الخميس , مايو 2 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* *أرواح تائهة (7)*

*قصاصات* *أرواح تائهة (7)*

       ركبت القطار متحرك لمدينة (ليون) وكان تفكيري منصب علي نقطتين :
كيف علموا هؤلاء بموضوع الحزام ؟.
وما فائدة السؤال ؟.
والنقطة الثانية :
لماذا تعاملني نينا بهذه الطريقة ؟.
لم ينقطع تفكيري حتي وصلت والليل يتنفس والساعة تقارب العاشرة  ، وانا منهك وانا داخل علي بوابة المبني ، لأجدها أمامي بشحمها ولحمها وهي تنظر لي بشوق ولهفة ثم قالت لي :
لماذا لا ترد علي الهاتف؟ فقلت لها :
لقد وضعت الهاتف صامتا” وانا ادخل للمحكمة ، ولم أتذكر أن أعيده لوضعه العادي  ، آسف( ……) وكدت أن أتمها لو لا أني إستحيت فتقدمت نحوي ، حينها سمعت صراخ صديقاي (أشرف ومحمد) بصوت واحد — حمدلله علي السلامة — والتفت لهم ، وهم علي الشرفة فقلت لهم : تسلموا يا اصدقاء والتفت لنينا فوجدتها داخل سيارة سوداء ، فقلت مندهشا”الي اين ؟ وما هذه ؟ فضحكت وقالت لي :
انها سيارتي ولكني اكره القيادة بالنهار لكثرة الزحام وادارت موتورها وإنطلقت ، وانطلقت نبضات قلبي خلفها…
  صعدت ، واحتضنني الاخوة وانهالوا علي بالاسئلة حتي وجدت نفسي في سبات عميق .
  كان الصباح جميلا” والجو هاديء ، فاغتسلت وانطلقت نحو المكتب لمقابلة (نينا) ولكني أستوقفت نفسي اساءلها ،ماهذا الذي أعيشه في داخلي؟ و ماذا أريد من (نينا) طالما أن لها صديق؟ ، والصديق للفرنسية هو زوج بدون أوراق رسمية ، ولكن جميع الحقوق متوفرة ، وله الشرعية المطلقة والواجبات ، وأين أنا موقعي  من الإعراب ؟، واذا كنت انا الجلف القادم من بلاد بعيدة ، معجبا”بسحرها ، وأناقتها ولطفها في التعامل ، فما الذي يجعلها تساهر لتنتظرني ؟؟ ، هل هو نوع من الإنسانية ؟.
طالما هو كذلك فلتكمل جميلها ، وتحبني بدواعي الإنسانية .
    وصلت المكتب وانا فرح ، ومنشرح الصدر ، ووجدت (اشرف ومحمد) ومعهم (نينا) ولكنهم واجمون صامتون ، وكأن هنالك شئ حدث ، فقلت لهم  :
لماذا الصمت ماذا حدث ، فقالت لي (نينا) لقد جاءت خطابات من (البرفكتور) أو الشرطة المسئولة من اللاجئين مطالبة بعودة (اشرف ومحمد) لايطاليا ، يا له من خبر سئ! .
وما العمل فقالت لي : سنعين محامي لرفض طلب عودتهم لايطاليا ، رجعنا الي السكن ونحن كئيبين من هذا القرار ، وتفاكرنا وعاد كل الي غرفته فقد كان الجو مشحونا” ، وحاولت ان اقرأ قليلا” فلم استطع ، فخرجت لأجد (اشرف ومحمد) وهما يحملان حقائبهما فسالت بهدوء :
الي اين ؟ فرد علي( محمد) : لقد حددنا وجهتنا وكنا نود أن نهرب منك فلا نستحمل أن نودعك يا صديقي! سنحاول العبور لبريطانيا فربما يكون الحال جيدا” هنالك ، فقلت لهم :
لا يمكن أن اترككم تذهبون لوحدكم سوف أذهب معكم قاطعني (أشرف) بحزم:
لن تذهب اي مكان لقد تحدد مصيرك ، سنكون علي تواصل معك ، فالمحاولات لبريطانيا لا تكون بين ليلة وضحاها ، وتركوني وهم ينطلقون بسرعة لقد ثقلت اقدامي للعودة للشقة ، وكأنهم عاشوا معي مائة سنة ، ودخلت غرفتي ودموعي تسبقني وأشعر بأني اختنق ، وتوسدت فراشي لاخبئ راسي ، وكأني طفل فقد والديه ، حتي شعرت بمن  يطبط علي شعري ، فرفعت رأسي لأجد (نينا) وهي منزعجة وهي تسألني :
ما بك يا (الريح) ، فقلت لها:
لقد رحلوا ، رحلوا واظنها قد فهمت الامر فقالت لي : لقد استعجلوا كان يجب ان ينتظروا فالمحكمة يمكنها ان تحل مشكلتهم ، وتكسر لهم البصمة ، وبلا مقدمات احتضنتي وقالت لي : لا تزعل سوف يعودون ، وحقيقة في هذه اللحظة اختلطت كل خطوطي الداخلية فلم يحتضني في حياتي البائسة سوي والدتي ، ولا أدري في هذه اللحظة أأبكي ام أضحك ؟.
ورغم الدفء الذي إجتاحني والهيام الذي يغمرني ، وتلك الزهرة البنفسجية التي تتوسدني بحنان لم أجده في ظلام افريقيا بكل اضواءها ، وشموسها الحرى ، الا أنني شعرت بهذا الأمر مجرد مواساة ، وتعزية ، وهي تشجعني بجمل ، أغلق التصاق جسمها طبول أذناي لكي أسمعها ، واحاولت بقدر الإمكان أن تهبط من عيوني بعض الدمعات ، لتزيد التآسي ، وأظل في حضنها فترة أطول ، ولكنها إنسحبت متعذرة بالزمن .
وقالت لي :
لقد احسست بأنك تحبني ، كادت عيوني أن تخرج من محجرها ، وأنا أسمعها ، وواصلت في حديثها ، وانا حقيقة تعجبني طيبتك ، ولكني ارتباطي بك يعني فصلي عن العمل لمدة أقلها سنتان ، وتغريمي مبلغ ضخم ، وهذا يدمر حياتي ، وسوف أعتصر قلبي لتكون علاقتنا علاقة عمل ، آسفة على إوجاعك ، وخرجت ..
    وكأن هذا اليوم يعاقبني بكل ما يملك ، ونظرت لها من الشرفة ، وهي تلوح لي وكأني لن أراها ثانية”…

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.