الأحد , مايو 5 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم اكن مخيرا” (2)…

لم اكن مخيرا” (2)…


كانت سيارة الشرطة تنهب الارض نهبا ، وكلما توقفت في شارة مرور ينظر لنا جميع المارة ، وأحاول أن أخبئ وجهي ، يا له من منظر ! وانا علي يقين أن صديقي الذي لا اعرف اسمه حتي الآن سيخبر والدتي ، وسوف تحضر لقسم الشرطة ويطلق سراحي ، بدأت سيارة الشرطة تهدئ من سرعتها ، لقد وصلنا لقسم الشرطة (قسم شرطة الأوسط امدرمان) ، ونزل الضابط  ، وطلب منا الترجل من السيارة ، ترجلنا ونحن مكبلين ، واقتادنا اثنان من العساكر ، حتي وقفنا امام كاشير ضخم  ، والمعلم يطمئنني ويطلب مني عدم الخوف ، والحقيقة انني خائف  اكثر منه ؛ فيبدو الاجرام في هيئته ، كنا قد وصلنا لكاشير طويل خلفه اشاهد قضبان يقف فيها بعض السجناء ، وكان هنالك دفتر ضخم يسجلون فيها اسماء وبيانات الأشخاص ، وقفنا حتي انتهي من تسجيل احد المتهمين ، وتم سحبه خلف القضبان ، بعد ان سجلوا بلاغا” ضده ونادوا علي المعلم واخذوا معلوماته مثل : الاسم وكان يذكره لهم (عبده محمد فراج المشهور بكنجالات ) الغريبة في الامر ان العسكري كان يكمل معظم البيانات بدون سؤال للمعلم ، وهذا يدل علي انه زبون دائم !! او العسكري هو الزبون !! ، وجميع العساكر القادمون  ، او الخارجون يحيون المعلم وكانهم افراد اسرة !!، وانا أقف مثل الأبله حتي انتهرني العسكري : بياناتك يا سيد .. فقلت له (مجدي حسين محمد) السكن امدرمان الهجرة خريج تربية عاطل عن العمل فضحك العسكري وقال : تربية وتعليم وله تربية وتدخين ، فرد عليه المعلم : تربية وتسجين ، فاكملوا ضحكهم كانهم جاءوا بنا لزيارة ، واخذ بياناتي وجميع مقتنياتي طلبت منهم الاتصال باسرتي ، فرفضوا الا بأذن من الضابط المسئول ، فسلمتهم الموبايل وحافظة نقودي ، وفتحوا لنا زنزانة والمعلم ينظر لي ويقول ادخل بقدمك اليمين ، حتي يبقي الامر تربية وتدشين وهو يضحك !! ، يا له من معتوه ، شعرت بالعسكري يدفعني ووجدت نفسي داخل الزنزانة ، واصوات ترحيب بالمعلم ، وإحتجت زمنا” طويلا” لإشاهد فالظلام دامس ، ورائحة القذارة المنبعثة من الداخل والعتمة مخيفة مما جعلني لا أري جيدا ، حتي بدأت استوعب الأمر ، كانوا مجموعة اكثر من سبعة ، يرتدون فنائل داخلية من أثر سخانة الجو ، ورائحة البراز والسجائر تزكم الانوف ، تحركت جوار المعلم وهو يرمقني بنظرته الغريبة وقلت له : ماذا يحدث بعد هذا ؟ ، فقال لي : لاتخاف فالمخدرات التي وجدت بحوزتك هي في بيتي ، وربما تخفف عنك العقوبة وتبقي جريمة تدخين ، او أدمان وفي هذه الحالة سيحكامك القاضي بثلاثة سنوات ، واذا لم يكن لديك جرائم سابقة ، ربما يترحم عليك بسنة ، حقيقة شعرت باني سأتبول في جسدي وفقدت جميع حواسي . ولم يهتم بي بعد ذلك وإنشغل بمسامرة احد رواد الزنزانة ، ويبدو انه معرفة سجن قديم ، وقفت بدون ما أشعر  اصرخ علي باب الزنزانة باني ( فني رسيفر)  ويوجد هنا خطأ كبير ، ويجب ان يعطوني هاتف لأتحدث لأسرتي ، فصرخ العساكر الموجودين في الكاشير اسكت والا اسكتناك ، وقال لي احد العساكر باستهزاء عشرة سنوات اعمل هنا ، ولم أسمع أحد المجرمين قال انه مذنب ، فجلست وانا اشعر بقواي تنهار ، وسمعت المعلم يقول لي : لا تخاف سوف تخرج ، جلست انظر لنفسي فمنذ دقائق كنت حر طليق ، وطأطات راسي  ، والزمن يمر حتي سمعت أحد العساكر ينادي باسم (المعلم عبدو)  وصوت نساء يقفن في الكاشير ضاجات ثائرات ، وفتحوا لهن الزنزانة واقتادوا المعلم لهم خارجا ، وشاهدت زوجته واثنتان من بناته ، وهن يتحدثن معه خلف الكاشير وينظرن لي برأفة ، كانت احد بناته جميلة جد تحمل عيون ضخمة وحواجب مموجة وتقف جوار زوجته فطلبوا من العسكري احضاري ففتح الباب وخرجت لاقف بجانبهم ، فقالوا لي : لا تخاف ستخرج ، واعطوني لفافة بها سندوتشات ومياه ، وإقتادني العسكري لداخل الزنزانة ، وتركتهم يتحدثون مع المعلم ، وافترشت الطعام وان منهك وجائع وقلت للموجودين داخل الزنزانة تفضلوا ولم اكمل حديثي الا ووجدت نصف سندوتش وبقية قارورة مياه والبقية تخاطفوها المساجين وكانهم لم ياكلوا قبل اليوم ، اكلت ولم اشعر بطعم الاكل ، وشاهدت العسكري الذي تسبب لنا بالمشكلة وهو يقف في الكاشير مع العساكر ، وفجاءة ذهب للمعلم وهو يقف مع اسرته وتحدث معهم ، بحديث مقتضب ، وحاولت ان اسمع الحديث ، ولكن المسافة كانت بعيدة ، وشعرت بالنقاش يحتدم ، ومن ثم هدءوا ، وودع المعلم اسرته ، وذهب العسكري وجاء العساكر بالمعلم للزنزانة ، جلس ينظر لي وهو صامت كأن هنالك امر جلل ، وقال لي : لا اعرف ماذا اقول لك يا ابني : ولكن يجب ان يضحي احدنا ويعترف بانه صاحب المخدرات التي وجدوها في منزلي ، وهذا العسكري التافه قد أوقع بنا ، فلو اعترفت انا ستحكم علي المحكمة بالاعدام لكثرة جرائمي ، وترددي في القضاء ، ولو اعترفت انت ستكون اول سابقة لك وستحاكم بثلاثة سنين ، وسنرفع استرحام ، وستكون سنة او سنة ونصف ، ولو نكرنا القضية نحن الاثنان سنحاكم ، وانا اعرف انك برئ ، حاولت أن اقاطعه فنهرني : دعني اكمل حديثي يابني فكر غدا سوف تقابل التحري . حقيقة لا اريد ان اضرك ، ولكن لدي ابنتان اخاف عليهم اذا سجنت ان يسلكوا مسلكا سئ ، ولا يوجد من يصرف عليهن ، المهم العسكري يطلب ثلاثة مليون حتي يقول ان المخدرات وجدت بحوزتك وانا رفضت ، فكر حتي الصباح وما تقوله للمتحري والنيابة انا اقبل به ، وصمت ، وشعرت بالدنيا أضيق من خرم أبره ، انا الابن الوحيد لوالدتي ، وابي فر منذ سنوات ولم نسمع عنه ، ستموت والدتي اذا عرفت أني في زنزانة ، فما بالك اذا كانت قضية مخدرات!!.

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.