تكمن فلسفة الحكم في احد جوانبها كلما ابتعد الحاكم عن المحكوم كلما ظهرت اشكال الفساد السياسي والتردي الاجتماعي والفكري والنفسي . كلما اقترب الحاكم من المحكوم كلما ظهر العدل.
في تجارب كثيرة عبر حركة التاريخ القديم والحديث تم استعمال القوة لفرض الهيمنة مما يوحي بغضوع المجتمعات للسلطة خضوعا اختياريا في حين هو خضوع اجباري فرضته سطوة السلطة وقوتها.
تجربة الإسلاميين في السودان تعكس لنا جانب آخر من التناقض النفسي في نفس الحاكم يدفعه إلى الإحساس بالخوف من المحكوم فيفضل الابتعاد وقد يكون هذا الابتعاد ناتج عن تنامي نزعة التعالي والتكبر فتزداد الهوة بين الحاكم والمحكوم وتتعمق الإشكاليات .!!
فشلت نظرية حكم الإسلاميين في السودان نتيجة الصراع بين القبلي والديني وكيفية التوفيق بينهما لتتشكل قومية الدولة
لذلك العلاقة بين الحاكم والمحكوم تتعلق بالحاكم نفسه لأن موقع السلطة ذاته وما يحمل من خصوصيات ومنافع مالية يثير مكامن الطمع في نفس الحاكم ويؤجج شهوته للمزيد من التحكم والإستبداد بالسلطة
ومن هنا يحصل التنافر والتباعد بينهما إلى أن تتشكل الثورة في نفسية المحكوم وتصبح واقع تفرضه الظروف المحيطة به.
نورالدين جرجرة