الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم اكن مخيرا” (13)…

لم اكن مخيرا” (13)…

     وها هو (المعلم عبدو) يتم القبض عليه ويحضرونه لسجن امدرمان ، يا لتصاريف القدر !!، سيكون السجن ضيقا” علي كلينا ، ومنذ دخوله يصرف النظر عنا بدون التحية وينشغل مع العساكر وبعض قدامى المحاربين !! كما يطلقون علي بعضهم ؛ خاصة المترددين بإستمرار علي السجن ، ولوح بيده من بعيد مستحى من القاء بنا ! ولكننا لن نتركه فذهبنا اليه ، وقد انتهي حفل إستقباله ، فإقتربت منه وهو ينظر لي ، وقلت له : هذا هو مكانك الطبيعي يا (معلم عبدو) ، وسوف اوصي بإحضار  سبحة ومصحف لك ، تختم بهم حياتك !!، فقال لي : شكرا” علي هذا السخاء يا تاجر المخدرات ، وعلي العموم لن اختلف معك فستخرج لتحضر لنا البضاعة من الخارج فالمخدرات لعبة لا مركزية ، ضحكت وقلت له : اظنك لن تتوب ابدا” يا (معلم ) ، فقال:
لا يوجد من يتوب من المكتوب ، وستعرف ذلك وانت تتقلب في الفقر ، فالهبوط من الثراء ، كالسقوط من السماء ، فقلت له :
حكم يصنعها الكيف ، ولكن من أوقع بك ؟ ، فقال لي وهو شاحب الوجه :
انه صديقك الذي احضرته لي ، فقلت له :
(مجاهد احمد) لقد كنت اتوقع ذلك ، فقد خدعنا جميعا ، ولكن ماذا ضبطوا عندك لحظة إعتقالك ، فقال : الحمدالله لم يجدوا شيئا سوي قطعة كبيرة من المخدرات و(خمسة مليون) ارسلت بها مجاهد لإحضار المخدرات ، واحمدالله ان المعلم الذي ذهب اليه ، قد تاخر في تسليمه بداعي التأمين ، واخطرته ، بعد خروجي من قسم الشرطة بأن مجاهد يتبع للشرطة ، وذهبت للمنزل ووجدتهم ينتظرونني ، فقد اصبح يعرف المخابئ الخاصة بي فقبض معي هذه القطعة ، فقلت له : علي العموم انت في دارك ، ولدينا عمل نقوم به نستأذنك ، وتركناه وهو غاضب يردد : اتبيعون مخدرات معلما” غيري ؟
لم نرد عليه فبحوزتنا مخدرات المعلم (البجاوي) كان النهار قد إنتصف وكلا” يعمل في مكان .
  عدنا ناكل ونرتشف بعضا من القهوة ، التي يعدها لنا بعض الصبية ، فقال لي (عبدالله) لقد نبهتك قبل يومين لأحد الوافدين من المساجين بانني قد التقيته سابقا ولكنني لا اذكر فقلت له : نعم .
فقال لي :
إنه من باعني الأعشاب ويسكن خلف سوق ليبيا ، قالها وهو ينطلق بحثا” عنه وانا خلفه ، فقلت له لا تتحدث معه ، ودع الامر لي ، فقال لي : حاضر ولكن اتمني ان لا يكون نقل لسجن اخر ، فقلت له:
انا مسئول من النقل عدا هذا اليوم فقد كنت انت المسئول فقال لي :
اذا” هو موجود ، رغم ان السجن به عددية هائلة من المساجين أكثر من (الف وخمسمائة) سجين الا اننا عثرنا عليه في النهاية في نفس العريشة التي نقبع فيها ، فطلبت من (عبدالله ) عدم التحدث معه ، ورجعت اتمدد فقد اقترب موعد نهاية الزيارة ، واتصلت بالطبيب الذي طمأنني بان الوالدة بخير ، وسمعت صوت العساكر ينادون علي ، زيارة ومعي (المعلم عبدو) فعرفت انها (هيام) ووقفنا انا والمعلم في شباك الزيارة متجاورين وهو يرمقني بنظرته النارية ، لم أعره اهتماما” فهو سبب البلاء ، وكما توقعنا اسرة المعلم زوجته وابنتيه ، فسلموا علينا ، وانسحبت (هيام) للجانب الاخر من شباك سجن وانسحبت معها حتي صرنا نقف مجموعتين متباعدتين ، انا (وهيام) و(المعلم)  مع زوجته وإبنته ، فقالت لي : كل يوم احلم بك خارج الاسوار ، رغم مصابي في ابي ولكن الله سيعوضني بخروجك يا مجدي ، اعرف اني ابنة تاجر مخدرات ولكني لم اختار مصيري يا مجدي ، وعندما اتسامر مع والدتك  ،واسمعها تتمني لك زوجة من اسرة كبيرة ، وتقتلني عندما تسألني ماذا يعمل  والدك ، نعم أنا أبنة تاجر مخدرات ، ولكن هذا غصبا عني ، كما أني  لم اقف او اتعرف علي شاب غيرك ، فكل حبي جعلته حلما” لزوجي ، ومنذ ان شاهدتك أحلم أن اكون معك فقط .
   كانت تتحدث واشعر بحديثها يخرج من القلب ، ويمس شغاف قلبي  ،  وعندما تسمعه أذناي ، يدق قلبي كلما تحركت شفتاها ، واصارع نفسي صراعا” مرا” حتي لا أتورط ، فهنالك إنسانة أخري في حياتي ، قلت لها :
أنا أحترمك كثيرا يا (هيام) ، ومشكلة امي تجعلني لا أفكر في شئ سواها ، فدعيني اخرج ، فانتي لا تعرفيني جيدا ، فربما لا أكون كما تصورتيني ، اقتربت مني حتي شعرت بانفاسها تخترق القضبان الحديدية التي بيننا ، وتقول بصوتها الذي يشابه الموسيقي الحنينة ، لقد اختارك قلبي ، وهو لم يختار سابقا ولا اظنه يخطئ ، فسمعت المعلم ينهرها ويقول  لزوجته:
لو لم تبعدي ابنتك من تاجر المخدرات هذا ساقتلها ، يا لجراءتها تغازله امامنا جميعا ، فذعرت (هيام) وخرجت ودموعها تتدفق ، من صراخ ابيها المعتوه ، ولا أدري كيف لنمر مفترس  أن يربى مها ؟!
  نظرت اليه ورجعت اتمدد في العريشة ( وعبدالله ) يرمقني بنظرة غريبة ، وانا في قمة النشوة ، فقلت له :
لماذا تنظر لي هكذا ، فقال لي : لم تسأل من (أمال) ولم تهتم لأمرها ومنذ امس (أمال) في قسم الطواريء ، فطنت في تلك اللحظة انني ارتكبت خطأ كبير بعدم سؤالي عن (أمال) فقلت له وانا كاذب :
لقد سألت الطبيب واغلق السماعة وحاولت ان اتصل مرة ثانية ولكن الزيارة حالت دون اتصالي ، وحاليا افكر في كيف نتعامل مع المحتال الذي باع لك الأعشاب ، صمت (عبدالله) وهو ينظر لي وقال لي :
سوف تخرج بعد ايام يا (مجدي) وأمال اختي امانة وضعتها في عنقك ، واذا كان لديك تفكير اخر فحاول ان تصارحها دون ان تجرحها ، فهي اختي الوحيدة ولا اريد ان افقدها فأفقدك ، كان حديثه انذار واضح ، قطع حديثنا توقيت تعداد المساجين واغلاق السجن ، وانطلقنا لتكملة ما نبيع حتي انتهينا باكرا فبضاعة (المعلم عبدو)  ، لم تصلنا ووصلنا (المعلم عبدو) بنفسه !!، ونراه يتقافز امامنا يبحث عن مكان وفراش ينام عليه ، فجميع المساجين يأتمرون بأمرنا
كنت علي صلة ببعض الفتوات الذين اتعامل معهم في نيفاشا ، فطلبت منهم إحضار المحتال الذي نهب صديقي ، وجلسنا بعيدا انا و(عبدالله)  ننتظرهم حتي عادوا يسحبونه امامهم ، تقدم (عبدالله) نحوه وقال له :
هل كنت تظن اننا لن نلتقي ؟ فقال له المحتال : من أنت أنا لا اعرفك حتي أظن ؟
فقلت للمساجين نفذوا ما أمرتكم به وما هي الا دقائق وهو معلق ومكمم الفم  ، وكانت لدي خشبة استعملها كعصا ، فإنهلت بها عليه ، وهو يتلوي ، ثم اوقفت الضرب ، بعدما  ظهر في عينيه الذعر ، وأشرت ل(عبدالله)  وقلت للمحتال :
انظر له جيدا ، حتي لا نعيد الكرى مرة اخري ، فأوما براسه علامة المعرفة فسحبت الكمامة ، فقال : انه احد الزبائن افقد اشترى مني أعشاب ، فقلت له : يجب ان تتذكره ، فلا يشتروا الزبائن منك بمئتين مليون جنيه يوميا” ، فقال لي : ان المال عند (اسحق النيجيري) ، فقلت له : ما عند (اسحق) لا يهمنا يهمنا ما أخذته انت ، فصمت مرة اخري فاعدت الكمامة وهو يرتجف وكان يجب ان اوضح له جديتنا ، فإنهلت عليه ضربا” حتي كاد أن يغمي عليه ، والمساجين يحضرون الماء لرشه ، لقد حاولوا تدمير اسرة عبدالله وتشريدها بلا رأفة ولا رحمة ويجب ان يعاقب ، فسحبنا الكمامة مرة اخري وقال : لقد اخذت (خمسين مليون) ، فأعدت له الكمامة تحذيرا لإعادة الضرب فاصبح يتلوي وهو معلق ، فسحبت الكمامة ، وقالت له : لقد احسست بان هنالك شيئا تريد ان تقوله ، فقال لي : غدا سوف اسلمكم (مائة مليون) ، فقط اتركوني ، فقلت له : وكيف نضمن ان تدفع ، فنظر لي وهو يرتجف ويريد ان يقول شيئا ، فطلبت من الجميع الإبتعاد ، فإبتعدوا ، وقلت له : اعطني سرا” احافظ عليه ، حتي استلم المبلغ ، فقال لي :
لدي اوراق منزل سوق ليبيا وضعتهم في متجر السجن سوف اسلمك أياها ، واعطيك معلومة خطيرة حتي تثق بحديثي (اسحق النيجيري) مقبوض بمقر الشرطة العسكرية يطلقون سراحه لتنفيذ العمليات القذرة ، ويعيدونه كنوع من التأمين ، وكشف الذين لديهم أموال في البلد ، فانزلته وذهب معه المساجين واحضروا اوراق المنزل ، و(عبدالله) يرتجف ، والحقيقة انني ايضا ارتجف ؛ فهؤلاء المجرمين مسنودين من  شخصيات لها نفوذ!! …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.