الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم اكن مخيرا”!! (7) …

لم اكن مخيرا”!! (7) …

   كأن الزمن توقف في تلك اللحظات ، وانا أنظر ل(آمال) وعبدالله اخاها ، وشريطا” من الذكريات يطوف بذاكرتي كأنه فلاش ، وتسمر عقلي وهو يقلب في الصور والأحداث ، عندما كنا نتسامر ليلا” وتحكي لي عن الورثة الضخمة والأملاك التي سوف تحصل عليها مع اخيها الوحيد ، وتضحك ببراءة ، وسوف نحضر انا واخي لنخطبك من امك ، فانت ملكي ، ولا أريد شيئا سواك أتوسدك من زمهرير الشتاء ، واغمرك بإنفاسي في حر الصيف ، واحلم معك بحياة نتقاسمها سويا” ، وكانت تقصد بالورثة الكنز الذي تبخر ، وتبخرت معه كل آمالها ،،
    قطع تفكيري صوت (عبدالله) وهو يتحدث اليها وينظر لي هذا (مجدي) الذي اخبرتني عنه؟؟ ، فقالت وعلامات الخجل تملأ محياها الوسيم :
نعم هو مجدي وهو زميل وفاء جارتنا في الحي ، تدخلت سريعا وقلت له : نعم و(فاء تاج الدين) زميلتي في الجامعة وهي من عرفتني بآمال ، لم يتركنا العسكري نتحدث فطلب مني العودة للعنبر فهذه الزيارة ، تخص (عبدالله) وزمن زيارتي انتهي ، رجعت وانا مندهش من تصاريف القدر ، مثقل الخطى ، وصورة والدتي غصة تطعنني في حلقي ، فهي مريضة وتحتاج لعملية ، وانا لا املك شيئا كي أساعدها كما ساعدتني ، عدت وكان السجن يضج بالفوضي والإزعاج  ، بدأت اتعرف علي بعض الذين من حولنا بعضهم ينام علي اسرة ، وبعضهم يفترش الارض ، ذهبت واغتسلت وتوجهت نحو المسجد بعد طول غياب ، سجود وركوع ودعاء وابتهال حتي انتهيت من صلاة الظهر ، وخرجت ابحث عن (عبدالله) حتي وجدته ينتظرني ببعض السندوتشات التي لم يكن لها طعم ، وجلسنا نفكر متناسين جميع تصاريف القدر التي جمعتنا ، واستشرنا بعض معتادي الاجرام الذين كان رايهم في قضيتي البحث عن ضامن ، فوجودي خارج اسوار السجن يجعلني اعالج مشكلتي ، اما قضية (عبدالله) فعليه بيع المنزل بسعر مناسب وإستغلال بقية المبلغ في أيجار منزل آخر والبحث عن المحتالين ، وحديثهم جعلني افكر بان وجود الضامن بالنسبة لي مستحيل ، فالجميع يخاف من هذه القضايا ؛ فعدم ذهابي للمحكمة لجلسة واحدة يعرض الضامن القبض ، واحتاج ايضا” اتصال كي اقنع احد المؤهلين ليقبل بضمانتي ، انا افكر و(عبدالله) يفكر بجواري بصوت عالي ، وهو يزمجر كيف له ان يترك بيت ابيه وامه ، ويصبح مشردا في منازل الإيجار . حتي اتت الساعة الخامسة ليغلق السجن ابوابه ويبدأ تعداد المساجين ، والإصطفاف المذل والخراطيش السوداء التي تتجول في ظهورنا ، حتي ينتهي تعدادنا ، والحمدلله انتهي التعداد ، وعاد كل الي موقعه وقد تكرم علينا بعضا” من المساجين بأغطية وفرشات ، ممزقة كانت افضل من عدمها ، وبدأ الغروب ينام في مشارق الارض ، وكل مشغول بالماكل والمشرب والصلاة ، حتي وجدت احد العساكر يقف بجوار فرشتي ويطلب مني الذهاب معه ، فقمت طائع ، وهو يسير بسرعة حتي توقف بجوار الحمامات ، ونظر في كل الاتجاهات ، ولم يكن هنالك أحد ، فأخرج من جيبه لفة كبيرة ، وسلمني اياها وقال لي : ادخلها في جيبك ، فقلت له : 
ما هذه ؟ فقال لي : ادخلها في جيبك وسوف اشرح لك ، فادخلتها في جيبي وانا خائف من كيدهم ، وقال لي انها جهاز هاتف للتواصل معك وبعض الاشياء ارسلها لك المعلم (عبدو) لا تخف فانا هنا لحمايتك ، وانطلق عائدا ، وانطلقت نحو فرشتي وانا اتصبب عرقا ، فمن ملمسها تاكدت انها اكبر من هاتف ، وجدت (عبدالله) ينتظرني ، وكان الليل قد ارخي اسداله ، فشرحت له ما حدث ، فقال لي : افتحها وانا اغطيك ، وقام بتغطيتي ، كان هنالك جهاز هاتف فعلا ولكن هنالك كمية ضخمة من البنقو موزعة لقطع صغيرة ، فقلت لعبدالله : انظر ، فنظر وقال لي : قم بدفن المخدرات في الركن العريشة واحتفظ بالهاتف ، ونفذت ما قاله ، وعدنا نجلس نفكر ، وفتحنا الهاتف الذي كان يحوي رقم واحد فقط مسجل باسم (معلم عبدو) ، فاتصلت عليه ، وبعد عدة الرنات اجاب ، فقلت له :
لو خرجت من هذا السجن ، تاكد باني سأقتلك ، فرد ببرود شديد : 
اذا لم تطيع ما اقوله فسوف تموت والدتك ايها المعتوه ، فلديها جلطة في الرأس ، واصابة من اثر السقوط وتحتاج عملية مستعجلة ، قم ببيع المخدرات حتي تسدد فاتورتها ، وستحميك الشرطة فكل شئ مدبر ، قلت له :
تريدني أن آذي اخواني ! ضحك وقال انهم اصلا مصدر الاذى ، ايام قليلة وستخرج وتجد والدتك بخير ، وتكون قد تحصلت علي بعض الاموال ، فهنالك عقد ايجار يبدو ان والدتك رهنت منزلكم كي تعطيك مستقبلا بعقد عمل سوف تكمل مدته في السجن ، قاطعته :انت اقذر من عرفته ، فقال لي : 
نعم انا قذر ، ولكن سعر القطعة 15 جنيه مدعومة من (المعلم عبدو) ، و– فقك الله — أما الزبائن سيقوم العساكر بارسالهم لك ، ربنا يوفقك في عمل الخير ،، واغلق السماعة ، حاولت ان احطم الهاتف لو لا (عبدالله) الذي امسك بيدي ومنعني فشرحت له حديث المعلم ، ولاول مرة اشاهد (عبدالله ) وجهه يتغير منذ ان قابلته ، وقال لي : دع الأمر لي .
  جلسنا واجمين نفكر ، حتي وقف احد المساجين جواري وقال لي : معلم مجدي ، فنظرت اليه مندهشا” ، ولكن جاء الرد من (عبدالله) فقال له : نعم ماذا تريد ، فقال له : اريد قطعة من الصنف الجيد ، فقال له عبدالله : سعر الصنف الجيد (20) جنيه ، والممتاز (25) فماذا تختار ؟ اخرج السجين (20) واعطأها لعبدالله وقال له : اعطني من جيد فالحالة لا تستحمل ، فقام عبدالله بجراءة واحضر له القطعة ، واخذ المبلغ وانا انظر له مستعجبا” !! لقد وقعنا في فخ المعلم ، وفضلت المشاهدة ، والزبائن تتقاطر علي (عبدالله) وهو يمنحهم المخدرات ويغير كل فترة مكانها ، والذين من حولنا من المساجين بدءاو يبتعدون ، فمعلمين المخدرات يهابهم الجميع ، استغرقت في سبات عميق ، واسمع القادمين والذاهبين ، حتي بدأ الصباح يطلق زفراته ، وانظر (لعبدالله) يحسب المال حتي هالني كثرة المبلغ ، فقلت له 
: ماذا تفعل بهذا المبلغ ؟ ، فقال لي : دع هذا الأمر لي ، واذا حدث لي شئ فأسالك بالله ان تستوصي ب(أمال) خيرا ، فهي يتيمة ، وادار وجهه عني .
    كان الطابور الصباحي كعادته ممل ، ولكن ظهر فيه احد المساعدين العسكرين وهو يحمل قائمة طويلة ، ومن حديث المساجين انه مسئول عن نقل المساجين للسجون الطرفية وهي سجون سيئة ليس فيها خدمات ، وجاء اسم (عبدالله) من ضمن المنقولين ، ولكن ذهبت وقابلت العسكري الذي سلمني وصية المعلم وتحدثت معه فقادني للمساعد (ودجبل) كما حياه ، وهو رجل لئيم يظهر في عينيه اللؤم والخبث ، ولكن العسكري قال لي :
امنح المساعد مائة جنيه حتي يتم الغاء امر النقل ، وكان جواري (عبدالله) فأعطي للمساعد المبلغ ، وعدنا ننظر لبعضنا ونحن في غاية الإستعجاب ! وضحك (عبدالله) وقال لي : سنخرجها من مال المعلم فانها نثريات ، ضحكت وانا انظر له ، ولحالنا ، وهو مشغول ببيع المخدرات جهارا نهارا ، والعساكر ، يتجولون حولنا ، والجميع يصرخ له (معلم عبدو) ، صنفك نضيف ، حتي سمعنا المنادي ينادي زيارة ، فسحبت معي (عبدالله) وذهبنا للزيارة ، وكان توقعي في مكانه انه المعلم ومعه ، نوارته الجميلة (هيام) وكانه يساومني بها لم اهتم به ، ووقف (عبدالله) يتحاسب معه ، ووقفت انا مع (هيام) بجانب اخر ؛ اسالها عن امي فقالت لي : لقد تم تحويلها لمستشفي خاص ، وحضر جيرانكم واهلكم في الحي وهم أناس طيبين ، فقد جمعوا مبلغ خمسة الف جنيه سلمناها لادارة المستشفي ، والحمدلله الامور تسير بصورة جيدة وامك تسأل منك ، فمنحتها ورقة صغيرة بها رقمي حتي تتصل علي ، لاتحدث مع امي ، كان (المعلم عبدو) سعيدا” وهو ياخذ الاموال التي تحصلنا عليها ، وسمعته يقول (لعبدالله) سوف يصلك الصنف بواسطة العسكري ، ونظر لي وانا اقف مع ابنته ، وقال لها ، اياك ان تفكري بالزواج من مجرم يبيع مخدرات ، وخريج سجون وخرج دون التفاتة ، وهي تنظر لي وعيونها يملؤها الحب والشغف ، تكاد أسوار السجن تتحطم من دقات قلبي لنظرتها …

(يتبع) 

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.