الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* *أرواح تائهة(1)*

*قصاصات* *أرواح تائهة(1)*


لقد تغيرت ليبيا كثيرا” بعد مقتل (القذافي) ولم تعد البلد الآمنة التي يسهل مسايرة مواطنيها ، وأصبح الموت والدم والسلاح كالهواء  في ارجاءها .
ثلاث سنوات أحاول أن أوفر شيئا يجعلني أعود لوطني بحصيلة تكفيني الفاقة والعوز ، ولكن بلا طائل سوي مايسد رمقي ، وإرسال مصاريف  لأسرتي تبعث في نفسهم الفرحة وتخبرهم بأني علي قيد الحياة ، ولكن ما نبذله من مجهود أكثر بكثير مما نأخذه كأجر ولكن كما يقول اللبيين (الله غالب) وبهذه المناسبة أنا:
(الريح محمد وداعة)  سوداني الجنسية من مدينة بحري  : وأعمل طباخ واستمتع بمهنتي فهي تجعلني بجوار الطعام : في مدينة (طرابلس) منذ ثلاث سنوات واعمل في كفتريا ضخمة مسئول من المطبخ فيها ، وأجيد عمل الأطعمة السودانية التي تعشقها كل الجنسيات .
كان اليوم مرهقا” وصاحب الكفتريا توجه لإحضار الخبز من المخبز لمقابلة طلبات الزبائن وانا بين المطبخ والكاشير ، عندما حضر ذلك الليبي وبصحبته اثنان من السودانيين إخوتنا الذين تظهر من محياهم أنهم من غرب السودان الحبيب ، وطلب الليبي لهم طعام ، لا اذكره جيدا” لانشغالي بتحضير الطلبات أخري ، وانا في قمة إنشغالي سمعت ضجة شديدة بين الليبي وأحد السودانيين ، فخرجت لأسمع وجميع من الكفتريا صامت والليبي يصرخ في أحد السودانيين ويبدو أنه يرهبهم بعد أن أدوا له عمل ويريد أن يحتال عليهم فهذه أصبحت عادة لبعض الليبين ، واذا حاولت أن تأخذ حقك فستجد السلاح مشهرا” في وجهك ، ومن السهل أن يقتلك بدم بارد ، لذلك يتنازل الجميع عن حقوقهم ، فلا يرهنون أرواحهم بدراهم معدودات  ، ولكن ذلك السوداني كان شرسا” أكثر من اللازم ، او أنه حديث العهد بليبيا ولا يعلم قانونها ، لذلك ثار في وجه الليبي حتي بدأ يرتجف ، ولكن صديقه السوداني بدأ يهدي فيه ، وكانوا يجلسون بالقرب من المطبخ ، ولم يهتموا حتي بوقوفي بجوارهم وهم يصرخون، ولم يتنبهوا لليبي وهو يدخل يده في جيبه ، وهم في خضم العراك والسوداني يمنع أخاه ويطالبه ان يوكل امره لله ، وهو في قمة ثورته ويرمق الليبي بنظرة حادة ، في تلك الحظة سحب الليبي يده من جيبه وكانت مفاجأة  أنه يحمل مسدس ضخم ، ويوجهه للسوداني ، حتي صمت الجميع الا ذلك السوداني الذي قال له :
مثل هذا المسدس نعطيه لعبة  لأطفالنا ، لقد استفز الليبي ، وسحب الليبي اجزاء المسدس بسرعة ووجهه نحو السوداني وتأكدت بانه سيطلق النار عليه فبعض الليبين صاروا جهلة بفن التعامل ، وكان علي أن  أتصرف وانا اقف خلف الليبي مباشرة واحمل في يدي (طوة) التي بلا شعور وجدتني أضرب بها الليبي على رأسه ، واسمع صوت الطلقة تخرج من فوهة المسدس ، وهو يترنح ليسقط ، وتلك الرصاصة التي مرت بجوار السودانيين ، كان لحظة مشحونة بالصمت وشعرت بالجميع داخل الكفتريا يهربون ، والليبي سقوطا” وبجواره المسدس .
لقد وقع الخطأ ، ويا له من خطأ !!
تبين أن الليبي و-الحمدلله- يتنفس وسمعت صراخ السودانيين وهم يطلبون الهروب من الكفتريا ، وهم يسرعون الخطى ، وانطلقت خلفهم وانا أرمي (المريلة) ، واغادر ولا اعرف أين اذهب ؟ ، ولحسن حظنا كان بالجوار (تاكسي)  فقفزوا داخله ووجدت نفسي أقفز معهم ، وتحدث  المتسبب في المشكلة مع صاحب التكسي بوجهته ، لم اسمع رده وجسمي يرتجف ، وانطلق سائق التاكسي يسابق الريح وكأنه يعلم ماذا فعلنا ، كانت ساعة تمر بسرعة ، وانطلقت بخيالي سيطاردنا هذا الليبي ، ولن يدعنا وشأننا وربما ينتقم من أخوتنا ، لقد تركت معظم اشيائي هنالك ، وسيفقدوني اخوتي في السكن فنحن نسكن مجموعة ، والمشكلة أن يذهب اليهم الليبي لينتقم  -الحمدلله – انني أحمل أكثر من( ألف دينار) حصيلة ما جنيته في هذه البلد ، أكثر من  الأربع او الخمس ساعات ، وأنا سارح بخيالي ، حتي وصلنا لمدينة صغيرة ، وكانوا متواصلين مع شخص لا أعلمه ولكنه من حديثه معه بالهاتف اننا سنلتقيه ولم استطيع ان اسالهم فالسائق سيخطف اي كلمة وستكون العواقب وخيمة لو عرف الأمر ، وتوقف التاكسي بعد أن اجتزنا اكثر  من ثلاثة بوابات للشرطة العسكرية وكلما توقفنا ينظرون الينا ، ويكاد قلبي يسقط والحمدلله ان سائق التاكسي يبدو انه معروف لديهم ، حتي انتهرنا بصوت أجش انزولوا فهذا هو المكان الذي المطلوب نزلنا ثلاثتنا وأعطوه اجره بعد أن طالبهم بمبلغ كثير ولكن خوفا” من ان نكشف دفعوا له مجبرين ، وانطلق عائدا” من حيث اتى ، فقلت لهم :
أين تريدون الذهاب فقالوا لي سويا نحن نشكرك لقد انقذت حياتنا الحمدلله ، فقال لي صاحب المشكلة سنخرج من هذه المشكلة ولكننا نريدك ان تمثل بانك( أبكم) ، اما هذا الليبي فقد ظلمنا ولم يعطينا حقوقنا ونحن نعمل  معه منذ ثلاثة شهور في مزرعته ، فقلت لهم الحمدلله انكم بخير ولكن اين نحن والي اين نذهب ، نعم الي اين نذهب فقد اصبحت متورطا” معهم في قضية تكون عقوبتها الموت في هذا البلد الذي أصبح لا يعرف القانون ، ولو وجدنا هذا الليبي المعتوه سيقتلنا بدم باردة ، فقالا لي  وبصوت واحد:
اصمت فالسيارة القادمة تتبع لليبي وستعرف ولكن من الأفضل أن تمثل انك (أبكم) في الوقت الحالي .
كان السيارة قد وصلت ، وهبط منها شخص يحمل معه سلاحه وهو  ينظر الينا ويصرخ لقد كان إتفاقنا شخصين ، فقال له صاحب المشكلة :
أنه أخ لنا وهو مريض (أبكم) وسوف يذهب معنا ليتعالج هنالك ، ولا أدري بماذا يقصد بهناك هذه ؟! وسوف ندفع لك حقه ، فنظر لي نظرة مخيفة وقال لنا : اصعدوا بسرعة ، وصعدنا ، حاولت ان أعرف شيئا ولكنهم حذروني بعيونهم بأن الزم الصمت فلزمت الصمت حتي وصلنا لمنطقة صغيرة وتوقفت السيارة امام مبني يتشابه مع الورش الكبيرة ، وطلب من النزول تباعا ونحن واجمون ، وقادنا لداخل تلك الورش المشيدة من (الزنك وارضية من سراميك) تظهر من بعيد وعندما دخلنا وجدنا امامنا كمية من الجنسيات تفترش الأرض وحقائبهم حولهم ، والجميع ينظر الينا في لحظة دخولنا ، ورفعنا لهم السلام وردوا بترحيب ، وظهر اثنان من الليبين وهم مدججين بالسلاح ، وروادني احساس بأن أصرخ قائلا” :
ما هذا المكان ؟ وأين نحن ؟ ولكن اصمتني السلاح الذي يحملونه وكانهم يعدوا العدة لحرب وشيكة ، واقتربوا بسرعة منا وقال لهم الذي احضرنا بحزم
:
وزعوهم مع اخوانهم ونظر الينا وقال :
كونوا مستعدين فربما نخرج اليوم ونظر لصاحب المشكلة وقال:
جهز لي فلوس هذا الأبكم وهو يشير لي ، ونسبة لانه ابكم سوف تدفع (500) دينار .
يالله انهم سيعبرون البحر ، انهم تجار البشر ، انها رحلات الموت ، انها الهجرة الغير شرعية ،- لاحول ولاقوة الا بالله – قضيت ثلاثين سنة من عمري في هدوء ، فجاء هذا اليوم ليجعلني مطارد ، وأبكم ومتهور ، وسوف أعبر البحر لايطاليا ، حتي الذين دافعت عنهم لا أعرفهم ولكنهم سودانيين وهذا عزائي ، وتلك الرحلة التي مات فيها معظم شباب افريقيا وارتميت في الأرض بلا حقائب بلا وداع لأهلي الذين ينتظرونني ، وشفتاي انطلقتا بالشهادة بلا شعور ، وحولي اصحاب المشكلة يطبطان علي بحنية …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.