الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* أوراق مبعثرة (18) …

*قصاصات* أوراق مبعثرة (18) …


كان حديث (اسماء) صادما بعدم احساسها بقدميها ، وهذا ما اعطاني الإحساس بانها يمكن ان تكون مقعدة ، ووجدت نفسي بلا شعور امسك يدها واقول لها بانك ستكونين بخير (اسماء) لا تخافي ، تحركت الدكتورة نحو قدميها وبدأت تتحسسهم وتسألها :
هل تشعرين بشئ ، وكانت (اسماء) تنفي ، واحضرت بعض المعدات الطبيبة تتحسس بها اجزاء من قدميها بعدما طلبت منا الخروج وكان جزء كبيرا من اسرتها قد حضر ، ورغم ما يعتريني من الألم الا انني اشعر بنظرة ذويها وهي تتفحصني بصورة مريبة ، خرجت الطبيبة ، وطمأنتهم بانها ستكون بخير ، وذهبت لمكتبها وانا اتبعها ، دخلت مكتبها وانا معها واغلقت باب المكتب ، صمتت برهة وهي تنظر لي ثم قالت :
ان الاصابة كبيرة وقد اصابت جزءا” من السلسلة الفقرية ولكن لا توجد كسور وربما ضغط في النخاع الشوكي ، وكبداية يجب ان ننتظر حتي يبرأ الجرح ومن ثم نحدد هل تحتاج لعملية أخري ، واذا احتاجت عملية فلن تكون هنا ربما الخرطوم وربما خارج السودان ، كان تتحدث الدكتورة وهي واقفة جوار باب مكتبها واحست بصوت غريب ، وكانما هنالك من يقف خارج ففتحت الباب بسرعة ، وكانت المفاجأة تساقط ثلاثة من اخوات (اسماء) !! كن يسترقن السمع كان منظرا غريبا ولكنه الإشفاق ، فاضطرت الدكتورة ان تشرح لهم نفس الكلام ، بعد أن ثاروا وهم مستفسرين كيف تشرحين لغريب وهم يشيرون علي ؟ وهم اهلها وذويها .
عدت وجلست جوارها وهي تمسك بيدي فينظر اليها اهلها نظرة استنكار فتسحب يدها من يدي ، وانا احاول ان أخفف عنها ، وابعدها عن حديث الاصابة وعدم شعورها باقدامها ، ولم اغادر المقعد الذي أمام رأسها وأهلها يتوافدون تباعا ، خرجت منها بعد أن استغرقت في النوم بهدوء ، وكنت جائع وعطش ومرهق ، وتحركت نحو بوابة المستشفي قاصدا” السوق لتناول ما يسد رمقي ، وشعرت بعسكري يوقفني ويقول لي اتبعني الي داخل المستشفي ، حتي دخلنا لمكتب الطبيبة وقالت لي : اردت الحديث معك في أمر  أتريد ان تموت أعطني تلفون (ناهد) اختك حاليا يجب ان يعلموا ماذا بحدث هنا؟ فيبدوا انك فقدت عقلك او تظن ان هؤلاء الذين هددوك يعبثون ، ضحكت بصوت هادئ وقلت لها :
لن يفعلوا أكثر من المقدر ، فقالت لي :
ولا ترموا انفسكم في التهلكة ، تدخل يدك في نار وتقول لن يصيبني الا ما كتب الله ، كان الطبيبة حكيمة بعض الشئ فيما قالته ، وارسلت العسكري احضر لي طعام وماء وجلست في حديقة صغيرة حتي تناولت الطعام والشراب ، وعدت للعنبر الذي كان يحيط به مجموعة كبيرة من الرجال ويبدوا ان هنالك ضيوف فحاولت الدخول ولكن أخاها الأصغر منعني وقال لي :
(اسماء) معها اخونا الكبير وهو صعب المراس ، توقفت وسمعت صوته وكانه يصرخ فيها فتقدمت نحو الباب وكان هنالك ثلاثة جوار الباب يبدوا انهم حضروا معه وكانهم حراس ولكن تجاوزتهم ودخلت الغرفة ، كان يقف امامها رجل قصير اولاني نظرة فاحصة ، وكانت عيونه حمراوتان  كأنهما  بقعتا دم وقال :
هذا هو (المهندس )الذي تركت زوجك يقتل بسببه ، فقالت له بخوف شديد وصوت مرتجف :
زوجي هو الذي اصابني بهذه الطلقة ، بعد أن رفضت ان اصعد معه الجبل وسيارة الجيش اغلقت علينا الطريق ، وعندما عدوت احتمي بالجيش اطلق علي رصاصة ولم اشعر بشئ بعد ذلك ويبدوا انهم اطلقوا عليه النار حتي أردوه قتيلا ، وبدات تبكي (اسماء) فحاولت ان اهدأها ولكنه انتهرني وقال لي :
لو تقدمت خطوة أدفنك هنا سيقوم رجالي الآن بتوصيلك للمطار ، نحن نستخسر في امثالك ثمن الرصاصة ، اردت ان اتكلم وشعرت باخيها الصغير يسحبني من الغرفة ، وشعرت ببكاءها يشق قلبي ، قال لي اصبر سيذهب بعد قليل ، كانت طبيبة قادمة ويبدو ان الممرضات اللائي يتناقلن الاخبار قد اخبرنها ، حتي دخلت الغرفة التي فيها هذا القاتل ، وسمعتها تطرده شر طردة ، وخرج منها ورمقني بنظرة احس انه لو اطلق علي رصاصة كانت تكون أخف من نظرته تلك ، هذا الرجل خطير ، وسحب معه كوكبته ، وهو يقول لي:
لي معك حديث يا (جنى البندر) فقلت لاخيه :
كم عددالذين قتلهم اخوك هذا ؟؟، فضحك ودخلنا وجلست وانا انظر لطفلتي هذه اللوزة التي تشابه  ثمار الكرز عندما تنضج ، وكنت ابتسم لها بفرحة فأشعر ان بسمتي تسعدها ، حتي احست الطبيبة ، وهي تهز رأسها استعجابا” وتقدمت نحوي الطبيبة وظننتها ستطردني ، وقالت لي :
لم أري حبا” مثل حب هذه الفتاة لك ، والله أظنك لو أمرتها أن تمشي الآن لمشت!!
كان حديث الدكتورة فيه شيء من المبالغة ، ومكثنا  بالمستشفي ثلاثة أيام كل ما وجدت سانحة أتزود بملاطفتها واعطيها شئ تأكله من يدي .
حتي حضر الضابط (قسم السيد) ومعه (منتصر)  وشرحت له عن مرض (اسماء)  وتعاطفوا معي وقلت (لمنتصر ) احتاج فترة حتي تصبح (اسماء) بخير وسوف ازاول العمل ؛ فضحك وقال لي لديك خمسة عشر يوما ، وذهبوا ، ولم يبقي الا انا واثنتين من اخواتها ومعهم اخوهم الصغير .
وحضرت الطبيبة وكتبت لاسماء خروج لعل وعسي ان تكون البيئة المنزلية تسرع في استشفائها ، وخرج اخوها يطلب سيارة لتوصلنا لمنطقتهم خارج نيالا . ثم عاد وقال لي :
لقد اتصلت باخي الكبير( شطة) وأظن التسمية من عيونه ، وسيقوم رجاله بتوصيلك لزالنجي او المطار وسنعود باسماء للمنزل ، قلت له :
سوف اذهب معكم حتي اطمأن عليها ضحك وقال لي :
لو قلت لشطة هذا الكلام سيقتلك ، ولكن هو برغم انه شرس الا انه كريم وويخاف من أن يذكره الناس بالعيبة ، وانت مهندس تعرف كيف تتصرف !
ادخلني هذا الولد في مكان ضيق واراد ان يختبر ذكائي ، حضرت الطبيبة ، وقالت لي :
سوف اتصل بالجيش حتي يتم إيصالك للمطار ، فقلت لها :
سوف اذهب مع (اسماء) حتي أضمن انها بخير ، وبعد ذلك سوف اعود للخرطوم ، طلبت مني رقم (ناهد) فاعطيتها رقم خطأ ، وحضر (شطة) ، وكان معه قيادة تشابه قيادة الجيش السوداني ، وقام اخوة اسماء بحملها حتي اجلسوها في السيارة التي يقودها (شطة) وقفزت في الصدوق الخلفي لنفس السيارة ، وشاهدته وهو ينزل من المقود ويتقدم نحوي عابسا” ، حتي وقف امام وقال لي : الي اين المسير يا (ابن البندر)؟ ، كنت قد فكرت جيدا في طريقة التصرف معه فقلت :
سوف اذهب معكم لأشاهد كرمكم وشجاعتكم التي سمعنا بها ولم نراها ، ونظر لي بتعجب ورجاله ينظرونه فقال لي:
سوف تنزل معي في منزلي ولن تري ( اسماء ) فقلت له :
أريد أن أطمأن عليها فقط فقد كانت شجاعة معي ، وقالت لي انك كريم وشجاع ، وانا اري عكس ذلك . نظر لي باستهتار وضحك ، وتقدم نحو مقود سيارة وهو يقول لرجاله : أبن المحابر اشتهي المقابر ! وكان يقصد (بالمحابر) الحبر وهو القلم ويعود الحديث للتعليم ، وانطلقت سيارتهم مثل زفة العريس ، والجميع يبتعد من طريقها ، ويبدوا ان الجميع يعرف سيارتهم والجميع يتوشحون بالاسلحة والذخيرة ، حتي عرباتهم تسير أمام الشرطة والجيش بلا رقيب …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.