حول تقرير المصير

لا يستطيع أحد أن يجادل في حق تقرير المصير للشعوب، خصوصاً تلك التي عانت من  الظلم ومن  التهميش والتهميش المركب في الماضي والحاضر  ، وقد انطبق هذا على شعب دولة جنوب السودان وهو ينطبق الان على المنطقتين التي كانت في السابق ثلاثة مناطق، (جبال النوبة ، والنيل الأزرق، واببيي) لكن يبدو أن التكتيكات السياسية التي تسود الساحة السياسية قد ألقت بظلالها على الساحة وأصبحت طابعا في السياسة السودانية التي يسير معظم، ممارسيها  وتنظيماتهم بهذا الذي من السياسات قصيرة النظر الذي  يعرف بالتكتيك وهو نوع من إظهار التصالح مع شئ ليس بالضرورة أن يكون من أهداف الحزب وقد يكون ضده  لكنه يتظاهر بأنه متصالح معه لوقت  قصير وهذا ما فعلته الحركة الشعبية/ شمال  مع منطقة ابيي، وهذا التكتيك لن يجعل من ابيي نسيا منسيا في في اضابير السياسة السودانية عموما ومن جانب الحركة الشعبية خصوصاً وذلك لأهميتها وأهمية إنسانها بالمقام الاول بطبيعة الحال.
وحتى لا نصور أن المطالبة بتقرير المصير والمطالبة به كأنه نزهة او أنه شئ سهل  كما أسلفت أنه حق جميع الشعوب وهو لا يدخل في باب التكتيك أو باب الاستراتيجي لان الشعوب هي من تستفتى فيه وهي من تدلي برايها وهو طريق لوحدة طوعية أو انفصال وكنت سابقا أؤيد فكرة الحكم الذاتي لكل أقاليم السودان لكني أعدت النظر في الموضوع ثم أعدت النظر فيه كرتين ، قد يكون أمر تقرير المصير لاحد الأقاليم أمر صادم لكن ربط تقرير المصير بالاقليم في اعتقادي شئ خاطئ الحكم الذاتي يكون للاقاليم
وتقرير المصير للشعوب ،ولا يستطيع أحد الوقوف في وجه إرادة الشعوب الا دولة ظالمة ، لذلك فإن معاناة شعوب هذه المناطق التي لاقت كل صنوف الظلم والتهميش خصوصاً التهميش الذي جعلهم يحملون السلاح لأنه تهميش  مركب اذا عانت منه كل شعوب السودان لكانت الان جميعها من المطالبين كل بتقرير مصيره.
لست من أنصار أن هذه الدولة صنعها المستعمر الانجليزي الا اذا كان تاريخ هذه الدولة ابتدأ قبل مئتين سنة أو أكثر، الواقع ان هذا السودان كان دولة ومركزها كوش لكن تبدل علاقات المركز هو الذي أدى لهذا الخلل الموجود الآن الذي لا سبيل إلى إصلاحه الا بمقاومة المركز مقاومة حقيقية وبكل الوسائل لأنه برغم حق الشعوب في تقرير مصيرها الا انه أيضا يعتبر إقرار بالهزيمة من المركز واقرار بقوة مركز الدولة التي تبدلت علاقاته في اخر خمسمائة عام .
  حقيقة أن الشعوب التي تطالب بتقرير مصيرها وقفت في وجه المركز  وقاومت ومازالت تقاوم ببسالة ،ومن حقها بعد هذا النضال الطويل أن تطالب بهذا الحق فليس من المنطق أن تناضل وحيدة وتصمد في وجه هذا المركز وتقاوم الى مالا نهاية ،  فتقرير المصير أيضاً يعتبر نضال في وجه المركز رغم عن أنه قد يؤدى إلى ميلاد دولة جديدة  لكنه ايضا يمكن أن يؤدي حج لوحدة  طوعية الا انه يعتبر أيضا وسيلة  لتفكيك المركز  .

سامح الشيخ