الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم أكن مخيرا” !! (4)…

لم أكن مخيرا” !! (4)…

      لقد اندهشت وأنا أرفع رأسي واري ابنة المعلم بقربي !! وعيونها تراقبني بنظرات ملؤها الحنان ، تلك الفاتنة المدللة ، ولم تعطيني فرصة للحديث ، قالت لي : انا (هيام ) ومدت يدها تصافحني ولم اشعر إلا بيدي تغوص في يدها البضة ، وتلك القشعريرة تتسرب الي جسدي من خلالها ، وهي تواصل حديثها بعفوية : لقد تمزق حاجب أبي بسبب الإصابة ؛ وهو الحمدلله بخير ، والآن  طريح الفراش في ذاك العنبر ، واشارت للجهة المقابلة لغرفة العملية ، وعند إلتفاتتها شاهدت الجانب الأيسر من وجهها البهي ، وكأنه رسمة بديعة أبدع الخالق في تكوينها ، ورؤيتها لحن يدغدغ الإحاسيس عند سماعه ، لا أدري كم عدد المخدرات التي تعاطها المعلم في ليلة تكوينها لتبهرني بجمال المصور ،  وناجيت نفسي:من أين أتيتي لتسحرينني في ليلة يموت المسحور من قساوتها ، حاولت أن أشغل نفسي ؛ حتي لا أنظر اليها فأضعف واذوب ، وبدأت استجمع قواي ، فقلت لها: 
ربنا يكتب له السلامة المعلم فليس لك ذنب ، ضحكت ضحكة كفلق الصباح ، فقمت أدور حول غرفة العمليات هربا” منها ، وأتحدث مع كل من يخرج من غرفة العمليات ، وهي تدور حولي ، وتذهب لتتفقد والدها ، وتعود كالنسيم ، وكأنها فراشة داخل اسوار هذه المستشفي .
   حضر موظف  الإستقبال ، يحمل مقتنيات والدتي ، وحقيبتها التي أحضروها معها ، واعطاني لها ، وامسكت بها ، وان اشتم رائحة والدتي الذكية في مقتناياتها التي لا تشابه رائحة نساء الدنيا اجمعين ، واخترت لي ركنا” أواسي به نفسي ، والزمن يسير ببطء شديد ، كانت حقيبة والدتي مفتوحة ، ويبدو أن من احضرها لم يغلقها ، فحاولت اغلاقها ، وكان مصحفها الذي تحمله ولا تتحرك بدونه بارزا” فسحبته ، لقد كانت تحب ان تقرأ سورة يس باستمرار ، ففتحت الصفحة (440) وانا اذكرها جيدا لاقرأ جزء يفيد أمي وتشفى بإذن الله ، ولكن سقطت من بينه ، اوراق كثيرة تفحصتها جيدا ، وكانت مفاجاة لي ! انها (عقد) عمل لدولة الامارات .. باسم (مجدي حسين محمد ) –لاحول ولاقوة  الا بالله —  لقد تذكرت لقد حاولت بالأمس أن تشرح لي امرا” ، وكنت مشغولا” في الهاتف مع (آمال)  يا لغبائي ! ، 
يا لعظمك يا امي ! تريديدين ان تصنعي لي حياة جديدة وانا أصنع لك الموت !! ولكن يبقي إعتذاري لنفسي لم اكن مخيرا” ، ولكن من أين أتت بالمال ؟! وهي التي تعاني وتكد ، كنت أفكر في هذه الأحداث سحبت (هيام ) الأوراق وقرأتها ، وانا سارح في ما فعلته والدتي لقد اصبحت حياتي مبنية علي مسارين ، إما ادان وادخل السجن ، ولا ادري ماذا يحدث لوالدتي ؟ ، واما ان اسافر الخليج لابني مستقبلي وينعم الله علي والدتي بالصحة .
  جلست (هيام) بقربي وهي حزينة ، ربما احست بما سببه والدها لي ، فقد كان بإمكانه ان يعترف بهذه المخدرات ويطلق سراحي ، ولكنه ايضا سيحاكم وربما يتم إعدامه .
  خرج الطبيب من غرفة العمليات ، ووجدني أقف امامه فقال لي : ان وضعها حاليا مستقر ، ولكنها تحتاج لوقت وبعض الفحوصات وسوف ننقلها بعد  قليل للداخل ، تقدم أحد العساكر نحوي وقال لي : 
يجب ان نعود ، فما فعله القائد بمنحك اذن ربما يدخله في مشاكل فهنالك دائما زيارة ، حاولت ان ادخل لمشاهدة والدتي ولكن الطبيب منعني وجعلني اشاهدها من فتحة صغيرة كانت تنام هادئة ، وسحبني العساكر بهدوء تقدمت (هيام) نحوي واخذت الحقيبة وقالت لي : 
أوعدك ان اهتم بها كوالدتي ، ولن اتركها الا بعد ان تبلغ الصحة ، نظرت اليها ، نظرة ترجي ، فتبسمت وهي تقول : وعد رجال ، وتركتها.
   وخرجنا والظلام يفترش المكان ، حتي وصلنا لقسم الشرطة ، ووجدنا الضابط ينتظرنا ، طلب منهم ادخالي للزنزانة ، اقتادوني للزنزانة ووجدت نفسي داخلها والجميع يستفسرني عن الوالدة ويدعو لي ، لم اهتم بهم كثيرا ، وجلست وجواري (عبدالله الكامل) الذي يبدو انه يود ان يحكي لي شيئا ، فأعطيته الفرصة ، قال لي : آسف – ولكن حضر وكيل النيابة وقرر ان غدا” سيتم تحويلك لسجن امدرمان ، فقد تم فتح بلاغين لك (اتجار وتعاطي مخدرات) لقد حاول الضابط المسئول ان يدافع عنك ، ولكن وكيل النيابة قال له : 
علي المحكمة ان تفصل في أمرك ، ولكن لاتخاف سنكون سويا فقد تقرر تحويلي ايضا . كان حديثه لي كصاعقة ، حتي أنفاسي تكاد  أن تتوقف ، لم يكمل حديثه ، وسمعت صوت أحد العساكر يقف في القضبان ، ويطلب مني ان اقف لاتحدث معه ، انسحب (عبدالله) من جواري بهدوء ، فوقفت لاجده العسكري الذي فتشني ، واخرج المخدرات من جيبه وهو يقول انه وجدها في الكرسي الذي اجلس فيه . بدأ حديثه بسرعة مع قال لي : 
اسمعني جيدا ان المعلم عبدو سوف يدفع (ثلاثة مليون) ليخرج نفسه وستحاكم انت ، أما اذا استطعت ان تدفع اكثر منه ، سوف أدعي بان المخدرات كانت بعيدة منك ؛ وهي تابعة للمعلم عبدو ! لقد كنت اتوقع منه ذلك فهو من اسوء انواع العساكر ، فكان تفكيري بانه ربما يريد توريطي بعد أخذ المال ، أما اذا وافقت او ساومت ربما تكون ادانة يستغلها ضدي في المحكمة ، هذا العسكري القذر يلعب لعبة مزدوجة ، لن امنحه هذه الفرصة ، هجمت عليه والغضب يتملكني ، وسحبته نحو البوابة وتمكنت فيه جيدا حاول ان يتملص مني ، ولكن هيهات فقد احكمت السيطرة علي عنقه ، وبدأ الجميع يصرخ وهو يرفس ويصرخ خارج الزنزانة وانا داخلها ، ولم ينقذه إلا العساكر المتواجدين في الكاونتر ، كانوا كثيرين لم أشعر الا وهم يضربونني بالعصى المكهربة في يدي حتي اطلقت سراحه فانطلق يعدو بعيدا” ، تجمع العساكر وهم يحملون العصي المدببة ، لقد قرروا الإنتقام لزميلهم …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.