عثمان شبونة
* ربما تقسِّم الحرب الناس وتمزق شملهم بعض الوقت؛ ولكن ليس كل الوقت؛ ولذلك فطن النظام الآحادي (الإخواني) في السودان إلى أن صناعة الحرب وحدها لن تلبي طموح القوى التي ظل القادة الاسلامويين يعملون في بلاطها لسنوات طويلة (تجفيفاً وهدماً وتمزيقاً للوطن)؛ فأضافوا للحروبات النعرات القبلية والعنصرية فعلاً وقولاً.. فكل ما يرمز (للقومية) يكفر به الإخوان المتأسلمين.. القومية النبيلة الموحِّدة للمشاعر والمصائر والثقافات مضاد لتوجه هذه الجماعة الإجرامية.. كما يكفرون بكل ما يمت للقومية بـ(صلة قرابة)! ويفترضون بديلاً لها دائماً حتى على أقل مستويات الواقع..! هذا البديل لا ينفصل عن تمكين فصيلهم في جميع المسارات التي تحرف الدولة من سراط الوحدة الوطنية والتماسك والعدالة؛ إلى مسار تقطيع أوصالها لتكون القوة والثروة حكراً على (المتمكنين وحدهم) من تحت الركام..! إن النار لو اشتعلت في سوقٍ عامرٍ؛ فإن أول الفرِحين باشتعالها اللصوص؛ ومعتادي الخطف منهم على وجه الخصوص..! والذين اختطفوا الوطن ما تركوا حريقاً أو طريقاً لدماره إلّا سلكوه تمكيناً لشهواتهم.. لكن هذا كله لم يلبي نزعات شرورهم ليكتفوا.. إذ بدأت العنصرية تدب بسبب هؤلاء عبر آليات مختلفة؛ منها ما هو يدار بشخصيات نكرة ودجاج الكتروني انفضحت مراميه الخبيثة للتفرقة بين السودانيين؛ ومنها ما هو مشاع عبر منابر جهيرة لا تبعد (صيحاتها) عن القصر الذي يربض فيه (أسد أفريقيا) الإفتراضي..! إنها صيحات تطربه.. الغريب أن هذا الرئيس (عمر البشير) وأثناء هوجته في افتتاح كوبري سوبا وعرضه الهزلي المعتاد؛ دعا إلى لعن الشيطان!! سبحان الله!! ودعا أيضاً إلى نبذ (العنصرية!!) والالتفاف حول مشروعه الاحتيالي التمكيني المسمّى الحوار الوطني (أي الالتفاف حول اللعنة ذاتها)!
* يكاد العقل لا يصدق أن هذا الرئيس الذي تتقيح مساماته بالعنصرية؛ يدعو إلى نبذها.. الرئيس الذي لم تعلمه الأيام (ليكبر) وبدلاً عن التوجيه بتذليل عقبات المشكلة البسيطة للطلاب السودانيين بجامعة بخت الرضا؛ نراه قد نفخ سمّه ضد الطلاب؛ في خطاب لا يزيد النار إلّا أجيجاً.. كيف لا يكشر البشير أنياب عدوانه طالما أن الطلاب السودانيين المعنيين ينتمون لإقليم دارفور؟ فقد تحول هذا الإقليم في عهد إخوانه المتأسلمين إلى محرقة للبشر والشجر والحجر..!
* البشير الذي يدعو إلى نبذ العنصرية؛ أول حاكم سوداني يحرم أبناء البلاد من ممارسة حقهم في التنقل؛ وهي الجريمة التي ارتكبتها السلطات بمنع طلاب بخت الرضا من دخول الخرطوم..! وهو ذاته البشير الذي احتشدت القبائل في عهده لتفتك ببعضها البعض؛ وما تزال إلى يومنا هذا تتقاتل؛ لأن سموم التمييز سرت في دمائها المسفوكة وسط هذا العبث السياسي الرهيب لإخوان (مسيلمة)؛ الذين لم تنتهي مهتمتهم بَعد بتفتيت السودان (حِتة حِتة)..! وبث العنصرية يفتت الجبال؛ ناهيك عن البشر..!
خروج:
* لو أن بعضنا نفى عواطفه المنفلتة لبعض الوقت؛ وتدبر بعقله؛ لأيقن أنه لا توجد موبقة في مجتمعنا إلّا وكان النظام السياسي وأجهزته بمثابة قاعدة صلبة لنشرها..! ولسنا بحاجة إلى انتظار زمن يكشف لنا أن (حاميها حراميها) أو أنها (خربانة من كبارها)..!
أعوذ بالله
ـــــــــــ
الجريدة (الصفحة المحظورة) الأربعاء.