السبت , مايو 18 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / وثائقيات سودانية / السودان – العروبة فى قفص الاتهام
kamel.jpg

السودان – العروبة فى قفص الاتهام

السودان – العروبة فى قفص الاتهام
kamel.jpg
September 2, 2011

بقلم / ابراهيم الجعلى

تعلمون ان رواد الحضارات القديمة ، هم ايضا روادها اليوم ، فمنهم من يتسنم قمتها ، ومنهم من يجهد عند سفحها ، ولكنه لن يقبع فى الحضيض ! ، كحالنا ، فالمتخلفون عن ركبها قديما ، ظلوا على ذلك الى . فالاوربيون كانوا وما زالوا اصحاب حضارة بل حضارات ، فساعدت حضارة اسيا الصغرى الاتراك فى التربع على قمة امبراطورية الخلافة العثمانية ، واليوم فى مقدمة لا تستهان بها .

قوة الايرانيون اليوم ، ايها السادة والسيدات ، تستند على خلفية الحضارة الفارسية ، رغما ان العرب كانوا قد دمروها يوما ، ودخلوا ايوان كسرى وعاثوا فيها فسادا ،فاليوم ، هم قوة اقتصاية وصناعية وعسكرية عالمية.

والامر ينطبق ايضا على الحضارة الفرعونية ، ومصر اليوم.

والصينية ، وصين اليوم.

واليابانية ، ويابان اليوم .

والهندية ، وهند اليوم.

وبين النهرين ، وعراق اليوم.

هل تعلمون ان كلمة ايثيوبيا تعنى فى المراجع التاريخية ، بلاد النوبة .

وان كلمة السودان ، تعنى ايثيوبيا.

وان النوبة ، تعنى ارض الذهب.

اذن ايثيوبيا والسودان والنوبة ، انما مترادفات دلادلية لكلمة وارض وحضارة واحدة.

لكن ثمة حضارة عظيمة ازدهرت وما من اثر ظاهر على اصحابها تدل على ريادتهم يوما ، مهملة لا يتطرق احد لذكرها الا فى سياقات لا تثير التساؤلات والاستنكارات ، او تتطلب التزامات . انها حضارة وادى النيل ، حضارة النوبة ، حضارة شمال السودان ، حضارتنا نحن .

لأين ذهبت مكانتها وبريقها؟، وهل تتربع ما تليق بها من مكانة ابدا؟ ، اين اثرها علينا اليوم ؟ ، وهل تكفى ما تسلط عليها من اضواء لاظهار بريقها ؟ ولماذا لم تتمكن رغما عن خلفيتها الباذخة ، من المساهمة فى التعامل مع مشكلات السودان المعاصرة ؟ ، بل الى اين ذهبت يا ترى ؟ واين تكمن العلة؟

رغما عن كل ذلك ، فما تفتأ التاريح من ارسال اشارات ودلالات قوية بين الحين والاخر ، ولا تجد ما تستحق الاستجابة.

فالاهرامات والاثار التى تنخرها وتعريها الرياح عاما بعد عام ، انما مجرد احجار لا تعنى لنا شيئا.

ومصطلحات الزراعة والرى ، الغريبة على العربية ، لا تحمل لنا اى دلالات ، ولسنا معنيون بالبحث فيها على كل حال.

ومسميات قرى ومدن الشمال ، من الغرابة بحيث يكون من العبث ، البحث لها عن معان فى لغة الضاد.

والحقيقة الثابتة بان الاعداء كانوا ياتوننا على مر التاريخ من الصحراء ، ومصب النيل ، وليس خلافهما ، وما من سبب تجعلنا مصممين على ان اعداؤنا المعاصرون ، انما يقبعون فى حوضه ومنابعه.

والثائر المك نمر ، فى سبيل صون كرامته ، لم يهرب الى بلاد العرب ، بل أدار ظهره لمصب النيل ، مكمن الخطر ، وإتجه صوب المنابع.

فتأملوا ,,,,, فقط تأملوا..

نؤكد لكم ايها السادة والسيدات ، ان العلة الاساسية تكمن فينا نحن الشماليين ، وفى هويتنا المزيفة تحديدا .

لم تتم هجرات كبيرة واستثنائية للسودان كما نحاول يائسين ، الترويج لها ، ولا بالسعة التى تمكنها من احداث تغيير جذرى فى التركيبة الاثنية لامة ضخمة ، وارض وسيع ثرى ومتنوع ، كبلاد السودان ، بل لا يمكن لهذه الهجرات المحدودة ، ان تحدث ضمورا وتغييرا وتبديلا وتدميرا ، فى حضارتنا الاصلية كما يبدوا الامر ، ونصوره نحن ونروجه ونصدقه . فالتزاوج بين المهاجرين العرب والنوبة ، الذى نتعلق ، ونحمله اكثر مما تحتمل ، ايضا تم على نطاق محدود ، بحيث لم تؤثر تأثيرا ملموسا فى تركيبة قبائل الشمال ، والدليل ظاهر ، من غياب الادلة .

اما الزيجات ، فقد كانت زيجات مصلحية محدودة ، كتزاوج التجار الشماليين من القبائل الجنوبية كالدينكا.

والدينكا ، رغم ذلك مازالو دينكا.

او تزاوج القبائل الشمالية نفسها بعضها بعضا.

فالجعليون ظلو جعليين ، والشايقية ، شايقية ، والمحس محس ، والحلفاويون حلفاويون ، وباقى القبائل ظلت كما هى

حتى عرب الشمالية ظلوا عربا ، ويطلق عليهم الى اليوم عرب !!! ، واحيانا ( زوارة)

ولا يملكون اراض ولا اطيان ، ويفضلون الصحراء على المدينة !!!

اذن ما حقيقة الاثار والاهرامات والتماثيل ؟ واين اصحابها ؟

ما تم فى شمالية السودان ايها السادة والسيدات ، انما انقلاب وتبديل للهوية ، وتماه ، مع بعض تجار غرباء اثرياء مثيرين للاعجاب ، فهؤلاء المهاجرين والمغامرين فى الاساس من اجل التجارة وجمع الثروة تزامنا مع انتشار الدين الاسلامى الجديد وتكسبا من واقعه وزخمه . فنحن من اتخذنا قرارنا باعتناق الاسلام ، واعتناق العروبة ايضا ، ليجعل لنا الافضلية والاسبقية على الشعوب السودانية التى من حولنا ، والتى ستدخل الاسلام لاحقا ، وان طال الزمن .

المنطق المعوج الذى نتشبث به ، لا ينطبق ولا ينطلى الا على السودانيين ، بغرض الاستهلاك والتوظيف المحليين ، ومن سلبياته علينا ،،،،

انه يضعنا موضع تشكيك دائم فى هويتنا – اولا ،

ويسبب لنا مشاكل داخلية نحن فى غنى عنها – ثانيا ،

ويعرضنا لسخرية الامم الاخرى – ثالثا ،

ولا يشجع على اظهار وتطوير المكون الثقافى المحلى – اخيرا.

هل تعتقدون ان العنف المفرط فى كل من الجنوب ودارفور ، آت من فراغ ؟

هل تعتقدون ان تهيئة القبائل الناطقة بالعربية وتسليحها لمواجهة الناطقة بغيرها بعيدة عن مسالة العروبة ؟

الا تعتقدون ان الكراهية والاستبعاد والاستعباد التى مورست فى وجه الكثير من القبائل السودانية لا تستند على خلفية الهوية ؟

الا تعتقدون ان ما يدور فى مجالسنا من التحقير ، والاوصاف العنصرية التى تطلق على باقى السودانيين ، لا تتعداها الى اجراءات اقصائية فى سلك الدولة؟

تأملوا ايها الاخوة والاخوات ، وكونوا صادقين مع انفسكم ، وستنتهون الى نتائج مذهلة .

نحن اصحاب حضارة النيل التى سادت خلال الحقب المظلمة من التاريخ ، ولكننا نتفادى اليوم مجرد الاشارة اليها ، وان اضطررنا ، نفعلها على استحياء .

فلدينا حضارة مرموقة ، متميزة ، فريدة ، باذخة ، ومدعاة للفخر بشهادة العالم ، ولكننا نتعمد طمرها ، بل وتدميرها فى بعض الحالات . لماذا ؟ ،،،،

لانها لا تنسجم مع هويتنا الجديدة ، وكوننا عرب.

نعم لا تنسجمان ، ويجب الا تنسجمان ابدا.

رايتم كيف ان المصريين يشتموننا ، ولا يعتبرون ان لنا حضارة فى الاصل ، فيتسالون ، ويسخرون من كوننا ندرس مادة التاريخ فى المدارس ، (ليس لكم تاريخ ولا حضارة ، فماذا تفعلون فى مدارسكم ؟ ، هل تدرسون مادة التاريخ ؟ واى تاريخ ؟، اظنكم تاخذون تاريخنا لتدرسوها هناك ، فليس لديكم شيئ ).

لماذا ؟.. لاننا نتعمد ونتمادى قتل ماضينا ، ودفنه ، والحياء منه ، بينما تعلم غيرنا من الامم ، الاعتراف والافتخار بحضارتهم كالفرعونية والفارسية والاغريقية والهندوسية والمايا والانكا ، بل يستثمرون ، ويقتاتون عليها .

شراكتنا واحقيتنا فى الحضارة الفرعونية مع المصريين ، شراكة حقيقية ، شراكة ندية ، بكتوف متساوية ، يقبلون بذلك ، ام لا يقبلون ، فذلك شأنهم ، ففى الواقع ، لا يعترفون ابدا بحقيقة وجود اهرامات اخرى فى السودان خلافا لاهراماتهم السبعون ، فآخر ما يحتاجون اليه ، ان يقاسمهم سودانين او خلافهم ، الاضواء والمجد والحضارة.

فهم يعلمون ، ولا يظهرون ، ولا يقرون ان الاهرامات والاثار السودانية اكثر قدما من امتداداتها المصرية .

وان الفكرة بدات من السودان ، وليست من مخلوقات فضائية ، حسب ما يحاولون ترويجها.

وبمثلما تخلينا عن نصيبنا من مياه النيل ليستغله المصريون .

تخلينا ايضا عن زخم الانتماء للحضارة الفرعونية ، فانفردوا بها واصبحوا روادا عالميون .

ولعقود طويلة وضعوا المتاريس امام ظهور حضارة السودان القديم ، وما زالوا.

ويحطون من همم البعثات السياحية الاثرية ،

وكنا خير معين لهم ، على وضعنا فى ركن قصى.

لاننا نعف ، ونتقزز من مثل هذه الاشياء ، وذلك صميم ما يحتاجون .

لماذا ؟ وكيف تمت ذلك ؟

ببساطة ،، نحن لانريد هذه الحضارة ،، نستحيى منها ، نتبرأ منها ، نهملها ، نساعد على تهريب اثارها ، فنحن عرب وعرب العرب ، ويجب الا تشرفنا ، ولا ينبغى لنا اقتناء مثل هذه الاشياء ، ففكرة العروبة حسب ما رسخ فى ذهنيتنا ، لا تنسجم مع الاهرامات .

ويجب الا تنسجمان على الاطلاق ،،،

فالاهرامات رمز الحضارة والاصالة ،

والعروبة رمز للتخلف والعدوانية. وشتان ما بين الحضارة والبداوة.

من هنا ،، قمنا بقذف حضارتنا الذاخرة ، واعتبرناها مخلفات قوم اخرين ، ففضلنا عليها مفاهيم البادية بدلا عن المدينة ، ورعى الاغنام بدلا عن انظمة الرى العريقة ، والعدوانية بدلا عن العلم والسلام.

لا الاهرامات ، ولا الاثار ، تشكلان لب القضية.

الموضوع الاساسى هو حياة الزيف التى نعيشها ، وعقدة العار التى يخشى منها الافتضاح ، وعقدة الدونية التى تتقمصنا ، مما تستدعى الصغار امام العرب ، وما يترتب عليهما من اهدار للكرامة والعزة الوطنية .

هاتان العقدتان هما المسئولتان عن حالة التخبط والسادية والحقد الذى يعشعش فى صدورنا ونرتكب افظع الجرائم بدم بارد ، ونمارس الظلم البين ، وننافق ونظهر اوجها عديدة ، ونتملق ، ونظهر كشخصيات حربائية . فشلت الاديان تهذيب سلوكنا ، وطوعنا الاعراف لتخدم انتهازينا بمنتهى الوقاحة وقوة العين ، فنمارس الاضطهاد على من دوننا ، ونظهر الانكسار والوضاعة على من هم فوقنا ،،، انه لتجسيد جلى ، لسيكولوجية الانسان المقهور.

فعقلنا الباطن يجعلنا نجفل من اى اشارة قد تعيدنا القهقرى ، الى عهد الهزيمة المنكرة التى ألمت بالحضارة النوبية ، امام العروبة ، ومهانة اتفاقية البقط ، واذلال الأرجل والخيول العسكرية ، التى لا تمر الا فوق كرامتنا ، جيئة وذهابا.

تماهينا مع اتفاقية البقط ، ولم نقاومها ، والتزمنا به ، فبدلا عن التصدى فضلنا الاتباع ، فمهدت طريقا يعا ، واوجدت سابقة انكسارية لتنتقل جرثومتها من جيل الى جيل ، فخلفت ، للتماهي مع الاتراك ، فقلدناهم فى مأكلهم ومشربهم ولباسهم ، ومع المصريين ، والانجليز ، وماساة مرة مع الثورة المهدية ، وفى كل مرة ، ، تزيد هويتنا انكسارا على انكسارها .

والان ، نحصد ثمار الزيف ،

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.