتماعية ، والمنادي بالقبلية والجهوية ؛ ولا زلتم تسعون لخارطة أيها القادة مهزومين .
ما طار طير وارتفع
إلا كما طار وقع …

  ان الذين يسعون للتوقيع علي خارطة الطريق جميعهم كانوا مرتكز ونواة سابقة لحكومة البشير ، اذا عودا” حميدا” مستتطاب .

   التقيت بالأمام الصادق المهدي في منزله العامر بحي النصر بالقاهرة قبل اربعة اشهر ، وكان معي بعض الناشطين وتحدثنا عن الحوار ومستقبله ، فأبتسم الأمام ابتسامه جميلة وقال لي : ان الحوار والمفاوضات التي تراها لن تتحقق ، ونحن نؤمن بالإنيهار القريب لهذا النظام الفاسد ، وما تسعي له الآليات الافريقية والأوربية معنا للمصالحة والمعايشة نسمعه بهذه الأذن ونخرجه بالأخري ، وذلك ارضاء لهم فقط ونحن نسعي الي الثورة والإقتلاع ولا مناص منها ، وكما ازكر كان اللقاء مقرر له ساعة ولكنه امتد الي قرابة الثلاثة ساعات خرجنا فرحين بما سمعنا !!!
  ما ضر شعب أكتشف بايعه …
– الثورة لا تحتاج للمرجفين
– و العصيان لا يحتاج للبائعين !!!

Ghalib Tayfour