الخميس , مايو 16 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *الجالية السودانية في السودان* مقال جميل لاأعرف كاتبه

*الجالية السودانية في السودان* مقال جميل لاأعرف كاتبه


(في العادة أقضي نصف يومي ساخرا من الأحداث حولي، أما النصف المتبقي فأنا أقضيه أسخر من نفسي)..

سألت صديقي ذات مرة ونحن نرتشف القهوة (شربناها فقط لندفع ثمن جلوسنا في مقاعد المرأة).
أكتر مرة حسيت بالوطن ده متين؟.
أجابني بصدق وإن كان مرا: شفت يوم الهلال غلب الأهلي المصري تلاتة صفر والله أنا اليوم داك وأنا راجع البيت كنت فرحان وبقرأ في نشيد العلم و ببكي.
سكتنا لبرهة من الزمن، قطعنا سكوتنا هذا بمحاولات متقطعة لسب الوطن وحكام الوطن.
كنت أعرف أنه أصلا لا يشجع الهلال، لكن المباراة المعنية حملها الإعلام الرياضي مسألة الكرامة الوطنية وهيبة الوطن، فصارت عيدا وطنيا.
أنا وهو أبناء الجيل الذي كان يصحو فجر كل عيد ليسمع في نشرات الأخبار (وقد إستطاعت قواتكم الباسلة تسندها كتائب المجاهدين تحرير مدينة كذا).
سمعت بمدن، بور، توريت وكبويتا لحظة تحريرهم ولم أسمع بهم مجددا.
لم تكن نشرات الأخبار تلك تحرك في شعرة، لا هي و لا بيانات المذياع المملة التي تبدأ ب(أيها الشعب السوداني البطل).
أنا أبن جيل تقاذفته القدوة والمثل الأعلى فلم يجدهم بقربه فعاش ردحا مع أدهم صبري وردحا مع جيمي (بطل أفلام هندية).
الجيل الذي راقب صعود كل الأشياء حوله وهبوطه هو، الجيل الذي تمت مطاردته في شوارع و أزقة حاراته ليساق لمعسكرات التجنيد الإجباري.
ذاكرتي لم تشفى بعد من إحتلال حلايب والفشقة، وجرح إنفصال الجنوب.
أنا أبن الجيل الذي رأى بعينه إنكسار الأباء ودموع الأمهات لأجل شظف العيش.
جيل مر ربعه من بوابة (الصالح العام)، يدرك جيدا ما معنى أن لا يكون بالمنزل جنيها واحدا.
كيف ستطلب من طفل تم إخراجه ذات صباح في طابور المدرسة بحجة عدم دفع الرسوم، ليجلد، كيف ستطلب منه أن يردد نشيد العلم هذا بفخر؟
كيف ستشرح له إن من جلده على مؤخرته هذه لم يكن هو نفسه الوطن؟
في جيلنا ذهب الأطفال باكرا للعمل في الإجازات الصيفية ثم يعودوا في المساء ليسمعوا من الكبار قصص عن أبوعاج و فترات الإجازة في طلائع مايو.
ليكبر هذا الجيل ويصل لمرحلة الجامعة وثورة التعليم العالي وصندوق دعم الطلاب وضربت علينا الذلة والمسكنة.
حسنا، لابد من تضحيات، ليضحي نفس هذا الجيل ويحصد دمه قيادات أحزاب سياسية في تسويات بغيضة. 
ثم، لا سوق عمل ولا أمل حتي كأنما أحدهم يريد يتأكد هل وصل الإحباط بهذا الجيل حده؟ فتتلقفهم المهاجر، تعيد لهم الإنسان المفقود.
صار الحلم هو الخروج، الناس يخرجون بلا حتى هدف، بعضهم يخرج بدون وجهة أصلا.
البعض يركب قاربا يخبره صاحبه بأنه كان له قاربين الأول مات به 20 من أبناء وطنك في نفس طريقنا هذا، فيبتسم في أمل.
صار المجهول حلما أفضل من الوطن، تحول الوطن إلى حالة ذهنية تجمعنا، نتغنى بأمانة الراعي السوداني، ومهارة الطبيب السوداني، وإبداع الطفل السوداني، ونثور لسلوك سالب قام به سوداني.
تحول الوطن من جغرافيا الى تاريخ، أتجول يوميا في طرقات العاصمة، ألمح وجوه الناس، أتسلى بتوقع ماهي الدولة التي ستناسبهم ليتغربوا فيها، هم كلهم بالنسبة لي مشاريع مهاجرين، لو أخبرتهم بذلك لن يغضبوا مني،  بعضهم سيشكرني لإختياري له دولة جيدة.
معظم أصدقائي يعملون في الخارج يرجعون في الإجازات، ينسحب الوطن من أعينهم رويدا رويدا، لا أحزن عليهم، أراهم مسرورين، وهذا ما يهمني.
أذهب صباحا للعمل بعد أن أودع أبنائي وزوجتي ويستقبلوني حين عودتي، هذا ما يعنيه لي الوطن حاليا.
ربما إذا فقدت عملي سأغادر أيضا لدولة أخرى مثل الجميع، حينها سأفتقد وطني قليلا، ثم سأرسل له ليلحق بي.
لا أعرف ماذا حدث، لكن من المسئول عن غياب مشروع وطني ننتمي له بعيدا عمن يحكم؟ من الذي سرق منا الوطن؟ الجالية السودانية بالسودان أين هي سفارتهم؟ وهل سيكبر أطفالنا ليصبحوا مثلنا؟.
أسألكم بجدية هل يمكننا أن نوفر لهم مشروعا وطنيا يكبرون عليه؟

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.