الأحد , أبريل 28 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / وثائقيات سودانية / السودان والمجتمع الدولي..”لا يمكن حل قضية شعب من خارجه وبالإنابة عنه” (6)

السودان والمجتمع الدولي..”لا يمكن حل قضية شعب من خارجه وبالإنابة عنه” (6)

17 ديسمبر 2015

د. الشفيع خضر سعيد

آراء وتحليلات - الطريق

رغم كثرة وتعدد سيناريوهات المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة السودانية، فإن كل هذه السيناريوهات تعبر عن جوهر واحد هو التسوية التوافقية، والتي يشار إليها أيضا بالهبوط الناعم. ولا مجال لأن نفترض أو نتخيل أن يكون من ضمن سيناريوهات المجتمع الدولي، سيناريو الإنتفاضة وإسقاط النظام. فهذا السيناريو بعيد كل البعد عن السمنارات والمؤتمرات والمفاوضات التي ينظمها أو يرعاها المجتمع الدولي. فهو سيناريو مكانه جهة أخرى، هي الحركة الجماهيرية وتاكتيكات قياداتها السياسية. وهو ماركة مسجلة حصريا بإسم الحركة الجماهيرية، تؤمن بفعاليته المجربة، ولا تستأذن أحدا في رسمه وتنفيذه، إلا قدراتها وإمكاناتها ونضوج الظرف الموضوعي الملائم والضروري لتحقيقه

السودان والمجتمع الدولي..”لا يمكن حل قضية شعب من خارجه وبالإنابة عنه” (6)

السودان والمجتمع الدولي..”لا يمكن حل قضية شعب من خارجه وبالإنابة عنه” (6)

17 ديسمبر 2015

د. الشفيع خضر سعيد

آراء وتحليلات – الطريق

رغم كثرة وتعدد سيناريوهات المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة السودانية، فإن كل هذه السيناريوهات تعبر عن جوهر واحد هو التسوية التوافقية، والتي يشار إليها أيضا بالهبوط الناعم. ولا مجال لأن نفترض أو نتخيل أن يكون من ضمن سيناريوهات المجتمع الدولي، سيناريو الإنتفاضة وإسقاط النظام. فهذا السيناريو بعيد كل البعد عن السمنارات والمؤتمرات والمفاوضات التي ينظمها أو يرعاها المجتمع الدولي. فهو سيناريو مكانه جهة أخرى، هي الحركة الجماهيرية وتاكتيكات قياداتها السياسية. وهو ماركة مسجلة حصريا بإسم الحركة الجماهيرية، تؤمن بفعاليته المجربة، ولا تستأذن أحدا في رسمه وتنفيذه، إلا قدراتها وإمكاناتها ونضوج الظرف الموضوعي الملائم والضروري لتحقيقه

. أعتقد أن هذه النقطة هامة، ويجب وضعها في الإعتبار ونحن نتعامل مع المجتمع الدولي، حتى لا نتوه في تعرجات التوقعات غير الممكنة، وحتى لا نتصادم مع المجتمع الدولي ونخوض معه معركة في غير معترك. كما يجب أن ندرك جيدا ونعي تماما حقيقة أن سيناريوهات المجتمع الدولي تتغذى وتزدهر بعجزنا عن تحقيق سيناريو الإنتفاضة. أما الحقيقة الأكثر سطوعا وبيانا، فهي القائلة بأن سحر كل تلك السيناريوهات الجذابة والمحفزة للتمارين الفكرية، والقادمة من بنوك التفكير العالمية تحت عنوان التسوية التوافقية أو الهبوط الناعم، يمكن أن تنسف في لمح البصر، إذا جاءت اللحظة التي يضع فيها الشعب السوداني النهاية الحاسمة عبر سيناريو الإنتفاضة الشعبية.

إن مساهمة المجتمع الدولي في حل أزمات بلادنا وبلدان العالم الثالث الأخرى، ليست بدعة ولا ضلالة، حتى وإن كان الفشل هو مصير هذه المساهمات.ونحن ندرك تماما موضوعية مساهمة المجتمع الدولي هذه، في إطار علاقات العولمة التي لا فكاك منها في عالم اليوم، وفي إطار النظام العالمي القائم على مواثيق ومقررات الشرعية الدولية تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة، غض النظر عن وجهة نظرنا الناقدة لهذا الإطار بإعتباره مستسلما لهيمنة الدول الكبرى، ومطالبتنا بإصلاحه والتوافق على نظام عالمي جديد يحد من هذه الهيمنة، ومحاولات الدول الكبرى تحقيق مصالحها على حساب مصالع البلدان والشعوب الأخرى، وخاصة البلدان النامية. ولكننا في نفس الوقت نفرق، وبوعي تام، بين دور ومساهمة المجتمع الدولي هذه، كظاهرة موضوعية حتمية، بل ومطلوبة، وبين محتوى الحلول المضمنة فيهما، ومدى قدرتها على تقديم حلول ناجعة لأزماتنا.

مؤخرا، ومع تفاقم الأزمة في بلادنا تحت حكم الإنقاذ، تواترت في الفضاء السياسي السوداني حركة أيادي المجتمع الدولي. وهي ليست بالأيادي الخفية، إذ ظلت تتحرك بحرية ونشاط منذ فترة ليست قصيرة، وبعلم وموافقة الجميع، معارضة وحكومة. وبما إن أيا منا، نحن اللاعبين الداخليين، لن يستطع التحكم في حركة جسم خارجي مستقل عنه تماما، فالأفضل إجادة كيفية التعامل معه وإستثمار هذه الحركة لصالحنا. فلا معنى للإصطدام مع المجتمع الدولي لمجرد أن تاكتيكاته لا تتوافق مع تاكتيكاتنا، ولا داعي للفرار والتقوقع والإنعزال. بل، وأفترض أن الفعل الثوري في هذه الحالة هو أن نحدد مبتغانا بدقة، وننخرط في اللعبة دون التفريط في أي من مصالح الوطن والشعب. وتاريخيا، يدخل الفرسان ساحة المبارزة بعد حوار وشروط، ثم يهم كل منهما بالآخر. وفي النهاية، لن يستطيع المجتمع الدولي المسك بتلابيبنا ليجرنا على الطريق لنتبنى أو نتبع تاكتيكاته وسيناريوهاته. ومثلا، هو لن يستطيع أن يضعنا حول طاولة التفاوض مع الإنقاذ، تنفيذا لمؤامرة ما ينسجها مع المؤتمر الوطني. ذلك لم يحدث، ولن يحدث. والأفضل لأي متخوف من التعامل مع المجتمع الدولي، أن يعمل على إستعادة ثقته في نفسه، ويبحث عن كل ما يساعده على مسابقة الخطوات الحيوية للفاعلين السياسيين. أما الإستجابة لصافرة هذه الدعوة أو تلك من دعوات المجتمع الدولي، مثلا للتفاكر حول مبدأ الحوار، فلا تعني إيقاف أي قاطرة تتجه في أي اتجاه آخر، إتجاه إستنهاض العمل الجماهيري الإنتفاضي مثلا. وأي حراك في هذا الإتجاه أو ذاك، لا يعني بالضرورة وقف التحركات في الاتجاهات الأخرى.

أعتقد لن يختلف إثنان في أن تدخل المجتمع الدولي في المشهد السياسي الداخلي، لأي بلد، يأتي تعبيرا عن عدة عوامل، في مقدمتها، عجز القوى السياسية الوطنية عن معالجة أزمة الحكم وبناء الوطن، إضافة إلى سعي المجتمع الدولي لضمان مصالحه. وهذه العوامل تنعكس، بالضرورة، في الحلول والوصفات العلاجية التي يقدمها المجتمع الدولي لعلاج الأزمات المتفجرة في دول العالم الثالث. فهذه الوصفات العلاجية، دائما ما تنزلق إلى مهاوي الحلول المؤقتة والهشة والجزئية، والتي تخاطب الظاهر لا الجوهر. قدم المجتمع الدولي خدمات جليلة في العديد من مناطق العالم، سيراليون وساحل العاج ومالي وأفريقيا الوسطى والسودان…الخ، وحقق نجاحات صفق لها الكثيرون. لكن تشظيات الأزمة في هذه البلدان ظلت كما هي، محدثة إنفجارات داوية من حين لآخر. بل وفي بلد كالصومال مثلا، إنتهينا بما يشبه إندثار الدولة. ما يمكننا إستنتاجه حول دور المجتمع الدولي في هذه المناطق، أنه بدلا من أن يقدم حلولا جذرية لأزماتها، أضاف تعقيدات جديدة في واقعها السياسي. وما يحدث الآن في السودان، والتي صارت أزماتها مطروحة على بساط البحث والعلاج في دهاليز المجتمع الدولي، منذ أكثر من عقدين من الزمان، وهو لا يزال يصدر وصفاته العلاجية كأنها الوصفة الأولى، يؤكد ما ذهبنا إليه. لقد إستقبل الشعب السوداني، بفرح يشوبه القلق، فكرة التدخل الدولي في البلاد خاصة وأن “الروح بلغت الحلقوم”، وعلى أنين شعبنا في دارفور من ظلم ذوي القربى والذي وصل درك قتل الإنسان وحرق المكان على أساس الهوية والإثنية.. وكان بعضنا يظن خيرا في الحلول المطروحة/المفروضة بأنها ستوقف الحرب وتحقق التحول الديمقراطي والوفاق الوطني…، فماذا كانت النتيجة؟ وقطعا ما حدث من إنفصال وإعلان لجمهورية جنوب السودان، وما أعقب ذلك من حرب عاصفة دامية على الحدود بين الدولتين، ثم الحرب العبثية المدمرة في دولة الجنوب، وتواصل الإقتتال الطاحن المغذى بنيران الفتن العرقية في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ليس هو ما كان يتوقعه الشعب السوداني يوم سمع بأن منتجع نيفاشا تسبح في سمائه، وتعشعش في أرضه، أطياف المفكرين والمنظرين وعلماء السياسة وفض النزاعات الدوليين. أما الحدث المتكرر بصورة ممجوجة في مفاوضات أديس أبابا بين الحكومة وقطاع الشمال، فيؤكد فداحة ما تقودنا إليه الحلول المعلبة العابرة للقارات، حتى أن الذهن يجد صعوبة في إستبعاد وجود رؤية/مؤامرة محكمة تهدف إلى إعادة تشكيل السودان إلى دويلات على أساس المكون الإثني. وللأسف، هذه الرؤية/المؤامرة هناك من يتبناها داخل نظام الإنقاذ، إن لم يكن بوعيه، فبممارساته، وما ذاك الطرح حول المثلث العروبي الإسلامي، والذي إشتهر بمثلث حمدي، ببعيد عن الأذهان.

أخيرا، وفي نفس الوقت، ورغم أي تحفظات لدينا حيال دور المجتمع الدولي في بلداننا، لا يمكن أن نقلل من دور البعد الإنساني وراء التدخل الدولي في السودان والذي يخاطب قضية وقف الحرب ودرء آثارها ومنع تجددها، وهو دور لا بد أن ننحني له تقديرا وإجلالا. لكن، المسألة أبعد وأعمق من مجرد ذلك البعد الإنساني، وهو ما سنناقشه في المقالات القادمة. (نواصل).

د. الشفيع خضر سعيد

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.