.
أظهروا للناس زهدا” **
وعلى الدينار داروا
وله صاموا وصلوا **
وله حجوا وزاروا
لو يرى فوق الثريا**
ولهم ريش لطاروا
يظن الكثير من المحللين السياسيين إن دولة قطر بموقفها الذي وضعت فيه بفعل فاعل ، وعدم إستجابتها لضغوط القيادات الخليجية سوف تنهار سياسيا وإقتصاديا مما يجعلها تخضع وتلبي جميع المطالب المغلفة . وهذا التحليل المكتسب من الزاوية ضيقة يعده الكثيرين هو المرجح ولكنه بحسابات دقيقة غير صائب فجميع الدول التي تحرك عصاة الضغط كالسعودية والامارات ، والبحرين ، ودويلات اخري ليست بذات تاثير مباشر عليها ؛ مثل مصر المساندة غيلة” ، وبغضا” ، والسودان المحايدة خوفا ، ورهبة ، وحشود أخري تظن ان دولة قطر الصغيرة في جغرافيتها ، الكبيرة في إمكانياتها ، بهذه المهددات المتشعبة سوف ترعب قطر ولكن العناد سيكون حاضرا” ، فهنالك مساندين وداعمين تحت المناضد ، فدول مثل ايران وتركيا (وما خفي أعظم) تنتظر هذه السوانح للإنزلاق داخل الخليج بعدتها وعتادها ، فالموقع الاستراتيجي الذي تمتلكه دولة قطر يشكل عمقا” لوجستي ويكشف ظهر الامارات ، والسعودية ، ويفتح الباب الخلفي ليدخلهما في كماشة بين حرب اليمن التي انهكتهما إقتصاديا وأرعبتهما إجتماعيا ، والخوف من بذرة حرب باردة جديدة مع قطر ، وسيكون هنالك اطراف متداخلة كثيرة ، والسعودية رغم تزعمها وإحساسها بانها الأب الروحي لدول الخليج الا انها ساقت نفسها لمضيق سوف يجعل منها بوابة لاقتسام ثرواتها مع المساندين الجدد ، فتكون بذلك اعطت الحافز لدولة قطر بحق دعم اللا محدود (للحوثيين) والكيانات المتطرفة اخري فلا غرامة لغارم بشريعة الحرب ، وكثيرا” من الكيانات يستميتون للدفاع عن قطر مقابل المال ، والسلاح ، وهذا أقل ماتجده ، وتسارع القواعد الايرانية ، والتركية بإستغلال الأراضي القطرية هو المنظر الملاحظ في ساحة ؛ بصورة ستستفز الدول الخليجية فتعجل بحرب لا تبقي ولا تذر ، وإعتماد السعودية ، والامارات علي امريكا ، كداعم اصيل سيتبخر ، فامريكيا ، واسرائيل لا تدعم الا مصالحها وشعبها ، فكم دولة من دول العالم وضعت يدها في يد أمريكا فعجلت بإنهيارها والأدلة كثيرة ومتنوعة ، والعراق ومصر ، والسودان بقيادة آخر ديكتاتور هم خير مثال ، وسيسحب البساط ، وتندثر الضجة الإعلامية الامريكية عند اول طلقة تخرج في الخليج العربي ، وتفتح مصانع سلاح الامريكية لتحريك إقتصادها ، وتفتح القنوات التلفزيونية لتوضح للعالم مساويء الاسلاميين فيما بينهم ، وتسوق القضية بان التطرف الاسلامي هو ديدن العرب ، وتهنئ اسرائيل عرابها (ترامب) بتحقيق نجاحا” لم يستطيع الكثير من الروساء في تنفيذه ، (وكل ذي عاهة جبار) .
ورغم ان دول كثيرة فضلت الحياد والتزمت الصمت ، اجتنابا” لحدوث صلح ، يجعل من المساندين لاحد الجوانب ليجعلوا من أنفسهم عدوا” مستقبليا” موضوعا” علي القائمة السوداء ، ينتظر الإقتصاص منه في أول سانحة ، وربما يقتص منه من سانده تكريما” وكرامة للصلح ، فيكون جزاء سنمار متواجدا” في العقلية العربية التي تعلمت ان تنظر لمصالحه المؤقتة ، دون النظر للاحسان وينطبق عليه المثل العربي : (من حكم بين اثنين فقد احداهما) .
وحتي لا نخدع انفسنا فهؤلاء الخليجيين لا يؤمنون بالحياد ، وخاصة الدول التي تمنحك المساعدات وخاصة السعودية ، والامارات ، وقطر ، وقاعدتهم المتعارفة طالما تم اكرامك يجب ان تشكر بالصوت الواضح ، ويجب ان يكون اللون الابيض والاسود واضحا” في هذه القضايا ، وهذا ما جعل مصر ، بقيادة السيسي تحدد وضعها بسرعة ، رغم انها ضالعة استخباراتيا” في هذا الصراع وتنبأت به ، ولكن وضع السودان الذي يرمي بابناءه في صحراء اليمن ، بمرتبات شهرية تدخل خزينة منزل رئيسه البشير بكافوري والبالغة (67) مليون ريال سعودي شهريا” ، ووديعة قطرية (4) مليار ببنك السودان تحافظ علي ثبات الدولار ، تجعله حكومته تتقلب في الجمر .
وما مصير الذي لا يملك قرار نفسه ، فخيارات التحديد اصبحت مرهونة بخسائر إقتصاديه فادحه ، ربما تقود لبوادر انهيار قادم .
لقد وضع البشير الحبل علي عنقه ، وينتظر ان يسحب احد الطرفين الكرسي الذي يقف فيه ، ليشنق علي مقصلة الحياد …
Ghalib Tayfour