الخميس , مايو 2 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* *أرواح تائهة(6)*

*قصاصات* *أرواح تائهة(6)*


كانت الليالي كئيبة في (ليون) تملؤها مسامرة اصدقائي فقط ، فنجلس ثلاثتنا نتناقش في اللغة والمستقبل ، والباحثات الجميلات وهن مجموعة من الباحثات وكل واحدة لها ميزة وكانت (نينا) هي سيدة المميزات والمؤهلات وكانت تهتم بي ، وتأتيني لتبحث عني في غرفتي فأضطر غير باغ لجعل الباب مفتوحا” ، وحددت لنا منظمة تدعمنا ببعض الأغذية والمعلبات ، وتراجع معي اللغة الفرنسية وكلما ذهبت لاعداد شئ في المطبخ ، أعود فأجد باب غرفتي مغلق وهي معي ، فافتحه مواربا” وكانت تضحك ضحكة تشق صدري ، واستمتع بتناول الطعام معها ، حتي يعود أصحابي ، وكنا نقضي أوقات ممتعة حتي جاءني إشعار بحضوري ، لمحكمة (الاوفبرا) لمساءلتي في القضية ومنحي الاقامة او رفضي ، وفي هذه الحالة أستئنف القرار للمحكمة العليا ، وكانت (نينا) مؤمنة بمنحي الإقامة الدائمة وهي عشر سنوات ، وكان وضعي قد تحسن وملكت هاتف ، وبعض المنظمات وفرت لي الملابس ، وبدأت الاستعداد للتوجه لمدينة باريس للمحكمة ، وكان الجميع يراجع معي القضية حتي نغلق كل الثغرات ، واستلمت التزكرة في ذاك الصباح من (نينا) وحددت لي فندق في باريس للمبيت واليوم الثاني الذهاب للمحكمة (الاوفبرا) والعودة في قطار الرابعة ظهرا لمدينة (ليون) اخذت كل التفاصيل وانا بين الخوف والفرح ، وذهبت لغرفتي واعددت حقيبتي الصغيرة ووضعت فيها كل ما احتاجه ، وتمددت أفكر في كيفية التعامل مع هذه المحكمة ، وسمعت طرقات علي الباب وكنت أعرف صاحبها لقد كانت (نينا) نظرت لي بحنان غامر ويبدو انها خائفة علي من المحكمة وقالت لي : ارتدي ملابسك فسوف اخذك معي في مشوار صغير ، كنت ارتدي ملابسي وعقلي يقول لي :
انك مقدم علي خطوة كبيرة في مستقبلك ، يجب ان لا تغلط وتحافظ علي نفسك ، فاذا اخذت الاقامة سيوفقون لك اوضاعك وسيكون وضعك مميز ، يجب ان تتعامل بأصلك مع نينا ، كنت اتحدث مع نفسي حتي شعرت بها تناديني أسرع يا (الريح ) هذا الاستعجال تختبئ خلفه اشياء ، وهذا ما يجعلني افقد اعصابي ، خرجنا دون أن اسالها عن وجهتنا ، كانت تلتصق بي ونحن ننتقل في السيارات حتي وصلنا لذلك الحي الراقي ، ووجدت نفسي أقف تحت ذلك المبني الجميل معها ، فقلت لها :
الي اين تختطفيني فضحكت ببشاشة وقالت لي :
لشقتي ودخلت لذلك المبني وانا خلفها متوتر أكاد أرتجف من اللحظات القادمة ، حتي صعدت شقتها في الطابق الاول وكانت شقة جميلة اجلستني في الصالة ، ودخلت احد الغرف وكانت الصالة جميلة ، ملىء بالتماثيل الصغيرة والدببة التي يحضرونها في اعياد الميلاد ، تفوح منها رائحة جميلة ، وامسكت باحد الدببة المصنوع من غطاء الحرير البنفسجي ، ويوحي بجمال إنتقاء شاريه ، فسمعت صوتا” رجوليا” خلفي وبلكنة انجليزية مميزة يقول:
لقد اشتريته (لنينا) قبل خمسة اعوام هذا الدب ولا تزال تحتفظ به ، رغم المفاجأة بوجود رجل في شقة (نينا) الا انني تمالكت نفسي ، وقلت له أنه حقيقة جميل يوضح ذوقك ، لم يتمالك نفسه فضحك وقال لي :
لقد صدقت (نينا) فقد قالت انك شاب لطيف ، اعرفك بنفسي (وليم) صديق (نينا) لقد احضرتك نينا لأشرح لك كيف ستكون مقابلتك في المحكمة وجلسنا ، وهو يشرح لي ، ونينا تتحرك حولنا وانا انظر لذلك العصفور الكناري ، ما اسعدك يا (وليم) به !
ولا ادري كيف تستقبلها عندما تكونوا لوحدكم ، وكأنك تستقبل شلال يتساقط في بحيرة عطشى ، وما اشقاني وانا احلم بخريف لا يحمل سوي الاوجاع !.
كان كلامه مثل الهلوسة فقلبي وعقلي شارد ، في خطوط يصعب علي الالتقاء بها .
خرجت منهم ، وهبطت معي تودعني في الطابق الارضي ، وامسكت بيدي  بلطف  وقالت لي :
لا تخاف فنحن معك وستعود منتصر (الريح) ، وتقدمت بهدوء نحوي وقبلتني قبلة فرنسية علي خدي لم أشعر سوي بإصطدام شفتاها التي تشابه قوالب الحلوي بذاك الرصيف الذي يسمونه خدي ، وانا جامد مثل الصخرة وصعدت ، ولا تزال الصعقة الكهربائية تخدر جسمي .
وانطلقت حتي كادت تصدمني سيارة ، ما هذه التناقضات الغريبة وهذا العالم الممزوج ؟
اغلقت كل ابوابي من اصدقائي ، وانطلقت في أول قطار متجه لمدينة باريس ، واستقبلتني باريس ، برزاز خريفها المتباكي وسماءها الصاخبة التي تحمل وعود يصعب الايفاء بها .
كان الساعة التاسعة والنصف موعدي ، لأجد نفسي امام ذاك المتحري الجزائري الممشوق المبتسم الوجه ، وكان حديثنا لا يحتاج مترجم ، فطلب مني تعريف شخصي واندحت في السرد وهو يطلب من التوقف للكتابة في تلك الشاشة المسطحة التي تقبع امامه وحينا” يطلب من المواصلة حتي انتهيت ، وكانت تجلس بجواره فتاة فرنسية ترمقني بالنظرات واظنها تحت التمرين ، وكلما وقعت عيني في عينيها ، أتذكر أني ملدوغ فيجب أن أحترم نفسي ، سألني اسئلة كثيرة ولكن ختم اسئلته بسؤال غريب ، لماذا لم تتقدم بشكوى عندما اتهموك العساكر بانك ترتدي حزام ولم يكمل ؟
ضحكت وقلت له :
لأنني مقدر ما يمرون به هؤلاء العساكر جراء المتطرفين .
فقال لي بإبتسامة: سوف نرد عليك خلال شهر ، تفضل .
وخرجت نحو القطار وانا مطمئن ، وخائف في آن واحد ، إن هذه الدول الغربية لا تترك شيئا للظروف ؛ لذلك ساروا الي الأمام …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.