لا نداء سوي نداءك يا وطن…
القضية التي لم تفهمها حتي الآن المعارضة السودانية المتناحرة مع بعضها التي نسميها معارضة (الكيمان) انه لا يوجد إسقاط الا بالتوحد والترابط ، والإبتعاد عن المهاترات والإنقسامات ، فكلما شعر المعارضين بضعف حكومة المتأسلمين ، ودنو إنيهارها تنحاروا فيما بينهم لملأ الساحة السياسية ضجيجا بمعني ( شوفوني ) ، وتكون وتيرة الصراعات دائرة رحاها ، حتي نستحي ان نقول اننا منهم فما صبروا ولا إنستروا ، وتبقي الأسئلة العالقة في الأذهان: .
ماذا قدمت المعارضة السودانية بكافة اشكالها ؟ وماذا سوف تقدم ؟
وهل ما نراه منها ينبى بالاصلاح ؟
كل تلك الاسئلة لا تعدو الا شيئا بسيط من مئات الاسئلة التي تحتاج الي اجابة ، وقس علي ذلك ،
فالمواطن البسيط يبحث عن أمل ، يجعله يثق في مستقبله ، ولا يمكن للمواطن ان يضع حياته علي شفير الموت ضد هذا النظام الباطش دون إحساس بالثقة وإيمان بالقادم ، مطالبا بالتغيير ، ليعتلي البديل عصبة متناحرة متفرقة ، لم يتفقوا علي الراي ، ولم يجتمعوا علي منطق ، ولا زال كتابنا يكتبون ، ونقادنا ينقدون ، ولم يظهر بريق أمل لمستقبل واعد ، وطريق آمن ، وكتلة ترفع الغم والحزن عن الوطن والمواطن .
كل ما يدور في دهاليز المعارضين حتي الآن هو إقتلاع نظام البشير ذاك القاتل السفاح السارق للوطن والقاتل للمواطن هو وعصابته ، ونحن نؤمن بذلك ، ولكننا نؤمن ايضا بفهم المواطن الباحث عن البديل الذي يكون الملاذ ، ليوهبه الثقة ويكون من خلفه ، بلا خوف ولا رهبة ، لقد حورت المعارضة القضية واصبحت جل اهتماماتها بحكومة البشير وتعرية نظامه المعرى ، وتناست التوحد بما قل من إمكانيات لرفع الظلم والقهر عن المواطن وتخفيف المعاناة عنه ، وهي السمات الانسانية التي أصب جام غضبي عليها ، والتي تشعر الشعب بان هنالك راعي آخر ، يشعر بما تشعر به ويحس بالآمك ويخفف من معاناتك ، وهو مفهوم إنساني يجعل من معارضتكم مصدرا من مصادر الثقة التي خبات ، فما تبزله المعارضات في الكتابات والمنشورات ، والتجنيد والتخطيط ، وإهدار الأموال ، لو تحول للعمل الانساني وخدمة المواطن ، سيكون له كبير الأثر في نفسية المواطن البسيط ، الذي يركض خلف الأفضل ليقف الي جانبه ، ويرفع عنه المعاناه والظلم .
في فندق نوفتيل بالعاصمة الباريسية بفرنسا اقامت قوي نداء باريس اجتماعاتها بخصوص خارطة الطريق ، وتصادفت مع وجودي بفرنسا ، وذهبت ومعي الاخ (مجدي مصطفي) والاخ النابلسي بحكم علاقتنا ببعضهم ، والتقيناهم جميعا ، وكانوا بقيادة الصادق المهدي ودكتور جبريل ومنو اركو مناوي وياسر عرمان ، وعمر الدقير ، والقائمة تطول ، وانتهت إجتماعاتهم ، وعادوا ( بخفى حنين ) .
ولكم ان تتصوروا في هذه الاثناء كان يوجد قرابة الألف لاجئ سوداني في باريس ، تحت جسر ( جوريس ) بخيام هالكة ينتظرون من الحكومة الفرنسية توفيق اوضاعهم ، فروا من الطغيان والظلم والقهر ، يبحثون عن العدل ، والمساواة ، ومستقبل آمن ، كنت اظن من قيادة قوي نداء باريس زيارتهم ، ومخاطبة الحكومة الفرنسية بتوفيق اوضاعهم ، حتي لا يكون العمل المعارضي منطوي في محاربة الحكومة فقط ، يجب أن تكسو معارضتنا النوازع الإنسانية يكون مجمل همها الوطن والمواطن ، حتي تكمل الصورة التجميلية ، وترتفع وتيرة الثقة لدي المواطن البسيط ، ولكنهم عادوا دون ان يسالوا او يعرفوا ، او يقدموا او يتقدموا ، وحقيقة ، كان أمر مؤسف يوضح ان المعارضة في مفهومها هي ازالة نظام البشير فقط ، انكم تحاربون النظام لانه ظلم المواطن ، ونسيتم أنكم ايضا تحاربون المواطن لان بامكانكم تقديم شئ بخلتم به ، كان من الممكن ان يجعله يثق فيكم ، بعض المخاطبات والزيارات ترفع جدار الثقة ، وتخلق لك مناضل ، عدم اهتمام نداءكم بمواطنكم المشرد الهائم علي وجهه ، يوضح اهتمامكم بالسلطة والثروة
أهتم بمن تقاتل من أجله حتي يهتم بالقتال معك .
طرحت لأحد السياسين الموجودين بنداء باريس قضية المتواجدين بجسر ( جوريس ) وطلبت منه زيارتهم ، وكان رده غريب قال لي : (وناس السفارة السودانية ما زاروا الناس ديل ) !!!
قلت له كيف للسفارة السودانية ان تزور لاجئ يطالب برفع الظلم عنه ويشكو الحكومة السودانية كما تشكوه انت وقادتك ، انه شريك اصيل لك في المعارضة ، وأنسحبت وانا مستاء !!
يجب تؤمني ايتها المعارضات بأن هذا النظام لا يمكن ان يزول الا عبر ثورة من ابناء الوطن ، ولن تنفعكم نداءات باريس ولا نداءات السودان ، ولكن تنفعكم النداءات الإنسانية التي تصنعونها ، أهتموا بابناء الوطن قبل أن تهتموا بالمفاوضات والحوارات ، فهم مفتاح الثورة .
الثورة في قلب المواطن
والمواطن يحتاج من يهتم به .
الثورة قادمة لامحالة
والعصيان هو الحل
Ghalib Tayfour