الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم أكن مخيرا” (16)…

لم أكن مخيرا” (16)…

لقد تغير (عبدالله) كثيرا” ، واصبح الجشع يطل من عينيه ، وتذوق طعم الحلوى السامة ، فأصبح شرها” ليبتلع المزيد ، لم اهتم به وهو يقف غاضبا” ، ووقفت بجانب القضبان استفسر (أمال) عن والدتي ، فقالت لي :
أنها بخير وربما تخرج اليوم او غدا” الي المنزل ، فهمست لها بأن تطلب من المحامي ان يشرع في إجراءات اطلاق سراح (عبدالله) ولا تهتم بحديثه ، وطلبت من (عبدالله) تسليمها حصيلة اليوم من المال فسلمها المبلغ الذي بحوزته ، وعدنا للعنبر .
كان (عبدالله) غاضبا” لا يتحدث معي ، وشرعنا في التوزيع كل في موقعه ، حتي الساعة الخامسة زمن تعداد المساجين ، واغلاق ابواب السجن ، وهي فترة راحة نتمدد فيها وناكل بعض الطعام ، لنستقبل المساء ، فتحت الجوال لاشاهد الرسائل والاتصالات الواردة ، ووجدت (أمال) قد اتصلت اكثر من عشرين اتصال بعد مغادرتنا ، واتصال من (هيام) . فاتصلت ب(أمال)   استقبلتني ، وهي تبكي ، وتحاول ان تتحدث ولكن العبرة تخنقها ، فخفت ان يكون حدث شئ لوالدتي ، فقلت لها :
ماذا حدث لوالدتي ، يا (امال) فردت سريع : لم يحدث شئ لوالدتك ، لقد حدث لي انا يا (مجدي) ، فقد تهجم علي اثنان وانا في طريق عودتي من السجن ، وحاولوا خطف حقيبتي ، فتمسكت بها ، فضربني احدهم علي راسي حتي اغمي علي ، ولم استيقظ الا وانا ممدة في المستشفي لقد سرقوا المبلغ يا (مجدي) فقلت لها : فداك يا (أمال) ولكن هل انتي بخير ؟ فقال لي :
نعم فقط اشعر بدوار في الرأس ، ولكن الطبيب قال لي  انها مجرد كدمة بسيطة ، وحاليا سأذهب للمنزل ، لارتاح لا تخبر (عبدالله) حتي لا يقلق ، فقلت لها :
ان (عبدالله) يقف في راسي منذ مشاهدته لتعابير وجهي ، منحته الجوال بهدوء وتحدث مع (أمال) وهو يتحرق غيظا” ، فقال لها : اتصلي بالمحامي ليشرع في اجراءات خروجي ، واغلق الجوال ، وهو ينظر لي ، فقلت له : ماذا تريد ان تقول ، فقال لي : لابد انهم الضباط ، فقد قمت بنقل انت احد رجالهم الصباح ذاك المحتال (عبدالعزيز) ، فقلت له :
لا تتعجل الأحداث ، فانطلقت للمعلم (عبدو) فهو اكثر خبرة ، واخذت معي علبة سجائر ، رميتها بين قدميه اخذها وهو يبتسم ، فقال لي : اطلب خدمتك ، فشرحت له الوضع بهدوء وهو يستمع ، فقال لي :
غدا” صباحا سيعود اليك المبلغ الذي فقدته ربما لا يكون مكتملا ؛ ولكنه لن ينقص كثيرا” ، فاخرجت قطعة من المخدرات رميتها له ايضا تحت قدميه ، داخل حبسه الانفرادي ، فقال لي وهو يضحك :
خسارة مثلك ان يخرج من كار المخدرات ففيك كل صفات المعلمين ، فقلت له : اختصر ، فقال لي :
انهم العساكر الموجودين في مكتب الزيارة ، فهم يراقبون الجميع ، وينقلون المعلومات لكل من يطلبها مقابل المال ، كما انهم ينفذون عمليات نهب وإحتيال ، فيجب ان تتحرك قبل التمام الصباحي ، وتدخل علي المساعد المسئول ، وتشرح له القصة حضور اخت (عبدالله)  ومهاجمتها من قبل شخصين بعد خروجها من السجن ، وهي تقول بانها شاهدت احدهم يرتدي زي عسكري في السجن ، ويمكنها ان تتعرف عليه في طابور الشخصية ، وقل له انك تفهم ما يدور من عساكر الزيارة ، بدون ان توضح له من اين أتت بالمبلغ ؟ فقط مبلغ تبرع به الاقارب لاطلاق سراح (عبدالله) ، وقل له : حديثي هذا اريد ان اعرضه لمدير السجن ، وأحتاج رايك فنحن نعمل سويا” ، وافضل ان تعالج الامر بحكمتك ، وتعيد لي ثمانين في المائة ؛ والبقية مكافأة لخدماتك الجليلة ، ولا تزيد معه في الحديث وتعود لعنبرك .
وبعد انتهي المعلم قال لي : اذا احتجت اي اضافة او شرح اخر ، عليك زيادة الرشوة ، فتركته وعدت ل(عبدالله) وشرحت له التفاصيل ، وقضينا امسيتنا في التوزيع ، وقبل أن أنام اتصلت علي (أمال) فلم ترد ، واتصلت علي هيام ، فكانت حاضرة ، تقتسم مع والدتي الفراش في المستشفي ، وإحساسها بانها معي ، فوالدتي تشابهني كثيرا في الشكل ، وقالت لي : ربما يتم اخراج والدتك من المستشفي غدا ، واتمني أن يطلق سراحك غدا” حتي تكتمل فرحتي ، سافرش لك الطريق ورود حتي تعود لنا ، فقلت لها :
ان حديثك يدل علي ان والدتي نائمة ، فضحكت حتي احسست بدفء الجوال ، وقالت لي : طبعا نائمة فانا استحى ، من حماتي ، فقلت لها : لا تتعجلي ، يا (هيام) فلا زالت تجمعني علاقة مع (أمال) وهي ظهرت في حياتي من قبلك ، شعرت بتنهيدتها تخترق جدار فؤادي ، وهي تقول لي : تصبح علي خير (مجدي) فقلت لها : وانتي من اهله ، وشعرت انها غاضبة ، وحتي اخفف من غضبها طلبت منها ان تقبل امي نيابة عني ، فقالت لي : حاضر ولكننا اثنين ! واغلقت الهاتف ، ولكن عبارتها اوردتني موارد الهلاك حتي بدأت اساءل نفسي !
ماذا تريدين مني أيتها الفاتنة المغردة ؟ لقد خلخلتي متاريس قلبي الملهوف شوقا” وحنينا” ، وزرعتي فى زهور الربيع في بؤرة لا يغشاها الربيع ، وانسكبت مثل المياه الجارية في ارض منحدرة تكابد لتوقف الإنحدار ، تغلبني حتي الإلتفاتة والتريث ،، كسرت خواطري ؛ رنين جوالي المجنون يصرخ من جديد فاتلهف في رد قبل أن اعرف من المتصل ، فيأتيني صوت (أمال) وكانها سمعت محادثتنا ، وهي تقول لي : (مجدي) اريد اتحدث معك ولكن ابتعد من (عبدالله) ، فقلت لها :
هو بعيد يا (أمال)، فقالت لي :
اليوم شعرت بأني احتاجك بشدة ، كنت اتمني اتحصن بك لتمنع عني هؤلاء القساة ، لم يسجونك انت يا مجدي لقد سجونني انا ، ما أقسي أن أنام ، واصارع الوحشة وانكوي بظلمك ، اشاهدك في كل شئ حولي واري الحياة في عينيك ، اعترف لك اليوم يا مجدي انفاسك التي تتبخر لتخرج استشعرها عطرا ، يملأ حياتي املا” بقادم جميل ، انا احبك كثيرا يا (مجدي)، فقلت له : لماذا منعتيني من هذه الكلمات الجميلة كل هذا الزمان يا (أمال) .
فقالت لي : لقد خفت اليوم ان أموت ولا تعرف ماذا يخبئ لك قلبي ، يكفيني ان اكون تحت ظلك فيتملكني الأمان بانك قريب ، تصبح علي ألف خير حبيبي ، واغلقت الخط ، كأنه يوم الإعتراف! .
فبماذا تعترف انت يا مجدي .
كان صباحا صاخبا” وانا اقف امام المسئول المساعد ، واشرح له ما حدث ، وعندما انتهيت من السرد انسحبت عائد للعريشة ، وكان التمام الصباحي قد انتهي واختفي العساكر ، ثم عادوا وهم منزعجين ونفذنا نقل المساجين كأن الامور علي ما يرام ، وعندما دخلت لإقتسام ما نهبناه اخرج المساعد مبلغ كبير من المال الغير مرتب ، وسلمني اياها ويقول بهذا الشكل اخذوها وبهذا الشكل اعدتها لك ، فاخذته منه وشكرته وهو يعلم انهم انتقصوا منها الكثير والمساعد ايضا قد اخذ أجر المساعدة ، ووزعت عليهم ما تحصلنا عليه من الذين ضمنوا وجودهم بسجن امدرمان ، وكان جيب المساعد يبرز منه بعض المال الغير مرتب دليل انه قد نهب نهبته ، وعدت للعنبر او العريشة رتبنا المبلغ الذي بحوزنتا ، وجاء كشف الخروج للمحاكمات فكان اسمي اولهم و(المعلم عبدو) ثانيهم و(عبدالله) ثالثهم ، فصعدنا جميعا سيارة واحدة ، وتحركت نحو قسم محكمة الأوسط المكان الذي بدأت منه حكايتي  …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.