الخميس , مايو 16 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / حوارات حول الهوية (1_2)

حوارات حول الهوية (1_2)

#الهدف
#الهدف_آراء_حرة

مداخلات قدمت في مجموعة (رواق الفكر والثقافة).

بقلم: دكتور أحمد بابكر
==============

اطلعت بشكل سريع على مداخلات الشباب في المجموعة عن الهوية، ودائماً ما ينتابني إحساس أن الساسة يقيمون حواراً الهدف منه تحديد وتشكيل الهوية؛ وكأن من مهام القوى السياسية صناعتها وتشكيلها.
فالهوية لا تُصنع بقرار سياسي أو عبر رؤية أيديولوجية؛ لأنها نتاج صيرورة تاريخية وإجتماعية طويلة، وهي ليست حالة صماء، بل هي حالة متحركة ومتفاعلة (ومتحولة)، وبالتالي فهي لا تخضع للمزاج السياسي، ولذلك يجب أن لا تدخل الهوية كأحد أجندة الصراع أو التنافس السياسي.
أنا أتفهم الحديث الكثيف عن الهوية إلى حد اعتبارها من قبل البعض المعضلة والأزمة الأساسية في البلاد، بل أن هنالك قوى مسلحة نشأت، وجوهر فكرها قائم على أن الصراع هو صراع هوية، وأن الخلل في الدولة السودانية أساسه خلل (هوياتي)، طبعا أتفهم ذلك بحكم عمق وتطاول وتعقيد الأزمة الوطنية، وخاصة عامل الحرب، والتي خلقت ما يمكن تسميته ثقافة الأزمة، وهي ثقافة تقوم على رد الفعل والصدى والوقوف عند تخوم التعريفات السهلة، وأكثر من ذلك تقوم على اعتبار النتائج التي تطفو على السطح، هي الأسباب  الحقيقية للأزمة،
لذلك الحوارات التي تدور حول الهوية دائماً هي حوارات ذات طابع اقصائي وتبريري، مما يجعلها في أحايين كثيرة أحد عوامل الفرقة والتفتيت، لأنها تقوم على تسييس الموقع  (الهوياتي) أو الثقافي، كمقابل ومصارع لموقع هوية آخر، مما يحدث انقسام في الكتلة ذات المصلحة الواحدة والحقيقية في التغيير، ليتحول التنوع إلى تناقض، ويصبح حالة سلبية متناحرة بدائية وتفتيتية.
البعض يتحدث عن التنوع في السودان كحالة استثنائية يجب التعامل معها عبر إجراءات خاصة، وتم عبر ذلك اجتراح عناوين كثيرة يصدح بها الناشطون مثل ادارة التنوع… إلخ
التنوع في دول العالم هو  القاعدة، وما دونه هو الاستثناء، لذلك السودان ليس حالة خاصة بل هو مثله مثل الدول والمجتمعات الأخرى، وهو أيضاً نتاج لشكل دولة ما بعد الاستعمار، حيث يظل التحدي الأساسي الذي يجابه القوى السياسية، هو التفكير والتنافس في وضع استراتيجيات تخدم عملية (اكتمال البناء الوطني)، وليس الفرز او التسوية على أساس الهوية .
بناءً على هذا الفرز؛ تجد الكثير من الناس يعلق ويستشهد بأن هنالك مشكلات وأزمات تحدث داخل البلاد لا ينفعل معها الآخرون، ويتحدثون بصيغة تجريمية على هذا السلوك، وفات عليهم أن السودان لم ينتقل بعد في سياقه الاجتماعي من مرحلة القبيلة والعشيرة والجهة والمنطقة إلى رحاب الشعور الوطني (مفهوم الدولة). استمرار هذه الحالة جعل البعض يستثمر فيها، ويخلق منها منطق للصراع عبر تجريم الآخر أو الآخرين، بدلاً عن أن يضع استراتيجية تحمل روافع تنقل المواطن السوداني من مرحلته هذه إلى مرحلة اجتماعية أكثر تقدماً ترتقي نحو المواطنة، أو تم وما زال استغلال هذه الحالة للحصول على مكاسب وإمتيازات مؤقتة.
هذه الروافع أو الآليات التي نتحدث عنها ليست تشريعية أو دستورية فقط، بل أكثرها متعلق بالتنمية بمفهومها الشامل، الذي يشمل الجانب المادي والبشري من التنمية.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.