الأحد , مايو 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الحركة الشعبية: لتحرير السودان فيما بعد 2005م: الممارسة والمآلات (2)

الحركة الشعبية: لتحرير السودان فيما بعد 2005م: الممارسة والمآلات (2)

في القيادات التي تقاد ولا تقود (1)
حالة علي عسكوري (1)
مقدّمة
هذه سلسلة مقالات نرجو ألاّ تزيد أعدادها عن المقرّر لها، كونها جميعها عبارة عن مستلاّت من كتاب قيد النشر أردنا له أن يكون من الحجم الصغير تيسيراً لنشره وتداوله. والكتاب، بجانب تعرضه للحركة الشعبية عبر تاريخها الذي تجاوز الثلاثين عاماً، إلاّ أننا نركّز فيه على فترة اتفاقية نيفاشا إلى عامنا هذا (2005م – 2017). ففي هذه الفترة فقدت الحركة قائدها جون قرنق، ثم حثيثاً بعد ذلك فقدت بوصلتها فكرياً وتنظيمياً ثمّ سياسياً. وتأتي أهمية الحركة الشعبية حسبما قلنا في الحلقة الأولى أنها الحزب السياسي الوحيد في تاريخ السودان الذي توفرت له جماهيرية كاسحة دون أن يتكئ على خلفية دينية أو طائفية. وهذا إنجاز لم يسبقها عليه تنظيم من قبل. وهذا ما يحعلنا نكتب عن الحركة الشعبية؛ فكما سبق منا القول إن أيّ تنظيم سياسي هو مشروع حكومة محتملة. وعليه، ليس من المنطقي أن ننتظر إلى أن يستلم هذا الحزب الحكم ثم بعد ذلك نشرع في نقده. وهذا ما دأبنا على فعله إزاء جميع الحركات السياسية.
مقابل ذلك الإنجاز التاريخي غير المسبوق للحركة الشعبية يقف في الجانب الآخر فشل كبير أيضاً لم يسبقها عليه أحد. وليس أفشل من أن يتنكّب المرء عن مبادئه وفكره ليعمل بالضبط عكسها بالرغم من تظاهره أنه لا يزال على الدرب سائراً. بالطبع تقف خلف هذا الفشل عدة عوامل، هي ما نسعى للإماطة عن لثامها ما وسعنا ذلك، على أمل أن تستقيم الخطى بفضل ما نقوم به وما يقوم به الآخرون بكشف زوايا هذا الفشل العظيم وتبيان أوجه الخلل فيه وإنارة ضوء ولو كان خافتاً في نهاية النفق به تستمد القطاعات العريضة التي وقفت مع برنامج السودان الجديد وهي على استعداد لبذل المزيد. ثم أهمّ من ذلك أن يجد المقاتلون الذي لا يزالون يستاكون بسنن البنادق ويتكئون عليها في غدوّهم وفي رواحهم عزاءً وسلوى بأن ما يفعلونه ليس بمثابة محرقة مجانية لهم بعدها يصبحون نسياً منسيّا، وأن من فقدنا من شهداء بطول الوطن سيظلون نجوما زاهرة في سماء بلادنا تزدان بها ليالينا في مقبل الأيام إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

في الردّ على تهجمات عسكوري
ذكرنا في الحلقة الأولى أننا سوف نبدأ حلقاتنا عن الحركة الشعبية بالتعرّض لظاهرة القيادات الرّخوة التي قامت قيادة الحركة الشعبية بترفيعها فوق أكتاف ورؤوس أهل الكفاءة، وضربنا في ذلك أمثله بعينها سوف نقوم باستعراضها الواحدة بعد الأخرى. كما ذكرنا أننا سوف نبدأ استعراضنا هذا بالقيادي في الحركة الشعبية، علي خليفة عسكوري، الذي شغل في فترة اتفاقية نيفاشا منصب رئيس الحركة بولاية نهر النيل بالإضافة إلى عضوية المجليس التشريعي لولاية نهر النيل. وما دفعنا إلى هذا عدة أسباب، منها مباشرته لنا بمجموعة مقالات وعد بأن تكون إحدى عشر، إلا أنه اكتفى منها بعشر فقط (هذا مع أن له مقالة قصيرة ابتدر به حملة كتابته عني سوف نتطرّق لها). يقول في الحلقة (9) “ولذلك قررت التوقف عن نقد كتابات الرجل لكن ليس قبل أن أنشر حلقتين (غير هذه) أخيرتين عن  أكذوبة مركزية سنار كنت قد إنتهيت من كتابة مسودتيهما مسبقاً”. ولكنه كتب بعد ذلك حلقة واحدة هي العاشرة واكتفى بذلك. إن الذي يكتب كمن يصلب نفسه على جدار التاريخ، كونه يتيح للتاريخ (وليس فقط لزمانه الحاضر) أن يحاكمه باستمرار متى ما كان هناك ما يستدعي هذه المحاكمات. وهذا ما نحمده لعسكوري كونه أتاح لنا أن نعلم بمعدنه من خلال ما سطّره قلمُه.
ليس غرضنا من هذا الدفاع عن أنفسنا أو دحض ما قاله، مع أننا سوف نفعل هذا ضربة لازم by default؛ فهذا مما لا يرقى عندنا لتسويد الصحائف وشغل القراء به. فكم سامتنا بحرّاها سمومٌ صدرت من سخائم النفوس التي تشتعل حقداً وبغضاً فما احترقت بها إلا نفوسُها وتجاوزناها إلى ما ينفع الناس، دون أن نكلف أنفسنا لحظة من الزمان للدفاع أو الشرح والتوضيح. ذلك لأننا عندما نكتب، إنما نكتب للتاريخ، لا للحاضر. فالحاضر هو عدو الكتاب والمفكرين عبر التاريخ. ما نريده هو أن يتحرّى القرّاء في طبيعة هذه الشخصية القيادية ايحكموا بعد ذلك هل استحقّت موقعها القيادي الرفيع في الحركة الشعبية، أم أنها لا تستحق. فإذا كانت تستحق، فقد باء حديثنا بالفشل والخسران؛ أمّا إن كانت لا تستحقّ، فذلك لخلل كبير في أداء الحركة الشعبية بموجبه أصبحت هذه الشخصية الرخوية ومثيلاتها تحتل مواقع قيادية على حساب سلامة الإدارة فكرياً وتنظيمياً وسياسياً بكل ما في هذا من مفارقة لمعايير العدل والنّصَفة.
في استعراضنا لكتابات وشخصية علي عسكوري سوف نعمل على التحقق من الآتي:
هل ما باشرنا به عسكوري من سخائم نفسه المغيظة يمتّ للكتابة بشيء؟
هل فعلاً قرأ عسكوري كتاباتي كما زعم؟
هل التزم عسكوري بأي مبدأ أكاديمي علمي في استعراضه لكتاباتي؟
هل عسكوري رجل شجاع يمكنه أن يواجه أخطاءه ويعتذر عنها؟
هل يمكن أن نعتبر عسكوري كاتباً؟
كيف أصبح عسكوري قيادياً في الحركة الشعبية؟
هل تتسم مواقف عسكوري من قضايا السدود بالتماسك المبدئي والأخلاقي؟
هل عسكوري رجل عنصري في مقدوره أن يصف الناس بأنهم “عبيد”؟
ثمّ أخيراً، ما هي دوافع عسكوري في تهجمه الشخصي عليّ؟

القول الفاحش والخصومة الفاجرة
قال عسكوري في الحلقة (1): “أكرع الرجل فى شتمى والإساءة لى فقط لأننى إنتقدت ما أسماه ’منهج التحليل الثقافى‘”؛ وقال في الحلقة (2): “وحده الخواء الفكرى ما يمكن الشخص من الإنغماس فى شتم الآخرين، فكل إناء بما فيه ينضح”؛ ثم جاء في الحلقة (10) وقال: “وكما اعلنت منذ مقالى الأول إننى غير معنى بالشتائم والسباب …”.
حسناً! فالرجل من الحلقة رقم (1) إلى نهاية حلقاته العشر يبدو حريصاً ليس فقط بألاّ يشتم، بل بألاّ يلقي بالاً لشتائمي (سوف نأتي لها ونحصيها لاحقا). الآن دعونا نرى من منا شتم الآخر! هذه هي ألفاظ السباب والشتائم التي وردت في الحلقة الأولى من حلقاته العشر:
كارل ماركس السودان المزور / الغثاء النشط / المفكر النحرير والعالم الفهّامة /  نصب من نفسه كارل ماركس السودان / لأبيّن زيف / هذا الراجف / بينما يؤيد الإنقلابات / يتهافت / خفة وإضراب فكرى يحسد عليهما / تنصيب نفسه حاكماً / فتلك غطرسة / أؤكد للعلامة الفهامة / العيب / إدعاء المعرفة عن جهل / التثاقل عن طلب المعرفة والعلم / إدعاء العلم والمعرفة اسوء بكثير من الجهل ومن التباطؤ فى كسب المعرفة / الجهل والتباطؤ / الإدعاء /  وما محمد جلال إلا شخص مدع لمعرفة لا يملك منها شروى نقير / مما يزعم ويهرف ويصك آذان الناس به / فكتبه لا تفيد بشئ يذكر / المعرفة التى يدعيها / غير أن الدكتور النحرير / قصد إساءتى / من غير علم / محمد جلال هاشم كاتب مستهبل  يستعبط قراءه بكثير من الغث والترهات التى لا تسوى الحبر الذى كتبت به ثم يسميها كتبا ونظريات ينشرها على العالمين / أنه فعلاً كاتب مستهبل مدع لا يتبع اى منهج علمى / ولا يهتم بفطنة القراء ولا تضيف كتبه الى من يقرأها شيئاً / يجتهد لبيع الإفتراضات للقارئ على انها حقائق وذلك هومقتل / وصفى له بالمستهبل / الإستهبال / الدكتور النحرير / الإستهبال / محمد جلال يعتقد انه فوق تلك النخبة / فإعتقاده بأن شخصى ” سنة ناعمة” وصيد سهل، وهدف رخو / يمكنه إفتراسى / الشتائم والأراجيف وأساليب إغتيال الشخصية / لن أجهل فوق جهل الجاهلينا / سأنزع منه نقاب الإدعاء والغطرسة والفهلوة والإستهبال / ضحد اراجيف الرجل وفضح عوار / ترهات / ما يدعى ليست بمنهج ولا نظرية ولا تحليل ولا ثقافية. عبارة عن خلط ” لملاح إم تكشوا بسَلَطَة الروب / كاتب مستهبل / أكرع الرجل فى شتمى والإساءة لى / فشنك / الذين بلغت بهم الوقاحة والسقوط / وصف الآخرين “بالنخاسين” / ممارسة الشتم والسب / نظريات تالفة ما أنزل الله بها من سلطان.
هذه عددها 297 كلمة سباب وشتائم واستهزاء من مجموع 890 كلمة هي مجموع كلمات الحلقة الأولى فقط، أي بما نسبته 33% من جملة كلمات حلقته الأولى.
لا نحتاج لنتساءل: من منّا شتم الآخر، بل ينبغي أن نتساءل كيف يجوز أن تزن البذاءة وفاحش القول ما نسبته 33% من كلام شخص هو قيادي بحركة سياسية؟ ثمّ بعد كل هذا نجده يحتج غاضباً كيف وصفته (قبل أن يبدأ كتابة حلقاته) بأن ما يقوله مجرد “ردح”؟ فعسكوري لم يفعل شيئاً في حلقاته العشر شيئاً غير إثبات صحة وصفي القاسي له.
تعالوا نرى كيف شتمت عسكوري! في ردي على مقالته التي سبقت حلقاته العشر (جاءت بعنوان: “لن يترك د. محمد جلال محاولة استعباطه لنا بالفذلكة العقيمة”) جاء قولي عنه:
“ثم إن عسكوري يفعل هنا شيئاً في مقدور الجميع أن يفعلوه، ألا وهو شوطنة الآخر. إذ ليس أيسر عندي من شوطنة عسكوري بتسفييهه أولاً في تماسكه الأخلاقي كما فعل معي، ثم تسفييهه في جملة مواقفه وآرائه. وعندها لن أخسر شيئاً مقابل ما سيخسره عسكوري. فأنا مجرد شخص ناقد، غير منتمٍ لأي تنظيم سياسي، وعليه مثلي لا يخسر أي موقف محمول على آخرين. لكن عسكوري يقدم نفسه على أنه قيادي، ما يعني أن مواقفه بالضرورة محمولة على آخرين. في مثل هذه الأحوال، يطلب من شخص مثلي أن يقوم بالرد حتى لو كان الكاتب الحقيقي هو القيادي نفسه. ولكن عندما يفعل عسكوري عكس هذا، بأن يضع نفسه في واجهة الهجوم والدفاع، فإنه يكشف عن أنه أولاً ليس بقيادي، بل تابع يتفانى لإظهار تبعيته لقيادته العليا. خاصةً أنه يصدع بكلام ضعيف أشبه بالردح”
ثم جاء قولي عنه بعد ذلك:
“أما زعم عسكوري بأنه قد قرأ كل كتبي، فلا أعرف مغزى له، كما أشك في أنه قد قرأ لي شيئاً. فالمرء لا يقرأ فكر من لا يحترمه. ولا اعتبار لقوله بأنه صديقي. فهذا ضرب من  الإفك والنفاق. إذ كيف يستقيم أن تصف صديقك بالاستهبال وتكيل له الشتائم دون أن تحفظ له جميلاً واحداً، ثم تملك الجرأة بأن تصفه صديقك”
إذن كل ما يمكن لعسكوري أن يأخذه عليّ هو استخدامي لكلمة “ردح” ثم جملة “ضرب من الإفك والنفاق”!
الآن دعونا نرى كمية السباب والشتائم التي كالها لي عسكوري في هذا المقال المشار إليه أعلاه!
جاء في مقاله ما يلي مما يقع داخل دائرة الشتم والسباب والاستهزاء:
استعباط / فذلكة عقيمة / يدعي / يتعمد عن قصد تجاهل / لم يشر عن قصد اعلمه / حاول كعادته الاستهبال / قصد عن عمد / حيل الكتابة /إنه مؤيد للانقلاب / يتعامل مع الافتراضات على أنها حقائق / هذه مصيبة / هذا استخفاف بمقدرة القراء / حديثه عن الشرعية السياسية حديث كاتب لم يقرأ [ترد في الأصل ’يقراء‘ وكثيراً ما تتكرر هكذا في حلقاته] / تناولها بهذه البساطة / أمر يشي بخفة فكرة الكاتب / محمد جلال بطبعه شخص انقلابي / تأييده للانقلاب ليس بشيء مستغرب / كنت سأتفاجأ [ترد في الأصل ’سأتفاجاء‘] إن لم يؤيد الانقلاب / محمد جلال من أكبر المفكرين للمركز والمدافعين / ما ذكره في مقدمة مقاله عن الذين يدافعون عن المركز دون وعي ينطبق أكثر ما ينطبق عليه هو قبل أي شخص آخر.
أي ما حصيلته 114 كلمة من مجموع 370 كلمة هي قوام مقاله الأول السابق للحلقات العشر، أي ما نسبته 31% من مقاله!
إذا لم يكن هذا هو الردح، فما هو إذن! ولتلاحظوا كيف حافظ عسكوري على نسبة الردح في جميع حلقاته العشر، بل في بعضها تفوق على نفسه وتجاوز هذه النسبة.
فهل هذا مستوى نقاش يتّصف به قيادي جماهيري في الحركة الشعبية مناط به طرح خطاب السودان الجديد، أم هذا شخص ينتمي لجماعة الإنقاذ من قبيل البشير ونافع .. وغيرهم؟ هل هذه هي العدالة التي وعدت بها الحركة الشعبية جماهير الشعب السوداني؟ إذا كان أحد قيادييها غير قادر على أن يمارس النقد بأمانة وحياد!
سوف نرى في الحلقات الأخرى كيف يواصل عسكوري شوطنتي demonization بطريقة ممنهجة، لا يحيد عنها، دون أن يحفظ لي ولو فضل واحد. فقد اتبع منهج قلب الطاولة. فإذا كنت أدافع عن المهمشين، نجده يقلب هذا بالزعم أنني أدافع عن المركز؛ وإذا كنت أتكلم عن العلمانية كشرط للدولة المدنية، عندها يقلب المسألة فيزعم بأنني من الإسلاميين. وقد وقع في جملة تناقضات مع ما يقوله هنا وما يقوله هناك؛ ثم ما ينقله عني في هذه الصفحة مع ما يرد في الصفحة التي تلي بعدها. بجانب نسبه لي أشياء قال بها آخرون، فحاكمني بها لا أعرف هل لجهله بها أم لتعجله في تدبيج الإدانة تلو الإدانة لي
كل هذا سوف نستعرضه لنرى معدن الرجل وإذا ما كان يستحق موقعه القيادي في الحركة الشعبية، وإذا ما كان يقرأ، وإذا قرأ، إذا ما كان يفهم، وإذا فهم، إذا ما كان يحرف القول عن مواضعه.
محمد جلال أحمد هاشم

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.