الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم اكن مخيرا” (15)…

لم اكن مخيرا” (15)…

     كانت زيارة (هيام) ممتعة وهي تقف خلف القضبان مطمئنة ، وخرجت اسرتها تنتظرها خارجا ، بعد موجة من الكلمات الرومانسية الحالمة ، والحقيقة انها ملاك  ، حتي العساكر المتواجدين في زيارة ، يتهامسون ويتغامزون ،  إلا أن خرجت تحلم بخروجي ، وأحلم انا بصعوبة الإختيار ، وحتي الاخبار التي تنطلق منها تسعد الروح ، فقد قالت لي ببراءتها :
غدا ستخرج والدتك من المستشفي يا مجدي وسوف ننتظرك سويا” في منزلنا ، وقلت لها مناجيا” نفسي :
لو سمعتك (أمال) سيكون يومك أسود ، عدت للعريشة مرورا بالمعلم (عبدو) وكان صامتا” ويبدو انه أضمر لي شيئا ، ولم اهتم به فهنالك عمل كثير ، وتبقي لي يوم للمحاكمة ، فاعددت مع (عبدالله) الخطة بعد التمام مباشرة ، وما هي الا دقائق حتي انتهي التمام ، وكالعادة ذهبنا نستخرج المخدرات من التصبينة ، ونبدأ رحلة البيع ، ولكن كانت المفاجاة عظيمة فقد اختفت المخدرات ، ووجدنا الحفرة خالية ، هنالك من تعقبنا وسرق المخدرات ، فصرخ (عبدالله)  لابد أنه المحتال ، فانطلقنا نبحث عنه حتي عثرنا عليه ، ومن مشاهدتي له وهو يعد الطعام عرفت أنه بريء، ولكننا نتمسك بالقشة ،  فقدناه الي جوار الحمامات وهو يرتجف ، وكان (عبدالله) عنيفا في التعامل ، فانكر معرفته بما يحدث ، وحضر فتوات نيفاشا لتنفيذ التعذيب ، ولكني تراجعت ، فقلت لهم دعونا نفكر ، لا يمكن ان يكون المعلم فهو في السجن الانفرادي ، فقلت ل(عبدالله) من كان يتابعك فقال لي :
لا احد ، اذا من كان يتابعني انا ، اطلقت سراح المحتال وهو مرعوب ، و(عبدالله) غاضب مني ، وذهبت اتجول في ارجاء السجن ، حتي مررت بجوار المسجد ، لقد تذكرت انه مدمن الذي حذرني أمس من (المعلم عبدو) ، فانطلقت ابحث عنه ، حتي وجدته ، داخل المسجد ينتظر صلاة العشاء ، فطلبت من الفتوات احضاره ، فاحضروه ولكن السجناء يقظين فلا زال الوقت باكرا ، ولكن اتخذت الاسلوب الأنسب فقد سحبناه جوار الحمامات واحضرنا الحبال ، واخرجت الخشبة التي كنت اضرب بها المحتال ، وحاولت ان ابرز له جانب الدماء فيها ، وطلبت من احد الفتوات سن الجانب الامامي فيها ، حتي لا تاخذ زمن في اختراق الجسد وكان المدمن يحاول يستفسر بانه لا يعرف ماذا يحدث ؟! وماذا نريد منه ، حتي انتهي احد الفتوات من سن الخشبة حتي اصبحت مثل رمح ، فطلبته منهم تقييده وتكميمه ، حتي لا يسمع صوت صراخه ، وفعلوا بصورة جادة ، وامسكت الخشبة ، وهو يتلوي ، فقلت لهم ربما يريد ان يتشهد ، فسحبت الكمامة من فمه ، وقلت له : قل اشهد ان لا اله الا الله ، فقال لي : أشهد اني اخذت المخدرات ، وأودعتها عند امام المسجد ، فقلت له : قبلنا شهادتك ، قم وسلمنا المخدرات فقد اضعت علينا زمنا طويلا”، فتحركنا جميعا وصلاة العشاء في نهايتها ، وانتظرنا حتي سلم الأمام فوجدنا جميعا نقف امامه ، فقال لنا الإمام بهدوء : ارفعوا المنبر قليلا ستجدونها مخباءة ، فرفعت المنبر ، وسحبنا اللفافة والمصلين جميعا ينظرون ، ووقفت أخطب فيهم : بانها مصالح مشتركة اكملوا صلاتكم فالعمل ايضا عبادة ، ونظرت للإمام ، وانا مغتاظ وقلت له:
أياك وخضراء الدمن ، فنظر لي مستعجبا” كأنه لا يعلم ما في اللفافة !! وانطلقنا للبيع ونحن نتنفس الصعداء ، والفتوات يشكلون لنا درعا” .
     عندما عدنا كان الليل قد بدأ يرحل ، وتباشير التمام الصباحي في بدايتها ، كان برنامج نقل المساجين للسجون اخري مشتعلا” بالصراعات ، واسم المعلم (عبدو) في القائمة ، ولكني فضلت ان يكون معنا ، فهيام تعلم باني اصبحت مسيطرا” داخل هذا السجن ، فإستبدلت اسمه بذاك المحتال (عبدالعزيز) حتي لا ينقل تحركاتنا لضباط الذين حضروا بالأمس ، وبعد الانتهاء من التنقلات ، اخذت بعضا من القهوة والبسكويت ، وذهبت اجلس مع المعلم (عبدو) الذي استقبلني ببرود كعادته، ومنحته القهوة يرتشفها وهو ينظر لي فقلت له :  لما هذه النظرات ، فقال : اتمني أن لا تكون مسمومة ، فقد اخفقت تقديراتي في ذكاءك ، وأخاف ان يكون معها بعض الدموية ، فسيرتك العطرة بدات تنتشر داخل السجن ، ضحكت وقلت له : لا اقتل الميتين ، فقال لي : اتمني ذلك ، فقال لي : وحتي اكون معك صريح اريدك ان تبتعد من (هيام) ، فلا يمكنك ان تتزوجها فهي ابنة معلم مخدرات واسرتك واهلك لا يقبلون بها ، وسيكون حبك عابرا” ، لانه بسبب جمالها  وسوف تدمرها ، وسوف أدمرك انا ، ف(هيام) لايمكنها ان تتزوج سوي تاجر مخدرات هذا قدرها ، فإبنة المطرب لا تتزوج الا مطرب ، فقلت له : انت تفكر تفكيرا” بعيدا” يا (معلم) ، لقد خرجت من صلب امرأة علمتني ان الفضيلة هي التي تسعدك في هذه الحياة ، والاخلاق هي التي ترضيك وترضي السماء ، وعندما أخرج من هذا السجن ستخرج معه كل شرور العالم ، وستكون تجربة تعلمت منها انا هنالك حياة اخري في كوكبنا غير التي نعيشها ، ضحك (المعلم عبدو) ، وقال لي :
أتعرف كم شخص تورطوا معي بدون سبب في هذا العمل اكثر من عشرة اشخاص ، والمعلم (البجاوي) واحدا منهم لذلك يكرهني ، لقد أصبحت أستلذ بتوريط الاشخاص ، او تعليمهم بيع او تدخين المخدرات ، ستة وعشرون عاما” ، ولا ازال اذكر  بدايتي في المخدرات ، وهي مثل بدايتك معي !
فقدت كنت امتلك مزرعة من ورثة والدي المتوفي ، وكانت هنالك امرأة تعبر مزرعتنا حاملة معها قفة كبيرة اساعدها كلما عبرت بمزرعتنا النيلية ، حتي تم القبض علي وانا احمل القفة ملئ بالمخدرات ، واختفت السيدة ، كانها  لم تكن موجودة ، فقد كانت هنالك مركب تهبط بها امام المزرعة لتشق مزرعتنا ، وتنطلق لبيع المخدرات للمعلمين الكبار ، شاهدت الشرطة وركبت القارب وهربت ، ولم أجد نفسي الا وحيدا” اسلم المخدرات للشرطة ، حاولت اقناع الشرطة بان هنالك امرأة فجعلوني إضحوكة ، بعد ان قضيت عاما” في (سجن كوبر) وخرجت كان اول محصول انتجته مزرعتي بعد ذلك (البنقو) !!
وعندما دخلت هذا العالم كنت يوميا افكر في التوبة ، ولكني وجدت جميع اصدقائي يتمنوا ان يتوبوا من زيارتي فجميعهم ذاقوا السجن بسببي ، ربع حياتي يا ابني قضيتها متنقلا بين السجون ، وجميع النساء الذين تزوجتهم يتمنون لي الموت دعك من مشاهدتي ، كانت عيونه محمرة ، وهو يحكي بحرقة ، فقلت له :
التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، فقال لي : عندما يصبح الذنب فضيلة سأتوب ، انسحبت منه وهو مطأطئ راسه ، وتدور في رأسه تفاصيل حياته الشقية .
   تم استدعائي في زيارة ، وذهبت ووجدت (أمال) ومعها (عبدالله) ، وكانت امال ثائرة في وجه عبدالله ، فقلت له : ماذا حدث يا (امال) ، فقالت لقد خرجت منكم امس وانا حذرة حتي استوقفتني سيارة بها ضباط ، وقد هددوني وانتزعوا مني الأوراق وسلموني مبلغ (مائة مليون) قالوا عبارة عن اتفاق بينكم ، صمت وانا انظر لها فواصلت حديثها : ذهبت للمنزل وجمعت المبلغ الذي بحوزتي ، وكان اكثر من مئتين مليون ، فذهبت للتاجر وعن طريق المحامي عملنا مخالصة .
فقلت لها : لقد فعلت الصواب ، فعلى ماذا الصراع مع عبدالله ، فقالت :
لقد طلبت من المحامي تقديم المخالصة للمحكمة لإطلاق سراح (عبدالله) ، وعبدالله رافض يريدني ان اؤجل تقديم الطلب للمحكمة ، فسحبت (عبدالله)  جانبا وقلت له:
  لماذا لا تريد ان تخرج؟ ، فقال لي وهو غاضب : أريد أن  أكون حياتي ، فهذه فرصة يا مجدي أريد أن  أتزوج ، واشتري سيارة ، واعيش كما يعيش الناس ، لقد كان (معلم عبدو) صادقا في كل كلمة قالها ، حقا إنها شبكة عنكبوتية !، فقلت له : أتريد ان تبني حياتك علي صحة وأرواح الآخرين ؟، أتريد تبني نفسك من أموال المخدرات الحرام؟ ، فقال لي:
أموال المخدرات عالجت والدتك يا (مجدي)! ، رفضت ان ارد عليه بعنف فالمال افقد عبدالله نفسه ! واشعره بكينونته الغائبة ، ولكنه الطريق الوعر الذي لا عودة منه ، فقلت له : لا اريد نسيب تاجر مخدرات ، وما فعلته لم اكن مخيرا” فيه ، وغدا سوف اخرج من السجن وسوف اغلق هذه الصفحة الي الابد …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.