خطاب الأديب محسن خالد إلي جماهير الشعب السوداني …

شكرا لكم جميعاً، لكل من وقف معي أو ضدي أو اعتزل الحديث، فالجميع يستحق إعتذاري ، ليس بسبب ما كتبته وما نشرته من أفكار ورؤي ، فأنا حينما كتبت كنت أعتقد فيما أكتب وحينما اقدم اعتذاري الان أيضا اعتقد فيما يمليه علي عقلي وقلبي ولكن إعتذاري المستحق أنني سمحت لنفسي وأفكاري أن تسير في اتجاه مختلف عن ما يعانيه ابناء الوطن من ويلات السلطة التي تمسك بزمام الامور وتبطش باسم الله كل من يتجرأ ليشير باصبعه الي الملك العاري ، وأنا المثقف والكاتب الروائي الذي يفترض أنه يمثل صوت وضمير الشعب الذي يرزح تحت وطأة سلطة عسكرية دينية لا تمتلك الحد الأدني من المقومات الأخلاقية لتكون علي رأس السلطة لشعب لا يستحق ان يموت كل يوم بسبب وبلا سبب، اضافة الي اسهامي من خلال كتاباتي في الايام الماضية في التأسيس لشرعنة وجود هذه السلطة من خلال الخطاب الديني الذي أطرت به قناعاتي ليس ذلك فحسب وأنما تخطيت القناعات الذاتية في تقديم الدعوة لهذا الشعب للمزيد من التواطؤ مع السلطة القائمة من خلال الاعتقاد بالسلطات الالهية التي تمنح للبشر ، تماماً كما منحت لورثة الأنبياء الذين يحكمون … إن اعتذاري يأتي لانني تجاهلت وتجاوزت أولويات شعب يناضل كل يوم منذ مشرق الشمس الي مغيبها ضد سلطة امتهنت تغييب العقول ومصادرة الحريات وانتهاك الحرمات ، وامتطت الهوس الديني والخرافات مشروعا تقود اليه شعب بأكمله ليجد نفسه بين ليلة وضحاها يستعين بالجن من أجل الاقتصاد وبالملائكة من اجل الدفاع عن الأرض والعرض وبحصي تفجر دبابة … لتدخل شريحة عريضة من أبناء الوطن تحت طائلة العمي والتغييب القسري الذي فرضته سلطة تحكم بالغيب والتهويمات واللوثة الدينية.

إن المهدية هي في الأساس جوهر فكرة الخلاص في الفقه الشيعي وبرغم سنيتي إلاأنني تمثلتها وتوسلت بها والمهدي المنتظر يأتي ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً ، والجور الان يستوطن بيوتنا وشوارعنا وكل شبر من الجهات الأربعة في بلادنا ، لذا يمكنني أن أكون المهدي المنتظر بلا محبين ولا مريدين فقلمي وحده يكفيني لمحو كل هذا البؤس الذي يخيم فوق بلادي وكل هذا الأسي الذي يرتسم علي وجوه أهلي في كل الشوارع والطرق شمالا وجنوبا وشرقا وغربا … بقلمي يمكنني ان اكون المهدي المنتظر في مواجهة الظلم والقتل والتشريد لأبناء وطني .. ولا زلت أقدم اعتذاري لأنني أسهمت وأسست من خلال ما أسميته عودة الي الدين الي محاولة تغييب اصدقائي قبل خصومي … وعودتي الي الدين لن تكون الا بداية لمواجهة كل هذا الهوس الديني الذي نفذت من خلاله عناكب الظلام والقت ببؤسها في القري والمدن والتلال والوهاد …
إن المهدي المنتظر ليس سوي فكرة الخلاص
ورسالتي هي خلاص شعبي من هذا البؤس
لذا سأظل أحمل الفكرة بقلمي
مدافعاً عن حقنا في الحياة الكريمة
مدافعا عن حرياتنا السليبة
مدافعا ضد كل الذل والتعذيب والقتل والتشريد
الذي مارسته ولا زالت سلطة الجبهة الإسلامية والهوس الديني الاسلامي في وطني
من اجل كل الشرفاء الذين بذلوا دماءهم مهرا للحرية .. من اجلنا ومن أجيالنا القادمة ..