الجمعة , مايو 3 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* *ارواح تائهة(4)*

*قصاصات* *ارواح تائهة(4)*


طلبت من سائق الأنبوبة الأخري يوقف الموتور وصرخت لهم  مخبراإياهم  بالمستجدات ، واحتفل الجميع حتي خفنا أن تنقلب الأنابيب ، وبدأت تظهر لنا تلك السفينة الضخمة ورغم أننا لا نكاد نراها الا أنها تحرك المياه من حولنا ، والجميع مترقب ، ولا يعلم ما هو الجديد ، حتي ظهرت من بطن هذه السفينة الضخمة زوارق صغيرة تترى  لنا من بعيد ، وهي تنطلق نحونا ويصخب الجميع ويصرخون ، ونطالبهم بالصمت حتي بدءوا يدورون حولنا وجاءنا صوت مكبر الصوت ، واضح يشرح لنا بعدة لغات ولم يتبينوا اخوتي الا لغة العربية والتي جاءت في الأخير كعادتها ، وكانت كالاتي:
علي الجميع الإلتزام بالصمت وعدم التحرك ، سيكون نصيب كل فرد سترة نجاة سنمررها لكم من بعيد ، انتم الآن في أخطر مرحلة فتسابقكم للصعود سيكون نتيجته الموت ؛ الزموا الهدوء  ، الزموا الهدوء سنسحب الاطفال اولا، ثم النساء ، ثم البقية وكانت هنالك مسافة كافية خوفا من هلع الجميع وتقافزهم ، حتي رموا لنا السترات ووجهوا بكيفية ارتداها وكان نصيبي سترة ، حاولت ارتديها رغم صغرها ولكنها تجعلني في مأمن ، وارتدي الجميع السترات في الانبوبتين وبدءاو يقتربوا منا بالزورق الاول ، ويسحبوا الاطفال واحداتلو الآخر ، ثم النساء واصدقائي بجواري ، حتي جاء دورنا وصعدنا جميعنا الزوارق وتحركنا ، ونحن لا نصدق حتي التصقت بالسفينة الضخمة ، وكان الصعود عن طريق الحبال ، فردافرداولم يكن صعب بعد نشوة الإنتصار حتي وصلنا لداخل هذه السفينة الضخمة واجلسونا في قاعة كبيرة وعددنا أكثر من (240) شخصا، وتم توزيع أكياس تحوي ملابس داخلية ، وملابس رياضية ، توزعنا في الحمامات والسفينة مثل خلية النحل ، كان الحمام شئ لايصدق وخرجت منه وان احس احساس غريب ، والجميع يناديني الأبكم فقد لصقت التسمية بي .
جلسنا حتي احضر طاقم السفينة وجبة مكرونة باللحمة ، ووزعوا لنا قوارير المياه ، وافترشوا لنا بساط والجميع مشغول بنسج احلام لعالم خالي من الفقر ومستقبل يذهر بالحياة الطيبة ، وجاء المسئول من سفينة مرحبابنا وقال:
ستقضون  معنا يومين حتي ننزلكم لأول نقطة ايطالية نحمد الله علي السلام ، واستمتعوا بالرحلة بهدوء ، في هذه لحظة تيقنت ان طريقي اصبح بلا عودة وتحدثت مع (محمد واشرف) ما هي وجهتكما؟ فقالا لي :
فرنسا فلدينا كثيرامن الأهل والأصحاب وكانا مشغولين ، فقد اخرجا من جيبهما أنبوبة صغيرة  كانا يمسحان بها اصباعهم ، واعطوني ايضا أنبوبة سالتهم ماهي ؟ فقالوا:
الايطاليون لديهم اجراءات بصمة إجبارية وهي تعوق تقدمنا نحو فرنسا وتجعل الفرنسيين يعيدوننا لايطالية بسبب بصمة (الدبلن) فسألتهم وهل ايطاليا سيئة ردوا :
نعم فهي لا تقدم عائد مادي مجزي ، ولاتوجد بها فرص عمل ، لم اهتم ببقية حديثهم.
وقضينا ليلتين علي ظهر السفينة نأكل ، ونشرب ونتجول لنشاهد البحر ، وعقلي مشغول ، وذهني شارد في هذه الورطة التي وقعت فيها، – واحمدالله – أنني نجوت .
حتي وجدنا انفسنا ندخل هذه المدينة الساحلية الجميلة ونهبط ارتالالنجد انفسنا امام الشرطة الإيطالية التي تحاصرنا من كل الجنبات ، وتأخذنا بباصات كبيرة ، والجميع مشغول بتبليغ ذويه واسرته بأنه بخير ، حتي أنا أخذت فرصتي ، وارسلت رسالة وبلغت أخي بأني بخير ، وقل لوالدتي – حفظك الله –  الموضوع نجح ، وأشكرك  لدعاءك الذي لولاه لما نجوت وانا الآن في احسن ما يكون .
وجدنا أنفسنا بمعسكر يتشابه شكله مع السجن ، تم عمل اجراءات البصمة ولم يكن هنالك مفر بقوة السلاح ثم اخذوا بصمتي ، وكل الذين رفضوا وجدوا أنفسهم مقيدين معزولين من الآخرين .
كان اصدقائي بجواري في المعسكر الضخم ، الذي قضينا فيه ليلة وفي اليوم الثاني وجدنا الباصات تقف لتاخذنا لمدينة (روما) توطدت علاقتي بالاصدقاء الجدد فقد بلغت صداقتنا اربعة ليالي واستقبلتنا (روما) بضجيجها ومناظرها الخلابة .
لم نصبر في (روما) فهربنا من المعسكر حتي وصلنا للحدود الفرنسية ومنها عن طريق التكاسي لمدينة (نيس) الفرنسية ونفذنا لعبة القط والفار مع الشرطة الفرنسية في القطارات حتي وجدنا أنفسنا في (باريس) مدينة النور وتوجهنا الي اماكن تجمعات السودانيين ، وكان طريقنا معبد لان تحركنا مبني علي اخوة سبقونا وهم متواصلين مع اصدقائي .
حتي بلغ بنا الأمر بأنا وجدنا أنفسنا ننام تحت جسر كبير ، نفترش الأرض ، ونلتحف السماء ، أوروبا ليست كما يتوقع الجميع فالبداية بكل المقاييس صعبة ، ولا يوجد من يساعدك فجميع من تعرفهم يرشدونك للجلوس مع اخوتك ، حتي يتم ترحيلك من قبل الشرطة الفرنسية وكنا ثلاثتنا محظوظين فقد تم ترحيلنا لمدينة (ليون) بعد سبعة ايام مع اصدقائي  ووزعونا في غرف صغيرة ، وذهبنا (للبرفكتور) بعد مساعدة من (السوشيال) فقد حددوا لنا مساعدات اجتماعيات ، وتقدمنا بطلبات لجوء ، وتمت اجراءات البصمة وكان حظي مختلف عن الآخرين فلم تظهر بصمتي التي اخذوها مني في ايطاليا ، وتم تسليمي الملف لأكتب قضيتي ، واصدقائي رغم الاشياء التي فعلوها في أصابعهم فقد ظهرت بصمة ايطاليا ، وفي هذه الحالة تخاطب الحكومة الفرنسية الحكومة الإيطالية ويكونوا هم في الإنتظار ، وعدت أبحث عن قصة لأكتبها تكون دموية وماسوية اقنع بها المحكمة الوطنية للاجئين (الاوفبرا) ويمنحوني حق اللجوء ، وعدنا للسكن سوياوقابلنا المسئولة ، وشرحت له الوضع ، فوعدت بمساعدة اصدقائي ، وطالبتني بتجهيز قصتي .
ولا أريدأن أخفي عليكم فحظي في اوروبا يختلف عن الآخرين فقد كانت المسئولة عني تشابه العنب الأحمر عندما تبتسم ، واشعر في بعض اللحظات أن عيونها تراقبني خلسة ، وكنت سعيدابتلك المراقبة الخفية ، إلا إن هذه الأمور تحتاج لطهو علي نار هادئ …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.