الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

الهوس الامني …


الخرطوم :غالب طيفور:2015

إقتادني الضابط (لنيابة جهاز الامن والمخابرات الوطني)  القابعة شرق الادارة الفنية وطلبوا من الامضاء علي بعض الاوراق تثبت أني ازاول نشاط هدام ضد نظام (البشير) وهذا اجراء متبع من جهاز الامن ، ولما رفضت في بداية الامر ، تم اعادتي لسجن كوبر من جديد بعد ما ودعت  السجناء ، فشرحت لهم الموضوع الخاص بالامضاء وكان فيهم الأخ (عالم احمد) له التحية ، فقال لي :
لو اخرجوك مرة اخري وقع لهم ، فطالما انها في نيابة الأمن ، فهذا الاجراء غير قانوني ، ولا تقبل به المحاكم ، وهو مبني علي التهديد .
وبعد ايام جاءوا وإقتادوني لنفس النيابة ، ووقعت لهم ، وكان التوقيع من ضمنه التنازل عن جميع المقتنيات التي كانت بحوزتي ، واصطحبني الضابط بنفسه للمنزل وكان هو المسئول عن قضيتي (مصطفي سليمان)  اذا كان هذا اسمه الحقيقي ، وكانت المسافة طويلة لمنزلي ، وكنت اتوقع ان يرميني في أقرب نقطة مواصلات ويعود ، ولكنه أصر علي توصيلي للمنزل ، وحديثه معي كان له وقعه في نفسي ، فقد تحدث معي عن الوطن والصراعات ووجه لي سؤالا” مباغتا” ماذا ستفعل بعد هذه : فقلت له وانا أضحك :
لقد أصبحت انصار سنة ، فقال لي :
(يعني تشرب اللبن والباسطة وتصاحب الاولاد الصغار) ، حقيقة اغضبني حديثه فقلت له :
بل مثل الكيزان أنهب مال الشعب وأعرس البنات الصغار ، احس بانني غضبت فقال لي :
يا اخي انت بتنفخ في الرماد فالمقعد الذي تجلس فيه ، به دفتر لاسماء عملائنا لو اطلعت عليه لوليت الأدبار ، فدعك من هذا الحديث الفارغ سوف نقدم لك مرتبا” جيدا نظير بعض الخدمات ، ورفضك او قبولك يضرك انت فقط ، فهنالك من يقدم لنا المعلومات مجاني ، ضحكت مستهزئا” وهبطت من سيارته وانا انظر اليه بشفقة حتي يعرف ردي ، فقال : تاكد بان المكان الذي تتواجد فيه داخل السودان يكون به اثنان او ثلاثة من الذين اختاروا الوقوف في صف الحق ، والغريب في الأمر انه يتحدث حديث  الواثق ؛ حتي الظالم عندما يطاع يشعر انه علي حق واجزم ان هؤلاء معتوهين .
قضيت اسبوع في المنزل وانا استقبل الزائرين مهنئين بسلامة العودة واطلاق سراحي ، بعد اسبوع قررت ان ازور (لجنة التضامن مع المعتقلين) تلك الكوكبة النيرة التي تعمل علي أرض الواقع بقيادة : الباشمهندس ، وأركان حربه من بقية المناضلين.
واذكر ان اجتماعها كان (بدار حزب الامة) وخرجت خلسة دون ان اخبر احدا زرت مكتبي سريعا وشربت قهوتي ، وذهبت حتي وصلت (دار حزب الامة) ، وكان قريبا ، ووجدت الجميع موجودين المهندس ،والصحفية المغوارة
(امل هباني)  وكان يجلس بجواري الناشط ( احمد قطان)  علي ما اذكرعددهم أكثر من عشرة ، وشكرتهم جميعا لمساندتي وهم رافضين للشكر ، وقبل ان تبدأ المناقشة كان هاتفي يرن فنظرت اليه ووجدته ،كان  ضابط جهاز الامن هو المتصل ، فقمت بالرد عليه وشعرت أنه يريد أن يخبرني بأنه يعلم بمكاني الآن ، وطلب مني صور فتوغرافية ، فقلت له :
صوري موجودة في كل البوستات وعندكم كمية ، فقال لي :
نحن نحتاج صور باسبورت لاغلاق ملفك ، ونحن ننتظرك امام مكتبك ، فقلت له :
انا الآن بعيد ، وسوف احضرها غدا ، فضحك بخبث ، وقال لي خير ..
مكتبي جوار سينما امدرمان بيني وبين (دار حزب الامة) بالأرجل عشرة دقائق ، وضحكته كأنما يود أن يقول لي أنك كاذب ونحن نعلم بمكانك !.
ان الذين يدخلون المعتقلات يخرجون منها  بهوس الشك الذي يزرعه جهاز الأمن ، وهو في الحقيقة جهاز ضعيف ويعتمد في معلوماته علي الحظ ، فلقد علمت أن ( بائعة الشاي) المتواجدة امام مكتبي وكاتمة سري والتي استغلها في وضع المنشورات ، والاوراق الهامة واخبرها بخروجي من المكتب ؛ لانها لا يمكن ان تكون مصدر شك بالنسبة لجهاز الأمن كانت هي التي تغزي جهاز الامن بالمعلومات عني وترصد تحركاتي ، بعد اخبرها بان لي مديونية مالية تجاههم وسوف يكون لها نصيب الأسد ، وكانت في اشد الحماس لنيل الجائزة ، وكانت خطواتي مرصودة اولا” بأول ، واحمد الله انها لم تهتم بالاوراق فقد كانت تهتم بحضوري وذهابي ، والمناشير موجودة في طبليتها الصغيرة ، حتي شعرت بان (جهاز الامن) يعد أنفاسي ، ولكني علمت انني اساعدهم ، وكثيرا من المناضلين وناشطين مثلي يخطئون نفس خطئ وتراودنا الهلاويس باننا مراقبون واننا مرصودين ، وكلما سمعنا صوت سيارة او سواق عربة كارو يتجول نحسبه منهم ، وهم أضعف من ذلك بألف مرة ، فهم يشترون الرخيص ، ويعتمدون علي الجبناء او الجهلاء .
وتبقي الآثار الناجمة من ما يفعلونه عالقة في عقولنا ، والتشكيك الأعمى مما افقدنا اخوة كثر نجد انفسنا نهاجمهم حتي نستحي من انفسنا لاننا اخطأنا ، والخطأ الذين لا يستحمل المغفرة هو بعد معرفتنا باننا اخطأنا نصر علي خطأنا ونحاول ان نصنع لانفسنا الاعذار وهذا هو العذر  الأقبح من الذنب ،  ويكون الاقصاء حاضرا دائما ، والتشكيك فعندما تلفظ الشاة الروح فيجب ان تعمل فيها السكاكين حتي تلفظ انفاسها ، (الذي يعضه الدبيب يخاف من جر الحبل) ، انها المصيدة التي نسجها جهاز الامن ويقع فيها الناشطين والمناضلين ، يجب علينا ان نبني جدار الثقة ليغطي علي  هذا الهوس وهذه (الفوبيا) التي اصبحت تلازم جميع المناضلين .
سردي هذا يعد ترويحا” لحقائق كانت مصدر هوس كبير انتابني وجعلت اشك في فترة حتي اسرتي! ، ولكني أيقنت بان هذا (الأمن) اضعف من ذلك فالمال لا يشتري كل شئ واذا كنت انا لا اشتري فهنالك مئات الآلاف افضل مني شاهدتهم في المعتقلات ، وفي الشوارع وهم اقوي لتكوين جدار الثقة ، واعتي من ان يصعود عليهم  (جهاز الأمن) وسيكونوا نعمة معين لثورة لا تبقي ولا تذر ، اما الذين باعوا أنفسهم بدراهم معدودات كثيرين !
ولكننا يجب ان نبني فيهم جدار لثقتنا ، فالنظام جندهم بالمال ونحن يمكننا أن نجندهم من أجل الوطن ، وهذا هو الشعور الاسمى والمقام الأعلي ، فالمال  زائل والوطن باقي ، والاخلاص والتفاني يخجل جميع العملاء والأزرقية ويجعلهم يعيدون حساباتهم ، ولكن الهجوم والاقصاء سيجعل منهم اعداء اكثر فتكا” من (جهاز الأمن) لذلك كلمة — نحن نثق فيكم من أجل الوطن .
ولكن كيف يثقون فينا ؟ ونحن نتصارع مع بعضنا والوطن ينتظرنا ، وهو علي حافة الإنهيار ؟.

# تضامنوا مع المتضامنين # واطلقوا سراح المعتقلين # ابريل كانت ثورة الشعب المنتصرين …

Ghalib Tayfour

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.