الأحد , مايو 5 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *المكروه في حديث المحبوب*

*المكروه في حديث المحبوب*


*معتصم الاقرع*

اصبت بالحيرة العاطفية حين قرأت نعي الاستاذ المحبوب عبدالسلام البليغ لفاطمة احمد ابراهيم فلم أعرف ان كان علي الاحتفاء بالنعي ام ان اصاب بغثيان سياسي . فقد اتي هذا النعي بلغة سخية واحساس عميق وشف عن ناعي  طيب القلب لين المعشر . في الجانب المشرق يمكن ملاحظة ادب الاستاذ المحبوب الجم وحسن خلقه مقارنة برفاقه في الحركة الاسلامية من أهل السيخ ولحس الكوع وبيوت الاشباح. ولا بد من الاشادة بـمحاولات الاستاذ المحبوب المستمرة للتواصل والتصادق مع ألوان الطيف السياسي المعادي لاخوانه ليساهم بذلك في خلق ثقافة تعايش بين أهل الايدلوجيات المتناحرة في السودان , هذا التعايش الذي يحتاجه السودان بشدة وهو عنه بعيد كما قال محمد الامين في زاد شجونه.
ولكن من الناحية الاخري هناك عدة اشكالات تبرز في  الجانب الاقل اشراقا في حديث المحبوب في محبة فاطمة , فما معني ان تحب فاطمة وتنتمي في نفس الوقت طوال حياتك  للتنظيم الذي دعا في كل وقت لقتل من انتمي لحزب فاطمة وطرده من الخدمة المدنية والتضييق عليه في العيش ونعته بالكفر وفساد الأخلاق ؟ وما معني ان تحب فاطمة وتنتمي للحزب الذي دعا لطرد نواب حزب فاطمة من البرلمان ودعا لابلسة هذا الحزب وبهته بالاكاذيب المحلية والمستوردة وادخال الرعب الدائِم في قلب اعضاء واصدقاء هذا الحزب ؟.
لاحظ الصحفي النابه المتميز علاء الدين محمود ان المحبوب بني جل تزكيته لفاطمة علي صلاتها وتمسكها بشعائِر الاسلام, وهذا تعبير عن ذهنية اخوانية متمركزة دينيا لم تخرج بعد من ضيق الطائِفية الي فضاء الوعي الوطني الذي يميز بين الغث والثمين حسب اداءهما في خدمة الشعب والمثل الوطنية العليا بغض النظر عن الانتماء الديني للفرد . فحديث المحبوب يشير الِي انه لو لم تكن فاطمة من أهل الصلاة لكونها من اصول سودانية غير مسلمة كاهلنا في جبال النوبة أو كانت من أهل الصليب أو الكجور  لما استحقت ان يحتفل بها بمثل سخاء المحبوب. وهذه لحظة  المحبوب الاخوانية التي ترفض ان تموت رغم محاولاته الجادة للهروب من شرنقة الاخونة الفكرية للخروج الِي رحاب الوطن المتعالي علي الاعتقاد الديني والعرقي والأثني والجندري, ولكن هيهات فالرمد الترابي الذي اصاب المحبوب في صباه اليافع  داء عضال ليس من السهل تجاوزه بالاماني السهلة .
من ناحية اخري يطرح نعي المحبوب الجميل لفاطمة اشكالية عبادة المشاهير بغض النظر عن المحتوي الانساني والسياسي لحركتهم في الفضاء العام واسباب شهرتهم . في عهد هيمنة الاعلام الأمريكي المتعولم , صارت الشهرة غاية ومبرر اخلاقي وشيك علي بياض في حد ذاتها بغض النظر عن جذور هذه الشهرة  , لذلك يتم االخلط علي نفس القدم والساق بانجيلينا جولي وكيم كرداشيان ومارتن لوثر كنج ونعوم شومسكي وبيونسي وبيرني ساندرز . في مثل هذا المناخ الفكري والنفسي تسعي السلطات السياسية والمالية والاعلامية لاحتضان المشاهير وسرقة بريقهم بغض النظر عن خلفيات شهرتهم المتباينة لتصير الشهرة هي المبرر الاخلاقي لوجودها .
نلاحظ تجليات ايدلوجيا الشهرة في السودان في عبادة الانسان الكبيرالمشهور بغض النظر عن جذور هذا الكبر والشهرة  . فمثلا من اكثر الممارسات المثيرة للشفقة من قبل بعض المثقفين السودانييين الاحتفال بعبد الخالق محجوب وحسن الترابي من نفس الشخص واحيانا في نفس النص . ان أي انسان يملك حد ادني من الامانة الفكرية لا يمكنه ان يحتفل بهذين الشخصين معا ,فأي شخص جاد  ان اختار أحدهما كبطل لا بد له ان يختار الاخر كمشكلة. التفسير الوحيد للاحتفال بعبد الخالق وفاطمة والترابي في نفس الوقت هو ان المحتفل والغ في حب الانسان الكبير , المشهور السالط في تغاضي كامل عن القيم التي كرس لها هذا الانسان السالط حياته ووجوده . فمن يحب اشخاص في درجة تناقض فاطمة والترابي في الحقيقة لا يحب الا  النجومية والسلطة المعنوية ولا تعنيه القيم التي ترتكز عليها هذه السلطة.
الاشكالية الاخيرة في كرم المحبوب تجاه فاطمة هي مرض الطفيلية الفكرية للاسلاميين الذين عجزوا عن ان  ينتجوا فنانا أو مفكرا أو علما واحدا في أي مجال يمكهنم الاقتداء به أو حتى يتيح لهم  ان يتباهوا به . ازاء هذا العقم الجديب لم يعد في امكان الاسلاميين غير السطو علي مبدعي الشعب السوداني من اعداءهم الفكريين وسرقة رصيدهم المعنوي والتنصل عن حقيقة ان كل ممارسات الحركة الاسلامية في كل تاريخ وجودها سعت لقتل امكانية ميلاد مواهب علي شاكلة من حاول الاخوان لاحقا الالتصاق بهم وسرقة بريقهم مثل فاطمة وعبد الخالق ووردي  وعثمان حسين ومصطفي سيداحمد وحميد والطيب صالح.
السؤال  الذي يفرض نفسه هو هل أحتفال الاخوان برموز الابداع الثقافي والفكري والسياسي السوداني نوع من التسامح السوداني الجميل الذي يبحث دا ئِما عما  يجمعنا  ويوحدنا , وهو كثير ,   أم هو نوع من السطو الطفيلي علي تراث سوداني مجيد,  بـهذه العقلية الطفيلية التي ميزت حركة الاخوان  عبر العصور ؟ وهل المحبوب وحسين خوجلي  وغيرهم  من المحتفلين باهل الفن والثقافة والسياسة من الديمقراطىين والعلمانيين السودانيين , هل هم أهل انفتاح اسلامي, سوداني  متسامح يقبل الاخر المختلف , ام هم كالدجاجة التي تكاكي في حوش الثقافة الديمقراطية الانسانية السودانية فقط  لكي لا تبيض إلا  في قفص االنيكروفيليا الترابية-البشيرية ؟

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.