الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم اكن مخيرا” !! (9)…

لم اكن مخيرا” !! (9)…

   تكهرب الجو وبرزت عيون (أمال) من محاجرها ، عندما سمعت (هيام ) تصارحني بشوقها ، وكان يجب أن أوقفها قبل ان تكمل حديثها ، وتفتح بوابة يصعب علينا إغلاقها وانا احتاج لهما الاثنتان ف(آمال) تربطني بها علاقة حب منذ أمد بعيد و(هيام) واحة خضراء تملأ قلبي ، وتجتهد مع والدتي وهي كرت ضغط علي المعلم (عبدو) لتبراءتي من هذه التهمة التي اصبحت امارسها شرعا وقانونا” ، فقاطعتها سريعا” ، فقلت لها : ابوك يعلم بحضورك هنا يا (هيام) ، فقالت لي : لا ولكن منذ متي بدأت تهتم بأبي ؟ ، فقلت له : انا لا اهتم ولكني اخاف ان يؤذيك ، في هذه اللحظة تحدثت (آمال) وقالت : 
يجب ان اتركم فربما هنالك اشياء لا تريدونني ان اعرفها وكان وجهها محمرا” من الغضب ، وهي تحمل المبلغ الذي حصلنا عليه بعد ان سلمها إياه (عبدالله) وخرجت ، وانا انادي عليها دون جدوي ؛ فقد تمزقت داخليا وانا اعرف طبعها جيدا” ، وعاد (عبدالله) وتركني مع (هيام) التي لم تصمت وقالت لي : ماذا يجمعك مع (أمال) ، فقلت لها قصة طويلة يا (هيام) ، عندما اخرج سوف اشرح لك كل شئ ، وانا اعرف ما يكنه قلبك تجاهي ولكني حاليا اعيش داخل بئر ليس له قرار ، فقالت لي : 
أعرف يا مجدي ، قلت لها : عودي لمنزلك ، وهذا رقمي اعطيك له مرة اخري ، اخذت الرقم وانصرفت ، وعدت وجدت (عبدالله) غاضبا مما حدث وفي أشد الضيق ، حاولت ان اتحدث معه وكان حديثه من عدة كلمات : (آمال) اختي الوحيدة يا مجدي ، لا تعبث معها ، ولا اريد أن اخسرك ، فقلت له :
انت تعلم جيدا باني اكن لها تقديرا كبيرا واحترمها ، فضحك ضحكة باهتة : اختي لم تتعرف عليك لتحترمها ، ولكن لتحبها وتتزوجها ، وأولاني ظهره ذاهبا” ، تحركت نحو المكان المدفون فيه مخدرات (البجاوي) واحضرتها ، و(عبدالله) ينظر لي مستغربا فشرحت له الامر ، فقال لي : 
سوف ابيع المخدرات في قسم المدانيين وانت تبيع هنا ، فقلت له : 
دع جانب المدانيين لي فانهم خطرين ، وقبل ان اتحرك للبيع في جانب  المدانيين ، كان مجموعة من العساكر يدخلون أسرة وملايات جديدة ، فقد اصبحنا مقيمين داخل السجن  ، والمكان المتواجدين فيه يبتعد منه جميع السجناء والجميع ينادي علينا من بعيد : 
يا معلمين واذا لم نأذن له لا يقترب ابدا ، تحركت مباشرة لقسم المدانين الذي يفصله من المنتظرين ، او الشيكات بوابة مفتوحة طول الوقت ، ونهاية المدانين مكان يسمونه المساجين (نيفاشا) علي اسم المعاهدة الشهيرة  ، اخترت جانبا امنا” يجعلني أري الجميع وجلست اوزع المخدرات  في جانب المدانين ، وكنت حاسما معهم فالمعاملة الطيبة تعني بالنسبة لهم الجبن ، قضيت اليوم في (نيفاشا) ، وكل حين أعود لانظر ل(عبدالله) وهو يبيع مخدرات معلم (عبدو) وانا اوزع مخدرات معلم (البجاوي) ، انتهيت من توزيعها الساعة الواحدة صباحا وعدت لم اجد (عبدالله) ، فانتابني شعور غريب ، فذهبت بجانب الحمامات كان هنالك اربعة من المساجين شعرت بإضطرابهم عندما شاهدوني رغم محاولتهم إخفاء ذلك ! 
وكانوا يقفون في مواجهة الحمامات ، وكان هنالك كرسي ساقط علي وجهه ، ينبئ بان هنالك صراعا” قد دار ، فتوقفت بجوار الكرسي وهم يحاولون ان يخفوا شيئا ما ! فسالتهم بصوت عالي الم تشاهدوا (عبدالله)؟ فصمتوا جميعا فصرخت بصوت عالي : (عبدالله) ، فجأني رده من داخل الحمامات ، توخى الحذر يا مجدي لقد تهجم علي هؤلاء المساجين ، في هذه اللحظة تقدم نحوي احدهم بسرعة ، ولكني كنت مستعدا لقد اخترت الارض والموقع الذي اقف فيه وكنت اعلم ان هذا اليوم آتي فلا يوجد حلاوة من غير نار ، فخطفت الكرسي بسرعة البرق ، ومزقت به راسه حتي شعرت بانه يهوي والدماء تتدفق ، وتقدمت نحو البقية وانا احمل الكرسي ففضلوا الفرار بعد شاهدوا دماء صديقهم تتدفق ، كنت اعلم بان الضربة الأولي دائما هي الحاسمة ، فتح (عبدالله) باب الحمام  وخرج وهو ممزق الثياب ، لقد رفض اعطائهم المخدرات بعد تكاثروا عليه ، إصطحبته حتي فراشه ، وعدت لاجلس علي الكرسي الذي اصبت به السجين وابيع متبقي المخدرات الموجودة عن (عبدالله) ، والجميع ينظر للمصاب وهو ساقط ولم يستجرأ احدا الاقتراب منه .
  عاد الصباح ، والتمام ، والصراخ ، وأوامر النقل ، وقذارة الرشاوي التي تجعلني أرهن هواتفهم اذا تعثروا في دفع المال ، وتوزيع الغنائم مع المساعد ومنح العساكر الاكراميات ، وهم يتوددون لي بخوف ، حتي سمعت المنادي يصرخ باسمي ، فذهبت لمقابلة مكتب السجلات الذين وضحوا لي بان هنالك جلسة في محكمة الاوسط خاصة بقضيتك بعد يومين ، عدت ووجد (عبدالله) لا يزال مرهقا من صراع يوم امس ، واصبحت اتحرك داخل السجن لتوزيع لوحدي بين المدانيين والمنتظرين والعساكر يتبعونني ويشكلون لي الحماية وكانني اعتلي سيارة شرطة ، وكالعادة حضر (المعلم عبدو) قابلته ومنحته مستحقاته ، واخبرته بان هنالك جلسة ، وكعادته رد علي ببروده المعتاد قائلا” : ما تاخذه في هذه السجن لا ياخذه رئيس الجمهورية ، فأعترف للقاضي حتي تخرج مليونيرا ، وخرج وهو يضحك .
هذا المعلم المعتوه ! لقد انتهت المخدرات من عقله .. وخلفه جاء (البجاوي) ،، وكان مخيف الشكل يكاد راسه يصطدم بسقف الغرفة ، واعطيته المبلغ دون حديث ، وشعرت بفرحته وهو يقبض المال ، وقبل ان يعود من حيث اتى ،، قال لي : انت مفخرة للمعلمين ،، واحب ان اتعامل مع امثالك قليلي الحديث ، لو اردت ان أخرجك اليوم من هذا السجن ساخرجك ، ولكن وجودك مهم فانك ستشكل موازين جديدة لتجارة المخدرات في هذا السجن !!، لقد تاكد بان هؤلاء المعلمين المساطيل معتوهين ، ولم ارد عليه ، وتوالت الزيارات فجاءت (أمال) فسلمتها جميع ما حصلنا عليه وهي صامته ، فقلت لها : انتي غاضبة مني يا (آمال) ، فقالت :
لقد اتصلت عليك امس طول الليل ولم ترد ، فقلت لها :
لقد فقدت الهاتف ولا اعرف اين وضعته ؟، وعبدالله شعر بالتعب فطلبت منه ان يرتاح ، فانتبهت ان (عبدالله) لم يحضر مع فبدأت تبكي وانا اهدئ فيها ، واضطررت ان اكذب عليها بانه ربما يخرجونه وهو الآن مع احد المحامين الحاذقين  ، فقالت لي : هل تحبني يا مجدي ؟ نظرت اليها واكنت اريد ان اجيبها ، ولكن (هيام) التي تقف خلفها لا اعرف من اين أتت ؟ جعلتني اصمت !! وكانها خطة أو فخ ، فالتفت للعسكري فقد اصبحت بالنسبة لهم معلم ، ويتكسبون مني فقد اصبحنا معلمي السجن ، فغمزت له بعيني ، فصرخ فيني الزيارة انتهت ، فالتفت (أمال) خلفها لتجد (هيام) ، وكانت المفاجاة ان قامت (آمال) بلطم (هيام) حتي كادت ان تسقط ، وهي تقول : ماذا تريدين من مجدي يا ابنة تاجر المخدرات ؟، ولم استطيع ان امنعهم من بعض فبيني وبينهم قضبان ، وخرجت (آمال) وهي ثائرة ، و(هيام) تبكي وهي متكئة علي القضبان ، فأخرجت يدي امسح وجنتها المحمرة وكانه كرزة واصابعي تنزلق من وجنتيها ، واعتذر لها ، ودموعها تهطل ، من أين أتيتي ايتها النضرة المزدانة التي تتفجر شبابا وحبا ، سالتها عن والدتي حتي انسيها ، وكانت ترد علي كالطفلة التي انتزعوا لعبتها ، وقالت لي : 
إن امك في اشد الشوق لك ، واتصلنا بك امس ولم ترد لذلك حضرت اليوم ، فقلت له : 
كنت مشغول بالبيع ولكن اليوم ساتحدث معكم ، فقالت لي : هل تحبني يا مجدي ، فنظرت خلفها خوفا من ظهور (المعلم) او (هيام) ، وغمزت بعيني للعسكري المسئول عن زيارة ، فنهرني كعادته بان الزيارة انتهت ، وهو يسحبني فقلت لها : عودي وتوخي الحذر فخرجت وهي تقول : سوف اتصل بك ليلا” …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.