الخميس , مايو 9 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* *اوراح تائهة(3)*

*قصاصات* *اوراح تائهة(3)*


بعد أن اخذ القراصنة الموتور صارت الانبوبة تتقاذفها الأمواج وفقدت اتزانها وتأكد للجميع أنها لن تصمد طويلا، وإجتاحتنا موجة من الخوف فالنساء يولولون والأطفال يبكون والرجال يدعون بحسن الخاتمة وتلهج السنتهم بالدعوات كلما نظرت اليهم ، واصحابي الجدد بجواري صامتون صمت القبور ، ولا يسمع إلا صوت اثنان من الافارقة يتلون القرآن ويهللون ، وكلما اصطدمت موجة بالانبوبة وارتفع بجنبة من جنباتها تكاد تنقلب يصرخ الجميع ، ونحاول ان ندفعها الي الأمام باجسامنا من داخلها ، وكأننا نضحك علي أنفسنا مع هذا اليم وهنالك مجموعة تتقيأ حتي امتلأت وسال تقيؤها تحت أقدامنا فقد اصابهم دوار البحر .
أكثر من ساعة والأنبوبة تتهادي وشعاع الصباح بدأ يرسم في الأفق ليكشف ذلك البحر الواسع ، وكأنه بلا نهاية ولا توجد مؤشرات لوجود من ينقذنا ، وكلما توقف شخص داخل الانبوبة من فرط التعب صرخ فيه الجميع بالجلوس ، لان وقوف الجميع يعني انقلاب الأنبوبة ، حتي برزت هالة من الأمواج تسوق الانبوبة بسرعة جنونية والجميع يصرخ ، لقد اقتنعنا بانه الموت لا محالة ، فقد اصبحت تتمايل هذه الانبوبة بصورة جنونية ، واصحابي يتشبثون بي فقد كنت ضخم الجسد وهذا من كثرة الأطعمة الدسمة التي تجعلني اموت سعيد فلم اظلمك يا بطني! ، ولكني كنت حزيناعلي هؤلاء الاطفال الذي لم يروا شيئا في هذه الفانية ، ولم يذوقوا حلوها وها هم يذوقوا مرها .
إنقضت ثلاثة ساعات وهدأ الموج وكأنه أحس بدعاء هؤلاء المستضعفين ، وسادت حالة من الصمت الرهيب وبدأت الشمس تعتلي كبد السماء والجميع ينظرون في الأفق ويطمعون في باخرة تنقذهم ، وقام أحد المهاجرين وقال:
نحن حتي الأن لم نخرج من المياه الاقليمية وهذه البواخر الضخمة من الصعب ان تتوقف لتنقلنا او تساعدنا سوي بإخطار سفن الانقاذ لتنقذنا لذلك يجب علينا التلويح كلما شاهدنا سفينة عسي ولعلها تحدد لسفن الانقاذ مكاننا ، كنا نشاهد السفن المحملة بالحاويات وهي بعيدة ولا يسعنا سوي بعض الصراخات ولا حياة لمن تنادي ، نظرت (لمحمد) ما رأيك في هذا الوضع؟ فقال:
اصبر لو كان مكتوب لنا الموت لمتنا في بلادنا او قتلنا هذا الليبي ولكنه امتحان .
توقف السائق وقال لقد اعطاني الليبي (النذير) هاتف وقال لي اتصل بسفينة الانقاذ ولكنه حدد لي بعد مسير لثلاثة ساعات متتالية في هذه اللحظة ضج الأنبوب وهاج فيه الجميع ويبدوا انهم لا يعرفون كيف يستعملون جهاز الثريا ، فقمت من مكاني واقدامي لاتستطيع الحراك من طول الجلوس وانتزعت منه الثريا ، والجميع ينظر لي مشدوهافجميعهم يعلم أني أبكم ، وفتحت الثريا لم اهتم بنظراتهم كثيرا ، ووجدت رقم محفوظ بالانقاذ واتصلت عليهم ، حتي جاءني رد باللغة الانجليزية خالصة وبدأت أشرح لهم موقعنا وموقفنا ومن حولي يصرخون هذا الأبكم يتحدث الانجليزية ، طلبوا مني الانتظار لتحديد مكاني ، وكانت المفاجأة اننا ابتعدنا كثيرا ويحتاجون منا التقدم ولايستطيعون ان يفعلوا شيئا اذا لم نتقدم ، وعلينا الاتصال بالليبي الذي احضرنا ، واغلق الهاتف ولكن شعرت بانهم سوف يحاولوا ان يساعدونا ، شرحت للجميع وهم صامتون ، وجلسنا ننتظر لم يكن هنالك شئ نفعله .
اكثر من ساعة حتي شاهدنا انبوبة تماثل التي نركبها قادمة تجاهنا يبدوا انها رحلة اخري ، فوثبنا جميع نأشر لها ونصرخ حتي كادت الانبوة ان تنقلب ، طلبنا من الجميع الجلوس حتي اقتربت الانبوبة فشرحنا لهم ما حدث ، فقالوا هم ايضا يواجهون مشكلة فالوقود الذي بحوزتهم قد نفد وانبوتهم مليئة بالمهاجرين ولا يوجد فيها مكان لشخص ، قضينا فترة عصيبة نتفاكر حتي إهتدينا لفكرة نعطيهم الوقود ويقومون بسحبنا وكان هنالك حبل متين فوافقوا ، وقمنا باعطائهم الجالون الذي يحوي الوقود ومعها الحبل الممتد علي طول الانبوبة وتم ربطه جيدا بانبوبتهم وبدأنا التحرك بهدوء ، لقد نجحنا حتي بدات تسرع وطالبنا الجميع بالالتزام بالهدوء وعلي الذين يجلسون في الاطراف سحب اقدامهم من المياه حتي لا يثقلوا حركة الانبوبة وعدم التحرك ،ولا اريد أن أفتخر ولكني كنت مهندس هذا العمل واتحرك بكل الجنبات كقائداللأسطول رغم اني ارتجف من داخلي ففي هذا الزمن اكون داخل المطعم اجهز الطلبات واقدمها .
قرابة الساعة والنصف ونحن نسير واصحاب البوصلة يصرخون يمنة ويسري حتي اخذت جهاز الثريا وعاودت الاتصال فردوا وطلبوا منا الانتظار لتحديد مكاننا وجاءني الرد مخيفا لا حول ولاقوة .
قالوا لي بوضوح انت تحت نظرنا يمكنك التوقف او المواصلة …
فصرخت لقد نجونا ،، لقد نجونا ،، فنظر لي اصدقائي الجدد وهم يضحكون لقد وضعك الله امامنا لتنقذ الجميع فلا يوجد من يجيد التحدث مع سفينة الإنقاذ سواك…

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.