الأحد , مايو 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / اللاعنف فى السودان ( الاقليم الشمالى)

اللاعنف فى السودان ( الاقليم الشمالى)

تجربة مجتمع المتاثرين بسد  مروى – منطقة المناصير*
2012-2003
ادارت حكومة السودان (الانقاذ) حملة اعلامية ضخمة بشرت فيها الشعب بنهاية الفقر وتوفير (1250) ميجاواط من الطاقة الكهربائية للمنازل والمشروعات الزراعية عقب قيام خزان الحمداب” سد مروى” حسب التسمية الحكومية كما قال بذلك الرئيس البشير فى اكثر من خطاب جماهيرى حسب ما نقلت وكالة الأنباء السودانية بتاريخ 3 ابريل 2009 م ((إن مشروع سد مروي مشروع القرن في السودان وهو يمثل بداية لنهاية الفقر في البلاد)).
بلغت تكلفة السد المعلنة عند بداية العمل به 2مليار و400 مليون دولار ، تضاف اليها تكلفة ما عرف بالمشروعات المصاحبة للسد التى تقدر بمليار دولار لتبلغ التكلفة الكلية 3.4 مليار دولار امريكى! اغلبها قروض من الصناديق العربية للانماء ودول خليجية اضافة الى جمهورية الصين. لم يكن من السهل الاعتراض على قيام السد بالنسبة للمتاثرين فى منطقة المناصير عند بدأية العمل فيه  للاسباب التالية:
1/ انعدام التمثيل السياسى لمجتمعات المتاثرين فى جهاز الدولة ( الحكومة) .
2/ ظهور طبقة من صغار التجار من اهل المنطقة إرتبطت مصالحها بمصالح النظام، اخذت تلعب دور الوسيط بين جماهير المتاثرين بالسد والحكومة، حيث  يقومون بالتسويق لمشروع الحكومة السياسى والدينى والثقافى بما فى ذلك مشروع السد نفسه.
3/  جغرافية المنطقة التى تتكون من شريط ضيق على النيل على امتداد (176 )  كيلو متر على ضفتى النهر بما فى ذلك اراضى الجزر بما لا يتجاوز الـ (12500) فدان جعلت الاهالى يبدون موافقتهم على قيام السد ظناً منهم ان السد يزيح المياه ويقربها من الاراضى الشاسعة التى تزخر بها المنطقة والتى تقدر بحوالى نصف مليون فدان بمحازاة نهر النيل فضلا عن الاودية والعتامير والمراعى فى عموم المنطقة.
4/ الحملة الإعلامية غير المسبوقة التى واجهها المتاثرين وصورة لهم ان السد يعنى نهاية الفقر بالنسبة لهم وللسودان عامة.
ولا نغفل دورالدول الاجنبية الصين وبلدان الخليج العربى مثل المملكة السعودية والكويت قطر والامارات هذه الدول التى مولت مشاريع دون ان تراقب استخدامات هذه الاموال ومدى إرتباطها بانتهاكات حقوق الانسان فى البلد المستفيد من القرض.
ايضاَ لا يمكن نسيان دور البلدان الاوربية التى تدعى التزامها بفرض حظر الإقتصادي على حكومة السودان بينما دخلت شركاتها وعبر استثمارات ضخمة عززت موقف النظام الاقتصادى واشتركت الدول الاوربية مع النظام  فى إرتكاب جريمة  التهجير القسرى الذى تم بحق مجموعات المتاثرين بسد “مروى”  من خلال شركاتها وساهم كل هولاء الشركاء فى انتهاكات حقوق الانسان فى منطقة المتاثرين بقيام “سد مروى” نذكر منهم على سبيل المثال:
شركة لاهمير الالمانية التى عملت كاستشارى للسد، وشركة موننكو أقرأ الكندية (Monenco-Agra) التى اعدت دراسة جدوى السد فى العام 1993م ، وشركة آلستوم الفرنسية (ALSTOM) التى قامت باعمال التصميم.
هيأت  تلك الظروف المناخ للعمل فى السد الذى وفر له تمويل  غير مسبوق فى تاريخ المشروعات الاقتصادية  فى السودان ، وحظيت ادارة السد بحماية قانونية من رئاسة رئاسة الجمهورية التى قدمت  لها حماية قانونية عن طريق القانون الخاص الذى اصدره رئيس الجمهورية وفيه عدم خضوع ادارة السد للقوانيين السائدة فى البلاد مثل قانون مراجعة الاموال من قبل المراجع العام لحسابات السودان وعدم الخضوع لقانون العمل وقانون البيئة اوحتى موافقة المجلس الاعلى للبيئة اوبقية قوانيين الخدمة المدنية فاطلقت الدولة يد ادارة سد مروى فتمددت سلطتاتها حتي اصبحت لديها تقاطعات مع صلاحيات واختصاصات  وزرات اخري بل صلاحيات رئيس الدولة نفسه!
ثم تغير اسمها الى “وحدة تنفيذ السدود” فقامت بمهام  عدة وزارات فتحولت الى انشاء الطرق والجسور بعيدا عن وزارة الطرق والجسور والمطارات بعيدا عن اداة الطيران المدنى وخطوط السكة حديد بعيدا عن هيئة السكة الحديد بل كونت لنفسها جهاز امن خاص وشرطة خاصة وجيش خاص ومليشيات خاصة وكل ذلك تحت مسؤولية المدير النفيذى لوحدة تنفيذ السدود! والذي مدد من صلاحياته ومن نفوذه.
التكوينات المطلبية
المتاثرين قاموا بتنظيم انفسهم فى العام2001م فى جسم يضم  الثلاث مناطق المتاثرة بقيام السد وهى مناطق الحمداب 7%ومنطقة آمرى 18%ومنطقة المناصير 75% وعرف تكوينهم باسم إتحاد متضررى “سد مروى” ثم قامت السلطات بحل الاتحاد وانشأت بالضغوط  والاغراءات لجنة لاهالى الحمداب لبدء العمل فى السد(جسم السد) وقد نجحت ذلك العام، ثم جاءت المرحلة الثانية وهى تهجير اهالى آمرى ومٌورست ضدهم نفس الضغوط الا ان مجموعة كبيرة منهم تقدر بحوالى 4 الف اسرة رفضت التهجير واستعصمت باراضيها وقامت ادارة السد باعطاء مليشياتها اوامر باطلاق النار عليهم  فأردوا (3) منهم قتلى  فى يوم 22 ابريل 2006م وتسبب ذلك الحادث فى جرح اكثر من (9) اشخاص من الاهالى الذين كانوا يجتمعون فى احدى المدارس للتفاكر حول قضاياهم وايقاف الجريمة البشعة التى تقوم بها السلطات وقتها من اغراق للمتلكات والاراضي وايقاف غمر تاريخهم تحت مياة بحيرة السد.
ثم كون الاهالى فى منطقة آمرى لجنة تنفيذية مناهضة ومعبرة عن المتاثرين ولا زالت مستمرة فى نضالها ضد جبروت ادارة السد.
اما المجموعة  الاكبر وهى مجموعة المناصير الذين  يشكلون 75 % من المتاثرين فقد قاموا بانتخاب مجلس عام  للمتاثرين من (33) مجلس منطقة (كل منطقة تضم مايزيد عن الـ(8) قرى) وقد اشرف على الانتخابات كل من المعتمد وقتها مبارك عباس معتمد (محلية ابوحمد) وقتها التى كانت تضم مناطق المهجرين ضمن التقسيم الادارى للحكم المحلى وحضر الانتخابات كل من مدير امن المحلية  ومدير شرطة المحلية وقاضى المحلية وكبير الضباط الاداريين بها وحرر المعتمد تقريراً حول تلك الانتخابات واعتمدت النتيجة، ولكن وحدة تنفيذ السدود لم تكن راضية عن التكوين فطلبت من الوالى وقتها عبد الله على مسار عدم الاعتراف بهذا المجلس! وقد فعل ما آومر به مما جعل المنطقة تعيش فى حالة غضب عارم بسبب طاعة المسئولين فى الدولة لتعليمات ادارة السد.
قرر المواطنيين اغلاق المنطقة فى وجه الحكومة وتم قفلها بالفعل لفترة من الزمن امتدت من العام 2004 الى العام الاول من يونيو عام 2006م حين وقعت حكومة ولاية نهر النيل على قرارات ولائية تحملت فيها مسئوليتها الفدرالية عن  المتاثرين – على الورق- وتخلت عنها فعلياً تحت دعاو ان التعويضات وتشييد المبانى والمنازل والقرى والمدن واقامة المشروعات شأن اتحادى يتم الصرف عليه من الحكومة الاتحادية (الفدرالية) وان ادارة السد يدها قوية ومؤثرة على القرار السياسى فى مركز الحكم! هكذا خاطب الوالى وقتها “غلام الدين عثمان” اللجنة التنفيذية للمتاثرين.
ثم اغلقت المنطقة مرة اخرى فى وجه السلطات وقامت مجموعة من الاهالى بايقاف (23) عربة تتبع لجهاز امن السد ومحاصرتهم  فى سلسلة  جبلية طولها 11 كيلو متر وتم اغلاقها عليهم ثم زحف الاهالى عليهم بانابيب الغاز من اعلى الجبال وتمركزت مجموعات مسلحة واحاطت بهم وكاد العنف ان يقع لو لاتدخل بعض كبار رجالات المنطقة، والذين هم اقرب الى رجالات الادارة الاهلية، وتم فك احتجازهم الذى استمر من الثامنة صباحاً وحتى الساعة السابعة مساء بعد وصول وفد من مجلس المتاثرين من الخرطوم عبر طائرة هيلوكوبتر تتبع للشرطة الاتحادية  ثم قامت السلطات باعتقال (4) من اعضاء اللجنة التنفيذية للمتاثرين من الذين توسطوا لفك افراد جهاز الامن من الاهالى لمدة 9 اشهر وتعرض بعضهم للتعذيب!
عود على بدء
حين رفضت السلطات الاعتراف بالمجلس المنتخب ولجنته التفيذية قامت مجموعة من الشباب بتكوين (حركة المهجرين وبناء السودان الجديد) بمساعدات حركات ثورية سودانية حيث تلقوا تدريبا  فى كل من  (كاودا) بجبال النوبة و دولة اريتريا واستقر بعضهم فى جمهورية كينيا كقادة سياسين للحركة التى نشرت البيان التأسيسى لها فى يوم 4 ديسمبر 2004م والذى قالت فيه “الكفاح المسلح وسيلة رئيسية من وسائل تحقيق أهدافنا ، بالإضافة إلى كافة الوسائل الأخرى”
كانت تلك الحركة بمثابة اول حركة سياسية او مطلبية تعلن عن كفاح فى مسلح فى (الاقليم الشمالى) الذى يضم مديرتى  الشمالية  والنيل (ولايتى نهر النيل والشمالية) لاحقاً وانضمت اليها مجموعات من ابناء آمرى التى تقع ضمن حدود الولاية الشمالية وان كانت الغالبية منهم من مجموعة (المناصير) ومن مدن السودان المختلفة والمنحدرين من ذات المنطقة فقد ارتدى النزاع ثوب حماية الاهل والدفاع عن ارضهم.
كان للمناصير تاريخ طويلة فى الدفاع عن ارضهم امام مطامع جيرانهم عبر الحروب القبلية التى شهدتها نهاية الدولة السنارية او حتى على ايام المهدية او ايام الاستعمار الانجليزى فقد ذكر ذلك “ونستون تشرشل” رئيس وزراء بريطانيا فى النصف الاولى من القرن العشرين وكان قد عمل مراسلاً حربياً لاحدى الصحف البريطانية  ابان الحملة الإنتقامية التى قادها الجيش الانجليزى فى ما عرف بحرب النهر او” طابورالنهر”1898 التى سعوا فيها لتأديب المناصير والذين كانوا قد قاموا بقتل الجنرال “وليم آيرل” والعقيد “كوفتى” وقنصلى كل من النمسا وفرنسا و300 من رجال السلاح الطبى فى معركة الكربكان اضافة الى مقتل “الكولونيل إستيورات” فى معركة ام دويمة و لا تزال الباخرة عباس رابضة فى تلك المنطقة  منذ ان قاموا باغراقها فى العام 1884م.
ان العزلة التى عاشها مجتمع المناصير المتاثرين بسد “مروى” ابان العهد الاستعمارى جعلتهم يبدون شكوكاً  تجاه كل ما هو قادم من خارج منطقتهم، وخلقت منهم مجتمع مترابط لقد تحولوا الى أسرة كبيرة، كما ان افتقادهم للتعليم ايام العهد الاستعمار جعلهم يعملون فى  مهن صعبة مثل البناء والزراعة والعمل فى الجيش السودانى بنسبة اكبر من بقية المجموعات التى تجاورهم فى الاقليم الشمالى مما اغراء ابنائهم بسهولة الانتصار على الدولة فى حرب مفتوحة فى القرى والمدن، كما ان التمظهر القبلى  للادارة السياسية الحالية فى جهاز الدولة غير خافية عليهم  بل قريبة ومنافسة وطامعة فى ارضيهم اوهكذا هم يرون المشهد السياسي، ويتبدى ذلك بدرجة كبيرة فى “وحدة تنفيذ السدود” بكل مكوناتها مروراً بمفاصل الادارة العليا  فى الدولة من امن وقصر وشرطة وشركات وهيئات استشارية ومنها ما يستخدم من قبل “وحدة تنفيذ السدود” والتى يقف على رأسها افراد ينتمون الى مجموعة قبلية واحدة لهما سند كبير فى قمة الهرم السياسى للدولة.
هذه العوامل وغيرها هى التى دفعت مجتمع المتاثرين لتبنى خيار الكفاح المسلح ضد السلطة والتى لا تعترف الا بمن يحمل السلاح كما قال بذلك الرئيس شخصياً وفى اكثر من مناسبة وكذلك قال مساعد رئيس الجمهورية والخطاب الرسمى  للسلطة بشكل عام.
لم يكن العنف وسيلة او مطلباً لذاته اوخياراً مرفوع لمجتمع المتاثرين الا بعد وصولهم لمرحلة يأس من جدية السلطة فى الوصول الى حلول لمشاكلهم لا سيما ان كل المطوب هو إقامة مشاريع التوطين فى ارضهم وحول بحيرة السد فى ستة تجمعات كبيرة حسب الدراسات التى قدموها للدولة، ولكن لان الحسابات المادية تبرهن على خسارة السد حيث لا يمكن استعادة المبالغ الكبيرة التى صرفت فيه الا فى حالة مصادرة اراضيهم وبيعها للمستثمرين الاجانب وابعادهم عنها.
لقد كان الصراع مكشوفاً للجميع ولكن لعبت ادارة الدولة على الضغط على المتاثرين بعد عملية غمر اراضيهم ومغروساتهم ومدارسهم ومراكزهم الصحية التى شيدوها من مدخراتهم وتبرعات المغتربين منهم  والمهاجرين فى الاصقاع حيث لم تقم حكومة السودان طوال تاريخها منذ العام 1956م الا برتميم مدرسة واحدة فى العام 1956م حين زار الراحل اسماعيل الازهرى المنطقة ضمن زيارته للاقليم الشمالى .
ان موضوع المطالب تجاوز تعويضات ادارة السدود للاهالى وبناء المدن والقرى والطرق وتوصيل الكهرباء وبقية الخدمات لدى جيل الشباب،واصبحوا يتحدثون عن حقوق سياسية مهضومة متمثلة فى تواضع المشاركة السياسية لاهالى المنطقة والعزلة السياسية التى ضرب عليهم فترة من الزمن فى عهود الحكومات ” الوطنية ” كما فى الحقب الاستعمارية واصبح الخطاب المطلبى يتطور من منطقة الى اخرى لتتكشف مضامينه عن مطالب سياسية للمشاركة فى السلطة والثروة خاصة بعد توقيع اتفاقية نيفاشا التى ارست دعائم ومرتكزات الحقوق الإقتصادية والاجتماعية للسكان والمجموعات المهمشة فى تاريخ الدولة السودانية.
ان لغة ومفرادت المتاثرين تغيرت كثيراً بعد المظالم التى احدثتها ادارة السدود فى حقهم وحق اهاليهم فذاد الحنق على الدولة واصبحوا يتحسرون على ماضى اجدادهم فى المشاركة فى النضال الوطنى ابان الثورة المهدية، فهم من قطع الطريق امام الجنرال آيرل للذهاب الى مصر للعودة بحملة انقاذ غردون، وهم من استولى على وثائق ممثل الحكومة البريطانية ووثائق الامبراطورية التى كان يحتفظ بها غردون من حملات دولته فى الصين وهربها مع الجنرال آيرل فاخذوها منه وسلموها لرجال لامام  المهدى فى بربر، لقد بات تبرم الاهالى واضحاً من كتابة تاريخ السودان ويرد ذلك فى خطاب المجموعة ككل وقد فتح بناء السد أعين المتاثرين على حقوقهم المهضومة طوال تاريخ الدولة السودانية، كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وان كان لقيام السد من فائدة على هذا المجتمع فهى بلا شك ليست مادية او تنموية  ــ تعيش المنطقة التى تم اغراقها فى  ظلام دامس ولم يصلها مقدار شعاع كهربائى يضى لمبة نيون صغيرة  ــ انما ثورة المفاهيم التى اجتاحت المتاثرين ففتحت اعينهم على حقوقهم فى السلطة والثروة وهم الوار ذكرهم فى الكتاب الاشهر فى تاريخ السودان ” الكتاب الاسود” باعتبارهم المجموعة العرقية الوحيدة المهمشة من مجموعات شمال السودان العربية مثلهم مثل مجموعة النوبيين.
دروس وعبر
ان كثافة وجود ابناء منطقة المتاثرين بالقوات القوات النظامية “الجيش”هو الاكبر مقارنة بالمجموعات القبلية الاخرى من نفس الاقليم، وهذا من ما يغرى بعمل عسكرى فى دولة صممت أمنها على “مثلث حمدى”  الذى يستوجب بالضرورة عدم اطلاق رصاصة واحدة فى المثلث المورث من عهد  محمد على مرورا بابنائه وبقية الانكشارية من الشراكسة (الشركس) والشراكسة (الوطنيين) الذين حكموا السودان ، وضحكوا على شعبه، ونهبوا ثرواته من الذهب والفضة وريش النعام والقطن والثروة الحيوانية والمكوث والضرائب، وكل انواع الجباية المالية اضافة الى اموال النفط وذهب صحراء العتمور.
ان اللقاءات التى تمت بين بعض ابناء المنطقة وبعض قادة الحركات المسلحة الدارفورية  على وجه التحديد جعلت خطواتهم ــ المتاثرين بقيام السد ــ تتراجع حين عبر بعض قادة  تلك الحركات عن تحسرهم على فتح جبهة الحرب فى مناطقهم وما جره ذلك من تدمير لها ،وانهم لو عادت الايام بهم لبداية كفاحهم الثورى لفضلوا العمل السياسى والمدنى واللاعنف على الحرب لان الدمار الذى احدثه الحرب يحتاج علاجه الى نصف قرن للعودة الى ايام ما قبل الحرب.
ان تلك الحوارات التى اجريت خارج البلاد مع ثوار واصحاب تجارب فى العمل المسلح “العنيف” جعلت المتاثرين يتحسبون للخسائر التى تنجم جراء البدء فى عنف ضد السلطة التى تستخدم كل آليات الدولة فى حروبها القذرة ضد ابناء الشعب السودانى ،مما جعلهم يفضلون التغييرالسياسى والاشتراك مع بقية المكونات السياسية من احزاب ومنظمات مجتمع مدنى واهلى للوصول الى دولة رشيدة يسودها حكم القانون وتكون دولة الكافة بدلاً من دول الفئة ودولة الاوليجارشية التى تحكم بالحديد والنار وتسؤم شعبها العذاب.
لقد اطلعت قيادات المتاثرين بسد “مروى” على حجم الخسائر التى منيت بها دارفور كمنطقة من قبل بعض القادة الذين نصحوها بعدم الانخراط فى الحرب مما جعلهم يحجمون عن تجريب المُجَرِب ولا زالت نضالات المتاثرين بسد “مروى” بمنطقتى آمرى والمناصير سلمية ومدنية فقد عرفت المظاهرات والاعتصامات وبعضها الاعتصامات فاقت  المائة يوم فى عاصمة الولاية “الدامر” كما ان طلاب المتاثرين شاركوا بفاعلية فى مظاهرات 16 يونيو2012م وما بعدها وقد نشأت منظمات طوعية تعمل كاذرع لدعم الاهالى المتاثرين، وكذلك اندية وجميعات خيرية وجميعات تعاونية باغطية مختلفة لان المتاثرين يرون ان ادارة السد هى اقوى سلطة فى جهاز الدولة السودانية، ويمكنها ان تحبط الكثير من الاعمال بهدف اضعاف المتاثرين وصولا الى اخراجهم من اراضهم ووضع يدها على ثروتهم.
ان النضال السلمى ساعد على تطوير قدرات المراة فى مناطق المتاثرين، فقد شاركت اكثر (16) إمراة فى مجلس المتاثرين  ضمن عضويتة ومنهن من شغل منصب عضوية اللجنه التنفيذية، وقمنْ باعمال مختلفة فى مكافحة العادات الضارة  والرعاية الصحية وبعضن نلنْ دورات تدريبية فى مجال الرعاية الصحية والاسعافات الاولية وكورسات التطريز والحياكة وبعضهنْ شاركن فى الحملات الانتخابية فى العام 2010م  وفى المجالس المحلية للمدن والقرى واشتركن فى جميعات ومنظمات تمثل مناطق اخرى لاكتساب الخبرات.
فى هذ الإطار يمكننا ان نشيد بالجمعيات النوبية فى كل من الخرطوم وعطبرة  حيث قدموا يد العون للنساء المتاثرات بسد مروى وكما ساعدت بعض الاحزاب فى دعم الافراد والحاقهم بمنظمات مجتمع مدنى وبعضهم فتحوا مقراتهم ودور احزابهم و جميعاتهم وانديتهم لاقامة الندوات وقد وجد العمل المدنى والمطلبى والحقوقى والسياسى الذى قامت به جماهير المتاثرين بالسد دعم فنى وعلمى وادراى من فئات عديدة من بنات وابناء المجتمع السودانى  ولا زالوا يناضلون لاجل استرداد الحقوق بشكل سلمى وبمشاركة قطاعات واسعة من الشعب السودانى .
الخلاصة
1- ان تجربة العمل فى ظل اللاعنف  ذادت من عدد وحجم المشاركة لفئات  مختلفة ومن  اعمار متباينة من مجتمعنا.
2- ان العمل السلمى يقود بالضرورة الى رفع الوعى الجمعى للمجتمع المنكوب او المهمش او المظلوم او المضطهد.
3- العمل فى ظل اللاعنف يستقطب ويسد النقص فى تخصصات مختلفة يحتاجها المجتمع ويتيح الفرصة لاكتساب خبرات اضافية لعدد مقدر من فئات المجتمع ( مجتمع الازمة).
4- ان العمل فى ظل اللاعنف يجعل الاخرين يقدمون لك المساعدة وهولاء الاخرين ستكتشف انهم الوطن ككل .
5- ان  العمل فى ظل اللاعنف يتيح الفرصة لفئات ضعيفة اومستضعفة مثل المرأة والفتيات وكبار السن والفقراء للتعبير عن ارائهم وافكارهم فى معاجلة الازمة.
6- ان العمل فى ظل اللاعنف يرهق الخصم “حكم الاوليجارشية”، “الديكتاتورية” اى انظمة الحكم الشمولى ويشتت جهدها لاتساع نطاق الفاعلين الاجتماعيين.
7-
8- العمل فى ظل اللاعنف يحافظ على ما تبقى من موارد وامكانيات ويحول دون هدرها لان الحروب تزيد نطاق الخسائر الشرية والمادية والدمار والخراب.
*عبد الواحد ابراهيم – صحفى سودانى
                      القاهرة

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.